hit counter script

مقالات مختارة - الفونس ديب - المستقبل

مصالح لبنان واللبنانيين تعلو على أي مصلحة واعتبار

الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في اللقاءات التي اجرتها قوى الانتاج (هيئات اقتصادية واتحاد عمالي عام ونقابات مهن حرة) مع كافة المسؤولين الاسبوع الماضي، تحدث هؤلاء، بمسؤولية عالية، عن تحديات المرحلة بكل أبعادها، مشددين على أن الوحدة الوطنية والتكافل والتضامن بين اللبنانيين هو الذي يحمي لبنان.

وأفرد المسؤولون جانباً كبيراً من مداخلاتهم للموضوع الاقتصادي وكيفية حماية الاقتصاد الوطني، معتبرين أن الشق الاقتصادي يشكل ركيزة أساسية في علاقات الدول، لأن المصالح بين الدول مبنية على العلاقات الاقتصادية، لافتين إلى أن الكثير من السفراء يراجعون لدى زيارتهم شؤونا تتعلق بأحدى الشركات التابعة لبلادهم.

انطلاقاً من ذلك، لا بد للبنان أن ينظر بعمق إلى مصالحه ومصالح أبنائه التي يجب أن تعلو فوق أي مصلحة واعتبار، ولا بد للمسؤولين في الدولة اللبنانية مواكبة أعمال اللبنانيين في الخارج والعمل على حمايتها والحفاظ عليها.

من هنا، فإن الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها الدستورية ومسؤوليها مطالبة، وبعد التصعيد والتوتر الحاصل مع دول الخليج العربي وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية، على خلفية تدخل «حزب الله» في اليمن وبعض دول الخليج، أن تبذل جهوداً مضاعفة لإعادة المياه إلى مجاريها انطلاقاً من إعادة الاعتبار للالتزام بالتضامن العربي والنأي بالنفس وعدم التدخل بالدول الأخرى.

المعادلة اليوم هي: إما أن ينأى لبنان بنفسه عن الصراعات الاقليمية والتدخل بشؤون الدول الأخرى، أو أن ينأى بنفسه عن مصالح اللبنانيين.

فمع كل التقدير لعمق العلاقات الأخوية مع دول الخليج العربي ومع السعودية بشكل خاص، لكن لا بد من التوضيح إلى أننا اليوم أمام مفترق طرق على مستوى العلاقات الاقتصادية بين لبنان وبين هذه الدول الشقيقة، لعلاقات عمرها نحو قرن من الزمن بنيت بعرق اللبنانيين وتعبهم وكفاءتهم وإبداعهم وباحتضان وبمعاملة خاصة من قبل هذه الدول لهم.

فإذا كانت دول كبرى تتحرك من أجل مصالح شركة واحدة، ماذا نقول نحن اليوم عن مصالح نحو 500 الف لبناني يعملون في هذه الدول، واستثمارات بعشرات مليارات الدولارات، وتدفقات مالية من هذه الدول إلى لبنان بمليارات الدولارات، وأسواق تستوعب منتجاتنا الصناعية والزراعية، وغير ذلك الكثير.

في الأيام الماضية مع تصاعد التوتر، سمعنا الكثير من الكلام الذي يسخّف مستوى العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، ومنها على سبيل المثال، أن الخليج لا يستوعب سوى 380 ألف لبناني منهم 260 الفاً في المملكة العربية السعودية، فإذا أردنا أن لا ندخل في سجال حول صحة الأرقام، لكن في علم الاقتصاد هل هذا الرقم قليل بالنسبة لبلد مثل لبنان، حيث يبلغ حجم مختلف وظائف القطاع العام في الدولة (الإدارات العامة، الجيش والقوى الأمنية، التعليم، القضاء والمؤسسات العامة)، حوالي 260 الفاً.

كما لا بد من التذكير، أن معظم اللبنانيين الوافدين إلى سوق العمل باتوا يتطلعون إلى الخليج لإيجاد فرص عمل لهم، لوجود هذه الفرص أولاً ولمستوى الوظائف الهام والمردودية العالية التي توفرها لهم ثانياً.

وفي هذا السياق، تم الحديث أيضاً عن أن السوق الخليجية لا تستوعب إلا نسبة محدودة من المنتجات اللبنانية، وعلى الرغم من عدم دقة هذا الكلام وصحته، توجهنا إلى أصحاب الشأن من صناعيين ومزارعين لبنانيين الذين أكدوا أن توقف التصدير إلى الخليج يعني الخراب لهذين القطاعين.

وفي السياق نفسه، كان لا بد من التوقف عند القطاع السياحي اللبناني الذي خسر إلى جانب القطاع التجاري الكثير الكثير من عدم مجيء الخليجيين إلى لبنان، ويقدر كذلك بمليارات الدولارات، على اعتبار أن مداخيل القطاع السياحي وحدها انخفضت من نحو 8،5 مليارات دولار في العام 2010 وهو عام أتى فيه الخليجيون بكثافة إلى لبنان، إلى نحو 3،8 مليارات دولار في العام 2016، وهو عام انعدم فيه وجود الخليجيين في لبنان.

وهنا لا بد من التنويه إلى استثمارات كبيرة للقطاع السياحي اللبناني في الخليج وهي تتمركز بمعظمها في قطاع المطاعم، حيث كشف نقيب المطاعم طوني الرامي وجود نحو 1500 مطعم لبناني في هذه الدول.

في المحصلة، إن سياسات الدول الخارجية يجب أن تبنى في جانب كبير منها على مصالحها، فكيف الحال إذا كانت مصالح لبنان مع دول الخليج على هذا القدر من الأهمية.

كما أنه بات واضحاً بعد مداولات قمة وزراء الخارجية العرب ومقرراتها أول من أمس، أن ساعة الحقيقة دقت، ومن الواضح أيضاً أن فترة السماح ولتّ إلى غير رجعة، وعلى كل جانب أن يتحمل مسوؤلية أفعاله كاملة، وكل ما نتمناه أن يكون القادة اللبنانيين على قدر المسؤولية.
الفونس ديب - المستقبل

  • شارك الخبر