hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - د. عامر مشموشي - اللواء

إعلان بعبدا رقم 2

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 07:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هل حققت استقالة الرئيس سعد الحريري الصدمة الإيجابية التي أرادها من وراء هذه الاستقالة؟ وأكثر من ذلك هل أتت ثمارها في ضمان استقرار لبنان، وأبعدته عن حرائق المنطقة في الحاضر والمستقبل المنظور والبعيد؟
كل المؤشرات التي تجمعت في الأفق المحلي، من مواقف وتصريحات وتصرفات توحي حتى الساعة بأنها أتت ثمارها المرجوة منها، وان قابل الأيام سيشهد تسوية سياسية، على غرار تلك التي انتجتها آخر اجتماعات طاولة الحوار الوطني في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، والتي سميت آنذاك بإعلان بعبدا الذي أرسى، في حينه، نظرية النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، لكنها مع الأسف الشديد بقيت حبراً على ورق بفعل سياسات حزب الله التي تجاوز فيها حدود لبنان، وانخرط عملياً في حروب ضد عدد من الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها.
كان المطلوب آنذاك من كل الأطراف أن تلتزم بسياسة النأي بالنفس المسمى إعلان بعبدا، لكن حزب الله ما لبث أن ضرب بهذا الإعلان عرض الحائط، وانخرط في صراعات المنطقة استجابة لطلب إيراني، وقال للذين سألوا عن مصير التزامه بسياسة النأي بالنفس «إغلوا الورقة واشربوا ماءها»، ما أدخل لبنان مجدداً دائرة الخطر رغم كل المحاولات الداخلية التي بذلت من كل الفرقاء الآخرين بغية إعادة حزب الله إلى الوطن، لأن عودته التزاماً بسياسة النأي بالنفس توفّر على هذا البلد خطر الانزلاق في صراعات الآخرين، وتحول دون وصول لهيبها إلى الداخل.
وكما كان المطلوب بالأمس، التزام الجميع وتحديداً حزب الله بإعلان بعبدا، بات اليوم أكثر من أي يوم مضى مطلوب منه الالتزام قولاً وفعلاً بإعلان بعبدا الثاني، إذا قيّض له أن يُبصر النور في قابل الأيام القليلة، والا عدنا إلى دائرة الخطر مجدداً وتكون الصدمة الإيجابية التي أرادها الرئيس الحريري ان تحدث، قد ذهبت أدراج الرياح، وتأكدت بالتالي المخاوف التي تقول بأن لبنان ذاهب إلى الحرب والناس راجعة.
لنكن أكثر صراحة ونقول بأن الأجواء والمناخات التي أشاعتها مصادر رئاسة الجمهورية والرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري بعد المشاورات التي أجراها الرئيس عون، والتي شملت كل الكتل والأحزاب الممثلة بالحكومة زائد رئيس حزب الكتائب المعارض للتسوية الكبرى التي أنتجت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وأتت بالحريري رئيساً لحكومة أقرب ما تكون إلى حكومة الوحدة الوطنية، كل هذه الأجواء كانت إيجابية، بمعنى ان كل الأطراف، ولا سيما حزب الله، وافقت على تسوية جديدة قوامها النأي بالنفس فعلاً لا قولاً عن صراعات المنطقة وصون علاقات لبنان الأخوية بالدول العربية والخليجية والتي ترجمتها العملية انسحاب حزب الله من سوريا والعراق واليمن، وإيقاف حملاته على المملكة العربية السعودية وعلى دول الخليج الأخرى، فهل ثمة ضمانات بأن يتحقق مثل هذا الأمر فعلاً لا قولاً، أم سيظل لبنان أسير ارتباطات حزب الله مع إيران التي لا تخفي طموحاتها التوسعية ولا تدخلاتها في شؤون دول الخليج والدول العربية الأخرى كسوريا والعراق حيث ما زالت تنصّب نفسها قيّمة على هاتين الدولتين وترفض أي مسعى دولي للحد من نفوذها ومن هذا التدخل؟
سؤال بديهي انشغل به المحللون السياسيون طوال الساعات التي تلت مشاورات القصر الجمهوري، وسيبقى الشغل الشاغل للجميع بانتظار أن يصدر عن الرئاسة الأولى الخبر اليقين، وما إذا كان هناك التزام من قبل جميع الافرقاء بالتسوية الجديدة، أم أن الأزمة ستنفجر مجدداً طالما ان الرئيس الحريري ما زال ملتزماً بالاستقالة إذا لم يعتمد لبنان، كل لبنان، سياسة النأي بالنفس فعلاً وليس قولا فحسب، وان توضع آلية محددة لضمان مثل هذا الالتزام رئاسياً وسياسياً ومن كل الأفرقاء، على ان يترك موضوع سلاح حزب الله إلى الاستراتيجية الدفاعية عندما يحين الوقت لطرحها مجدداً على طاولة الحوار الوطني.
د. عامر مشموشي - اللواء

  • شارك الخبر