hit counter script

مقالات مختارة - محمود زيات

«وكلاء» السعودية فهموا: ملف حزب الله لن ينضج في المقبل من العقود

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 07:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار
هكذا اراد المُخرج... لسلوك طريق الخروج من الازمة المتعددة الاوجه التي اُغرق فيها «تيار المستقبل»، فجيء بأعلام زرقاء ورفعت لافتات تجديد «المبايعة»، واستُقدم «حشد شعبي» الى «بيت الوسط»، يُلبي الحاجة الى صورة تُظهِّر زعامة «دولة المتريِّث» في الشارع السني، تُوجَّه الى «من يهمه الامر» في السعودية والى اوساط «أهل الوفا» داخل «تيار المستقبل»!، وفُتح الاثير لبثٍ مباشر استضاف مطربا راح يدندن «صولو»، متغزلا بعودة «دولة الرئيس»... كانت الحاجة مُلِحَّة لترطيب الاجواء... بعد اسبوعين من حبس الانفاس.
تلقفت السعودية الحماسة الفرنسية للتدخل في اخراج الحريري من الرياض، وهو تدخل بدأ على مستوى سفير ووصل الى زيارة رئاسية افضت الى وصول الحريري الى قصر الاليزيه، باحتفالية ارادها الرئيس الفرنسي المدهوش بانجاز جاءه على طبق ساخن، ان تكون لـ «رئيس حكومة» ليس مستقيلا او مُقالا، ثم عاد الحريري من «النقاهة» الفرنسية الى بيروت، بعد «رحلة» متعبة ومقلقة في الرياض، بعد ان حمَّله سيد الاليزيه «تمنياً» فرنسياً ـ اوروبياً بالتراجع عن الاستقالة، والعمل على اخراج لبنان من دائرة استهداف الاستقرار والامن فيه، في ظل مناخ دولي استنفر عواصم القرار في العالم، من واشنطن الى موسكو وبرلين وبروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي وطهران، وباريس الباحثة عن فرصة لاستعادة دورها ونفوذها المنكفىء في المنطقة، التي نجحت في صناعة المَخرَج الذي يحفظ للسعودية ماء وجهها ويخفف عنها وطأة ما تسببت بها «الفوعة» على لبنان، والتلويح بنزع شبكة الامان عنه من خلال استهداف ساحته الداخلية، بما يحفظ لفرنسا دورها التاريخي في لبنان، ويعزز خطوط اتصالاتها اللبنانية والاقليمية والدولية، والسعي للعودة الى ممارسة دور «الام الحنون» للبنان، كتلبية لحاجة لها في الحفاظ على «ارثها» التاريخي في لبنان، وان كانت المفارقة ان ذلك تزامن مع احتفالية لبنان بالاستقلال عن الانتداب الفرنسي قبل اربع وسبعين سنة.

«التريُّث»... ارنب اخرجه بري من جيبه لتجاوز «القطوع»

وبحسب قراءة متابعين، فان من مخاطر الفراغ الحكومي الذي كان ينتظر البلد، انه كان سيؤدي الى فراغ حكومي طويل الامد، حيث سيتعذر اجراء استشارات وتكليف واستشارات فتأليف، في ظل مناخ سياسي ومتوتر، ما يعرِّض الامن اللبناني لمخاطر غير محسوبة عند البعض ومحسوبة جيدا عند البعض الآخر، سيما ان الشارع اللبناني المنقسم مذهبيا لديه القابلية للانخراط في تفجير الاوضاع الامنية، الامر الذي جعل ماكينات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تتحرك على مستويين داخلي واقليـمي ودولي، وعلى خط مواز تحرك بري، لمواكبة كل المستجدات، منذ الاعلان المفاجىء لاستقالة الرياض المتلفزة وغياب الحريري عن السمع، وحتى وصوله الى باريس فبيروت، الى ان «وُلِدَ» التمنى بالتريث في تقديم الاستقالة، كـ «ارنب» اخرجه الرئيس نبيه بري من جيبه، لتجاوز «القطوع» الخطر الذي استشعر به الجميع.
وترى اوساط متابعة... ان السعودية المحرجـة امـام العالم اليوم، خسرت معركتـها التي استبـقت ظهور مؤشـرات عن نيات لـ «حزب الله» بسحب تدريجي لقواته العسكرية من سوريا والعراق، وقد المح امين عام السيد حسن نصرالله عن الحرب في سوريا والعراق بـالقول... «خلصـت»، ولعل اقصى ما يمكن ان يكون قد حصل عليه الحريري منذ «تريث» عن استقالته، هو ان موضوع اليمن «بيتعالج» سيما ان مشاركة «حزب الله» في اليمن «متواضعة» تقتصر على بعض المساعدات المحدودة، و«سياسة لبنان النأي بالنفس»، فيما بقي سلاح المقاومة خارج البحث او النقاش، وهو ما اكده وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يعتبر من الحلقة القريبة من الحريري، على عكس ما يطمح اليه معسكر العداء لـ «حزب الله» من الجناح الصدامي في الاحزاب التي كانت منضوية في «14 آذار»، سيما من الفريق المسيحي واوساط من داخل «المستقبل» وشخصيات «تمردت» على الحريري، وبدأت «تغزو» جمهور «المستقبل» في الشمال.
ما اثبتته وقائع العاصفة للايام العشرين، تقول الاوساط، ان السعودية ادخلت نفسها في مأزق، زاد من حجم انتكاساتها في المنطقة وانكفاء دورها في المنطقة، بعد التشققات التي اصابت علاقاتها مع تركيا وقطر ودول خليجية اخرى، بالتزامن مع خضة داخلية تحت عنوان محاربة الفساد، في حين ان النفوذ الايراني، «المنتعش» في المنطقة على وقع انجازات عسكرية كبيرة في على امتداد الجغرافيا السورية والعراقية، ساهم في رفع وتيرة الحضور الايراني في الساحة الدولية كلاعب اساسي في المنطقة، وها هي في موقع الراعي لمؤتمر المفاوضات بين الدولة السورية والتنظيمات «المعارضة»، بـ «شراكة» روسية وتركية، وعززت نفوذها في سوريا وتطورت علاقاتها مع روسيا وتركيا وقطر والطرف الفلسطيني وتحافظ على علاقاتها مع عدد من دول الخليج.

العلاقة بين لبنان والسعودية : «الجرة انكسرت»

ولفتت الاوساط الى ان السعوديين المنشغلين ايضا بما سمّوه «الحرب على الفساد»، دخلوا في مرحلة اعادة بحث الخيارات مع لبنان، بعد الاصطدام بجدار محصن بتوافق دولي وتحرك لبناني، كبح الجموح السعودي الذي بلغ ذروته مع الرسالة الصاروخية التي سقطت في الرياض، وما نجم عن هذا الجموح من مآزق على المستويين الداخلي والخارجي، اعاد الساحة الداخلية للبنان الى المربع الاول الذي كان قائما قبل استقالة الرياض، مع صور تجميلية اصطنعت موجات من التفاؤل بعودة الحريري، وموعد مع «جائزة ترضية» تُعطى له، او ما قد يُوصف بـ «التنازلات» التي لن تُغير في جوهر القضية بالنسبة لـ «حزب الله»، لكنها تخرق جدار الازمة لتحدث انفراجات على المستوى السياسي، مقابـل تفادي ازمـة ايـقاع البلد في فراغ سيكون خطرا، يضع الجميع امام احتمالات الانفجار الداخلي، وفق سيناريو سعودي ما زال مطروحا على الطاولة السعودية، وان بـ «تريُّث»، لكن السعوديين باتوا يشعرون ان مملكتهم اضحت تحت مرمى الصواريخ اليمنية.
ثمة من يرى ان صورة مبهمة ستتسم بها العلاقات اللبنانية ـ السعودية، التي تهشمت جراء السلوك السعودي العدواني تجاه لبنان، والسهام التي وجهت من داخل قاعة مؤتمر الخارجية العرب في جامعة الدول العربية بادراج «حزب الله» على لائحة «الارهاب»!، وسط تساؤلات عما اذا كانت «الحرارة» السياسية ستعود بحدها الادنى، على الرغم من وصف البعض واقع الحال بان «الجرَّة انكسرت».
قد يكشف المقبل من الايام، ان السعوديين سيترحمون على لبنان ما قبل «اقالة الرياض» المتلفزة، بعد ان تلمس وكلاؤهم في لبنان، ان فتح ملف سلاح «حزب الله» لن ينضج في المقبل من العقود، ما دام ان موازين القوى في الداخل اللبناني وعلى المستوى الاقليمي مختلة لمصلحة المحور الذي ينتمي اليه «حزب الله»، وعليه، فان تمديد «التريث» في الاستقالة لن يغير من واقع الحال. 

  • شارك الخبر