hit counter script

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني

حزب الله جاهز وسيطمئن الجميع... "مصلحة لبنان تهمه اولا"

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 07:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

يبدو أنّ المملكة العربية السعودية لا تريد أن ينأى «حزب الله» بنفسه عن صراعات وحروب دول المنطقة، وتحديداً عن أزمتي سوريا واليمن فقط، إنّما تسعى الى حثّ الدول الكبرى على ضرورة «نزع سلاحه»، وكأنّ موضوع سلاح الحزب ليس شأناً لبنانياً داخلياً، وما تُطالب به لا يُعتبر تدخّلاً في الشؤون الداخلية لدولة عربية شقيقة، أو كأنّه يُهدّد الأمن الإقليمي والدولي، فيما تسكت عن السلاح النووي الذي تملكه إسرائيل وتُهدّد به دول المنطقة.

فوزير الخارجية السعودي لم يخجل في كلمته في منتدى الحوار المتوسطي في العاصمة الإيطالية روما، من القول بأنّ الحلّ في لبنان هو سحب سلاح «حزب الله»، وكأنّ لبنان بلده أولاً، أو أنّ هذا البلد يُعاني من أزمة وينتظر من يُقدّم له الحلول، لا سيما وأنّه ادّعى أنّ «الحزب استخدم المصارف اللبنانية من أجل تهريب المخدرات والأموال» في الوقت الذي لا تُعاني فيه المصارف في الواقع من أي مشكلة مالية أو إقتصادية، والقاصي والداني يعلم الوضع الجيّد للمصارف في لبنان، ومقدار التضييق على الحزب من قبل هذه الأخيرة.
وأشارت أوساط ديبلوماسية عليمة بأنّ ما ورد في كلمة الجبير عن لبنان، أظهرت أنّ السعودية هي التي نصّت بيان استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، لا سيما وأنّ وزير خارجيتها كرّر ما ورد فيه عن أنّ لبنان مختطف من دولة أخرى من خلال جماعة إرهابية وهي «حزب الله» (وقد جرى استخدام عبارة «دولة داخل الدولة» في بيان الإستقالة)، وأنّ «إيران تواصل التدخّل في شؤون غيرها من الدول»، على ما جاء في البيان».
ليس هذا وحسب، فالسعودية ماضية في تصنيف «حزب الله» بالجماعة الإرهابية، رغم علمها بأنّ خلق صراع جديد في المنطقة بهدف نزع سلاح الحزب لا جدوى منه في المرحلة الراهنة التي تتجه فيها الأزمات نحو التسويات السياسية. كما أنّ هذا الأمر هو شأن داخلي يُطرح على طاولة الحوار متى يحين الوقت لذلك، وعندما تنسحب القوّات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلّها أي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر. وشدّدت على أنّ المطالبة بنزع سلاح المقاومة في الظروف الحالية لا يخدم سوى مصلحة إسرائيل التي لا تتوانى عن تهديد الحزب بشنّ حرب جديدة عليه لكي تُحقّق فيها النصر هذه المرّة بعد أن فشلت أمامه في حرب تموز 2006.
وكشفت الأوساط أنّ الجبير أراد من كلمته هذه إرسال رسالة مباشرة الى الدولة اللبنانية وتحديداً قبل أن تعقد أولى جلسات مجلس الوزراء بعد أزمة استقالة الحريري ثمّ تريّثه عنها، مفادها أنّ المملكة غير راضية عن العودة الى التسوية من دون أن يقوم الحزب بتقديم الضمانات أو بالأصحّ التنازلات، على غرار ما فعل الحريري بهدف إنجاح التسوية التي أدّت الى سدّ الشغور الرئاسي بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وأعادت الحريري الى رئاسة مجلس الوزراء. وقد علّى السقف، على ما قالت، بالمطالبة بنزع سلاح الحزب، لكي ينال من الحزب تأكيد على سحب قوّاته من ساحات المعارك الدائرة في بعض دول المنطقة، فتكون السعودية قد حصلت بذلك على مبتغاها، ما دام السلاح سيبقى في الداخل وبعيداً عنها، وما دامت التطمينات تصلها بأنّ «سلاح الحزب» سوف يُناقش مسألة سلاحه لاحقاً على طاولة الحوار.
لكنّ موقف السعودية هذا سوف يُقحم الرئيس الحريري في المأزق مجدّداً، بحسب رأيها، لأنّه لن يكون «متساهلاً» مع الحزب مع التصعيد السعودي لكي يتماشى موقفه مع موقف المملكة. غير أنّ الحزب جاهز لإصدار موقفه من كلّ ما يجري في المنطقة، على ما شدّدت الأوساط نفسها، سيما وأنّ لا شيء جديداً في كلام الجبير الذي سبق له أن قال مثله في مناسبات سابقة، وفي جامعة الدول العربية عندما جرى استصدار بيان اعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية.
وبناء عليه، فإنّ الحزب سوف يكون متجاوباً مع مطالب الحريري، على ما أكّدت، من خلال إظهار أنّ «مصلحة لبنان تهمّه أولاً»، وأنّ انسحابه من سوريا بات وشيكاً، فضلاً عن أنّه سيلتزم عدم الردّ الإعلامي على مواقف السعودية النارية بل سيلتزم التهدئة، على أن تتوقّف هي بالتالي عن الحملة التي تشنّها ضد «حزب الله» وتودّ إيصالها الى دول العالم، علّه تجري عملية وقف كل موارده ومنابع تمويله المادي والعسكري من إيران، على ما يحصل مع التنظيمات الإرهابية عندما طالب المجتمع الدولي بتجفيف منابع تمويلها لكي تخفّ ممارساتها العدائية تدريجاً. إلا أنّ مثل هذا الأمر لن يحصل. فإيران والحزب يخضعان لعقوبات أميركية مشدّدة ولا يُمكن تشديدها أكثر الآن فقط لأنّ السعودية تُطالب بذلك، ولا إحالتها على مجلس الأمن الدولي بالتالي لأنّ الفيتو الروسي سيكون لها بالمرصاد.
ولهذا فإنّ محاولات السعودية بلفت الأنظار الدولية أكثر تجاه «حزب الله» على أنّه «جماعة إرهابية» لن ينجح، على ما كشفت الأوساط نفسها، كما أنّ مسألة إطلاق الصواريخ البالستية من اليمن باتجاه الرياض لا يُمكن إقحام «حزب الله» أو لبنان فيها. وإذا كان ثمّة حساب بين السعودية وإيران فلتتمّ تصفيته فيما بينهما وليس على حساب لبنان.
وبرأيها، فإنّ الحكومة اللبنانية ستقوم بكلّ ما في وسعها خلال جلسة مجلس الوزراء المنتظرة في الأسبوع المقبل من أجل تطبيق سياسة «النأي بالنفس»، لا سيما وأنّ لبنان يريد استكمال عملية النهوض التي كان قد بدأها منذ انتخاب العماد عون رئيساً، ولن يكون اليوم في صدد العودة الى الوراء كرمى لعيون آي دولة في المنطقة. وسيُبدي الحزب موافقته على المضي قُدماً في العمل الحكومي، والتحضير لإجراء الإنتخابات النيابية التي من شأنها تحديد الأحجام لجميع القوى السياسية في البلد، والتي على أساسها سيُعيد كلّ حزب النظر في حساباته.
 

  • شارك الخبر