hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني - الديار

حزب الله يتمسك بمقولة "لا يمكن تقديم اكثر مما قدمناه"

الأحد ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

منذ أن تريّث رئيس الحكومة سعد الحريري عن الإستقالة في ذكرى عيد الإستقلال وبعد 18 يوماً على تقديمها من الرياض، يُفسّر الكثيرون عبارة «التريّث». فهذه العبارة غير الواردة في الدستور اللبناني، تبدو مطّاطة نظراً لأنّ ليس هناك من أي قانون يُحدّد فترة هذا التريّث، فهل هي تراجع عن الإستقالة أو نصف تراجع أو إعطاء مهلة للجميع لإعادة حساباتهم ومراجعة تصرّفاتهم وممارساتهم بهدف تثبيت التسوية القائمة منذ أكثر من سنة، واستمرار الحكومة الحالية وإمكانية عودتها الى عقد جلساتها؟!
ما هو واضح حتى الآن، على ما تقول مصادر سياسية عليمة، بأنّ تريّث الحريري الذي جاء بناء على طلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، هو بالتأكيد لإعطاء جميع الأفرقاء المزيد من الوقت لدراسة ما حصل خلال العام المنصرم الذي التزم فيه لبنان رسمياً بسياسة النأي بالنفس في خطاب القسم، كما في البيان الوزاري للحكومة. فضلاً عن مناقشة مسألة عدم تطبيقها من قبل مكوّن سياسي شريك في الحكم الذي هو «حزب الله» الذي أعلن عن تدخّله في المعارك الدائرة في سوريا، كما في العراق واليمن والبحرين.
وعلى هذا الأساس ستبدأ المشاورات واللقاءات الثنائية مطلع الأسبوع المقبل، على ما تقرّر للبحث في العناوين التي دفعت الرئيس الحريري لتقديم استقالته وهي: سياسة النأي بالنفس عن صراعات دول المنطقة، والالتزام باتفاق الطائف، والعلاقات اللبنانية- العربية وتحديداً اللبنانية- الخليجية منها. وعلى الأرجح فإنّ هذه اللقاءات ستُعقد في قصر بعبدا قبل مغادرة الرئيس عون الى إيطاليا يوم الأربعاء المقبل إذ سيقوم بزيارة رسمية لها تستمرّ لمدة ثلاثة أيام (من 29 تشرين الثاني الجاري الى 1 كانون الأول المقبل). ومن المتوقّع أن تُعقد اللقاءات أيضاً في مقرّات أخرى مثل عين التينة وبيت الوسط لتحديد مواقف الأطراف كافة. علماً أنّ المشاورات التي أجراها الرئيس عون في بعبدا بعد إعلان الحريري عن استقالته من الرياض، على ما كشفت، لم تتناول فقط مسألة كيفية إعادة الحريري الى لبنان، بل تطرّقت أيضاً الى الأسباب التي دفعته الى الإستقالة، ما جعل الرئيس عون يكوّن فكرة عامة وشاملة عن مواقف جميع الذين التقاهم.
من هنا، فبالإمكان تسريع هذه الإجتماعات أو اختصارها على الأفرقاء المعنيين بها، على ما أشارت، وعلى رأسهم وزراء ونوّاب «حزب الله» أو الناطقين باسمه لمعرفة توجّهات الحزب في المرحلة المقبلة، وعرضها على بقية الأفرقاء لمعرفة موقفهم منها، خصوصاً وأنّ «نزع سلاح الحزب» لن يكون موضوعاً مطروحاً للنقاش في المرحلة الراهنة. فبعد الإنتصارات التي حقّقها الحزب على التنظيمات الإرهابية على الحدود اللبنانية، وحيث تدخّل في بعض دول المنطقة، من الصعب اليوم الطلب منه وضع سلاحه جانباً، لا سيما مع بقاء التهديدات الإسرائيلية على حالها بالنسبة لشنّ حرب جديدة على لبنان.
أمّا التسوية السيـاسيـة القائمـة فسـوف يتمّ «تثبيـتها» من خلال بعض الضمانات أوّلها التأكيد على التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس الفعلية عن صراعات وحروب دول المنطقة بما يضمن له احترام تركيـبته التعددية وخصوصيـته القائمة على العيش المشترك، لا سيما مع اقتراب خروج عناصر «حزب الله» من دول الصراع في المنطـقة بعد أن تقدّمت الحلول السياسية على الحلّ العسكري.
وبالنسبة لاتفاق الطائف فسيتمّ التشديد على احترام بنوده وتطبيقه كونه يُعتبر «دستور البلاد» وحامي الوحدة الوطنية في المرحلة الراهنة. علماً أنّ تعديل بعض بنود هذا الإتفاق يحتاج الى موافقة من قبل الجميع، ولا يبدو أنّ الوقت مناسب حالياً للبحث في تعديله أو في الإتفاق على «طائف ثانٍ» خارج أو داخل البلاد.
وفيما يتعلّق بالعلاقات اللبنانية- العربية، فإنّ لبنان سوف يؤكّد على عروبته وعلى أهمية الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، ومن ضمنها الدول الخليجية، انطلاقاً من مبدأ التزامه بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لأي منها وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية وللقوانين المرعية الإجراء، على أن لا يتدخّل أي بلد عربي في شؤونه الداخلية. فضلاً عن التأكيد على الحفاظ على أمن وسلامة جاليات هذه الدول المقيمة على أرضه، على أن تتمّ المعاملة بالمثل بالنسبة لاحترام والحفاظ على حقوق وسلامة الجالية اللبنانية في كلّ من هذه الدول العربية.
وبناء على ما تقدّم، فإنّ الجميع سيوافق على مواقف لبنان هذه، لا سيما وأنّه لا يُمكنه تقديم أكثر منها، على ما ذكرت الأوساط، فكما أنّه بعد «اتفاق الطائف» اشتهرت مقولة «لم يكن بالإمكان أفضل ممّا كان»، يبدو أنّنا ذاهبون اليوم الى مقولة تتعلّق بعدم إمكانية تقديم «حزب الله» المزيد من التنازلات تقول «لا يُمكن تقديم أكثر ممّا قدّمنا». ولكن ذلك بعد أن يكون قد أنهى وجوده الفعلي في العراق وسوريا وتوقّف عن التدخّل في السياسة الداخلية لليمن، على الأقلّ علانية.
كذلك فإنّ التوافق على وقف السجالات الإعلامية والتصعيد الكلامي من قبل أي جهة، لا بدّ وأن يترافق مع حملة التهدئة التي بدأت بمخرج «التريّث» عن الإستقالة من قبل الحريري، على ما أوضحت، ما يعني أن يتعهّد الجميع بعدم الحديث العلني عن صراعات دول المنطقة وموقف لبنان منها أو إقحامه فيها لأنّ ذلك سيتسبّب بالعودة الى الوضع نفسه الذي ساد قبل استقالة الحريري التي أراد من خلالها إحداث «صدمة إيجابية».
ولفتت الى أنّ الحريري قدّم تنازلات كثيرة صحيح، لكنّها لم تذهب هباء، والدليل أنّ شعبيته قد تضاعفت ليس فقط في صفوف طائفته أو «تيّار المستقبل»، بل أيضاً داخل أحزاب شيعية ومسيحية نادت بعودته الى لبنان وبأن لا بديل عنه لرئاسة الحكومة. وهذا أمر يصبّ في صالحه، وإن كـان الإستياء من التنازلات التي قدّمها أرادت السعودية «محـاسبته» عليها ولهذا أرغمته على تقديم استقالته من الرياض.
وتقول بأنّ ما رأته السعودية بأمّ العين من التفاف التيار الأزرق حول قائده فور عودته، وهو ليس سوى عيّنة صغيرة من التفاف الأحزاب الأخرى حوله، «يُرغمها» على الموافقة على ما سينجم عن اللقاءات التشاورية من مواقف والتي قد توضع في ورقة مكتوبة يتعهّد جميع الأفرقاء بالإلتزام بها، على غرار البيان الوزاري.
دوللي بشعلاني - الديار

  • شارك الخبر