hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - فؤاد ابو زيد - الديار

الترّيث... كاشف النيّات

الأحد ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد الانتهاء من الاحتفال بذكرى استقلال لبنان 74 سنة، بحضور رسمي مكتمل في الشكل، وناقص في المضمون، اجتمع رئيس الحكومة المستقيل تلفزيونياً سعد الحريري بالرئيس العماد ميشال عون في قصر بعبدا ليقدم استقالته الخطية مباشرة للرئيس عون، ويفتح قلبه للشخص الذي يعتبره كوالده، واسرّ اليه بالاسباب الحقيقية التي حملته على الاستقالة المفاجئة، والتي عانى منها حوالى السنة، قبل ان يفجرّها صاروخ الرياض الذي رسم خطاً بالنار بين لبنان ما قبل الصاروخ ولبنان ما بعده، ولان عون يدرك صعوبة تشكيل حكومة جديدة بالحريري او بغيره في هذه الظروف الصعبة، تمنى على الحريري التريث وعدم تقديم استقالة خطية، لانه ملزم بقبولها وفق الدستور، والبدء باستشارات ملزمة تنتج منها تسمية رئيس الحكومة الذي سيكلف بتشكيل حكومة جديدة، وربما لا يكون سعد الحريري، ولكن عون يفضّل الحريري على ما عداه، وتنقل عنه مصادر مطلعة انه يرغب ان ينهي عهده كما بدأه، مع سعد الحريري، فضبّ الحريري استقالته في جيبه، متسلحاً بشعور عارم بأن الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، الخائفين على مصلحة البلد من الايام السود المقبلة، سيبذلان المستحيل لإقناع حليفهما حزب الله، ان الوقت قد حان لانقاذ لبنان من حصار عربي مالي واقتصادي وسياسي وديبلوماسي، يقابله تشدد اميركي واوروبي في فرض عقوبات على حزب الله، لن ترحم لبنان، ناهيك بالتهديدات الاسرائيلية بإعادة لبنان الى العصر الحجري.
اللبنانيون ارتاحوا الى تريث الحريري، خصوصاً بعد الانفراج السريع الذي حصل على الصعيدين المالي والاقتصادي، الا انهم ما زالوا يحبسون انفاسهم لمعرفة ما سوف تأتيه الايام المقبلة، فهل ينجح الحوار هذه المرة، ويذهبون الى لبنان جديد افضل، ام انهم باقون رهينة الخلافات التي تمزّقه بسبب عدم التفاهم على مفهوم واحد للسيادة والحرية والمساواة ومصلحة لبنان، وعلى الدولة القوية القادرة صاحبة القرار الوحيد على كامل التراب اللبناني.
سبق لي واشرت في آخر مقال لي بتاريخ 19 الجاري ان لبنان يعوّل على تدخل مصري لمساعدة لبنان بالتعاون مع فرنسا، بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، يقوم به وزير الخارجية المصري سامح شكري، ولذلك فان اقتراح عون بالتريّث وقبول الحريري ليس بعيداً عن تفاهم فرنسي - مصري - اميركي، دخل على خطه رئيس جمهورية قبرص الذي ينوي تقديم مشروع متكامل لحلّ المشكلة اللبنانية في الايام المقبلة، وسوف يكون هذا النشاط الخارجي جزءاً من طاولة البحث بداية بين عون والحريري، وقد تتوسع لاحقاً اذا تم التوافق على الاساسيات.
***
في مطلق الاحوال، لا يعرف بعد، مدى التنازل الذي يمكن ان يقدّمه كل فريق لضمان اخراج من المحنة الواقع فيها منذ زمن، وقد تكون اشارة السيد حسن نصرالله في آخر ظهور تلفزيوني، الى ان الانتصار على دولة داعش قد تمّ في العراق وسوريا، وانه لا يتدخل في اليمن وفي اي دولة عربية، بداية استعداده لاخذ خطوات تساعد في الانفراج الداخلي، ويمكن البناء عليها لمعرفة حدود هذه الخطوات، كما ان خطاب الرئيس عون في ذكرى الاستقلال كان بالنسبة الى معظم اللبنانيين موزوناً ومتوازناً وارتاح اليه «المستقبليون»، كما انه سبق لوزير الخارجية جبران باسيل ودعا سعد الحريري الى العودة وطرح مآخذه وهواجسه في حوار جدي، وسوف يجد نيّة حقيقية في تصويب ما يمكن تصويبه.
هذه اللحظة قد اتت، بعودة الحريري، ولا ينقص سوى تعميم النيّة الطيّبة على الجميع، بوضع مصلحة لبنان وسيادته وكرامته فوق كل اعتبار، واذاك، لا شيء يحول او يمنع توافق اللبنانيين على ان الدولة اللبنانية هي المظلة الوحيدة التي تحمي الوطن والشعب، وعندئذ فقط يمكن القول ان الجميع بدأ يتكلم اللبنانية على قاعدة «لبنان اولاً واخيراً».
فؤاد ابو زيد - الديار

  • شارك الخبر