hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ذكريات من رحلة التيتانيك المشؤومة من زغرتا

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 10:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مرّ وقتٌ طويلٌ قبل أن يُكتشف حُطام التيتانيك في قعر المحيط الأطلسي، بمحض المصادفة، على يد بعثة مشتركة للبحرّيتين الأميركية والفرنسيّة، عام 1985 . 

وكانت البعثة تُجري إختباراتٍ تحت الماء على الفيديو، وعلى تجهيزات السونار لإغراضٍ عسكرية .

وقد أفادني الأب روفائيل جبران، فيما مضى، أن سعادة حنّا نصر، من مزرعة النهر، كان مّمن قضوا نحبهم فيها. كما أفادني بأن أربعة من قريته سرعل كانوا في عداد اللبنانيّين الذين كانت تقلّهم السفينة ولم يحالفهم الحظّ في الإنقاذ وهم: باخوس رفول، وسلطانة إبراهيم مجلّي وابنها فرج. وابنتها التي كانت لا تزال عروساً، ولم يحضره إسمها ( وقد وردت أسماؤهم في سجلاّت رعيّة سرعل على انهم ماتوا في البحر، دون ذكر لإسمَيْ إبن سلطانة وإبنتها، انما اكتفي بتدوين سلطانة وأولادها).

وفي لائحة المسافرين الذين تمّ انقاذهم ترد من سرعل أسماء مخائيل رزق المعروف بمايكل بياترو، وزوجته كاترين وابنتهما حنّة ANNA. وقد تناهت اليّ لاحقاً حكاية عن عائلة من سرعل غرقت على متن السفينة المشطورة. وكانت العائلة المذكورة قد شرعت في بناء بيت حجري جميل فيها مّما غنمته من بيع الكشّة في أميركا. لكن نفاد ما كانت رصدته من مال لعماره، حمل افرادها على التفكير بالعودة الى أميركا، سعياً لكسب المزيد من الدولارات مّما يتيح لها إكمال عمار منزلها.

وقد استقلّ أفرادها التيتانيك في تلك الرحلة المشؤومة، وكان مصيرهم في قلب المياه الباردة التي إبتلعت حطام الباخرة.إلاّ أن الدكتور فريديريك معتوق الذي زودني بهذه المعلومات عاد بعد سنوات وتراجع عنها بوضعها في خانة الأخبار المتداولة عن غرق التيتانيك، المفتقرة الى الدقّة، وغير المنطبقة، لا على المدوّنات الكنسيّة المحلّية، ولا على سجّلات شركة "وايت استار لاين"

وينفطُر القلب أسىً حين تقع العينُ على قصيدةِ التيتانيك. وهي قصيدةٌ من 50 بيتاً كانت وضعت رثاءً للّذين غرقوا على متنها من حردين، ويتجاوز عددُهم الثلاثين شخصاً على ما هو شائع. لاسيّما حين يعلم قارئُها ان عروساً رفضت أن تنجو بجلدها وتترك عريسها، وآثرت ان لا تنزل في الزورق، وان تشارك الذي إختارها لتكون شريكة حياة، الموت وهما متعاتقين. من هذه القصيدة:

وعروسٌ إذْ للنجاة دعوها رفضت رحلة النجاةٍ الحزينه
ورأت أن تذوق موتاً زؤاماً وحبيباً يذوب عطفاً ولينا
فبتلك الفتاة "حردين" تسمو بمثالٍ للودِّ والعاشقينا
وعلى المجوز الشبابُ تهادوا يدبكون بموتهم مُحتفينا
ما نجا الاّ واحدٌ وعليه جَلَسَت نسوةٌ بهنّ إستعينا
فتخفىّ بثوبهنَّ عساهُ ناجياً ربّما لهم مُعينا ...
وتنّورين وتحوم المنكوبتيّن هما ايضاً كان لهما حصّتهما من المراثي. والتيتانيك حكاية تطول .
 

"محسن أ يمين"

  • شارك الخبر