hit counter script

مقالات مختارة - د. خالد أحمد الصالح - الراي

لبنان... الاتجاه المعاكس

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 07:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لبنان الصغير شغل العالم. نحن في عصر مختلف، يمكن شغل الدنيا بدول صغيرة، هل سقط العدد والحجم من عناصر التقييم؟ هل أصبح العالم يهتم بالكيف بدل الكم؟ يبدو كذلك.

قديما قالت العرب في الأمثال، المرء بأصغريه، القلب واللسان، وأنشد زهير بن أبي سلمى:

وَكَائِنٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ

زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَكَلُّمِ

لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِِصْفٌ فُؤَادُهُ

فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ

إذاً صورة اللحم والعظام ليس لها قيمة، رغم حجمهما، الذي يدير الإنسان فؤاده أو عقله، نعم عقله الذي لا يزيد على كيلو ونصف الكيلو، رجل واحد يغير أُمة وملايين من البشر يعيشون ويموتون من دون تأثير.

كانت الصين الضخمة تغار من هونغ كونغ المتناهية في الصغر، ولم تهدأ غيرتها حتى استعادتها عام 1997، لكنها كانت استعادة مشروطة، فالدولة الصغيرة حافظت على تأثيرها الكبير، عادت بشروطها، بلد واحد في نظامين مختلفين.

المستقبل سيكون للدول المؤثرة، لن يكون للحجم ولا لعدد السكان تأثيرا، يمكن للدول المكتظة أن تُسلي شعبها بالخداع، الخداع حول أهميتها وعظمتها ولكن هذا لن يغير من الأمر شيئا. كثرة السكان ليس مرتبطا بالتأثير وأحيانا تكون الكثرة سبباً في قلة التأثير.

لبنان قبل أربعين عاما كان يملك تأثير الكتاب، كان مصدراً لا يُستغنى عنه في الثقافة، كان علامة حضارية، تأثيره على عالمنا العربي يساوي مجموعة من الدول الكبيرة مساحة وسكانا، زمان كان للبنان الصغير تأثير إيجابي كبير.

لبنان ما زال اليوم يملك تأثيرا الفرق فقط في نوعية التأثير، بدل الكتاب صدّر السلاح وبدل الحب نشر الإرهاب، خلت مكتباته من الباحثين، وارتفعت عندهم معدلات الأمية، أمية المنطق والسلام.

أن يأتي يوم تجتمع الدول العربية لتعلن أن الحكومة اللبنانية يشارك فيها الإرهاب، هذا اليوم لم يكن مُتَصَورا لمن عرف وأحب لبنان القديم. لبنان الذي كان بيتاً بمنازل كثيرة، كما كتب مؤرخهم الشهير كمال الصليبي، لبنان ذاك يراد له بقوة السلاح أن يصبح بيتاً من دون منازل، تَغَيَرَ لبنان وبَقي تأثيره لكنه تأثير في الاتجاه المعاكس، خسارة.
د. خالد أحمد الصالح - الراي

  • شارك الخبر