hit counter script

مقالات مختارة - نبيه البرجي

في فمه.... صخرة !

السبت ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 07:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

سعد الحريري لو تكلم. لم يتكلم...
كان انقلاباً. المسؤولون السعوديون لم يستعملوا تعبير «رئيس الحكومة المخلوع». في ظنهم انهم استخدموا عبارة أكثر درامية، وأقل صخباً، «رئيس الحكومة السابق».
شيء من الأسى الخليجي لما حدث له. يصفونه بالدماثة، والانسيابية، وهذا ما تحتاج اليه الغرنيكا اللبنانية. يقال ان الذين وضعوا السيناريو الخاص بلبنان، وهو سيناريو تفجيري، مصابون بتلك اللوثة التي تدعى...عبقرية الغباء.
هل يفترض بالشيخ سعد، اذا ما تكلم، وفي فمه صخرة، وليس مجرد «بحصة»، أن يوجه أصابعه الى الذين باعوه قبل صياح الديك، أم أن يوجه أظافره الى اولئك الذين حاولوا تعريته من كل شيء. البعض من اصدقائه في الخليج قالوا
أعصابه الهادئة، وثقافته الدينية الشفافة، حالت بينه وبين التفكير في ما ذهب اليه ساسة آخرون، في الأوقات الهائلة، أي الانتحار. لا ساموراي في لبنان.
عن ثامر السبهان، قال وزير خليجي يعرفه جيداً، ويعرف أنه يبحث عن الضوء حتى بين المقابر (كيف راح يختال في الرقة بين الركام) « هذا الرجل لا يستطيع أن يضع سيناريو لانقلاب في مزرعة للدجاج، كيف تناط به مهمة وضع سيناريو لانقلاب في لبنان الذي تحت رقابة البنتاغون ؟».
يحكى الآن أن أهل البلاط الذين هالتهم ردات الفعل اللبنانية والدولية على السواء، لن يتوقفوا عن ملاحقة رئيس الحكومة. اذا لم تتحقق الخطة الخاصة باغتياله سياسياً، لماذا لا يكون الاغتيال المالي، وفي اللحظة الصاعقة ؟
انه لبنان. لم يكن بامكان رفيق الحريري أن يستقطب كل ذلك الوهج لولا المال الذي كان يتناثر كما زخات المطر، ويدق كل الأبواب. حتى المرجعيات الدينية لم «تنج» من جاذبية السيارات الفارهة، والشقق الباذخة.
حتماً، رفيق الحريري لم يكن عادياً، ولكن لو كان حمورابي أو الاسكندر ذو القرنين لما استطاع أن يشق طريقه الى السراي، ولو عبر عنجر، الا بالمال الذي وصفه الفيلسوف الفرنسي لوي التوسير بـ «اله كل الأزمنة». الذي في السماء «اله ما فوق الأزمنة».
هذا ماحمل هنري ميشو على القول « لم تكن هناك حاجة الى خلق الشيطان، ليسبّب لله، ولنا، كل تلك المشاكل. المال يكفي».
الانتخابات النيابية آتية. الناخب اللبناني «الصالح» يعلم جيداً أن هذه ليست دولة. لا يعبأ بالوجوه التي تبقى أوالوجوه التي تندثر. المال يقوده الى صندوق الاقتراع لكي يصف وزير الداخلية يوم الانتخابات بـ «عرس الديمقراطية». هنا العروس، يوم الزفاف، ترتدي الحداد، كما في أحد أفلام كاترين دونوف.
لا مجال للاعتقاد أن قامة أشرف ريفي، أو قامة خالد ضاهر، يمكن أن تواجه القاعدة الشعبية لرئيس الحكومة. السعوديون لن يبعثوا بالحقائب في الطائرات كما فعلو في انتخابات 2009. لكن الحفاظ على القاعدة، في ظل هذه الأمواج المتلاطمة، يبدو عملية معقدة بل ومستحيلة.
ليس غريباً أن يقال الآن، وقد باتت الأوراق على الطاولة بعد حادثة الرياض وتداعياتها الدراماتيكية، ان التيار الوطني الحر، وحركة «أمل»، و«حزب الله»، هي القوى التي يمكن أن تحول دون رئيس تيار المستقبل والتقهقر السياسي.
سعد الحريري بين أن يتكلم أو لا يتكلم. لديه كل شيء حول ما فعله «الرفاق»، رفاق السلاح، من البداية الى النهاية. قالوا له في الرياض «لم يبق معك سوى نهاد المشنوق وعمتك بهية». هل حقاً أنهم أطلعوه على أشرطة تظهر من تخلوا عنه، ولم تكن ساعة التخلي، وبينهم وجوه بارزة أو «ناتئة» في التيار .
كذبوا وقالوا له أنه حتى وليد جنبلاط غسل يديه منك. وراء الستار، حديث عن «ذلك الاتصال البالغ الأهمية الذي أجراه الرئيس نبيه بري بوليد بيك».
من قوة الصدمة، لم يستطع أن يدافع عن مواقفه أمام اولئك الذين اذ «عينوا» بديلاً منه، تصوروا أن بوسعهم «تعيين» بديل للرئيس ميشال عون الذي، كجنرال، بادر الى الانقلاب الصاعق على الانقلاب، و كان يستهدف القصر الجمهوري.
قال لنا ديبلوماسي خليجي «دع رئيس حكومتك يشكر الله لأن مفتي الديار السعودية، بكل تلك التقاطيع الداعشية، لم يصدر أي فتوى بحقه». ألم يكن السيناريو يتوخى احراق الرئيس الحريري، وهو حي، مثلما أحرق تنظيم الدولة الاسلامية من أحرق، وهم أحياء ؟
من يحمي الشيخ سعد الآن ؟ السعودية ادارت ظهرها (ظاهرياً). هناك أميركا، وهناك فرنسا. رئيس الجمهورية, بالدرجة الاولى. في الخليج، يتردد أن السبهان تعرّض للضرب (لن نقول بأي شيء) لأنه أعدّ ذلك السيناريو الكاريكاتوري، بالتواطؤ مع قوى وشخصيات لبنانية لم تعد بخافية على أحد.
ألا يتردد أيضاً ان ثمة من صرخ غاضباً ما مؤداه « كان بالامكان التخلص من الحريري بطريقة تضع المحكمة الدولية أمام مهمة أخرى، و تضع «حزب الله» في قفص الاتهام» !   

  • شارك الخبر