hit counter script

مقالات مختارة - دولي بشعلاني

أهداف إسرائىل من رسم الخطّ الأزرق ظهرت

الثلاثاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 07:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

كشف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تغريدة على حسابه الخاص على موقع التواصل الإجتماعي «تويتر» أنّ «إسرائيل تحضّر لبناء جدار فاصل على الخط الأزرق ولبنان يعتبر أنّ هذا الخط لا يتطابق مع خط الحدود الدولية»، كما أثار هذه المسألة مع الممثلة الخاصة الجديدة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان برنيل ضاهر كارديل خلال استقبالها في قصر بعبدا، لافتاً الى بدء إسرائيل الى تحضير البنى التحتية من أجل بناء هذا الجدار في القطاعين الشرقي والغربي على الخط الأزرق، والى أنّ لبنان في موقع الدفاع مع النفس في مواجهة إسرائيل وذلك عملاً بميثاق الأمم المتحدة. و«الخط الأزرق» الذي أطلق عليه هذا الإسم تيمّناً باللون الأزرق لخوذ قوات الطوارئ الدولية هو الخط الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة، وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلّة من جهة أخرى في 7 حزيران من العام 2000 بعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وهو يتناقض مع خط الحدود الدولية وقد حصلت إشكالات بين الجانبين حول هذا الأمر خلال الترسيم وبعده.
فما الذي تريده إسرائيل من إقامة هذا الجدار الذي لا ينصّ عليه أي قرار أو قانون دولي أو أي إتفاقية بين الجانبين؟ تجيب أوساط ديبلوماسية مطّلعة بأنّ أهداف إسرائيل من بناء هذا الجدار الفاصل «غير الشرعي» هو اقتطاع أجزاء من الأراضي اللبنانية وضمّها الى الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها من دون وجه حقّ، بحجّة أنّها تريد حماية أمنها وسلامة مواطنيها من خطر «حزب الله» الكامن في جنوب لبنان أو في شمال المستوطنات. فقبل الخط الأزرق المعروف بـ «خط لارسن» أيضاً، رُسم خط نيوكوب- بوليه في العام 1923، ثمّ خط الهدنة في العام 1949 وهي ثلاثة خطوط كان لا بدّ وأن تكون خطّاً واحداً للحدود الدولية اللبنانية- الفلسطينية. وتدّعي إسرائيل أنّها طبّقت القرار الدولي 425 الصادر في آذار من العام 1978 والذي دعاها «الى احترام سلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، والتوقّف فوراً عن عملياتها العسكرية ضدّ سلامة لبنان الإقليمية وسحب جميع قوّاتها من الأراضي اللبنانية. كما قرّر إنشاء قوة مؤقتة تابعة للأمم المتحدة في لبنان تحت إشراف المجلس هي «اليونيفيل». غير أنّ الحال عكس ذلك فهي لا تزال تحتل أراضي لبنانية عدّة بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر، وتستمر في خرق القرار 1701 والسيادة اللبنانية وقد وصلت خروقاتها البريّة والبحرية والجوّية أكثر من 11 ألف حتى الآن.
فمع كلّ خط يُرسم كان ثّمة مساحات شاسعة من الأراضي اللبنانية تقتطعها إسرائيل، على ما أضافت الاوساط، لتضيفها الى حدود فلسطين المحتلّة، بما فيها الخط الأزرق الذي سعى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك تيري رود لارسن الى رسمه وفق خط العام 1923 الذي تمّ وضعه بعد الإتفاق عليه بين فرنسا وبريطانيا، مع إدخال بعض التعديلات عليه، فخلقت هذه الأخيرة مشكلة كبيرة. والدليل أنّ عقارات كثيرة لعدد من اللبنانيين الجنوبيين هي اليوم أعمق بكثير من الخط الأزرق وحدود الهدنة. وما ساعد إسرائيل على التلاعب بالحدود أو بتقديم شريط الأسلاك الشائكة عند الحدود الجنوبية هو عدم وجود خط واضح ودقيق للحدود اللبنانية - الفلسطينية، كما أنّ الأراضي اللبنانية على امتداد الحدود لم تحصل عملية مسحها ولا يملك أصحابها سندات ملكية أو خرائط تُحدّد حدود عقاراتهم.
وإن كانت الحدود بين لبنان وفلسطين المعترف بها دولياً هي حدود العام 1923 التي شُرّعت من قبل عصبة الأمم، وقد جرى وضع الإحداثيات الرقمية والطوبوغرافية لها في العام 1949 من قبل مراقبي الهدنة، فلماذا قام لارسن برسم خط جديد هو «الخط الأزرق»؟ تقول الأوساط ذاتها بأنّ القوّات الإسرائيلية لم تُطبّق في العام 2000 عند خروجها من الجنوب ما نصّ عليه القرار 425 لجهة انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية الى خط الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً بل طبّقت ما سُمي بخط الإنسحاب أو الخط العملي أي الذي رسمته الأمم المتحدة من أجل تثبيت الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان، الذي لم يحصل حتى الآن.
ولهذا فإنّ لبنان طالب طوال السنوات الماضية بإزالة كلّ الإنتهاكات والخروقات للخط الأزرق كون حدوده هي تلك المعترف بها دولياً. وإسرائيل من خلال تنفيذ انسحابها من الشريط الحدودي في العام 2000 قد أمّنت انسحابها الى ما وراء الخط الأزرق الذي حصل اعتراضات لبنانية عدّة عليه عند رسمه من قبل فريق الخبراء الدوليين نظراً لاقتطاعه بلدات وقرى الى شطرين. وجرى تسوية بعض المواقع إلاّ أنّهم لم يتوصّلوا الى اعتماد الحدود المعترف بها دولياً إرضاء لإسرائيل. وتقول المعلومات بأنّ الدولة اللبنانية اعترضت ورفضت وتحفّظت على «الخط الأزرق» في أمكنة عدّة أبرزها في رميش ومسكفعام وعديسة والشريط الذي يربط ما بين المطلة حتى الغجر. فضلاً عن التحفّظ على مزارع شبعا وتلال رويسة العلم وجبل السماقة وجبل حوراتية في كفرشوبا..
واليوم قد ظهرت بوضوح أهداف إسرائيل ممّا قامت به، على ما كشفت الاوساط، وهو ضمّ كلّ الأراضي التي لا تزال تحتلّها الى الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ما دامت الأمم المتحدة تعتبر «الخط الأزرق» الأقرب الى الواقع، في الوقت الذي تمّت عبره مراعاة مطالب الجانب الإسرائيلي بشكل واضح. إلاّ أنّ لبنان يرفض هذا الأمر ويُطالب في كلّ مناسبة بانسحاب إسرائيل من كلّ ما تبقّى من الأراضي الجنوبية. فالجدار الفاصل الذي بدأت إسرائيل تُحضّر البنى التحتية له، على ما أكّدت، يهدف الى اضفاء الشرعية على احتلال المزيد من الأراضي اللبنانية التي هي اليوم خلف الخط الأزرق.
وبناء على ما أعلنه الرئيس عون، فإنّ لبنان سيدخل في نزاعات حدودية مع إسرائيل حاول تجنّبها في الماضي، لكن إقامتها للجدار تستدعي تصرّفاً سريعاً وتحريكاً لمسألة الفصل بين «الخط الأزرق» والحدود اللبنانية المعترف بها دولياً لجهة فلسطين. فضلاً عن ضرورة المطالبة بتحديد الحدود التي يمرّ فيها «الخط الأزرق» من الغجر الى مزارع شبعا وبينها أراضي كفرشوبا إذ لا حدود فيها بين لبنان والأراضي الفلسطينية، لأنّه إذا لم تتمّ استعادتها فإنّ إسرائيل ستُرفقها بالأراضي المحتلّة لتصبح ملكاً لها ما دامت الأمم المتحدة تغضّ الطرف عن الخروقات والإنتهاكات الإسرائيلية المتمادية. 

  • شارك الخبر