hit counter script

الحدث - مروى غاوي

بحصة الحريري... لن يكشف عنها ابداً

الإثنين ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وعد الرئيس سعد الحريري ان يبق البحصة كاملة وان يسمي الذين خانوه وطعنوه في الظهر، لكنه لم يفعل بعد وقد لا يفعل ابداً، فرئيس الحكومة إما "بلع" وكتم وجع البحصة في داخله وقرر ان يتخطي اوجاعها بصمت، واما ان البحصة جرى تفتيتها كما قال رئيس المجلس نبيه بري ويتم استيعاب الوضع بانتظار التعافي الكامل من آلامها، وفي الحالتين فان النتيجة واحدة، "البحصة" التي كان مقدراً لها ان تسبب زلزالاً داخلياً لو تحدث عنها سعد الحريري لم تعد موجودة، "بلعها" عن قصد رئيس الحكومة وغصباً عنه، نزولاً عند نصائح وتمنيات من مراجع رئاسية ودولية ودبلوماسية ومن مرجعيات روحية ايضاَ بالتريث فوافق رئيس الحكومة لان الوضع الداخلي لا يحتمل ما يمكن ان يقوله.

بالأساس يروي المقربون من الحريري نقلاً عن ما يسوقه الاخير في دوائره المغلقة، انه "ما كان سيبوح بكل ما يعرفه ووصل اليه من معطيات رافقت عملية الانقلاب في السعودية ومشاركة حلفاء له بالانقلاب..." البوح بالتفاصيل كان يهدد البلاد بأزمة كبيرة يصعب الخروج منها". فبحصة الحريري ستبقى لغزاً ومن الاسرار التي قد لا يكشف عنها ولو بعد عشرين سنة لان ما جرى مع الحريري سعودياً ممنوع السؤال حوله والتلميح اليه، ولان هذه الاسرار في حال خرجت الى العلن وقالها الحريري بالفم الملآن ستؤدي الى خربطات كثيرة على المشهد اللبناني، وفي علاقة الحريري بمكونات كثيرة وافرقاء على الساحة السياسية يصعب تخطيهم وافتعال ازمات قد تؤدي الى اهتزاز الوضع الداخلي. فالحريري مر بمخاض صعب ووقع ضحية صراع بين وجهتي نظر ورأيين للدائرة المحيطة به، واحدة فضلت التريث واجراء الاتصالات والمفاوضات وسماع وجهة نظر وتوضيحات "الخونة" والانقلابيين، ووجهة نظر كانت تدفش نحو افتعال الخلاف والقطيعة النهائية معهم في مسعى من المحيطين بالحريري لاحراق حلفاء الحريري الذين باعوه في السعودية وهم على قيد الحياة في عملية تصفية حسابات سياسية تضع حداً لاي تصرف او منحى انقلابي جديد على الحريري في المستقبل، خصوصاً ان الانقلاببين بنظر المتشددين من فريق الحريري بات نفوذهم واسعاً وكانوا على مسافة قصيرة تفصلهم عن النجاح في خطة الاطاحة برئيس الحكومة وتنصيب بهاء رئيساً بديلاً للحكومة .
"سكت" الحريري لكن شكوكه لا تزال قائمة، الاتصالات القائمة منذ رجوعه عن الاستقالة مع الانقلابيين أدت الى تضييق رقعة الاتهامات وخروج بعضهم بدون الحصول على براءة كاملة من التحقيق الذي اجراه الحريري بالتواتر احياناً وحركة الموفدين المكلفين نقل الرسائل والتوضيحات، عملياً القوات يمكن ان تصبح خارج دائرة الاتهام الفعلي وان بقي بعض التشكيك يحوم حولها في التصاريح القواتية المتعلقة بالاستقالة، فيما الحريري يصر على المزيد من التوضيحات لربط النزاع مع القوات خصوصاً ان القوات كانت تشكل الحديقة المسيحية الخلفية للمستقبل، وعلى قاعدة توفير الخضات السياسية وتحصين الحكومة فوزراء القوات من "الاصدقاء" ومن الوزراء المنتجين والفاعلين في الحكومة ومواقف معراب الاخيرة بقبولها التسوية السياسية ووقف اطلاق النار عليها، اضافة الى تأييد القوات ومباركتها انطلاقة العمل النفطي توضع في اطار "النوايا الحسنة" بعد مسلسل المماحكات الطويل. فرئيس الحكومة كما يقول مقربون منه هو صاحب العلاقة والمتضرر الاول مما جرى في السعودية و"من اكل العصا ليس كمن يعد ضرباتها"، ولكن الحريري يحاول مؤخراَ ضبط انفعالاته لتجاوز المرحلة، وعليه ثمة من يقول ان رئيس الحكومة الذي احجم عن قول الكثير ابدى انزعاجه لاطلالة الأمين العام لتياره احمد الحريري وما ساقه من هجوم بالخناجر وغيرها خصوصاً اتهام القوات، حيث كان يفضل تحييد القوات عن الموضوع فكلام "احمد" استتبع توضيحاً من "سعد" وتأكيد على التحالف الذي يحتاج الى بحث جديد مع القوات، وحيث جرى تفعيل الاتصالات التي يتولاها غطاس خوري وملحم الرياشي بين معراب وبيت الوسط بعد الكلام التصعيدي من مسؤول الاعلام شارل جبور رداً على احمد الحريري و"قنبلة" انطوان زهرا بان حملة الاتهامات ضد القوات صارت تستدعي لزاماً ان يزور الحريري معراب وليس ان يزور جعجع سعد الحريري. المؤكد ان مفاعيل التهدئة بدأت تفعل فعلها بدليل توقف الحملة الاتهامية على وسائل التواصل ضد القوات، فالاتصالات قطعت اشواطاً كثيرة ولو انها لم تصل بعد الى معالجة وترميم الجرة التي انكسرت وتصدعت بينهما واعادتها الى وضعها السابق بعد .
تسليط الضوء على القوات لا يحجب صورة الرئيس فؤاد السنيورة المحاصر من المستقبل بالاتهامات، ومستشاره السياسي رضوان السيد الذي سماه فريق الحريري في رواية الانقلاب من المحرضين السياسيين عليه لرفض هذا الفريق التماشي مع المسار السياسي الجديد لسعد الحريري منذ التسوية الرئاسية، وحلفاء الحريري في 14 آذار، الكتائب والنائب فارس سعيد اضافة الى اللواء أشرف ريفي. واذا كان اتهام الكتائب بالتأمر له صلات اخرى تتعلق بانتقال الكتائب الى المعارضة وعدم قبولها باي شكل للتسوية السياسية السابقة والحالية، فان الاتهامات التي ساقها الوزير غطاس خوري ضد النائب فارس سعيد "حفرت" بكلمات مؤذية على مواقع التواصل الاجتماعي، اما اللواء أشرف ريفي فالمؤكد ان اللواء المتقاعد تم الباسه ثياب المؤامرة من قبل الاستقالة، لان الخلاف السياسي وصل الى ذروته بين اللواء ورئيس الحكومة من الانتخابات البلدية وقبلها، والخلاف جار وله تتمة الى الانتخابات النيابية وادراة الطائفة السنية .
واذا كان سعد الحريري يصر على تجميل صورة علاقته بالمملكة فان الواضح ان تعاطيه في الداخل مختلف ومتناقض، فهو لم يطو صفحة الاتهامات بحق من خانوه في الداخل بالكامل ويحافظ على حالة من الغضب في هذه المسألة وان كان يسعى الى ضبطها احياناً، والاستمرار في معركة التخوين والاتهام سيف ذو حدين، صحيح قد تؤدي عملية تظهير الحريري بانه مظلوم ومطعون بالظهر الى استقطاب الحالة السنية وتعاطفها معه، إلا ان الاستمرار في معاداة كل هذا الفريق المتهم بالضلوع بالانقلاب يعني توجيه الاتهام وتوريط السعودية وضلوعها بالمؤامرة التي مهد لها بعض هؤلاء وتأثر الرياض بما نقلوه اليها في "ثرثراتهم"، وهذا ما لا يريده الحريري الذي ذهب بارسال اشارات ايجابية كثيرة تجاه الرياض، عدا ذلك فان الحريري يرغب بتزخيم عمل حكومته والحفاظ على معادلة الاستقرار السياسي والاقتصادي والنقدي.
يبدو رئيس الحكومة ملتزما الى حد كبير بالنصائح الدبلوماسية وما اوصاه به الرئيس ماكرون في التعاطي المرن والسياسة الاستيعابية لتمرير المرحلة الانتقالية بهدوء، فالحريري سيكون ملزماً عما قريب على تنفيس الاحتقان السياسي مع حلفائه الآذاريين خصوصاً انه ذاهب الى إجراءات قد تكون مؤذية واصعب من العقاب عليهم، فالحريري سائر الى التحالف الخماسي مع (عون حزب الله ونبيه بري وجنبلاط)، ورئيس تيار المستقبل ارسى هدنة غير مسبوقة مع حزب الله ولا يرفض طلباً لرئيس الجمهورية، ولن يصبح مشاكساً عنيفاً للمحور الإيراني هو الذي مهد لمواقف مفاجئة بالتعاطي مع سلاح حزب الله وعلاقته معه كمكون لبناني يصعب تخطيه فسلاحه مسألة اقليمية وليست مطروحة حالياً طالما لم يستعمله في الداخل اللبناني.

  • شارك الخبر