hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - نبيه البرجي

لاجىء سياسي في باريس؟

الأحد ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

«...حتى الشيطان يبدو حائراً، ومرتبكاً، حيال ما يجري في الشرق الأوسط»!
هكذا ينظر ليسلي غليب، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، الى ما يدعوه «البانوراما الاغريقية» في المنطقة، وحيث «التقاطع المثير للذهول بين صراع الآلهة وصراع القبائل».
يستغرب كيف يتم زج الله في كل تلك الصراعات، مع أنه يبدو وقد غسل يديه من ذلك المكان الذي اذ كان مهد البدايات بات مهد النهايات. الكل يقاتل، ويقتل، باسم الله «الذي أعتقد أنه نقل حقائبه من الشرق، حيث كانت اقامته الأولى، الى الغرب، أو الى أي ملاذ آخر خال من الآلهة الآخرين».
في باريس تحديداً، يرددون أن دونالد ترامب اذ يرغب في اعادة تشكيل المعمارية الاستراتيجية في الشرق الأوسط، يضع كلتا يديه على كتفي رجلين هما بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان. لا أحد يتوقع «نهاية سعيدة» للمنطقة لأن الأول يود الالتحاق بملوك التوراة، ولو استخدم العصا النووية. الثاني لأنه يبدو كسياسي خرج للتو من العباءة الذهبية لأبيه، وكأنه يهوى السير بين الحرائق.
في العاصمة الفرنسية كلام من قبيل أن هنري كيسنجر ودنيس روس وضعا بين يدي الرئيس الأميركي خطة متكاملة تتعلق بارساء معادلات جديدة في الشرق الأوسط عبر كوندومينيوم غير معلن سعودي ـ اسرائيلي، يبدأ من سوريا تحديداً، ولو أدى الأمر الى صدام مع الروس الذين لا بد أن يقبلوا بصفقة ما في آخر المطاف.
الحديث الفرنسي لا يبدو بعيداًعن المسار الذي تأخذه التطورات. ما يحدث في الجنوب السوري لا يدع مجالاً للشك في أن أي تسوية في سوريا يقتضي أن تمر من تلك المنطقة. بالتالي عقد معاهدة سلام بين دمشق وتل أبيب.
المدينة التي لم تسقط في أيدي المغول الجدد، بالرغم من كل السيناريوات العسكرية التي شاركت فيها قوى دولية واقليمية، وبتغطية مالية ناهزت، أو تجاوزت، العشرة مليارات دولار، هي نقطة الاستقطاب الآن (لاحظوا ما يحدث في نيويورك حول الملف الكيميائي).
كيسنجر وروس اللذان يجمع بينهما الهاجس التوراتي يعتقدان ألا سبيل لايجاد حل للمشكلة الفلسطينية الا باحتواء عاصمة الأمويين. هكذا يتداعى، تلقائياً، «حزب الله» الذي يفقد كل الوسائل اللوجيستية التي بين يديه. كما تتلاشى حركة «حماس» التي يمكن أن يوجد بين قياداتها من يميل الى البراغماتية، والتفاعل مع رام الله، بدلاً من لعبة الصواريخ التي لن تؤدي الى نتيجة.
جاريد كوشنر الذي يعتبر نفسه تلميذ دنيس روس، الديبلوماسي المحنك الذي يعرف ما يوجد حتى داخل جدران وزارة الخارجية، هو من رأى في ولي العهد السعودي «الرأس الذهبي» الذي يمكن أن يذهب الى أبعد الحدود في العلاقات مع اسرائيل لقاء تذليل العقبات التي تحول دون سيطرته التامة على بلدان الخليج، وصولاً الى شواطىء المتوسط.
محمد بن سلمان على رقعة الشطرنج هو الملك. على المسرح السعودي هو الملك (المنتظر). هذا اللقب لا يكفيه.غايته أن يكون شاهنشاه العرب. قد تستغربون المعلومات التي تشير الى أن العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني استغاث بالانكليز ليرصدوا ما هي نظرة الأمير الشاب الى المملكة الهاشمية.
المملكة باقية. هكذا يرى الاسرائيليون الذين في آخر طروحاتهم، اقامة الدولة الفلسطينية على الحدود بين سوريا والعراق، وحتى داخل العراق لتأمين التوازن مع الحضور الايراني في بلاد الرافدين.
عودة الى ليسلي غليب الذي يصف رهانات البيت الأبيض على تسوية تعيد تشكيل قواعد اللعبة في الشرق الأوسط بأنها أقرب ما تكون الى مراقصة الزلزال. غرباً، بوجه عام، بدأت النظرة الى الأمير محمد بن سلمان، تنطوي على الكثير من التشكيك
في «رؤيوية» الرجل الذي اذ زعزع العائلة، يبدو وكأنه يحترف ضرب الرأس في الحائط.
حدث هذا في قطر، اذا بالجيش التركي يصبح على التخوم السعودية. وحدث هذا في لبنان، اذا برجل المملكة الأول، والذي يحمل جنسيتها، الرئيس سعد الحريري، رهينة في قبضة صاحب السمو.
عادل الجبير قال ان الرئيس الحريري سعودي. سعودي رئيساً لحكومة لبنان. البلاط قرر ازالته عن المسرح، وترك جدران القصر تتداعى قبل أن يفاجأ بموقف الرئيس ميشال عون الذي أحدث ما يشبه الزلزال الديبلوماسي في العالم. الاليزيه نجح في تحريره جزئياً وبشروط قبل بها رئيس تيار المستقبل الذي لا خيار أمامه سوى أن يدور حول العباءة السعودية. يقدم استقالته الى رئيس الجمهورية. اما يبقى لتنفيذ السيناريو الملكي أو يعود الى باريس. لاجىء سياسي؟ ربما...
 

  • شارك الخبر