hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

زحلة ودّعت المطران حدّاد بمأتم رسمي وشعبي ورئيس الجمهورية منحه وسام الأرز

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 18:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ودّعت مدينة زحلة راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك السابق المثلث الرحمات المطران اندره حداد بمأتم رسمي وشعبي أقيم في كاتدرائية سيدة النجاة، ترأسه بطريرك انطاكية وسائر المشرق واورشليم والإسكندرية للروم الكاثوليك يوسف العبسي ، وحضره وزير العدل سليم جريصاتي ممثلاً فخامة الرئيس العماد ميشال عون، النائب الدكتور أنطوان أبو خاطر ممثلاً دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، النائب الدكتور عاصم عراجي ممثلاً دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، دولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني ممثلاً رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، النائب ايلي ماروني ممثلاً فخامة الرئيس امين الجميل ورئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل، النائب السابق سليم عون ممثلاً رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، دولة الرئيس حسين الحسيني، دولة الرئيس ايلي الفرزلي، النواب نقولا فتوش، جوزف المعلوف وشانت جنجنيان،
الوزراء السابقون كابي ليون ومحمود أبو حمدان، النائب السابق الدكتور كميل معلوف، مدير عام وزارة الزراعة والأمين العام للمجلس الأعلى للروم الكاثوليك المهندس لويس لحود، رئيس بلدية زحلة – المعلقة وتعنايل المهندس اسعد زغيب، القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور ايفان سانتوس، راعي ابرشية زحلة للموارنة المطران جوزف معوض ممثلاً غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، المطران يوحنا جهاد بطّاح ممثلاً غبطة البطريرك يوسف الثالث يونان، راعي ابرشية زحلة وبعلبلك للروم الأرثوذكس المتروبوليت انطونيوس الصوري، راعي ابرشية زحلة للسريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، النائب البطريركي للروم الأرثوذكس المطران تيودور غندور، العميد عبدالله مخول ممثلاً قائد الجيش العماد جوزف عون، العقيد بشارة أبو حمد ممثلاً مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المقدم بيار شحود ممثلاً المدير العام لقوى ألمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومطارنة الطائفة: عصام يوحنا درويش، ايلي حداد، جورج حداد، أدوار ضاهر، نيقولا انتيبا، عبدو عربش، الياس رحال وميشال ابرص، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية المخلصية الأرشمندريت طوني ديب، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الشويرية الأرشمندريت ايلي حداد، الرئيسة العامة للراهبات المخلصيات الأم منى وازن، الرئيسة العامة للراهبات الباسيليات الشةيريات الأم دنيز عاصي، الرئيسة العامة لراهبات سيدة المعونة الدائمة الأم نيكول حرّو، وعدد كبير من القيادات ألأمنية والعسكرية ، المدراء العامون ورؤساء المصالح، رؤساء البلديات والمخاتير، ممثلو الأحزاب ، أعضاء المجلس ألأعلى للروم الكاثوليك وعدد كبير من أهالي مدينة زحلة وبلدة روم.

بعد الإنجيل المقدس القى البطريرك عبسي عظة رثا فيها المطران حداد وقال :
" أيها الأحباء، اجتمعنا اليوم، في هذا المكان المقدس، لنرافق بالصلاة أخانا المنتقل المثلّث الرحمات المطران اندريه حداد، راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع، الى الملكوت السماوي، الى حضن الله الآب، لإسترجاع الصورة الإلهية التي خُلق عليها، لإسترجاع الجمال الإلهي، وللحصول على المجد الإلهي الذي وعدنا الله به كما نقول في صلاتنا " أعدني الى ما هو على مثالك فيبعث فيّ الجمال القديم". اجتمعنا لنعيد هذه الوديعة الثمينة، المطران اندريه، الى اليدين التين صنعتاها وأعطتنا إياها كوكباً أضاء في سماء كنيستنا. جئنا نودّع أخاً وأباً والحزن في قلوبنا، الا اننا في الوقت عينه نشعر بالسكينة لإيماننا الراهن بأن الله تعالى قد كافأه بإكليل البرّ الذي وعد به اصفياءه وكلّ من آمن به."
وأضاف " تقيم كنيستنا اليوم تذكاراً لأجداد يسوع بالجسد، أولئك الناس الذين عاشوا على الإيمان بمجيئ المخلّص يسوع، في خضمّ من المضايق والشدائد والعذابات والاضطهادات، كما وصفهم القديس بولس، والذين كانوا بسيرتهم الإيمانية شهوداً لله يدلّون بها على حقيقة وجوده وتدبيره الخلاصي. ونحن الآن نقيم صلاة من أجل واحد من أولئك الأبطال في الإيمان، قضى حياته مناضلاً وشاهداً للسيد المسيح، حياةً يعلم الكل كم وقعت عليها صعوبات وتجارب وأحداث وظروف قاسية، كشف عنها في كلمته يوم دخل الى الفرزل، قال " نحن، انما بقينا واسمرّينا، برغم كل الأعاصير التي ضربتنا، لأننا اسمسكنا بإيماننا الوطيد... وسيبقى الإيمان الحيً هو عندنا خشبة الخلاص لشعوبنا ولكل الشعوب المؤمنة على السواء" . أجل لقد كان الإيمان البوصلة الموجّهة لحياة فقيدنا الغالي والقاعدة لمسلكه، ويحقّ أ، يقال فيه ماتقوله الكنيسة في رؤساء كهنتها انه كان " قانون ايمان " و " دليل الإيمان القويم "."

وتابع غبطته " محمولاً بهذا الإيمان جعل المطران اندريه اوّل ما جعل نصب عينيه أن يكون على مثال السيد المسيح الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن رعيّته ويقودها الى الميناء الهادئ. عاش بين أبنائه، تردد بينهم رسولاً متنقلاً يعظ ويعلّم، عرفهم بأسمائهم، مشى امامهم، شاطرهم حياتهم ساهراً عليهم في السراء والضراء، يشجعهم ويشدد عزائمهم ويقودهم الى يسوع المخلًص . كم سعى وراء منسيّ مهمّش؟ كم فكّ اسيراً واسترجع مخطوفاً . أحيا المؤسسات واستنهض النشاطات، وكان للشبيبة حصّتها الكبيرة من عنايته، كان لها " مكاناً خاصاً في قلبه وفي حياته " ، ذلك لإيمانه بأن الشباب هم " امل المستقبل وعماد الوطن "، لهم الدور الكبير في تحقيق المصير الأمثل " كما وصفهم ،حتى اه لقّب بمطران الشباب. كان راعياً صالحاً جدّد وبنى الكنائس والقاعات وشاد المساكن . كان راعياً سخيّاً لرعاياه لكي يكون الكل في أمان واطمئنان . وقد ظهرت رعايته الصالحة بنوع خاص تجاه أولاد الكهنة الذين كانوا محط رعايته، كل واحد بمفرده، يستطمن عنه بالهاتف ، يستدعيه الى بيتهن ينادمه ويلاطفه ويقف على حاجاته. فكانت المطرانية بيتاً وملاذاً لكل كاهن. وقد لخّص هو نفسه دوره كراعٍ صالح بقوله: " أن نكون ضمير هذا المجتمع، نوقظ فيه القيم الغافية، ونهزّ الضمائر الغافلة، ونعلن تعاليم الحق والخلاص، ونرفع الصوت ضد الظلم والجشع والإذلال والإستغلال."

ايمان المطران اندريه ما كان ليجعله منطوياً على ذاته ولا متعصّباً ، لا بل جعل منه رجلاً جامعاً منفتحاً يمد يده للجميع ، للكنائس الشقيقة وللطوائف الأخرى ولجات ومراجع أخرى كثيرة، رغبة منه في التماسك والتعاون على مبدأ أن ابلد يتّسع للجميع، وعلى مبدأ أننا كلنا مدعوون الى أن نبنيه ملتقين على المبادئ الأساسية الثابتة ولا سيما مبدأ المواطنة. من هنا تلك العلاقلات الطيبة التي ربطته بجهات متنوعة، بل مختلفة، في بعض ألأوقات، من اجل اهل مدينة زحلة والبقاع، في زمن من أصعب وأحلك الأزمان التي مرّت بها زحلة ولبنان. كان يستقطب الجميع اليه، وما كانت تقعغع مشكلة، حتى الأعقد، الاّ وتنتهي بخير وسلام، بفضل تلك العلاقات التي أجاد نسجها بدماثة أخلاقه وطيب معشره وحكمته ورادته الصالحة. من أقواله في هذا المضمار، على سبيل المثال " قد عملنا نحن أساقفة زحلة والبقاع الأربعة، وأنا صاحب الكرسي الأقدم والأول بينهم، بالتعاون مع نوابها ووزرائها وفاعلياتها وقادة الرأي فيها. وحققنا على الأرض صيغة العيش المشترك بين كل اهل البقاع وزحلة، وجعلنا شعبنا ينعم بالسلام " وايضاً " دعوتي في هذه الأبرشية ان أكون للجميع اخاً وصديقاً وأباً وقائداً، محاولاً ان امسح الدمعة من العيون، وأعيد البسمة الى الشفاه، وأزرع الأمل في النفوس، واغرس المحبة في القلوب، وانشر الفرح بالحياة في كل مكان". "

وتابع العبسي " طُبع عهد المطران اندريه، في جزء كبير منه، بالأحداث الأليمة التي مرّ بها لبنان عموماً وزحلة خصوصاً، والتي استطاع أن يتصدّى لها بقوة شكيمته وإيمانه والتفاف أبنائه من حوله وبما تلّى به من صفات القائد والمدبّر. وقد يكون افظع تلك الأحداث الإنفجار الذي دمّر المطرانية وهو في داخلها. ظنّوا انهم اذا ما ضربوا الراعي تتبدد الخراف، كما يقول الكتاب المقدس، الا ان الراعي نهض، بقوّة الذي كان واضعاً فيه ايمانه، نهض من تخت الركام ونفض الغبار وشمّر عن ساعديه وراح يسعى بكل قواه ،هنا وهناك، حتى أعاد هذا الصرح الى أجمل مما كان عليه في السابق لسي فقط في الحجر بل ايضاً في الترتيب الداخلي وفي التنظيم الإداري، حتى كادت المطرانية تُبعث من جديد، في الخارج وفي الداخل، ومعها ألأبرشية التي التفّت حول راعيها ومحضته حبها وثقتها. وقد قال في تلك الحادثة " اننا لا نعيد بناء حجر وحسب بل نعيد بناء الإيمان في النفوس عبر بناء الحجر. وهذا البناء سيكون للأجيال فعل ايمان بالأعجوبة الحاصلة وفعل شكر للسيدة التي اجترحت الأعجوبة".

أما السياسة فكانت في نظر اخينا الراقد في الرب كيف نعيش في هذا العالم نحن الذين لسنا من هذا العالم، كما قال يسوع، كيف نؤدي رسالتنا نحن المسيحيين في عالم بعيد عن الله ان لم نقل يحارب الله، في عالم يطغى عليه الشر بكل اشكاله. هذا هو التحدي الكبير الذي يواجهه كل مسؤول في الكنيسة، بل كل مسيحي . ليست السياسة في المسيحية هدفاً بل وسيلة من اجل حياة افضل على الأرض. الكنيسة لا " تشتغل " بالسياسة انما السياسة بعد من حياة الكنيسة قائم على قول السيد المسيح " انما انا أتيت لتكون لهم الحياة". هذه السياسة وصفها المطران اندريه بقوله " الدفاع عن كرامة الإنسان ، المطالبة بحقوقه على الدولة وعلى المجتمع ، لرفع الظلامة عنه، لتأمين الحاجات الأساسية له، لتحريره من الإستغلال والسيطرة الفرديّة. وقد رفعنا الصوت عبر شتى وسائل الإعلام وبلغ صوتنا مسامع القاصي والداني وأحدجث هزّات في الضمائر، وقد تحمّلنا الكثير من جراء هذه المواقف وتألم معنا وبسببنا كثيرون" . أجل سياسة الكنيسة هي ايقاظ الضمائر وانارة القلوب والأذهان."
وختم غبطته " اليوم يغادرنا المطران اندريه الى الأخدار السماوية. اليوم يفقد سينودس كنيستنا أخاً وصديقاً وشريكاً ورفيق درب، يفقد مطراناً حاملاً لأفكار نيّرة متقدّمة جريئة، مطراناً واضحاً صريحاً ربطتنا به علاقات طيّبة حلوة جعلته يحوز ثقة اخوته ومحبتهم وتقديرهم، يلجأون الى حكمته وخبرته في إدارة شؤون الكنيسة.

تفقد كنيستنا الملكية اليوم رسولاً مقداماً غيوراً، وجهاً مشرقاً ، ركناً صلباً، عموداً روحياً، رجلاً وطنياً من رجالها. ما كان المطران اندريه رجل دين. كان المطران اندريه رجل كنيسة.
" يا رب لو كنت هنا لما مات أخي " . هكذا قالت مريم ومتى لك يا يسوع. أما نحن اليوم فنقول لك : يارب انت هنا وأخونا أندريه لم يمت. أجل يارب نحن نؤمن أنك انت القيامة والحياة. يا رب في هذه الأيام الميلادية التي ننتظر فيها مجيئك وفرحك ناديت عبدك اندريه الى فرحك، الى راحة قدّيسيك. ايها الإله الذي قبل الدهور المولود انساناً من اجل خلاصنا أعطنا من هذا الفرح فلن نذوق الموت ابداً.
تعازي الى غبطة السيد البطريرك غريغوريوس الكلّي الطوبى واخوتي السادة الأساقفة الموقرين أعضاء السينودس المقدس. تعازيّ الى اخي سيادة المطران عصام يوحنا راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع. تعازيّ الى المؤمنين في الأبرشية والكهنة والرهبان والراهبات. تعازيّ الى قدس الريس العام الأرشمندريت طوني ديب والرهبانية المخلصية الكريمة. تعازي الى اهل الفقيد الأعزاء . تعازيّ اليكم جميعاً أيها ألأحباء.
وليكن ذكره مؤبداً . آمين ."

ثم كانت كلمة تعزية من قداسة البابا فرنسيس القاها القائم بأعمال السفارة البابوية فبي لبنان المونسنيور ايفان سانتوس قال فيها :
" صاحب الغبطة يوسف العبسي، بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك
بعد أن علمنا بوفاة المطران اندره حداد، وهو الراهب المخلصي، مطران الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين سابقاً، نسأل الباري أن يتغمد روحه الطاهرة في الاخدار السماوية، وهو الذي تفانى في خدمة الابرشية وابنائها لسنين طوال. نسأل الآب مصدر الرحمة الالهية أن يستقبل المنتقل عنا في الانوار الابدية.
ان البابا فرنسيس الاول يصلي من اجل الابناء المتألمين من هذه الخسارة، وبقلب كبير، يمنح البركة البابوية لمطارنة السينودس المقدس، الى كهنة الرهبنة الباسيلية المخلصية، للعائلة الكريمة، وللأقرباء، ولأبناء ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع ولكل الاشخاص الذين يشاركون في الاحتفالات الجنائزية.
الكردينال بياترو بارولين - السكرتير العام لقداسة البابا"
والقى المطران جوزف معوض الرقيم البطريركي المرسل من غبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفيه :
" غبطة أخينا البطريرك يوسف العبسي، بطريرك انطاكيه وسائر المشرق وأورشليم والإسكندرية للروم الملكيين الكاثوليك الكلّي الطوبى.
آلمتني، والسادة المطارنة الموارنة أعضاء السينودس المقدس، وفاة أخينا المثلث الرحمة المطران اندره حداد، رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع سابقاً. لكننا تلقينا خبر انتقاله الى بيت الآب بكثير من الرجاء والصلاة.
فإني بإسمهم وبإسم البطاركة والمطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات، أعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، نعرب عن أحرّ تعازينا القلبية لغبطتكم وللسادة المطارنة أعضاء سينودس كنيستكم البطريركية المقدس ، ولسيادة المطران عصام يوحنا درويش راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع وكهنتها ورهبانها وراهباتها وسائر المؤمنين، وللرهبانية الباسيلية المخلصية ، ولشقيقه السيد جرجي عجاج حداد وعائلته، ولعائلة شقيقه المرحوم ميلادن وكل أهالي مدينة زحلة والفرزل والبقاع وبلدة روم.

المثلث الرحمة المطران اندره أخ عزيز وصديق مخلص. لقد تعاونت معه شخصياً كأسقف في كثير من الشؤون الراعوية، وكنت اشعر بغيرته ودقّته وسهره كراعٍ حقيقي ومسؤول عن كل أبناء ابرشيته. وعتاونا معه في رحاب مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، وقد تميّزت مداخلاته بالواقعية والمطالبة الدائمة بمواجهة الحاجات الراهنة التي يعاني منها شعبنا. وبتطبيق المبادئ والمقررات في الأفعال والمبادرات بالتزام مشترك.
اننا نرافقه معكم في الصلاة، ونحن في مسيرتنا نحو الإحتفال بعيد ميلاد فادينا ومخلّصنا على ارضنا، فيما هو في مسيرته نحو بيت الآب، حاملاً في صلاته امام العرش الإلهي الأبرشية والرهبانية وكل الأهل والأحباء.
اجزل الله له من وافر رحمته ثواب الرعاة الصالحين، وعوّض على الكنيسة برعاة " يرسلهم الله وفق قلبه" (ارميا 15:3 ). "

المطران عصام يوحنا درويش القى كلمة الأبرشية فعدد مزايا الراحل الكبير وشكر الجميع على محبتهم وعاطفتهم وقال :
" بحزن عميق لكن برجاء كبير، وبقلب أليم، نلتقي اليوم في هذه الصلاة الجنائزية، نُوَدّعُ أبانا الروحي المثلث الرحمة والمبارَك الذكر المطران أندره حداد.
يحزننا أن نفقد أبا وأخا حبيبا، قاد أبرشيتنا لعقود بحكمة ودراية، لكن يمتلكُنا شعورٌ بفرح روحي عميق، فأبرشيتنا ربحت شفيعا أمام الله.
المطران أندره انتقل إلى السماء ليتابع شراكته مع القديسين، وليدخل في احتفال إلهي أبدي لا ينقطع مع ملائكة الله.
نحن الذين عاصرناه وعشنا معه وتعلمنا منه، اندهشنا بصلابته وتواضعه وشجاعته وبساطته وإدارته وإشعاع حضوره. أدهشَنا كيف رعى هذه المدينة بحكمة في فترة عصيبة مرت علينا بشجاعة لا مثيل لها، ورجاحة عقل مذهلة وقوة هادئة."
وأضاف " سيدي أندره

ما لم تستطع فعله رياحُ السنين التسعين، ولا غدرات الأيام الآثمة، فعلتهُ ضرباتُ يد الشيخوخة التي انهالت على جسدك فتهاوى، وذَوتْ هذه السنديانة التي ظللّت بأفيائها أجيالا وأجيالا، ووصلَ إلى نهايتهِ معها تاريخٌ من النضال الروحي والكهنوتي، تاريخٌ من النضال الإنساني والاجتماعي، وتاريخٌ من النضال الوطني والسياسي.
في هذا اليوم، تفتقدُ الرهبانية المخلصية ابنا كبيرا من أبنائها الجبابرة الذين كتبوا تاريخها، ورائدا من روادها الطليعيين.
في هذا اليوم تفتقد أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع، حبرا عظيما من عظمائها.
في هذا اليوم تفتقد "دار السلام "زحلة الأبية، باني السلام فيها.
في هذا اليوم أفتقد شخصيا، أبا وأخا وصديقا وموجها ومحبا."

وعن حياة المطران حداد قال " ولد المثلث الرحمات المطران أندره عجاج حداد في بلدة روم القابعة على تلةٍ تتطلع بعين على بحر صيدا والجنوب، وترنو بالأخرى إلى جبال جزين ومرتفعاتها، وذلك في 20 أيلول 1930، وتربّى في كنف عائلة ملتزمة بإيمانها ومنفتحة على باقي الديانات، متشربا من والديه التقوى وخدمة الكنيسة ومحبة الآخرين.
قصد دير المخلص سيرا على الأقدام مع والدته وهناك تربى على الصلاة والحياة المشتركة وأكبَّ على التحصيل العلمي وقد كتب في مذكراته: "لم أنم ليلة واحدة في البيت الوالدي، كنت سعيدا في الدير ولم أفكر يوما بأن أتركه، حيث كنت أقضي أيام العطلة مع رفاقي في القراءة والأشغال اليدوية والرحلات في الطبيعة.. وكنت أتابع الدروس الأكاديمية بنجاح وتفوق.."
كل ذلك جعل منه بعد رسامته الكهنوتية في 13 حزيران 1954 رجل العلم والإدارة والتخطيط والتنظيم في كل المهمات التي أوكلَتْ اليه، سواء التعليمية منها أو الإدارية أو التربوية أو الشبابية أو غيرها... وقد كتب في احدى تغطيات سيرته: "في هذه المرحلة، برزتُ في الإدارة والتربية وخاصة في القدرة على اكتساب الشبيبة والتأثير عليها"؟

تنوعت خدماتُه والمهامُ التي أُوكلت اليه في دير المخلص والمدرسة، وهي عديدة ومتنوعة، إلى أن تُوِّجت في العام 1965، ولمدة ست سنوات، برئاسة دير المخلص، ومن ثم برئاسة المدرسة المخلصية لمدة خمس سنوات ايضاً، فتحول الدير وأصبح، كما كتب هو بنفسه مرجعاً دينياً واجتماعياً ووطنياً مرموقاً، ومركز ثِقل للمنطقة ولبنان"... ومن بين انجازات تلك المرحلة تأسيس ما يُعرف ب "بيت الشباب" الذي ارتبط اسمه باسم الرئيس الاب اندريه حداد.
عام 1976، بدأ مشوار خدمته في هذه المدينة المحبوبة... وقد كتب في هذا المجال: "منذ وصلت زحلة في 15 آب 1976، نشأت علاقة مميزة بيني وبين الكثيرين من أهاليها. فلم اشعر يوماً بغربة، بل كنت كلما أزدادُ عطاءً كلما ازدادت جذوري رسوخاً في هذه المدينة التي فتحت لي عقلها وقلبها".

من مركز مار يوسف حوش الامراء بدأ مشوارَه العملي في خدمة ابناء زحلة والبقاع على جميع الصعد، عاش مع ابناء المدينة في الداخل والخارج معاناتهم المؤلمة الناجمة عن حصار المدينة لمدة ثلاثة أشهر، وشاركهم المعاناة التي قاسوها، فهو يعتبر نفسه واحدًا منهم ومفتخراً بانتمائه لهذه المدينة...
في 13 حزيران 1983 انتخبه السينودس المقدس أسقفاً لأبرشية الفرزل وزحلة والبقاع تقديراً لعطاءاته الجمة وتضحياته الكثيرة فكانت بداية مرحلة جديدة صعبة من مراحل حياته، واجه التحدي الجديد متكلاً على عمل الروح اولاً وعلى نعمة الرب وعلى خبراته الطويلة في التعاطي مع المجتمع الزحلي..
ابتدأت رحلته الاسقفية في وقتٍ كان لبنان يرضخ تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي. والاوضاع الامنية في مجمل البلاد غير مستقرة، واستقبلت زحلة بكل فرح واعتزاز راعيها الجديد الذي خبرته لفترة طويلة.
وما ان انتهت مراسم الاستقبال والتسلم والتسليم حتى ابتدأ هذا الاسقف عملية اعادة ترتيب وتنظيم العمل في الابرشية على كل الاصعدة الروحية منها والاجتماعية والسياسية والامنية في ظروف امنية واجتماعية وسياسية غايةٍ في الخطورة، ومليئة بالتحديات، متعرضاً لأخطار أمنية وصحية، ومحققاً مشاريعَ كبيرة ساهمت في تغيير المجتمع."

وختم درويش " نشكر الرب على تضحيات المطران أندره في سبيل أبرشيته وفي سبيل زحلة والبقاع وعلى انفتاحه على الحوار بين الكنائس والأديان وهو إنجاز نتابعه بدأبٍ وشغفٍ وقناعة.
نطلب من روحه الطاهرة أن يصلي لأجلنا بلا انقطاع لنتابع المسيرة وتثبت المحبة في ما بيننا.
باسمي وباسم جميع أبنائنا وبناتنا في الأبرشية نشكر بامتنان:
فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مُمثَلا بمعالي الوزير الدكتور سليم جريصاتي
دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ممثَلا بسعادة النائب الدكتور طوني أبو خاطر
دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ سعد الحريري ممثَلا بسعادة النائب الدكتور عاصم عراجي
أصحاب الغبطة والدولة والمعالي والسعادة والسيادة ورؤساء الأحزاب والكتل والفعاليات الأمنية والمدنية
الشكر لكم أيها الأحباء على مؤاساتكم، وليرحم الله أمواتكم.
المسيح قام"
وزير العدل سليم جريصاتي قلّد الفقيد الكبير باسم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسام الأرز الوطني من رتبة كوماندور وقال في كلمته :" تحية لكم ولك منكم من قصر الشعب وسيّده في هذه المناسبة التي تعني روم الحبيبة والتي تعني زحلة، براعيها الذي خدمها لعقود أربعة تقريباً . أيها الفقيد الغالي، تقديراً لعطاءاتك الروحية والوطنية ولخدماتك من اجل لبنان، قرر فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون منحك وسام ألأرز الوطني من رتبة كوماندور، وكلّفني فشرّفني أن اضعه على نعشك في يوم وداعكن وأن أتقدم من عائلتك الحبيبة بأحر التعازي."
كلمة العائلة القاها عجاج حداد ابن شقيق المطران اندره فقال :"
حسدتك الجبال واعمّاه!
لفجر عينيك التي ضجّت بالحياة، لصباحك الذي يستجلب شموساً، لصوتك الهادر الذي يكوي الخراب،
لاسمك الذي يفتح باب الينابيع، لعصاك التي تزهر قمحاً،
لأناملك التي تنبت زيتوناً وتيناً في حقول المخلص، ولؤلؤاً وأرجواناً في بحار الوجود،
لإسمك الذي حمى المدائن والقرى وأيقظ النفس وأقام على الأجفان وكتب كلمة "كرامة" على القلوب المولعة بالحياة،
لمواسمك التي لملمت ورود الحقل،
لصايتك التي تكمش حسراتنا وتلفّها بدفئك،
لك يا عمي وسيدي،
لك كل ما نحن عليه وأكثر.
لك يا سيدي،
نهدي غايات حضورنا،
ومنك نتعلم أن الوطن أوسع من عيوننا،
وأن المحبة إما أن تصير فعلاً وتثمر أم تبقى قولاً وتندثر،
أنتَ، أخذتنا من يدنا ونهرتنا، لنقف بوجه الرياح العاتية،
وحملتنا فوق كتفيك لنقطع نهراً أراد جرفنا،
أنتَ لقنتني وأنا تلميذك دروساً في كتب، وحينما نضجت لقنتني دروس الحياة،
سيدنا أندره،
لا أنسى لحظة فاتحتك بموضوع انتقالك إلى روم لتقضي معنا فترة تقاعدك فأجبتني "أنا لا اترك زحلة"!
فعرفت أنها تسكن في وجدانك، لأنك تسكن انت ايضاً في وجدان أهلها، ووجدان خلفك وابنك سيادة المطران عصام يوحنا درويش الذي لفّك بعطفه ومحبته.
سيدنا أندره
ها هو ابو عجاج – ابي – يمسك جانحه المكسور بفراقك متكئاً على سنيّه العتيقة، ووحده بقي من زغاليل عشٍ حلّقت نحو خالقها، مُصابُه كبير كمصابنا، ولوعة الفراق تكوي حلْقه.
كأنك برحيلك تريدنا أن نعرف، أنك اعطيت كل شيء ولم تستبقي إلاّ مؤونةً تكفيك لرحلتك الأبدية،
هذه المرة لن تعد، بل ستظل قرب يسوع وأمه مريم سيدة النجاة التي أحببت وحيث سكنت وأكرمت، لتنتظر يوم يلتمّ شمل العائلة كما عوّدتنا يا من أردتنا دائماً الى جانبك.
باسمي وباسم العائلة، اتقدم بالشكر من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على وسامه التقديري،
كما اشكر دولة رئيس المجلس النيابي ودولة رئيس مجلس الحكومة بشخصي ممثليهما
وغبطة ابينا البطريرك يوسف العبسي الكلي الطوبى، وسيادة راعي الابرشية المطران عصام يوحنا درويش على محبتهما الجامعة.
وأشكر كل الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وممثلي الاحزاب والقوى العسكرية والامنية والمجلس الاعلى للطائفة، والقضاة والسفراء والمدراء العامين ورؤساء البلديات والمخاتير والجمعيات الاجتماعية والثقافية والتربوية والاعلامية.
كما اشكر كل اهالي زحلة والبقاع على ما أبدوه من محبة صادقة تجاه سيدنا اندره، كتابةً واستقبالاً وتأبيناً وحضوراً،
وكل من أتى من قريب او بعيد ليشاركنا مصابنا الأليم
طالباً الى الله أن يمنحنا القوة والمقدرة لنقف يوماً معكم كما وقفتكم اليوم معنا. آمين"
وفي ختام رتبة الجناز قبل الحضور نعش المطران الراحل وحمله الكهنة الى مدافن المطرانة حيث ووري الثرى.
 

  • شارك الخبر