hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دافيد عيسى - سياسي لبناني

سعد رفيق الحريري بين سندان الداخل ومطرقة الخارج

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اما وقد هدأت العواصف والعواطف، واسترخت التشنجات، وتوقفت التحليلات، بعد وصول رئيس الحكومة سعد الحريري وعائلته الى باريس، صار في الامكان تقويم مرحلة الاستقالة بهدوء وما رافقها وتبعها من تأويلات وتحليلات.
لا يُحسد سعد الحريري على الوضع الذي يعيشه فهو يواجه منذ أن حمله القدر الى سدّة المسؤولية بعد استشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري أوقاتاً عصيبة وتحديات كبيرة، ولكنه لم يسبق له أن واجه مثل هذا الموقف بعدما استقال بهذه الطريقة المقلقة والغريبة من السعودية، لأسباب هو مقتنع بها كما قال، وإن كان كثيرين يفضّلون "إخراجاً "آخر وطريقة مختلفة، وما أدّت إليه هذه الإستقالة من تداعيات وملابسات وتسأولات وتأويلات وما استحدثته من وضع جديد أعاد خلط الأوراق على مستوى الحكم في لبنان، وشكلت هستيريا دخلت كل بيت وبات الجميع اسيرها.
نجح سعد الحريري في احتواء الموجة الأولى من هذا التسونامي السياسي( الاستقالة) والتي عادة ما تكون الموجة الأخطر، ونجح في الصمود أمام مختلف أنواع الضغوط السياسية والنفسية والمعنوية التي جاءته من كل الجهات وعبر عملية ضخّ ممنهجة لتقارير ومعلومات الكثير منها يهدف الى الإثارة والتضليل والاحباط والقليل منها يتوخى الحق والحقيقة...
سعد رفيق الحريري يثبت سنة بعد سنة انه ضنين بمصلحة لبنان وأمنه واستقراره حتى لو اضطره الأمر للتضحية بمصالحه ورفاهيته السياسية في الحكم.
ولا مبالغة في القول ان الطريقة التي تصرّف بها الحريري منذ تسلمه رئاسة الحكومة، ساهمت الى حدٍّ كبير في إطفاء الحريق ووأد الفتنة في مهدها وفي الحؤول دون تفجّر الوضع في لبنان وان يصيبه ما أصاب دولاً كثيرة في محيطه وجواره.
من هنا وعندما قدم الحريري استقالته المفاجئة من المملكة العربية السعودية تحوّل المسار من "أزمة استقالة" الى "قضية وطنية". كون القضية ليست فقط قضية عودته الى لبنان وإنما قضية عودته الى رئاسة الحكومة، وقضية عودة لبنان الى وضعه الطبيعي لاستكمال ما بدأه العهد في سنته الأولى والوصول الى محطة الإنتخابات النيابية المفصلية ...
من اللحظة الأولى للاستقالة كان إجماع على ضرورة وأهمية عودة الحريري الى لبنان وعلى ان لا بديل له في رئاسة الحكومة، واذا كان من بديل يجب ان يكون للحريري فيه الرأي الاساس... فالأزمة وطنية لا سياسية ولا مكان فيها لحسابات ضيقة ولا رابح فيها وإنما الكل خاسرون.
فالمطلوب وبدل الإنهماك في الطريقة التي استقال بها الحريري والملابسات التي أحاطت باستقالته، وبدل الإكتفاء بإظهار مشاعر التعاطف مع الرئيس الحريري والتعاطي مع وضعه من منطلق عاطفي وإنساني، يجب التحوّل الى التعاطي بواقعية ومسؤولية وتفهّم خطوته ومعالجة الأسباب التي دفعته الى اتخاذ هذا القرار، وبصراحة وبساطة نقول ان تطوّر الأزمة وتفاعلها في لبنان أكد على أمرين أساسيين:
الأول: انه لا يمكن في هذا الجو المتشنج والضاغط البحث عن شخصية سنّية أخرى لتشكيل حكومة جديدة.
الثاني: إن التسوية الرئاسية وفق معادلة "عون – الحريري" تصدّعت وبحاجة الى ترميم وتعديل وتنازلات، وهذا هو الواقع، لذلك يجب العمل على تفهّم وضعه وتحديداً تلك التي تهدف الى إرساء سياسة خارجية متوازنة والى تحييد لبنان عن صراعات المنطقة وأزماتها ومحاورها الإقليمية .
الفراغ الحكومي لا يحتمله البلد حتى لو أدى الأمر الى أن تتحول الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال وتسيير لشؤون الناس والمؤسسات، وفي مطلق الأحوال وأياً تكن المخارج والتسويات فإنها تتطلب وجود سعد الحريري في بيروت وتأمين الحماية الأمنية والسياسية له.
سعد رفيق الحريري هو اليوم "الممر الإجباري" لأي تسوية معدّلة أم جديدة، من دونه لا حكومة تمثل فعليآ الشارع السني ولا توازن وطني، معه يمكن تجاوز هذا القطوع وإعادة بناء الثقة...

دافيد عيسى - سياسي لبناني

  • شارك الخبر