hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

لبنان على موعد مع "مظلّة" دعم دولية لاستقراره في باريس

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا صوت يعلو فوق صوت القدس. فمع انزلاقِ المنطقة التي كانت مشدودةً الى المنعطف الخطير في اليمن الى واقعٍ أكثر فوضوية وخطورة في ضوء قرار واشنطن بنقل السفارة الأميركية الى القدس كعاصمة لاسرائيل، بدا لبنان وكأنه «نجا بأعجوبة» النأي بالنفس كصيغةٍ لغوية أتاحتْ عودته الى ما قبل 4 نوفمبر الماضي (تاريخ إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من الرياض) وإن وفق ضوابط تتولى باريس ضمان ان تؤدي مفاعيلها على صعيد «فرْملة» الغضبة العربية ولا سيما السعودية حيال بيروت على خلفية أدوار «حزب الله» في أكثر من ساحة، وأيضاً إقناع طهران بضرورة الحدّ من توريط لبنان في مشروعها الكبير في المنطقة.

وغداة عودة الحريري عن استقالته نهائياً، ازدادتْ المؤشرات الى ان لبنان «نَفَذَ» بالتسوية المُرمَّمة ونجح في شراء الوقت من خلف خطوط الاشتباك العاصِف والذي يشي بفصولٍ أكثر احتداماً على الجبهة السعودية - الإيرانية ناهيك عن الارتدادات «المتفجّرة» التي لاحتْ في الأفق منذ إعلان نية الرئيس دونالد ترامب نقل سفارة بلاده الى القدس.

وفي رأي أوساط سياسية ان إعادة لبنان الى «منطقة الأمان» في غمرة «الغليان» المتعدد الطبقة في المنطقة يشكّل مصلحة مشتركة لأكثر من طرف خارجي ربْطاً بالموازين الحالية في المنطقة، في موازاة رغبةً داخلية ولا سيما من «حزب الله» في احتواء «عواصف» آتية (عقوبات وغيرها) من خلال الاستظلال بـ «غطاء وطني جامِع»، لافتة الى ان انضباط الواقع اللبناني مجدداً تحت سقف التسوية السياسية و«ملحقها» المتمثّل بالنأي بالنفس عن الصراعات والأزمات والحروب والتدخل في شؤون الدول العربية سيتيح لبيروت تمرير مرحلة مفصلية في المنطقة وفق «الستاتيكو» القائم منذ عام ونيف.

وفي الوقت الذي لم يَبرز جواب حاسم حيال اذا كانت الرياض في وارد الاكتفاء بالبُعد الإنشائي للمَخرج الذي عاد الحريري على أساسه عن استقالته او انها تلقت ضمانات بتَرْجمات عملية ستبرز على نحو متدرّج ولو من دون «ضجيج»، كان لافتاً صدور إشارات متناقضة بإزاء «معاني» البيان - القرار بالنأي بالنفس، عبّر عنها موقفان:

* الأول لـ «حزب الله» على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي جدد من طهران هجومه على السعودية داعياً في موقفٍ «ناسِف» لـ «فلسفة النأي بالنفس» الى الكفّ عن التصرف «كلٌّ في بلده وكأنه غير معني بالآخرين»، ومعلناً «المحور الواحد هو الذي يعطينا القوة، واليوم يوجد محور اسمه محور المقاومة تقوده وترعاه إيران، وكل انتصاراتنا التي تحققت بسببه، من انتصارنا على إسرائيل في لبنان وفلسطين، إلى انتصارنا على التكفيريين في سورية والعراق وفلسطين ولبنان، إلى صمود اليمن».

* والثاني للرئيس الحريري الذي أوحى بترجمات عملية لقرار النأي بالنفس اذ أعلن أنه «بعدما تم الالتزام بتحقيق النأي بالنفس فعلاً وليس قولاً فقط، عدتُ عن الاستقالة، وأنا شخصياً سأتابع موضوع تنفيذ النأي بالنفس على الأرض. وإن لم يحصل نأي فعلي بالنفس فإننا نضع لبنان في دائرة الخطر لأن مصلحة اللبنانيين الأساسية هي مع دول الخليج والأشقاء العرب»، لافتاً الى «ان علاقتنا مع السعودية ودول الخليج جيدة جداً وسترونها في تحسن مستمرّ إن شاء الله، وهناك تحدٍّ في هذا الموضوع في ما يخص النأي بالنفس الذي سنحرص عليه لأن هذا هو المسار الوحيد الذي ينقذ البلد، فلم يعد بمقدورنا أن نبرر أن هناك فريقاً سياسياً يقوم بما يقوم به في اليمن ودول عربية أخرى»، ومضيفاً: «هذا الأمر الكل يعرفه ونتفاوض على هذا الأساس ولكننا توصلنا إلى إنجاز بهذا الشأن، وأنا فخور جداً أننا اتخذنا قراراً حكومياً، وليس مجرّد بيان، بالتزام كل المكونات السياسية بالنأي بالنفس عن الصراعات والحروب والتدخلات الإقليمية. كل هذه الأمور مدرجة في قرار مجلس الوزراء، ولذلك أنا مرتاح لهذا الموضوع ومتأكد أننا قادرون على إحراز تَقدُّم بهذا الشأن».

وتَرافق كلام الحريري مع تأكيد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يفتتح غداً مع الحريري اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي تستضيفه باريس انه أحيط علماً «بالإعلان السياسى» الصادر عن مجلس الوزراء اللبناني والذي أتاح لرئيس الحكومة الرجوع عن استقالته، موضحاً كما نقل الاليزيه أن «فرنسا ستتابع باهتمام احترام الأطراف اللبنانية كافة لتعهداتها، وأنها أحيطت علماً ايضاً بتأكيد مجلس الوزراء اللبناني تبني سياسة النأى بالنفس عن النزاعات بالمنطقة».

وكانت الخارجية الفرنسية أكدت أن اجتماع مجموعة الدعم يرمي في جانب منه الى «دعم العملية السياسية في فترة حساس، وسيشكل ذلك رسالة للأطراف اللبنانيين ولدول المنطقة في الوقت نفسه».

وفي موازاة ذلك، كان بارزاً اول إشارة ضمنية الى اتجاه لفتْح ملف سلاح «حزب الله» ببُعده الداخلي ولو من ضمن «الاسم الحرَكي» المعروف بالاستراتيجية الدفاعية. وقد اكتسب هذا الأمر أهمية مزدوجة لأنه جاء على لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وخلال استقباله امس نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني.

وأكد عون بداية «ان البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء (الثلاثاء) لا يشكل ربحاً لفريق او خسارة لآخر لأن الرابح هو لبنان الذي استطاع بوحدة أبنائه والتفافهم حول مؤسساتهم الدستورية المحافظة على استقراره وأمنه وسلامه»، لافتاً الى «ان صفحة الأزمة الأخيرة طُويت والعمل الحكومي سينتظم مجدداً لاستكمال ما بدأته الحكومة خلال الأشهر الماضية بما في ذلك إجراء الانتخابات النيابية».

وبعدما شَكَر لازاريني على الاهتمام الذي يبديه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، لافتاً الى ان لبنان يتطلع لاجتماع مجموعة الدعم الدولية في باريس، أكد انه «بالحوار بين اللبنانيين حول مختلف القضايا التي تهمهم ولاسيما الاستراتيجية الدفاعية، يمكن التوصل الى قواسم مشتركة تعزّز الاستقرار وتحصن الوحدة».
"الراي"

  • شارك الخبر