hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - نبيه البرجي

سوق الإغتيالات

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 07:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

النأي بالنفس أن نتعامل مع أبي بكر البغدادي مثلما نتعامل مع... هيفاء وهبي!!
اعتدنا منذ الميثاق الوطني عام 1943، الى معادلة لا غالب ولا مغلوب عام 1958، وصولاً الى اتفاق الطائف عام 1989، ومن ثم الصفقة الراهنة، أن نحترف لعبة الأقنعة.
مثلما هي خلاقة اللغة العربية، وأنا أرى فيها الايقاع الالهي حتى ولو ترعرعت على ظهر ناقة، هي فضفاضة أيضاً. يمكن أن تأتي الينا بتلك الصيغة السحرية حول مصطلح «النأي بالنفس»، كما لو أن الحدود بين دولنا لم تتساقط بفعل ذلك الزلزال الايديولوجي الذي صنعته أجهزة استخبارات قبل أن يهدد بابتلاع دول بقضّها وقضيضها.
قلنا حتى اللغة، بكل بهائها، نستدرجها الى ارتداء القناع. المرأة التي هي معجزة الله الأولى ( أنا من القائلين أن آدم خلق من ضلعها. هنا لاحظوا منذ متى ظهرت تقنية الاستنساخ ) ، نكاد نضع البرقع على وجهها.
الان، التعبير الشائع «ما بعد الحقيقة»، أي ما تفعله مواقع التواصل في تسويق الحقيقة الأخرى، ضمناً اللاحقيقة. وضعنا سريالي الى الحد الذي يجعلنا لا نعثر على الكلمة الملائمة. للمثال، الرئيس سعد الحريري مضطر للقول انه كان يؤدي مناسك الحج في البلاط السعودي. من قال أن التطواف حول الكعبة أقل قداسة من الوقوف في الطابور بين يدي صاحب الجلالة؟
تعلمون أي دور فذ اضطلع به الرئيس ميشال عون ليس فقط لانقاذ الرجل، بل ولانقاذ لبنان. ثمة عبارة «طنجرة المردة»، أي الوعاء الذي يضع فيه القراصنة أشياءهم القذرة.
شيء ما يشبه طنجرة المردة ، السيناريو الذي أعده الوزير ثامر السبهان مع شخصيات وجهات لبنانية طعنت سعد الحريري في الظهر بالسيف لا بالخنجر. البيان الذي تلاه عبر قناة «العربية» بالاستقالة من رئاسة الحكومة انما كان بياناً بالاستقالة من الحياة السياسية، وربما من الحياة العامة.
ألم يقل هذا قلب السيدة بهية الحريري حين شاهدت ابن شقيقها وهو يتلو البيان من داخل الزنزانة؟
اولئك القتلة الذين أظهروا مكيافيلية هائلة (من هو بروتوس اللبناني؟). أبلغوا السبهان موافقتهم على تنصيب بهاء الحريري، وبالطريقة القبلية اياها, ملكاً على تيار المستقبل، بل وملكاً على الطائفة السنية، لتكون المواجهة في الشارع، وربما في الخندق، مع «حزب الله» ما دام هناك من هو جاهز للخروج، مرة أخرى، من كهوف تورا بورا.
اولئك الذين فتح أمامهم سعد الحريري الأبواب، وخلع عليهم المقاعد النيابية والوزارية، وأعتقهم من السلاسل، وبدد ثروته عليهم، وعلى عنترياتهم، باعوه بثلاثين فضة، وقبل صياح الديك.
مثلما أثبت الجنرال انه بمواصفات القائد التاريخي، وقد التف حوله حلفاء الأبد لا حلفاء اللحظة، بدا وليد جنبلاط رائعاً حين رفض التواطؤ، وحين استشعر الى أين يمكن أن تفضي تلك الخطة الجهنمية. ولكن هل هو مقتنع، فعلاً، بأن بهاء بعث بسكرتيره اليه دون علم اولياء الأمر في المملكة. انها البراغماتية يا وليد بيك ؟ «ربك وحاكمك».
هذا لا يعني أن العيون الحمراء، العيون العرجاء، ستقفل. الاتصالات بين اجهزة الاستخبارات اياها والاستخبارات الاسرائيلية «شغالة» على كل الخطوط. الآن، وأكثر من أي وقت آخر، يمكن أن يفتح سوق الاغتيالات من أجل تفجير لبنان بطريقة اخرى بعدما أخفقوا في تفجيره عبر ذلك السيناريوالذي وضعته أدمغة أقرب ما تكون الى أدمغة الذباب.
حتى أن جيفري فيلتمان (وما ادراكم ما جيفري فيلتمان !) فوجىء بتلك اللحظة العجائبية التي اتحد فيها السنّة والشيعة بعدما ظهرت أمامهم أي احتمالات كارثية تقف وراء الباب.
أكثر من مرة، تحدثنا عن «اوديسه الغباء». البعض صدم بالنتائج فاختبأ وراء الزجاج. البعض الآخر ما زال يراوغ بهلوانياً لغسل يديه كما لو أنه لا يعلم أن لدى الآخرين كل التفاصيل حول ما فعلت يداه، وان كانت ثقافة الصفقة، لا ثقافة التسوية، هي التي تتحكم بالمسار الفلسفي للتركيبة اللبنانية.
ولأنها «اوديسه الغباء», ها هم يراهنون على كلام أميركي بأن الأزمة السورية طويلة، وبأن ادارة دونالد ترامب لن تقبل بأي تسوية الا اذا كان بنيامين نتنياهو شريكاً فيها، ويقلب قواعد اللعبة.
الأيام التي زعزعت بيت الوسط ستبقى ترخي بظلالها على المشهد. سقط الرهان على «دولة الرئيس بهاء الحريري». ماذا عن سعد الحريري ؟ يحدّق في داخل الجدران، ما وراء الجدران. بالعين المجردة يرى الأشباح!
 

  • شارك الخبر