hit counter script

مقالات مختارة - رحيل دندش

عرسال «الجديدة» حزينة على الحريري... ولكن!

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع


الاخبار

يتوجب التمييز بين مرحلتين في عرسال. مرحلة ما بعد 2005 حين كان تيار المستقبل هو «الهواء الذي يتنفسه العراسلة»، كما يخبرنا صادق الحجيري، وهو ناشط معروف في البلدة، وبين مرحلة ما بعد آب 2014. سابقاً، كان خبر كاستقالة الحريري كفيلاً بأن «يطلق التظاهرات وقد يؤدي إلى قطع طرقات ورفع الخطاب المذهبي إلى أعلى مستوياته». عرسال لبنانية، وما ينسحب على تركيبة اللبنانيين عندما نتحدث عن طوائف ينسحب عليهم. لكن مدير صفحة «عدسة عرسال» على الفايسبوك، يؤكد أن «العرساليين تعبوا». لا يلغي ذلك أنهم بالتأكيد غير راضين عن احتجاز رئيس حكومتهم، كما هي حال معظم اللبنانيين.

في عرسال لوم وغضب على السعودية قد يصل إلى الدعوة للقطيعة، فـ«أبناء البلدة لبنانيون وليسوا سعوديين»، كما يقول المهندس خالد الحجيري. في السياسة، استقالة الحريري تضيف وقعاً إلى نغمة «الإحباط السني»، وهذا صحيح، لكن «ثمة مرحلة جديدة في البلدة».
عرسال في مرحلة ترميم. بعد خروج «النصرة» عسكرياً من جرودها، البلدة تحاول النهوض. الأحداث كثيرة، والناس «ما بيدها حيلة». يقول صادق: «إلتعن أبونا ولم نر أحداً، شو طلعلنا؟». الناس في عرسال فهمت «اللعبة». يفكرون في كيفية إعادة تمتين العلاقة مع الجوار، في المجتمع وفي الاقتصاد.

أولوية «عرسال ما بعد أبو عجينة وأبو طاقية» التصالح مع الجوار
هدوء، وحذر من أي خطوة للعودة إلى الوراء. هذا هو «الجو» عموماً في «عرسال ما بعد أبو عجينة وأبو طاقية». الناس لا يريدون أي تصعيد. يحزنهم أن يُحتجز الرئيس، ولكن هذا «موقف وطني» أكثر منه موقفاً طائفياً. هذا الموقف، سبقه تراجع حضور «المستقبل» المباشر في البلدة بعد الانتخابات البلدية. «سقطت اللائحة كاملة حتى إنهم لم يستطيعوا جلب مختار»، كما يقول خالد الحجيري. ربح المستقلون وعادت المياه إلى مجاريها في البلدة. المستقلون مستقلون ولكنهم «عراسلة». وفي حالة الحريري، ينسحب عليهم ما ينسحب على اللبنانيين: الاحتجاز مرفوض، ولكن في سياق وطني واسع، لا حزبي ضيّق.
رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري يؤكد الأمر: «البلدة تعيش القلق الوطني ذاته على الصعيدين الأمني والاقتصادي بعد الاستقالة». يطرح أسئلة لا تتسق كثيراً مع «الخطاب الرسمي» لنواب «المستقبل»: «هل جاءت الاستقالة بإرادة الرئيس أم كان للسعودية دور في ذلك؟». سرعان ما يوضح: «شأن كل اللبنانيين ننتظر أن تتضح الأمور». تبقى لعرسال خصوصية. فهي تخشى من أي «كركبة» جديدة في الأوضاع، بعدما سوّق لخلاف بينها وبين محيطها. معركة عرسال الأساسية اليوم، بحسب باسل الحجيري، «معركة تنموية»، ولا ارتباط سياسياً لها بأحد رغم «الاحترام الذي تكنه البلدة للمملكة السعودية كما تحترم أي دولة أخرى». بطبيعة الحال، لا يعني هذا أن أهل عرسال محسوبون على أحزاب أخرى أو يناصرونها، وإن كانوا يناصرون «الخطوط» الوطنية العامة: «لا يمكن لأي تيار وحزب سياسي أن يقول: عرسال في جيبتي»، كما يؤكد رئيس بلديتها.
كثير من المرارة في حديث العراسلة اليوم. يخبرنا صادق الحجيري إنه عام 2014 أيّد أهل عرسال بغالبيتهم «الثورة السورية». لكن ما حصل لاحقاً غيّر الصورة والآراء: «الناس شافت إنوّ الثوار إجوا احتلّونا وخربوا بيوتنا. ما عاد ننجرّ بالعواطف. بدنا اليوم مصلحتنا». يكرر كلاماً لبنانياً عن ضرورة إيجاد حل لأزمة النازحين السوريين، ولا سيما أن «10 آلاف منهم فقط عادوا إلى ادلب، بينما بقي 80 ألفاً في عرسال». وهذا رقم عملاق يفوق قدرة استيعاب بلدة، في الأساس أهلها فقراء، ويشاركون البقاع عموماً آثار إهمال الدولة. وكما في البقاع كذلك في عرسال، يقول صادق الحجيري: «الناس شبعوا وعوداً. فالحكومات المتعاقبة وتيار المستقبل وعدوا البلدة بـ 15 مليون دولار كمساعدات عام 2014 لم نر منها فلساً». كما وعدوا بالتعويض عن موسم الكرز العام الماضي بنحو 10 مليارات ليرة لم يصرف منها شيء و«كله حبر على الورق». اليوم عرسال تريد مصلحتها. بـ«المشبرحي»، يقولها صادق الحجيري، «90% من الحجر العرسالي بيروح على الجنوب، لماذا أستعدي المجتمع اللبناني الذي لا يريد أن يستعديني؟». أكثر من ذلك، فإن أكثر ما يسوء العرسالي هو وصمة الرعب والإرهاب التي تلاحقه أينما حلّ: «لما يعرفوك من عرسال العالم بينأذوا. والإعلام لعب دور سلبي من هالناحية»، كما يقول خالد الحجيري. وكأن على العرسالي أن يقدم دائماً إثباتات بأنه ليس «داعشياً».
العرسالي اليوم يقول إنه مع الدولة. ولهذا هو مع عودة الحريري، بوصفه رئيساً لحكومة هذه الدولة. كل ما يريده العرساليون حقاً هو العمل، ومحو آثار الحرب السورية. يريدون إعمار عرسال والعودة إلى المناشر والمقالع وإزالة الألغام من الجرود التي تمتد على مساحة 400 كلم مربع. ما تنتظره عرسال هو «فك الارتباط» بينها وبين الماضي. تنتظر ما انتظرته طويلاً: «الدولة»، فهل تعود؟

  • شارك الخبر