hit counter script

خاص - روبير فرنجية

وجع ألبير حرب لا يخرج من القلوب...

الثلاثاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كنت مراهقاً حين قصدت دارة الشاعر ألبير حرب في بلدة كفرزينا - الزغرتاوية التي أصبحت اليوم ملكاً للنائب ابراهيم كنعان وزوجته تانيا سعادة .

كانت "الفيللا" أقرب الى أستديوهات تلفزيونية حين كان الراحل أحد أعضاء اللجنة التحكيمية في "ليالي لبنان" من تلفزيون لبنان .
كان هذا الاستديو في لياليه يغص بنجوم الغناء والشعر والتمثيل والاعلام من كل حدب وصوب .
كان رواد هذا الدار رغم الحواجز البشعة والتقسيمات الجغرافية والدوائر الحزبية من كل طوائف ومذاهب وأحزاب وتيارات لبنان .
كانت كفرزينا تجسد "ليالي لبنان" وتختزلها وكان ألبير حرب يسهل بعلاقاته وصول المشتركين الى استديو البرنامج .
كانت مقدمة البرنامج الاعلامية ريما نجم تستصرح ألبير حرب حول القصيدة فيجيب ويتأثر الهواة .
بقي ألبير حرب الملقب بشاعر الجالية في الخارج وشاعر الدهشة في الداخل في دائرة الضوء مقدما برنامج "من ضيعة لضيعة" ثم "مدارسنا على الهواء" الى أن تغيرت الاحوال وتبدلت الايام و"بالطلعة كتروا الاحباب وبالنزلي كلن هربوا" اذ أنشقت أسرته الصغيرة بين وطن وغربة. لحق وحيده بأمه مع زوجته وبقيت الى جانبه أبنته التي لازمته حتى لفظ أنفاسه الاخيرة .
باع البير حرب لظروف ضاغطة الفيللا وترك كفرزينا حيث شقيقته نجاح وأنتقل للعيش في الكورة .
نزوح حرب كان أصعب من هجرته الى فنزويلا وكوراساو وقد أسر لي شخصياً حين قدمته في تكريم "البيت الزغرتاوي" له قائلاً: "مغادرة منزلي وبلدتي الى منطقة اخرى والى منزل اخر قصف لي نصف عمري". لكنه أستطرد راوياً: "أعيش اليوم مع أبنتي وصهري وعائلتهما الجميلة وهم يحيطونني بالعاطفة". لم يبق لي من تلك الليالي الصاخبة حتى الصورة التذكارية .
ألبير حرب المولود في بلدة المقر البطريركي الصيفي في الديمان والذي أنتقل نفوساً الى كفرزينا عشق المنطقة ضيعة ضيعة وموهبة موهبة. ساعد ودعم وساند الكثيرين وأوصلهم الى بوابة التلفزيون لكنه في أيامه الاخيرة بين منزل أبنته ومستشفى الشمال الاستشفائي أستعار من صديقه الشاعر الذي سبقه في الرحيل أسعد السبعلي كلمات: ولووو هيك بتطلعوا منا وما تعودوا تسألوا عنا ...
شاعر الخماسية الذي أسس عصبة الشعر في سدني سنة 1973 ونال جائزة الشعر اللبناني سنة 1978 أصدر أسطوانة شعرية بعنوان "كمشة صور" ثم ديوان "بيت من ورق" فالى ديوانه الاخير "صابيع فوق الشمس" لم يكثر من الاصدارات وأدرك في سنوات عمره الاخيرة أن القصور والفيللات لا تدوم وكلنا سنرقد في بيوت الورق الذي نكتبه فيخلدنا ويرسخنا في الوجدان والذاكرة .
جنازة ألبير حرب الوداعية كانت حزينة بغياب الذين لم نتوقع الا حضورهم .
الذين غابوا أكثر من الذين حضروا في كنيسة القديسة مورا والاعتذارات بحجة مشقة الانتقال بزحمة الاحد والاعياد من بيروت الى زغرتا .
النعي الرسمي وتعداد المزايا غاب أيضا وشقيقه الصحافي المهجري أنور حرب وهو أحد وجهاء الجالية في سدني لم يتمكن من وداع شقيقه كذلك أبنه وحفيده .
وحدها شقيقته بكته كما ذرفت الدمع أبنته بحرقة ولوعة وغصات .
غياب الشعراء موجع فيما جنازتهم تعبر عن الوفاء والتقدير لمسيرتهم فيما جنازة ألبير حرب لم تعكس تلك الصورة وهذا ما زاد الحزن وجعا .


 

  • شارك الخبر