hit counter script

الحدث - جوزف القصيفي

لبنان بين المظلة الغربية والتفاهمات المنتظرة

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ليس تفصيلا ان يحرص الغرب ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا على الامن في لبنان بابقائه مستقرا، على الرغم من التناقضات السياسية التي يعيشها بأدق التفاصيل. وليس تفصيلا ان تبادر السفيرة الاميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد الى تحرك سريع في هذا الاتجاه وتعمد الى اتصالات فورية مع ادارتها، ومع رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي وقائد الجيش لحظة تبلغها نبأ استقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من الرياض. فالوضع الراهن لا يسمح بمغامرة سياسية قد تؤدي الى اهتزاز امني كبير نتيجة اي موقف يتجاوز السقوف القائمة التي تعتبرها واشنطن مقبولة على الرغم من موقفها من "حزب الله" ودوره.

وقد تقاطع الموقف الفرنسي مع النظرة الاميركية للوضع الداخلي، وتضافرت جهود البلدين لابعاد فتائل التفجير الاقليمي عن لبنان في اللحظة التي تواجه سوريا تحولات ميدانية وسياسية.
فهناك ما تخشى واشنطن وباريس منه. فالاولى تقف الى جانب الجيش اللبناني وتزوده بالسلاح والخبرات ليقوم بدوره في مواجهة الارهاب وحماية الاستقرار، ولا تريد ان يختل التوازن القائم ولو هشا. والثانية تخشى تأثير التداعيات على وضع وحداتها العاملة في اطار قوات الطوارئ الدولية في الجنوب وتشاطرها سائر الدول التي تشارك وحدات من جيوشها في هذه القوات الخشية نفسها.
الى ذلك، فإن ألمانيا تلمست هذا الخطر من باب اي تطور قد ينعكس على وضعية النازحين السوريين، حيث تتوجس ان تتفلت وتأخذ منحى تطاول شراراته الدول الاوروبية، خصوصا تلك المطلة على حوض البحر الابيض المتوسط، ومنها الى عمق القارة العجوز. يضاف الى ذلك امكان استغلال التنظيمات الارهابية اي فوضى سياسية قد تنشأ، او اي ازمة حكومية تنذر بشلل تام يلف مرافق الدولة، لإيقاظ الخلايا النائمة حيث توجد، فتتهيأ لها اسباب الانقضاض المفاجئ وغير المحتسب.
من هنا يسعى الغرب لبسط مظلة حماية فوق لبنان وعدم تركه فريسة التجاذبات.
ولكن هذا الحرص غير كاف، اذا لم يدعم بتفاهم داخلي بين المكونات اللبنانية الرئيسة على اختلافها. وهذا ما يسعى اليه الغرب من خلال متابعة دؤوب للمشاورات الجارية لاستيعاب استقالة الرئيس الحريري، ومواكبة المواقف النوعية لرئيس الجمهورية، ومحاولة حشد اوسع تأييد له، عبر ايجاد منظومة حماية لها وتثميرها في مبادرات لتبديد التشنج والعودة الى المربع الاساس، اي اعادة اطلاق المسار الحكومي ولو بحد ادنى من التضامن لتقطيع المرحلة بخسائر غير فادحة، خصوصا بعد بروز مخاوف جادة حول الوضعين المالي والاقتصادي. وهذا ما يفسر شمول حاكم مصرف لبنان بالاتصالات العاجلة التي اجرتها السفيرة الاميركية.
والسؤال المطروح اليوم: هل يكفي الحرص الدولي عموما والغربي على وجه التحديد للقول ان لبنان تجاوز الازمة؟
في الواقع ان ثمة مسؤولية كبرى تقع على القوى اللبنانية، ولاسيما الرئيسة لوعي خطورة المرحلة والبدء جديا في صوغ تفاهمات مستوحاة من روحية البيان الوزاري للحكومة ليكون لهذه المظلة التأثير المرتجى. فرئيس الجمهورية اجرى مشاورات بانية يأمل في تثمير نتائجها، ولكن العبرة في التفاصيل التي غالبا ما يكمن فيها الشيطان.
على ان فسحة الامل تظل ماثلة اذا اتحدت الارادات وصفت النيات.

جوزف القصيفي

 
  • شارك الخبر