hit counter script

مقالات مختارة - حسن سلامة

الأزمة الأخيرة خلطت الأوراق

الثلاثاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

اصبح من شبه المؤكد ما لم يحصل تطور استثنائي وكبير بأن الانتخابات النيابية ستحصل في موعدها، وفق التاريخ الذي حدده وزير الداخلية نهاد المشنوق قبل ساعات في مضمون الدعوة التي اعلنها لاجراء الانتخابات في السادس من ايار المقبل، ما يعني بحسب مصدر وزاري ان آليات العملية الانتخابية ستحصل بنفس الطريقة التي حصلت فيها الانتخابات السابقة، من دون اعتماد ما تضمنه قانون الانتخابات الجديد حول اعتماد البطاقة الالكترونية ومن ثم ما يسمى البطاقة البيومترية وايضا ما طرح حول التسجيل المسبق.
ولذلك يشير المصدر الوزاري الى انه سيتم اعتماد الهوية المعمول فيها اليوم، او جواز السفر، على اساس اللوائح الانتخابية التي ستصدرها وزارة الداخلية وهذا يفترض ان ينتخب كل مواطن له الحق بالانتخاب في الدائرة المسجل فيها، ما سيؤدي الى انتقال اكثرية المقترعين على حساب اللوائح الانتخابية في الدائرة المعنية وهذا الامر سيؤثر على حرية الاقتراع على اعتبار ان تحمل اللوائح لتكاليف الانتقال هي اشبه «برشوة مقنعة» عدا عن امكانية حلول رشاوى من جانب البعض خاصة المقترعين والذين يعتبرون من الاغنياء او ما يسمى ممولي اللوائح الانتخابية.
وانطلاقا من تجاوز بعض ما تضمنه قانون الانتخابات الجديد والتي هدفت الى الحد من الرشاوى خاصة اعتماد البطاقة «الذكية» بغض النظر عن تسميتها، وافساح المجال امام الناخب للاقتراع في مكان اقامته وليس في الدائرة المسجل بها حسب الولادة، فالمصدر الوزاري يطرح الكثير من الشكوك حول المماطلة التي اعتمدت لاسقاط البطاقة «الذكية» او التسجيل المسبق، لان هذه التجاوزات ستؤدي الى حرمان الكثير من اللوائح في غير دائرة انتخابية من الحصول على العدد الكافي من الاصوات حتى تتمكن من التمثل في الدائرة التي خاضت فيها المعركة الانتخابية خصوصا ان العامل المالي سيلعب دورا مؤثرا في العملية الانتخابية وفي دفع الناخب للتصويت للائحة التي لها قدرات مالية كبيرة على اعتبار انها تستطيع تأمين تكاليف انتقال الناخب من مكان اقامته الى الدائرة التي سيصوت فيها حتى لو جرى الحد من الرشاوى المباشرة.
وعلى هذا الاساس، يرى المصدر ان هذه الثغرات في العملية الانتخابية من شأنها ان تحوّل دون حصول تغيير ولو في الحد الادنى على مستوى تنويع التمثيل السياسي والشعبي في معظم الدوائر، وبالتالي سيؤدي الى حرمان كثير من الاحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني من دخول البرلمان وصولا ابقاء عدد من الكتل التي لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة من السيطرة على قرارات واتجاهات مجلس النواب.
ورغم ذلك يبقى السؤال الاخر ما هي طبيعة التحالفات الانتخابية التي قد تحصل في الايام القليلة التي تسبق العملية الانتخابية وبالتالي ما هي طبيعة التوازنات الجديدة التي ستنتج عن هذه الانتخابات؟
ووفق المصدر الوزاري فإن المتغيرات السياسية التي حصلت في الاسابيع الخمس الاخيرة غيّرت كثيرا من طبيعة التحالفات التي كان كثير من القوى السياسية الاساسية يعدّ لها او انه سيتحضر لدخول حوارات مع قوى اخرى بهدف التحالف في الانتخابات، وتضيف انه بعد الازمة الاخيرة التي استجدت في ضوء ما حصل مع رئىس الحكومة سعد الحريري في السعودية فالمتغير الكبير الذي استجد يتمحور حول الشرخ الذي حصل بين تيار المستقبل من جهة وحلفائه السابقين في قوى 14 آذار بدءا من حزب «القوات اللبنانية» فهذا الشرخ نتج عنه تصدعات اساسية بين الحريري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع من الصعب ردمها على الاقل في خلال الاشهر القليلة التي تسبق البدء بالانتخابات النيابية، خصوصا ان الحريري والمحيطين به وجمهور واسع في تيار المستقبل يعتقدون انهم تعرضوا للخيانة في لحظة حرجة كان يمرّ بها الحريري، ولذلك، فمختصر ما يسود «البيت المستقبلي» هو الخيبة من الحلفاء الذين تخلوا عنهم في لحظة حرجة، بل ان ما يجمّع عليه «المستقبليون» هو تعرض الحريري للتحريض وحتى التخلي عن زعيمهم في ادق مرحلة عاشها الحريري.
كما ان مشكلة عدم الثقة، وان كانت اقل مما هي عليه بين المستقبل و«القوات» فهي قائمة وواضحة بين «القوات» والتيار الوطني الحر، فالاختلافات باتت واسعة ومعلنة من الفريقين، ومن الصعب تجاوزها، وبالتالي فان تداعيات ما حصل في الازمة الاخيرة التي حصلت مع الحريري باتت واضحة، بل ان هذه التداعيات قلبت الكثير من الحسابات السياسية والانتخابية وهي بالتالي ستؤدي الى خلط الاوراق التحالفية في الانتخابات النيابية المقبلة، ولو انه ليس ممكناً تحديد تفاصيلها منذ اليوم، لكن الواضح الوحيد ان تحالفاً بات امراً مطروحاً بقوة بين المستقبل والتيار الوطني الحر، ولا يستبعد ان يضم قوى سياسية اخرى كان صعباً حصولها قبل وقت قصير، مثل احتمال ان يكون تيار المردة من ضمن هذا التحالف او قوى سياسية اخرى في 8 آذار.
ولذلك يعتقد المصدر الوزاري ان ما حصل مؤخراً، اعاد تعويم وضع تيار المستقبل ورئىسه سعد الحريري الذي لم يعد قلقاً من نتائج الانتخابات، كما كانت عليه الامور قبل الازمة الاخيرة، الا ان ما قد يحصل في المنطقة حتى الآن وحتى الانتخابات النيابية قد يغير في الكثير من الحسابات الانتخابية، خصوصاً اذا اتجهت الامور جدياً نحو التسوية السياسية في سوريا، واذا ما ذهبت الحرب في اليمن نحو وقف اتونها، وكذلك ما يتعلق حول ردات الفعل على قرار الرئىس الاميركي دونالد ترامب حول القدس وما اذا كانت ستؤدي الى اشعال الحرب في المنطقة، اما اذا بقيت الامور على ما هي عليه اليوم، فعندها لن تتغير الحسابات الانتخابية كثيراً عما يجري ترتيبه في «الصالونات السياسية»...

  • شارك الخبر