hit counter script

الحدث - جورج غرّة

لو رحل الحريري لوصل البغدادي... معمودية الأسى في بعبدا

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

التسوية تجددت، وتفاصيلها نُحتت على صخور قصر بعبدا، والنأي بالنفس بات حاصلا وواضحا وضوح الشمس. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعد رئيس الحكومة سعد الحريري بأنه سيحقق له ما طلبه قبل التريث ووفى، وأتى عون للحريري بطبق من فضة وعليه كل ما طلبه حرفيا حول النأي بالنفس وما يدور حوله من تطبيقات.

التواصل المباشر بين الرئيس الحريري وحزب الله لم يحصل، بل ان الرئيس عون هو من تولى هذا التواصل مباشرة كوسيط بينهما، وكل الأمور كتبت بروية وحرفية عالية، لإنجاز تسوية جديدة ستحكم لبنان للسنوات المقبلة، وهي ستمتد الى مرحلة ما بعد الانتخابات، عبر ربط النزاعات.

الرئيس الحريري مصمم اليوم أكثر من وقت تكليفه منذ عام على تفعيل عمل الحكومة، ومُصر على إستعادة الثقة وإجراء الانتخابات النيابية، وهذا الأمر سيبرز في الايام المقبلة لان الجلسات ستسير بخطى ثابتة.

قضية النأي بالنفس لم تولد في لبنان لدى الحريري، فلنعد قليلا الى مقابلة الحريري الشهيرة من الرياض فهو قال "نحن نريد موضوع النأي بالنفس وتوضيحه وان يصبح مسارا وان لا يبقى بالكلام"، فردت عليه الإعلامية بولا يعقوبيان بالسؤال "هذا سقفها؟"، فرد الحريري جازما "هذا سقفها"، وهذا الجواب اعطاه الحريري من السعودية وبالتنسيق معها.

السعودية اليوم لا تزال تتعاطى مع لبنان من باب عدم دعم التسوية الرئاسية التي حصلت منذ عام ونيف، كما ان الجميع يترقب الموقف السعودي من التسوية المتجددة والأيام المقبلة ستبرهن هذا الأمر. أما في الداخل اللبناني، فمسار المصلحة الوطنية بين الرئيسين عون والحريري مستمر بفعالية وما يقومان به سيتبين لاحقا انه لصالح لبنان.

الحريري يتعامل اليوم مع كل الفرقاء بحذر، وهو بات يفكر بمصلحته ومصلحة حكومته ومصلحة لبنان قبل التفكير بأي شيئ آخر، وهو شاهد بالأمس كيف ان رئيس دولة بقي لسنوات في منصبه ولديه اليوم جيش بكامله ولديه قبائل مسلحة تدعمه وتم قتله مع عدد كبير من الاشخاص، وفوقه كان يحوم الطيران السعودي والإماراتي وجيوشهم على أرض اليمن ولم يتمكنوا من حمايته، وهو انقلب لمدة 24 ساعة وقُتل ومُثل بجثته، وبات الحريري وغيره يفكرون بواقعية انه عليهم التعايش مع الجميع بروية وتواصل على قاعدة "ما متت ما شفت مين مات؟".

لماذا يتمسك حزب الله اليوم بالحريري ويتنازل؟ هل حبا بالحريري أو رغبة بالإستقرار؟، لا، ليس لا حبا ولا عشقا، بل لأن حزب الله يدرك جيدا انه في المنطقة الملتهبة والتي تخاض فيها الحروب والتسويات على الدماء، فلبنان وحكومته بحاجة الى شخص معتدل مثل سعد الحريري لكي يحافظ على الإستقرار والإعتدال، لانه في حال رحيل الحريري فمن سيخلفه سيكون على شكل ابو بكر البغدادي، وأي هزة أمنية في لبنان ستستقطب آلاف الإرهابيين والمتشددين من الخارج وسيظهر العدد الآخر من الداخل.

حزب الله لم يتنازل للحريري بل تنازل للرئيس عون، الوسيط الدائم بينهما، ولا لقاء كما يتم الترويج له بين الرئيس الحريري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لان لا تواصل مباشرا بين الفريقين، واللقاء مستبعد، والجميع يتجنب القول ان حزب الله تنازل للحريري لكي تعيش هذه التسوية وتستمر ولكي لا يكون هناك تحديات.

علاقة القوات اللبنانية بتيار المستقبل تخضع اليوم لمحاولات الترميم بعد تكسر اجزاء كبيرة منها، والقناة الحوارية بين الفريقين مفتوحة، والحريري طلب توضيحات من الدكتور سمير جعجع وهو ينتظر الأجوبة الواضحة عليها، ولكن في نهاية المطاف فالامور ستتحسن بينهما.

الانتخابات النيابية المقبلة ستشكل مفاجآت كبيرة، والتحالفات قد تصل الى تحالفات خماسية وسداسية، والعلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر سيتم ترميمها لان الامور اكبر منهما، وهناك مصير المسيحيين في المشرق العربي، وعودتهم ستحصل عبر لبنان، فمن جمع عون وجعجع في التسوية الرئاسية سيعيد جمعهما مجددا في تسوية انتخابية متينة الى جانب تيار المستقبل طبعا، وبما ان عون الى جانبه يقف حزب الله والى جانب حزب الله يقف الرئيس نبيه بري، فسنشهد على تحالف حزبي ضخم في الانتخابات المقبلة، وكل الاحزاب ستتحالف مع بعضها لحماية لبنان في السنوات المقبلة لانه لا يوجد اي فريق يريد الهزات.

في باريس تمتنت العلاقة اكثر بين الوزير جبران باسيل والرئيس الحريري، الإتفاقات والتحالفات والمعاهدات تم تجديدها وتحديثها كلها، وعلاقة عون والحريري بحضور باسيل دائما تعمدت بالأسى وفي ظروف صعبة، والعلاقة بين الفريقين باتت أقوى علاقة بين فريقين لبنانيين في الداخل، وهي قطعت اشواطا كبيرة بسبب موقف عون في خلال أزمة الحريري.

 جورج غرّة - ليبانون فايلز 

  • شارك الخبر