hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - علي نون - المستقبل

"الدور" الأميركي!

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

افتراض الجانب العربي والإسلامي العام، أنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شأن القدس، يضرّ بالمصالح الأميركية ويضرب «صدقية» واشنطن ويعطّل دورها في عملية السلام، وغير ذلك الكثير من مدوّنات الغضب، يحمل (ذلك الافتراض) بعض الوجاهة لكنّه يفتقد الدقّة والتشخيص الصحيح.

بعض الحقائق تقول إن «مصالح» أميركا لا ترتبط بموضوع إسرائيل عموماً والقدس خصوصاً! لم تكن كذلك سابقاً وليست هذه حالها راهناً، ولن تكون كذلك مستقبلاً! واختصار الأمر على تلك الصورة، فيه أي شيء، إلاّ الدقّة التاريخية!

ولا مرّة كانت العلاقة الأميركية – الإسرائيلية خاضعة لمنطق الربح والخسارة.. أو متأثرة بمنطق المصالح المألوف في الشؤون الدولية. وهذه حقيقة لم تُكتشف فجأة مع قرار ترامب بل هي العنوان الوحيد للسياسة الخارجية الأميركية منذ نشوء إسرائيل في العام 1948.. وما استجدّ عليها مع إدارة بيل كلينتون وانطلاق المفاوضات في مطلع تسعينات القرن الماضي، كان استثناءً هامشياً بُني على وقع انتهاء «الحرب الباردة» وليس على يقظة مبدئية إزاء الحق الفلسطيني، ولا على «ضرورة» إنهاء النزاع العربي – الإسرائيلي في الإجمال!

لغة المصالح تلحظ التبادلية وليس الحصرية. والواقع العربي العام من جهته، برغم مركزية النزاع مع إسرائيل، لم يضع الولايات المتحدة في زاوية احتضانها للدولة اللصوصية. ولم يتعامل معها على ذلك الأساس، بل كان (ولا يزال!) واقعياً إلى أبعد الحدود ويستطيع أن «يرى» أن تجاهل الدولة الأكبر والأقوى والأغنى والأكثر نفوذاً وتأثيراً في العالم، هو أمر أسوأ من الاقتراب منها والتعامل معها! عدا عن كونه غير ممكن عملياً وتجارياً ومالياً، خصوصاً أنّ البديل (السابق) كان الاتحاد السوفياتي (المرحوم!) فيما «البديل» الحالي لا يعني سوى دربكة فوضوية إضافية عنوانها الرسمي ثنائية روسية – إيرانية! وعنوانها غير الرسمي تحكّم منطق التطرّف وجماعاته وآلياته التي يطغى عليها البُعد الأصولي الديني العدَمي العبَثي الموبوء والمشوّه.

حقيقة أنّ السياسة الأميركية سيّئة في «الموضوع» الإسرائيلي، لا تعني إلغاءً لمركزية تلك السياسة وضرورتها في البحث عن تسوية ما، يعرف كلّ مَن عليها، أن لا إمكانية فعلية لها، من دون واشنطن وثقلها.. أمّا البديل عن ذلك المسار فدونه «عقبات كأداء» أبرزها انتظار استكمال «تحرير» سوريا! وإحكام السيطرة على صنعاء! وتدعيم النفوذ في العراق! وتمتين الروابط ومقتضيات التنسيق مع «إمارة» غزّة وأهل الممانعة في بيروت!

بانتظار ذلك (!) يمكن الاستمرار في دبّ الصوت عالياً ضد قرار ترامب واتخاذ مواقف وإجراءات سياسية مسنودة بالمواقف الأوروبية والدولية الأخرى المشابهة من حيث المبدأ، ثم الدفع باتّجاه رفد أهل الداخل الفلسطيني وأصحاب الأرض بدعم التحرك الذي يرتأونه لمواجهة هذا الضيم الإضافي والاستمرار في التصدّي لمحاولات شطب قضيّتهم وإنهائها!

ما فعلَه ترامب أضرّ بدور الوسيط بين العرب والإسرائيليين لكنّه لم يلغِ هذا الدور.. وهذا واقع مؤسف ومرير ومؤلم، لكنّه يبقى واقعاً قائماً حتى إشعار آخر!

علي نون - المستقبل

  • شارك الخبر