hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - جورج غرّة

اشتدي أزمة فتنكشف النوايا

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 05:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يمكن فصل أي تطوّر في لبنان عن حدث الرابع عشر من شباط من العام 2005، بل عن الأول من تشرين الأول 2004 تاريخ محاولة الإغتيال الفاشلة للوزير مروان حمادة، قبل هذه التواريخ كانت هناك محاولات لتغيير وجه لبنان إنتهت إلى نصف نجاح بخروج الجيش السوري من لبنان مع تقديم كوكبة من الشهداء على مذبح تحرير الوطن، ومنذ ذلك الحين، يسير لبنان على درب جلجلة الحرية، السيادة والإستقلال، تحت وطأة جلّاديه الظالمين، ويوضاصييه الكثر.

تشكّلت منذ ذلك الحين جبهتين وتم فرز القوى السياسية في لبنان بين الثامن من أذار والرابع عشر منه، والصراع السياسي إنحصر بين الفريقين، يستعر ويهدأ بحسب الحاجة وفقاً للتطورات والظروف، وفشلت جميع محاولات إنهاك وإنهاء الطرفين.
تأتي اليوم إستقالة دولة الرئيس سعد الحريري في إطار الصراع المستمر، هذه النتيجة كانت حتمية مهما حاول البعض التركيز على شكل ومكان الإستقالة وإصرار البعض الآخر على الإضاءة على جوهر وعمق الخطوة التي اتخذها الرئيس الحريري، هذا الوضع الناشئ اليوم، كان من المفترض حدوثه بعد الإنتخابات النيابية القادمة وصدور نتائجها، وهذا هو المفصل الذي حدده الرئيس ميشال عون كنقطة إنطلاق حقيقية لعهده، فما الذي حدث؟
في اليوم التالي لمصالحة معراب، ظهر الحجم الحقيقي للصدمة التي أصابت فريق حزب الله الذي كان يركّز إهتمامه على الضغط وإستغلال الشغور الرئاسي لفرض مؤتمر تأسيسي مع إنفتاح بعض القوى السيادية على هذا الموضوع ورفض القوى الأساسية وتحديداً القوات اللبنانية وتيار المستقبل المسّ بدستور الطائف في ظلّ موازين قوى متكافئة سياسياً قادرة على رفض البحث وغير موجودة عسكرياً لتستطيع منع فرض الأفكار المطروحة.
جاء تأييد ترشيح العماد عون للرئاسة ضربة قاضية للمؤتمر التأسيسي من خلال سحب قوة أساسية تستطيع إضفاء الميثاقية على أي طرح، وانكبّ الإهتمام على تأمين جلسة إنتخاب الرئيس وانتهى أي بحث آخر، فالدينامية التي أحدثتها مصالحة معراب تسببت بالشلل لمشروع حزب الله، وكانت هذه ضربة موجعة لمحور كان يراكم مجموعة نجاحات على الأرض السورية ليبني بها إنتصاراً يقلب موازين الداخل.
لم يستسغ حزب الله هذه النكسة، ولم يستطع مقاومة مفاعيلها كثيراً، فاستسلم للأمر الواقع دون أن يتراجع عن محاولات إنهاء ثورة الأرز التي استطاعت بالسياسة مقاومة آلته العسكرية وكسر هيبته. بعد استيعاب الصدمة وإعادة تثبيت العلاقة مع الرئيس عون والتيار الوطني الحرّ التي تزعزعت مع مماطلة حزب الله في إنتخاب الرئيس والتي استمرت حوالي عشرة أشهر، إنتقل حزب الله إلى الخربطة من خلال محاولات قضم الإتفاق على التسوية الحكومية باستبعاد الملفات الخلافية والحفاظ حكومياً على مبدأ النأي بالنفس أتت الإستقالة التي لوّحت بها القوات اللبنانية ونفّذها رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة باستقالة مدويّة ما زال صداها يتردد بعد حوالي أسبوعين من النكران ليس حباً بالحريري بل تنفيذاً لمخطط الفصل بين أقوياء التيار السيادي لتوجيه ضربة نهائية تُلهي تيار المستقبل بمصير رئيسه وتُنهي القوات اللبنانية سياسياً على الأقل.
محاولات الإستفراد هذه، كان مهّد لها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله خلال لقائه كوادر "سرايا المقاومة" بعد إستقالة الحريري مباشرة، كما جاء في التسريب الوحيد لمضمون اللقاء بأن القوات اللبنانية هي الطرف الوحيد القادر على هزّ الإستقرار، ولكن يمكن معالجتها، دون تحديد نوعية العلاج.
هذه الرسالة لا يمكن وضعها سوى في إطارها الصحيح، إنهاء "ثورة الأرز" من خلال الفصل بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، وهو إذ نجح نسبياً وظرفياً في تحييد تيار المستقبل من خلال ضخ كمية من الإشاعات على مدار الساعة زارعاً الشك والخوف لإلهاء أعضاء وقيادات المستقبل بمصير رئيس التيار، تستمر القوات اللبنانية في المواجهة منفردة، محاولة تصويب وتخفيف حدّة بعض المواقف التي تصدر عن بعض المرجعيات، والتأكيد على جوهر الإستقالة وتبنّيها والدعوة إلى التقيّد بمضامين التسوية الرئاسية والحكومية، وتتلقى السهام من الأقربين والأبعدين التي تغمز من قناة تأييدها لرئاسة الجمهورية، فكل محاولات الترويض والترويع لموقف القوات الثابت بإبعاد لبنان عن أحداث المنطقة باءت بالفشل، واليوم أيضاً ستبوء محاولة إستفراد وإخضاع القوات اللبنانية لن يكون مصيرها أفضل من سابقاتها، وهي إن لم تكن تحبذ العزف المنفرد ولكنها تجيد التغريد المنفرد في فضاء الحرية.
 

  • شارك الخبر