hit counter script

مقالات مختارة - جوزف القصيفي

انه ميشال اده

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 08:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الوزير السابق ميشال اده، البطريرك المدني للموارنة في لبنان وسائر بلدان الانتشار، هو قامة مشرقية، مسكونية، زادها العلم والمعرفة وقبل اي شيء الثقافة الشاملة، والاحاطة المنهجية بقضايا الكون الكبرى. حضور يتجدد، وهمة لا تشيخ ولا تنال منها سنوات العمر المديد، ولا تفلها اسياف المرض الذي غزا منه الجسد،فقاومه بثبات وايمان ينقلان الجبال من مواضعها.
ان الذكريات والخواطر والآراء التي عرضها وسردها في اللقاء الذي دعت اليه مؤسسة "نينار"اخيرا في فندق "le Gabriel" - الاشرفية، اضاء على الخطر الذي تمثله اسرائيل والفكر الصهيوني على البشرية جمعاء، واضعا الحدود والفواصل بين هذه النزعة العنصرية وبين الديانة اليهودية وهي احدى الديانات الثلاث السماوية.
هذا الرجل الرؤيوي الطلاع، المستشرف، الذي يجيد القراءة في كف الغد، سكب معرفته الموسوعية في 37 حلقة بثتها قناة المنار وكانت تجذب اليها عشرات آلاف المتتبعين، وهي ارث ثمين، ومخزون غني بالمعلومات، ومرجع للباحثين، حبذا لو تفرغ في كتاب، واقراص مدمجة، لتوزع وتقتنى وتكون زادا شهيا ترصع المكتبات، وتتصدر موجودات مراكز الابحاث. فلماذا لا تتولى الامر وزارة الثقافة - وهو اول من تولاها ووضع اسسها- بالتعاون مع المحفوظات الوطنية في بادرة وفاء لهذا الهرم اللبناني،ولست اخال محطة"النار" الا مستجيبة.
ان ميشال اده هو رجل الخير يسعى اليه، والنموذج النوعي للمواطن الصالح، والمسؤول الذي عرف المسؤولية وخبرها ومارسها بشفافة قصوى، وسكب فيها- من خلال ادائه المميز- نفحات من ضميره الحي وقبسات من نصاعة كفه.
انه شرفة لبنان على العالم، ينشر الصور الزاهية عن تاريخه الحضاري، ويكرز بتراثه الانساني المثقل بالمعاني والعبر، مبشرا بثقافة الحياة الواحدة المركوزة في قيم التنوع التي تعمق اواصر اللحمة ولا تنفيها.
ميشال اده المثل والمثال هو واحد من ايقونات لبنان يستوي الى جانب الكبار ممن صاغوا وطنه رسالة تخطت حدوده الضيقة، ليصبح معها- على حد ما كان يقول موريس الجميل- الوطن المسكوني الذي يحتوي على غنى الانسانية النوعي.
انه الماروني، اللبناني، العربي، المشرقي، العالمي، المتنور، المؤمن، الذي يرتقي بالصلاة الى دنى تأخذه بعيدا من شيئيات المادة، وتقربه الى الذات الالهية ينبوع كل حق ومصدر كل جمال.
ميشال اده الذي يحمل صليبه بتجلد لانه يمثل فرح القيامة، يشرك آلامه، احزانه ومسراته، بآلام واحزان ومسرات آلاخرين، ولاسيما المعذبين والمهمشين منهم، انقيادا لمشيئة الاب السماوي بالانحياز الى المستضعفين ومنسحقي القلوب.
وجه ميشال اده لا يغيب، حضور ميشال اده لا ينكفيء، وهج ميشال اده لا يخبو. انه سراج موقد فوق منارة يضيء نوره، انى تكن حالات الزمان عليه، ومهما تتالت صروف الدهر .
ان آثاره تدل عليه، واعماله نواطق بما انطوت عليه نفسه الابية. خالدة آراؤه، حية مبادؤه، تليق به الحياة. والدعاء ان يزيد الله في عمره قدر ما جادت اياديه البيضاء، وما فاض فكره المتوثب ابدا نحو الكمال.
انه رجل من لبنان، انه لبنان الحقيقي في رجل ارزي الهامة والقامة. 

  • شارك الخبر