hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - رائد الخطيب - المستقبل

"الشراكة" تفرمل مجدداً بانتظار تبدد المشهد الضبابي

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الوضع المالي والاقتصادي الراهن المتكئ على الحالة السياسية المستجدة، ليس على ما يرام، ولا سيما أن لبنان يواجه عجزاً متنامياً في الموازنة ومعدلات مرتفعة للدين العام ونمواً اقتصادياً خجولاً. كل ذلك معطوف على أزمة نازحين طوّقت لبنان وباتت تشكل عبئاً على اقتصادٍ هش.

قبيل إعلان استقالة الرئيس سعد الحريري، استطاعت حكومة «استعادة الثقة» أن توفّر الكثير من المخارج الاقتصادية للوضع المتأزم مالياً. اذ باشرت بوضع سياسة اقتصادية مستدامة وإصلاحات هيكلية، كان الابرزفيها إقرار موازنة بعد 12 عاماً، وقوانين نفطية، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي يتوجب تطبيقها في العديد من المشاريع سيما وأن وضع خزينة الدولة لا يؤهلها كثيراً للقيام بعمليات تمويل واسعة النطاق لمشاريع البنى التحتية التي تحتاجها البلاد.

في آب الماضي، أقر مجلس النواب خلال جلسة هيئته العامة مشروع قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص بعد 10 سنوات من تكرار التأجيل، والذي جاء في 18 مادة. وبالطبع فإن من شأن ذلك أن يؤمن المزيد من الاستثمارات إلى لبنان، سيما وأن «الشراكة» ستعني دخول المصارف إلى الاستثمار من باب أوسع وبشكل أشمل، وسيؤدي هذا بكل تأكيد إلى تحفيز القطاع العام للعمل مع شراكته بالقطاع الخاص.

فالمجلس المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة الذي يرأسه رئيس الحكومة ويضم وزراء المالية والعدل والعمل والاقتصاد، بالإضافة إلى الوزراء المختصين بحسب المشاريع المقدمة، هو من يقرر أولويات المشاريع. وبالفعل، بدأ المجلس بتدوير محركات الانطلاق الجدي منتصف أيلول الماضي، مع نشر القانون في الجريدة الرسمية، ليدرس مجموعة صغيرة من المشاريع في المرحلة الأولى، ومنها توسعة المطار، طريق خلدة، مجمع وزارات حكومية، محطة الباص السريع، المجمع الأولمبي للسباحة بالضبية. إلا أن كل ذلك توقف مع تعذر المجلس الأعلى للخصخصة عن الاجتماع بفعل غياب رئيسه، وذلك بعدما كانت حصلت اجتماعات قليلة، إلا أن كل مشروع يحتاجُ إلى سنة.

من الطبيعي أن يؤثر ذلك في حركة «الشراكة»، وإنْ كانت المراسيم التطبيقية في جلها قد تم ترتيبها. إلا أن ثمة مراسيم تنظيمية تتعلق بالنظامين الداخلي والمالي لم يبت فيها بعد. ويأمل كثيرون عودة الرئيس الحريري لاسئناف انطلاق «الشراكة».

يقف القطاع الخاص حائراً اليوم رغم استقرار الأوضاع أمنياً، مع ارتفاع منسوب المخاطر. إذ ثمة أزمة يراها المستثمرون في ما حدث خلال الايام القليلة الماضية، حيث أن العائد على الاستثمار سيكون أعلى من ذي قبل. وكل ذلك لن يرضي القطاع الخاص، لأن حجم المخاطر سيكون أعلى بالنسبة إليه، وبالتالي فإن اقدام القطاع الخاص على الشراكة سيكون جزءاً من المجازفة، وسيكون التردد سيد الموقف بانتظار تبديد المشهد الضبابي.

يرى الخبير الاقتصادي حسن العلي، إن الشراكة بين القطاعين العام والخاص موضوع حيوي وأساسي للبلد، كونه يهدف إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء علاقات طويلة الأمد بين هذين القطاعين. أضاف «في ضوء الأحداث التي استجدت على الساحة السياسية، من الطبيعي أن تكون هناك ثمة معوقات، تعمل على الإسراع بتنفيذ هذا القانون حتى إشعار آخر. وأول هذه المعوقات المراسيم التنظيمية التي يستند إليها هذا القانون، والتي تحتاج إلى حكومة لاصدارها ومتابعتها، وأيضاً تحتاج إلى مجلس نواب متفاعل ومتجانس مع الحكومة، للذهاب نحو هدف واحد، بعيداً من المناكفات والجو السياسي القائم، والاتجاه نحو العمل المنتج».

والأمر الآخر، وفق العلي، يتعلق بجرأة القطاع الخاص في مثل هذه الظروف الملبّدة، لإقامة شراكة في أوضاع مضطربة. «القطاع الخاص يطلب من الدولة أن تشاركه في أمواله وإمكاناته، لكن هذا الشيء يصبح متعثراً في وضع لااستقرار سياسي، وبالتالي حتى لو أقدمنا على الشراكة في البنى التحتية فهناك أمد طويل لجني مكاسب. فالقطاع الخاص لن يقوم باستثمارات خاسرة».

أما الأمر الرابع، فيتعلق بعملية الرقابة ومن سيقوم بذلك.

ويرى العلي أنه في حال لم تتم معالجة هذه الهواجس، لن تكون شراكة: «لا أحد سيجرؤ من القطاع الخاص على الإقدام على خطوة الشراكة».

يبقى أن أحداً لا يمكنه أن يعرف ما إذا كانت ستتدهور الآمال، في حال انهيار التسوية السياسية الجديدة. فالعوامل التي كانت مؤاتية للاقتصاد اللبناني، قبيل اعلان الرئيس الحريري استقالته، لم تعد متوافرة، ولا يمكن معرفة خارطة الشراكة وغيرها من الخطط الاقتصادية الاستراتيجية، إلا في حال عودة الرئيس الحريري، وانحسار حالة عدم الاستقرار الإقليمي والذي ينعكس داخلياً بشكل كبير، وإلا فإن التحديات الاقتصادية تبقى هائلة.
رائد الخطيب - المستقبل

  • شارك الخبر