hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

من يستطيع تطبيق النأي بالنفس ولبنان أولا؟

الإثنين ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 06:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

سيجتمع مجلس الوزراء اللبناني يوم الثلثاء القادم نقلا عن مصادر رسمية او يوم الخميس، وستصدر عنه مقررات هامة تبرر عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته، وكذلك هي تسوية وقاسم مشترك بين آراء وطروحات القوى السياسية والأحزاب التي تشترك في الحكومة اللبنانية.
وسيقوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بترؤس الجلسة ويحضرها رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري والوزراء.
النص الذي سيصدر عن اجتماع مجلس الوزراء نتج من قيام رئيس الجمهورية بالتشاور مع الأطراف السياسية والحزبية كافة واجتمع رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومع الرئيس سعد الحريري، وتشاور رئيس الجمهورية مع حزب الله وسيضعون نصاً يتضمن ان لبنان سيعتمد النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية والإقليمية. وهذا النص تجري كتابته حاليا بين قصر بعبدا مع الرئيس بري والرئيس الحريري وحزب الله، ويصدر عن مجلس الوزراء وتتم الموافقة عليه بالاجماع في الجلسة القادمة.
وقد صرّح مصدر مسؤول في 8 آذار لـ«الديار» ان الحكومة ستجتمع الاسبوع المقبل ومن المتوقع ان يكون يوم الثلاثاء، مشيراً الى ان الاتفاق أنجز ويبقى ايجاد المخرج والبيان الذي سيصدر بعد الجلسة، على ان يكون يتماشى مع «روح» البيان الوزاري للحكومة الحالية.
وفي السياق ذاته، افادت معلومات خاصة ان المشاورات القائمة حالياً بين الوزير باسيل والرئيس الحريري قد اشرفت على انهاء المخرج، على ان تجري فيما بعد الاتصالات اللازمة بكل من الرئىس عون والرئىس نبيه بري لوضعهم في الصورة النهائية للاتفاق ـ المخرج.

 أزمة حكم جدية

رغم ان الرئيس سعد الحريري عاد عن استقالته، ورغم ان حزب الله قدم إيجابيات للتسوية السياسية، ورغم ان الرئيس الحريري تحدث بلغة معتدلة في تصريحاته، ورغم ان رئيس الجمهورية أدى دورا مهما، وكذلك الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب، فإن لبنان يعيش ازمة حقيقية حول القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء، حتى وان كان برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء كافة والتنسيق مع السلطة التشريعية، وبالتحديد مع الرئيس نبيه بري، وان ازمة حكم فعلية واقعة في القرارات التي يتخذها الحكم.
ان قرار النأي بالنفس في لبنان لا بد من تفسيره وكيف سيطبّق، هل يكون النأي بالنفس عن التدخل في الخليج ومع السعودية ام يكون النأي بالنفس عن إيران او غيرها من الدول؟ والجواب هو ان العالم كله، في ظل العولمة والصراعات الحادة، بات قرية متشابكة مع بعضها بعضاً، بخاصة ان التطور التكنولوجي والالكتروني أصبح يصل الآراء ببعضها عبر التواصل الاجتماعي فباتت الحرب الالكترونية اقوى من الحرب العسكرية. وفي ظل هذه العولمة، وفي ظل مصالح الدول من الصعب جدا النأي بالنفس لتطبيقه كقرار لبناني.
في خطاب السيد حسن نصر الله يقول بصراحة ان حزب الله تلقى أسلحة ودعماً مالياً وصواريخ وذلك لردع أي عدوان إسرائيلي على لبنان، والدور الإيراني في دعم المقاومة، وكذلك الدعم السوري لها. ونضال المجاهدين في حزب الله أدى الى تحرير الجنوب وإلحاق الهزيمة سنة 2006 في الحرب الإسرائيلية على لبنان.
والسؤال هو : كيف يتم النأي بالنفس ويتم عدم تلقّي دعم مالي وعسكري من ايران او من سوريا من جانب المقاومة، في ظل احتمال ان تقوم إسرائيل في أي لحظة بالعدوان على لبنان، ومن يضمن إسرائيل في عدم قيامها بشنّ حرب او عملية عسكرية ضد لبنان؟
واذا نظرنا الان الى ما يحصل في الأشهر الماضية، فاننا نرى ان سوريا جرت فيها حرب كبرى منذ 6 سنوات وحتى الان، وأصبحت المدن والقرى السورية شبه مدمّرة. ومع ذلك فلا نسمع الا ان إسرائيل قامت بغارات جوية على سوريا وعلى مراكز عسكرية في سوريا تعتبرها إما للجيش السوري او لحزب الله، في الوقت الذي يقوم فيه الجيش السوري وحزب الله بالقتال ضد الإرهابيين والتكفيريين، وهذا لا يشكل أي خطر على الامن في إسرائيل، كي تقوم بغارات جوية على سوريا وعلى مراكز عسكرية للجيش السوري او لحزب الله، اللذين يقاتلان الإرهاب، ومع ذلك يقوم العدو الإسرائيلي بالغارات، ومنذ 4 أيام قصف بصواريخ ارض ـ ارض مراكز عسكرية في سوريا.
واذا كان المقصود بالنأي في النفس ان يكون عدم تدخل حزب الله في دول الخليج او في سوريا او غيرها، فان لبنان كان معرّضاً للارهاب، وقام الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بمحاربة التنظيمات الإرهابية وخلاياها، كما قام حزب الله بضرب الإرهاب وضبط خلايا إرهابية تريد تفجير سيارات وانتحاريين يريدون تفجير انفسهم في مراكز ضد حزب الله ومؤسساته او ضد المدنيين.
ولا يستطيع حزب الله ان يرى مؤامرة تريد الإطاحة بالنظام السوري ولا يتدخل عسكرياً، لان سقوط النظام السوري المقصود منه ضرب دولة عربية لم توقع اتفاقاً مع إسرائيل وقامت بدعم المقاومة، وهي الجمهورية العربية السورية.
كذلك بالنسبة الى العراق، يرى حزب الله انه من الضروري ارسال كوادر وقادة لمحاربة التنظيمات الإرهابية، بخاصة مثل تنظيم داعش الذي يدّعي الخلافة ويقوم بعمليات إرهابية ويدمّر المدن ويذبح الأبرياء تحت عنوان الخلافة الإسلامية وتفسير غير صحيح للدين الإسلامي الحنيف فيما الإسلام هو دين التسامح، وهو دين يدعو الى خوف الله والغفران.

اطلاق تغريدات تحرض على الفتنة

هذا بالنسبة الى حزب الله وسلاحه، اما بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري والطائفة السنيّة، فإن السعودية تعتبر نفسها شريكة في القرار اللبناني، وهي تتدخل في لبنان، ولا يمكن اعتبار ان الرئيس سعد الحريري زار السعودية، بل ان وجوده في السعودية مدة 14 يوما لم يكن امراً طبيعياً، وكذلك استقالته في السعودية. وظهر للجميع ان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو الذي فرض هذه الاستقالة، وحاول ابدال الرئيس سعد الحريري بشقيقه السيد بهاء الحريري.
واذا كان المطلوب ان لا يتدخل أي حزب في لبنان في شؤون الخليج ودول الخليج التي تصف هذا التدخل بأنه إرهابي وتدعمه ايران، فان مكوّنات لبنان المذهبية والطائفية تجعله على ارتباط كبير بالدول العربية والإقليمية. فعلى مدى شهرين، قام الوزير السعودي ثامر السبهان بإطلاق تغريدات تحرّض على الفتنة في لبنان وتطلب من الشعب اللبناني محاصرة حزب الله والمقاومة في لبنان.
ثم تدخلت السعودية واستدعت رئيس الحكومة اللبنانية الرئيس سعد الحريري، واتخذ رئيس الجمهورية قراراً سيادياً وتدخلت دول كبرى، مما أدى الى عودة الرئيس الحريري الى لبنان عبر باريس ورجوعه عن الاستقالة.

هل يستطيع الحريري الرد على الجبير؟

المطلوب النأي بالنفس طبعاً عن التدخل في شؤون دول الخليج، لكن تم الاتفاق على تسوية واعتماد قرار النأي في النفس. ومع ذلك، قام وزير الخارجية السعودي عادل جبير بالتصريح ان القطاع المصرفي في لبنان هو قطاع يقوم بتبييض أموال حزب الله. وهذا التصريح يضرب مصداقية القطاع المصرفي ويؤدّي الى ضرب الاقتصاد اللبناني، فهل يستطيع مجلس الوزراء الردّ على وزير الخارجية السعودي عادل جبير، وبالتحديد الرئيس سعد الحريري؟
والجواب على الأرجح انه لن يصدر تصريح عن الرئيس سعد الحريري، او عن مجلس الوزراء ضد تصريح وزير الخارجية السعودي عادل جبير، لان علاقة الطائفة السنيّة مع السعودية هي علاقة تاريخية ودينية، وتستند الى الشريعة الإسلامية السنيّة في السعودية وفي لبنان.
كذلك، فان الدستور اللبناني لم يُكتب في لبنان بل تمت كتابته في السعودية، طبعاً بإرادة من النواب اللبنانيين، ولكن في ظل التدخل من الديبلوماسي الأميركي ديفيد ساترفيلد وتدخل وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل يومذاك، وتدخل عبد الحليم خدام من سوريا في شأن دستور الطائف.
وقام السفير الأميركي بإعطاء ضمانات الى قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لدعم اتفاق الطائف. كذلك قام السفير الأميركي والدكتور سمير جعجع بإقناع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير بالموافقة على اتفاق الطائف في ظل ضمانات أميركية بالتسوية في لبنان. واذا كان تدخل السفير الأميركي وموافقة الدكتور سمير جعجع والبطريرك صفير على دستور الطائف، فان الهدف كان التخلص من رئيس الحكومة الانتقالية يومذاك العماد ميشال عون.
هل استطاع العماد ميشال عون تطبيق مبدأ النأي في النفس، عندما كان رئيس الحكومة الانتقالية، ام كان على تنسيق مع فرنسا وعلى اتصال مع الرئيس صدام حسين؟
وحصل صراع بين شرعيتين : شرعية الحكومة الانتقالية وشرعية انتخاب الرئيس الياس الهراوي. وبالنتيجة، هل حصل لبنان على النأي بالنفس؟ طبعاً لم يحصل على النأي بالنفس، لان الجيش السوري قام بمهاجمة قصر بعبدا ووزارة الدفاع وانتشر في المناطق وفرض تنفيذ اتفاق الطائف، رغم انه لم يتم اجراء حوار بين شرعية رئيس الحكومة الانتقالية يومذاك العماد ميشال عون ورئيس الجمهورية المنتخب الياس الهراوي من النواب اللبنانيين. كما ان الشعب اللبناني لم يطلع على دستوره الذي خضع له وتم وضعه في السعودية.
وكيف يستطيع لبنان النأي بالنفس عن حرب إسرائيلية وعدوان قام به الجيش الإسرائيلي باجتياح لبنان واحراق العاصمة اللبنانية ولم تتحرك الدول لحماية لبنان، تحت عنوان ان العدو الإسرائيلي يريد إزالة المنظمات الفلسطينية من الجنوب، فيما كان العمل الفعلي للعدو الإسرائيلي هو تصفية القضية الفلسطينية خطوة بعد خطوة، سواء في لبنان او عبر اتفاقات سلام فرضتها الولايات المتحدة على أنظمة عربية لخدمة إسرائيل.

نحن في فترة زمنية خطيرة

نحن اليوم في فترة زمنية خطيرة، فالامم المتحدة سقطت وسقط معها مجلس الامن، ذلك ان الولايات المتحدة قررت شنّ حرب على العراق، ولم تستطع الحصول الا على 9 أصوات من اصل أعضاء مجلس الامن وعددهم 15 دولة، ونظام مجلس الامن ان الدول الخمس الدائمة العضوية فيه لها حق الفيتو على أي قرار يمسّ الأمن في العالم. ومع ذلك، لم ينل الرئيس جورج بوش الا 9 أصوات ووضعت فرنسا وروسيا والصين فيتو على القرار الأميركي بمهاجمة العراق، ورغم ذلك لم تهتم اميركا بقرار مجلس الامن وشنت الحرب على العراق
نحن اليوم امام هيئة أمم متحدة لا مصداقية لها، في ظل عدم قدرة مجلس الامن على تنفيذ قراراته. والدليل على ذلك، ان كل قرارات مجلس الامن في العالم العربي والمجلس العربي تمنع الولايات المتحدة مجلس الامن والأمم المتحدة من تنفيذ قراراتها الدولية، فيما الكيان الصهيوني يستبيح المنطقة منذ 70 سنة، وسبّب اكبر دمار لاكثرية الدول العربية، وشرّد شعب فلسطين، وفي لبنان نصف مليون لاجئ فلسطيني، وفي ظل سقوط مجلس الامن والأمم المتحدة ليس هنالك من ضمانة للبنان.

سقوط الجامعة العربية

كذلك سقطت الجامعة العربية ولم تعد فاعلة، كما ان منظومة تحالف دول الخليج سقطت. والدليل على ذلك حياد الكويت ومحاصرة السعودية ودولة الامارات والبحرين ومصر لقطر. فالهيئات الدولية الضامنة للسلام والامن في العالم سقطت، سواء الأمم المتحدة ام الجامعة العربية حيث تشترك الدول العربية فيها وتحل خلافاتها. لكن الجامعة العربية سقطت، كذلك فان منظومة اتحاد دول الخليج سقطت أيضا، ولذلك لم يعد هنالك من ضمانة للبنان، كي يستطيع النأي بالنفس في ظل صراعات إقليمية كبرى.
يوم الأربعاء القادم اذا اعلن الرئيس الأميركي ترامب الاعتراف بأن القدس المحتلة هي عاصمة إسرائيل، فكيف يستطيع لبنان النأي بالنفس، اذ ستنتفض المخيمات الفلسطينية وعدد سكانها نصف مليون، إضافة الى ان الشارع الإسلامي السنّي والشيعي سيقوم بمظاهرات كبرى ضد الولايات المتحدة. فيما تربط لبنان علاقة قوية بواشنطن ويقوم الجيش الأميركي بإرسال أسلحة الى الجيش اللبناني ويتعهد تدريبه ويزوّده بالعتاد. فماذا سيفعل لبنان كي يقوم بالنأي بالنفس، في ظل قرار الرئيس ترامب اذا نقل السفارة الأميركية الى القدس واعتبر القدس المحتلة عاصمة إسرائيل؟

شعار لبنان أولاً

اما الشعار الذي رفعه الرئيس سعد الحريري «لبنان أولا» فكيف يمكن تطبيقه؟ فالقرار السنّي في لبنان كان على مدى 30 سنة اثناء الوجود السوري في دمشق، وكانت الولايات المتحدة موافقة كلياً على النفوذ السوري في لبنان، وحتى دول أوروبية. وعمل جاهدا الرئيس الشهيد رفيق الحريري على بذل جهود لتوافق سوري ـ سعودي بشأن قرار الطائفة السنيّة في لبنان وهل يكون القرار في السعودية ام في دمشق ام في بيروت، ومع ذلك لم يستطع إيجاد حل.
اما اليوم فيقول الرئيس سعد الحريري ان لبنان أولا، والسؤال المطروح على الرئيس سعد الحريري وهو الزعيم السنّي الأقوى في لبنان، وهو انه ما دام الرئيس سعد الحريري خسر الكثير من الثقة والأوراق في السعودية وهو على خصومة مع النظام السوري، ولا يقبل أي علاقة رسمية بينه ومجلس الوزراء معه وبين التفاوض او الاتصال بقيادة الرئيس بشار الأسد ونظامه السوري. ونكرر السؤال : اين سيكون «لبنان أولا» وقرار الطائفة السنيّة الكريمة، هل يكون القرار السنّي في السعودية، هل يكون في بيروت، هل يكون في دمشق، هل يكون في باريس أم واشنطن؟
المطلوب ان يكون قرار الطائفة السنيّة في لبنان، وان لا تفرض السعودية وصايتها على الطائفة السنيّة، رغم العلاقة التاريخية منذ اكثر من 60 عاماً بين السعودية ولبنان وبين السعودية والطائفة السنيّة بخاصة.

قرار الطائفة السنية في السعودية

لن يستطيع الرئيس سعد الحريري تطبيق شعار «لبنان أولا» ووضع القرار السنّي، قرار الطائفة السنية في لبنان لان القرار الفعلي للطائفة السنيّة مهما حصل هو في السعودية. وكيف سيحكم الرئيس سعد الحريري رئاسة مجلس الوزراء في ظل احتراق أوراقه في السعودية، او معظمها، وفي ظل خصومة مع النظام السوري برئاسة الرئيس بشار الأسد، وكيف يفعل في ظل الصراع الإيراني ـ السعودي القوي جداً؟
شعار «لبنان أولا» والنأي بالنفس يصعب جدا تطبيقه، فإسرائيل تهدد في أي لحظة بشنّ حرب عدوانية على لبنان. والمقاومة بحاجة الى عتاد عسكري ودعم مالي من ايران في الدرجة الأولى، ومن سوريا في الدرجة الثانية، وهي تلقت صواريخ، على سبيل المثال كورنيت ـ اس المضاد للدروع والفعال. ونحن لا نعلم مصدر امتلاك حزب الله لصاروخ كورنيت ـ اس المتطور والجديد والذي يستطيع تدمير الدبابات الإسرائيلية. ولذلك، من الصعب النأي بالنفس عن العلاقة بين حزب الله وسوريا وايران وقتال حزب الله الى جانب الجيش السوري ضد الإرهابيين، في ظل احتمال شن عدوان إسرائيلي في أي لحظة ضد لبنان، في الوقت الذي سقط مجلس الامن ومنظومة الأمم المتحدة ولا يستطيعان تنفيذ قراراتهما وبخاصة في شأن إسرائيل.
كذلك لا يستطيع لبنان النأي بالنفس في ظل سقوط الجامعة العربية وعدم فاعليتها، ولا يستطيع لبنان النأي بالنفس عن الصراع الإيراني ـ السعودي. واذا كان حزب الله قد تم اتهامه بخلية العبدلي في الكويت، وبالتدخل في الخليج، فهذا ما لا نقبله. لكن من ارسل عشرات الآلاف من التكفيريين الى سوريا عبر تركيا والى لبنان عبر السعودية وتركيا ودول خليجية، وذلك لاسقاط النظام السوري؟ ووصل هذا الإرهاب الذي ارسلته السعودية، عبر دعمها للمنظمات الإسلامية المتطرفة، الى لبنان. فهل تدخلت السعودية في لبنان وفي سوريا مباشرة ام لا، وهل دفعت السعودية مليارات لاسقاط النظام السوري وقاد الحرب الأمير بندر، إضافة الى قيام السعودية بإقامة غرفة عمليات في الأردن وتنسيق مع السعودية لإرسال التكفيريين والإرهابيين لتدمير العراق واسقاط النظام السوري وانتشار الإرهاب في لبنان.

لماذا أرسلت السعودية ودول الخليج آلاف التكفيريين الى لبنان وسوريا والعراق؟

فلماذا أرسلت السعودية ودول الخليج عشرات الالاف من التكفيريين الى لبنان وسوريا والعراق وقامت بتمويلهم وبتسليحهم؟ والان تريد منا ان يقوم الشعب اللبناني بتأديب المقاومة التي قاتلت إسرائيل. واذا كانت السعودية لا تريد سلاح حزب الله او اميركا او أوروبا، فمن يقوم بردع إسرائيل عن شنّ عدوان على لبنان كما حصل في السابق، وبخاصة عام 1982، عندما اجتاح جيش العدو الأراضي اللبنانية حتى وصل الى مدينة جبيل والبترون، يعني من اقصى حدود لبنان مع فلسطين المحتلة الى ثلثي الأراضي اللبنانية، ولم تقم الأمم المتحدة ولا دول العالم بضمانة الدولة اللبنانية ومنع العدوان الإسرائيلي.

قرار مجلس الوزراء شكلي ولفظي

ان النص الذي سيصدر عن مجلس الوزراء في شأن النأي بالنفس لا يمكن تطبيقه، وهو قرار شكلي ولفظي، انما يجب ان يقوم رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس الوزراء والقوى السياسية كافة وبمشاركة رئيس مجلس النواب وعبر الاتصال مع حزب الله بدراسة تنفيذ كيفية النأي بالنفس، وان على الرئيس سعد الحريري ان يدرس تماما شعاره «لبنان أولا». فاذا كان المطلوب من الطائفة الشيعية ان يكون قرارها في بيروت وليس في طهران، فالمطلوب أيضا من الرئيس الحريري كالزعيم الأقوى في الطائفة السنيّة ان يجعل قرار الطائفة السنيّة في بيروت لا في السعودية ولا في غيرها، فهل يستطيع ذلك هو وحزب الله؟
الحرب تشتعل في كل المنطقة، صراع إقليمي خليجي بين ايران والسعودية، حرب في اليمن بين السعودية والامارات وتحالفاتها ضد اليمن، وفي المقابل دعم ايران للحوثيين في اليمن، وفي العراق حرب ضد القوى التكفيرية بدعم إيراني وأميركا موافقة على هذا الامر. لكن مدير المخابرات الأميركية ارسل رسالة الى اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس يقول له ان واشنطن لن تتدخل في النفوذ الإيراني في العراق، لكنه يقوم بتحذير اللواء قاسم سليماني من القيام بأي اعتداء على المصالح الأميركية في العراق. إلا ان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني رفض تسلّم رسالة مدير المخابرات الأميركية.

المقررات ستبقى دون تنفيذ إذا لم يتم الاتفاق بين القوى الأساسية والمقاومة

نتمنى ان يصدر مجلس الوزراء المقررات برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ونأمل خيرا من عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته، ونحن مرتاحون جدا لعودة حكومة الوحدة الوطنية، لكن هذه الحكومة مسؤولة عن دراسة إمكانية تطبيق المقررات التي ستصدر عن مجلس الوزراء قبل إصدارها، لانها ستبقى دون تنفيذ ما لم يتم اتفاق فعلي بين القوى السياسية الأساسية كافة في لبنان والمقاومة أيضا تحت رعاية رئيس الجمهورية بوضع ما يأتي :
1 ـ سياسة لبنان الخارجية والاسس التي ترتكز عليها.
2 ـ سياسة لبنان الدفاعية، وهل يستطيع الجيش اللبناني ردع العدوان الإسرائيلي وحده ام ان أسلحته لا تسمح بذلك، وبالتالي فان لبنان يحتاج الى سلاح المقاومة لردع إسرائيل، من خلال الصواريخ البعيدة المدى مقابل استعمال إسرائيل لسلاحها الجوي الحربي، في وقت لا يمتلك الجيش اللبناني أي وسيلة بأي شكل من الاشكال لمنع غارة جوية إسرائيلية واحدة، ذلك ان دول أوروبا وأميركا وحتى روسيا ترفض ان تبيع لبنان منظومة دفاع ارض ـ جو متطورة.
3 ـ وضع سياسة اقتصادية واضحة للنهوض بالاقتصاد اللبناني من خلال دعم القطاع الزراعي والصناعي والتجاري ومن خلال إعفاءات ضريبية وتأمين سيولة من مصارف تحت اشراف مصرف لبنان المركزي كي يستطيع قطاع الزراعة الاستمرار، وكي يستطيع قطاع الصناعة الاستمرار وكي ينهض القطاع التجاري وتحصل حركة تجارية قوية داخل لبنان وخارجه، عبر تصدير المنتوجات اللبنانية الى العالم العربي وأوروبا، وحتى الى اميركا وكندا.
4 ـ إعطاء الحرية الى وسائل الاعلام ضمن القوانين اللبنانية لان الحرية في ظل الاعلام الموجّه تكون حرية شكلية ويؤدّي الاعلام الموجّه الى زرع الفتنة وضرب الاستقرار السياسي والشعبي في لبنان.
5 ـ علاقة الشعب اللبناني مع الحكم، فاللبنانيون يرون ان أكثرية الزعماء السياسيين في لبنان والمسؤولين انخرطوا في الفساد، وهنالك ثروات طائلة أصبحت في حسابات مسؤولين وقادة أحزاب ووزراء وغيرهم. وفي ظل هذا الفساد، يحصل العجز في الموازنة اللبنانية ويغرق الشعب اللبناني تحت خط الفقر، حتى ان عائلات لبنانية أصبحت تجوع ولا من يساعدها. فيما اذا تم ضرب الفساد في لبنان مع إعطاء روحية للإنسان اللبناني في نظرته الى دولته، فان الشعب اللبناني مبدع في ظل جو ديموقراطي وحريات وقوانين وباستطاعة الشعب اللبناني النهوض باقتصاده وحصول نمو اقتصادي كبير جدا.

كيف يتم النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية للبنان؟

6 ـ عدم اتخاذ قرار بالنأي بالنفس وتطبيق شعار «لبنان أولاً قبل دراسة تفاصيل تطبيق كيفية النأي بالنفس وكيفية تطبيق شعار «لبنان أولا» ، ووضع الآلية لهذين الامرين بالتفاصيل الدقيقة، كيف يتم النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية للبنان وكيف يمكن تطبيق شعار «لبنان أولا» في وقت تشتعل المنطقة كلها بحروب وإسرائيل منذ 70 سنة؟ وحتى الان اغتصبت فلسطين واغتصبت الضفة الغربية وضمت الجولان وشرّدت شعب بكامله وتقوم بالمجازر ضد الشعب الفلسطيني. وفي الوقت ذاته، يقع صراع يمني ـ يمني بين شرعية اعتبرتها السعودية انها تحت نفوذها، وبين انقلاب على هذه الشرعية من قبل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح والحوثيين، ثم حصول انقسام بين صالح والحوثيين، وتقوم السعودية بمحاصرة مناطق يسكنها 20 مليون يمني ولا يصل الدواء والغذاء لهم ويموت المدنيون والأطفال بسبب الحصار. كذلك نحن لا ننفي ان الحوثيين وجماعة صالح قاموا أيضا بضرب مدنيين وسجنهم دون مبرر، واعتقال أي معارض لهم. وكذلك لا يمكن لاحد ان ينفي ان السعودية قررت شن حرب عسكرية على اليمن هي عاصفة الحزم، ولم تحترم دولة عربية لها تاريخ وحضارة كبيرة هي الجمهورية اليمنية العربية. فالسعودية تاريخيا وحتى الان لا تقبل دخول اليمن الى اتحاد دول الخليج، وفي الوقت ذاته تعتبر اليمن جزءا من امن الخليج وتريد اخضاع اليمن لها. فكيف ترفض السعودية دخول اليمن اتحاد دول الخليج وفي الوقت عينه تريد ان يخضع اليمن لها؟

الديار - شارل ايوب 

  • شارك الخبر