hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - مروى غاوي

بين القوات والتيار وقع الطلاق... إلا إذا

الإثنين ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 05:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يعد سراً ان الاحوال تغيرت بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بعد اكثر من عام على توقيع تفاهمات، وان ما خضع سابقاً لعملية تمويه وتجميل خارجي بين الحليفين المسيحيين وتم التستر عليه قبل بضعة اشهر أُزيل عنه القناع اليوم وكشفته تصريحات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات سمير جعجع، "نعم" هناك خلاف وتباين بين الحليفين المسيحيين في العديد من القضايا المحورية وحول بعض الملفات .
بالطبع ليست استقالة سعد الحريري هي مفجر الأزمة او موقف القوات منها هو السبب او المسبب، لكن الاستقالة كانت الشرارة واعطت إشارة الانطلاق نحو المواجهة المفتوحة وانفلاش الامور بين الحليفين بشكل علني ومفضوح. ترافق ذلك مع خروج المواجهة على وسائل التواصل الاجتماعي بين القواتيين والعونيين عن إطارها المقبول ومسارها المرسوم منذ تفاهم معراب بسجالات تبدأ من الاستقالة مروراً بالبواخر والنفط والعديد من الملفات.
سبق للعلاقة ان تكهربت بالصاعق الكهربائي في الحكومة فكانت بداية الخلاف "كهربائية"، عندما اتهم الوزراء العونيون القوات بعرقلة خطتهم للكهرباء، في الوقت الذي تمسك التيار الوطني الحر بخطته الانقاذية للكهرباء وبرؤيته وخبرته في التعاطي مع الملف بعدما تسلم وزارة الطاقة لسنوات وبات ملماً بكل تفاصيل وجوانب ملفات الطاقة. وقد تعرض التفاهم لاهتزازات كثيرة عابرة لم تؤثر سلباً على روحية تفاهم معراب واسبابه وموجباته فمرت بدون ان يقع هذا التفاهم او تطاله الشبهات.
يروي اصدقاء التيار والقوات ان جهوداً كثيرة بذلت مؤخراً في السر والعلن لاصلاح الوضع بين القوات والتيار وقد حاول كنعان والرياشي ابقاء التباينات تحت السيطرة الانفعالية اكثر من مرة، والامساك بمفتاح التحكم باعتبار ان النائب العوني والوزير القواتي خبيران بفك المتفجرات والعقد وقد انجزا معاً خطوط مصالحة القوات والتيار بعد خصومة سياسية طويلة وحروب وقد لا تكون عملية ترتيب الامور اليوم معقدة كما بالامس .
اليوم يتداخل الخلاف بين السياسي والتقني بين القوات والتيار، في السياسة يتهم التيار حليفه القوات بعدم المشاركة في معركة تحرير سعد الحريري من احتجازه في الرياض وتغريد القوات خارج الاطار الرسمي فيما كانت الجمهورية كلها من الرئاستين الاولى والثانية الى الاحزاب والتيارات السياسية على الموجة نفسها، فان القوات تبنت وفق التيار نغمة الاستقالة الطوعية للحريري والضرورية بسبب ازمته الداخلية ووضعه في الحكم، وبالتالي فان عدم ملاقاة القوات للموقف الرسمي كان لا يمكن تفسيره الا انه ضربة للعهد الذي كان مستهدفاً بالاستقالة ايضاً، فيما تصر القوات في موضوع الاستقالة على تأكيد ان ثمة من فبرك افلاماً وسيناريوهات طبخت في المطابخ اللبنانية لاستهداف القوات، وان القوات اول من سارت بالتسوية المطروحة ووافقت عليها رغم ان محاولات استبعادها عن ظروف صياغة التسوية. وفي الدفاع القواتي تصر معراب على انها لم تلعب اي ادوار في موضوع الاستقالة ولم تشجع القوات على قبول الاستقالة بل اثنت على رئيس الجمهورية بعدم قبولها. وتصر القوات على ان مسايرتها الاستقالة كانت من اجل تصويب المسار السياسي الاعوج وتثبيت النأي بالنفس الفعلي عن صراعات المنطقة وتدخل حزب الله في حروب الآخرين .
في الشق التقني والعمل الحكومي يشكو العونيون بان وزراء القوات يعرقلون مشاريعهم في الوزارات، فيما يعبر رئيس القوات ومسؤولون قواتيون على ان القوات لم تشعر ابداً انها شريك فعلي في الخيارات والقرارات وانه تم تهميشها وعدم استشارتها في قانون الانتخابات وفي التعيينات وفي استحقاقات كثيرة.
التجاذبات الراهنة بين القوات والتيار الوطني الحر لا تعني العودة الى المتاريس بينهما، لكن الوضع بينهما لم يعد يشبه نفسه، بدون شك فان المشهد المسيحي السوريالي المتمثل بالمصالحة تعرض للتشويش مجددا، العودة الى الوراء بالصورة تظهر الحليفين المسيحيين في اطار مختلف عن اليوم، كان الأمر نموذجياً ومتكاملاً بينهما، ميشال عون "المنفي لسنوات طويلة صار رئيساً للجمهورية، وسمير جعجع خرج من الزنزانة الى السلطة بعد مصالحة عون، الاثنان عملا معاً لتصحيح الخلل واعادة التوازن المسيحي الى سابق عهده.
ثمة من يرى ان التفاهم لن يسقط بين التيار والقوات وان معراب لا يمكن ان تخاصم رئيس الجمهورية، "الحكيم" نفسه لا يمكن ان يكون نادماً على التفاهم السياسي مع ميشال عون وطي صفحة الحروب ووصول عون الى الرئاسة، وثمة من يعتقد ان تشفعات الرياشي وكنعان وصلواتهما لم تعد صالحة اليوم، ان الأمور اصبحت معقدة اكثر من اللزوم وان الخلاف ابعد من التفاهمات السياسية ويمتد الى الانتخابات النيابية، ثمن من يحفر للفريق الآخر في الانتخابات بعد اشهر خصوصاً ان التنافس هو في البقعة المسيحية ذاتها، وان رئيس التيار الوطني الحر يخوض معركة قاسية في البترون قد لا تكون فيها القوات من حصته، وثمة من يرى ان الامور ستراوح مكانها ولن تتطور لا سلباً ولا ايجاباً وسيبقى الوضع على حاله ولن يقع الخلاف الذي يتحول الى حرب حقيقية وتباعد كبير فالعودة الى المتاريس غير مطروحة، لن يصبح الخلاف عميقاً اكثر من قبل، هذه هي حدودوه القصوى ولا يمكن ان يصبح أسوأ من الحالي، فالطرفان حريصان على ان لا يضيع التفاهم في أتون الحسابات الضيقة وتصفية الحسابات، وان لا تتحول الساحة المسيحية الى ساحة تجاذبات كما كانت في الماضي فيدفع المسيحيون الثمن مجدداً، بدون شك فان "الجنرال بيمون" على الحكيم، والتجارب اثبتت ان جعجع أتقن الإتكاء على "صخرة بعبدا".
ذات يوم عندما خيضت على القوات معركة "إلغاء" عند تأليف الحكومة في شأن حصولها على حقيبة سيادية وقف التيار الوطني الحر الى جانب القوات، فحصلت على ثلاث حقائب وزارية ومنصب نائب رئيس الحكومة، الحصة الوزارية القواتية لم تكن فضفاضة كثيراً انما ضمن الحصة المتوازنة مسيحياً وحيث استطاع تفاهم معراب على غرار الثنائية الشيعية ان يفرض شروطه الوزارية في تأليف الحكومة، فهل تسقط المناكفات وتقلب صفحة الاستقالة وما سبقها لتفتح صفحة اخرى مشرقة تعيد إحياء تقاهم معراب وضخه بمفاعيل التهدئة والاوكسيجين بعد انخفاض مفاعيل ومقومات الحياة لديه؟

  • شارك الخبر