hit counter script
شريط الأحداث

أخبار اقتصادية ومالية

الليرة بخير ولكن ماذا عن الإقتصاد اللبناني؟‎

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 16:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مع إستقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، يدخل لبنان مرحلة من الغموض السياسي، الإقتصادي والإجتماعي. هذه المرحلة من الغموض لن تطال الثبات النقدي بحكم أن السياسة النقدية أخذت كل الإحتياطات اللازمة وأصبحت معها عملية إنهيار الليرة اللبنانية بفعل الأحداث السياسية أمرًا مُستحيلًا، ولكنّها ستطال الإقتصاد بحسب التطوّرات السياسية. من أعظم ما قدّمت النظرية الإقتصادية للعالم، هو فصل السياسة المالية التي هي من مسؤولية الحكومة عن السياسة النقدية التي هي من مسؤولية المصرف المركزي. وقد أثبتت الأحداث التي عصفت بلبنان أن مصرف لبنان بسياسته النقدية التي تعتمد الثبات، إستطاع عزلّ التداعيات السلبية للأحداث ...

من أعظم ما قدّمت النظرية الإقتصادية للعالم، هو فصل السياسة المالية التي هي من مسؤولية الحكومة عن السياسة النقدية التي هي من مسؤولية المصرف المركزي. وقد أثبتت الأحداث التي عصفت بلبنان أن مصرف لبنان بسياسته النقدية التي تعتمد الثبات، إستطاع عزلّ التداعيات السلبية للأحداث السياسية عن الثبات النقدي وذلك من خلال عمليات وهندسات مالية يقوم بها.

وتُظهر البيانات التاريخية لسعر صرف الليرة (مصدرها Investing.com) وتسلّل الأحداث السياسية والأمنية (مصدرها ويكيبيديا)، أن مصرف لبنان إستطاع المحافظة على سعر صرف ثابت لليرة اللبنانية مُقابل الدولار الأميركي على الرغم من قساوة الأحداث التي عصفت بلبنان منذ تولّي رياض سلامة سدّة حاكمية مصرف لبنان وحتى يومنا هذا. فمن عناقيد الغضب إلى إستقالة الرئيس سعد الحريري مرورًا بإغتيال الرئيس رفيق الحريري، عدوان تمّوز، أحداث 7 أيار، الأزمة السورية، موجة التفجيرات، والفراغ الرئاسي، فشلت كلّ هذه الأحداث بإضعاف الليرة اللبنانية والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى سياسة الثبات النقدي التي إعتمدها رياض سلامة.

وعلت في الآونة الأخيرة إنتقادات وحملات مُمنهجة طالت سياسة مصرف لبنان النقدية وشخص رياض سلامة وندّدت بسياسة الثبات النقدي والهندسة المالية التي قام بها مصرف لبنان ما بين أيار وآب من العام الماضي. لكن اليوم يظهر إلى العلن أحقّية هذه السياسة وقدرة مصرف لبنان الهائلة على تخطّي أزمة إستقالة الرئيس الحريري بفضل إحتياط هائل من العملات الأجنبية يعود فضل تكوينها إلى شخص رياض سلامة.

وتُظهر بيانات أصول مصرف لبنان (مصدرها البوابة الإلكترونية لمصرف لبنان) أنها إرتفعت بشكل كبير من 15 مليار دولار أميركي في أوائل هذا القرن إلى أكثر من 108 مليار دولار أميركي حاليًا. ويعود هذا الإرتفاع بالدرجة الأولى إلى إرتفاع الإحتياط من العملات الأجنبية.


تداعيات إستقالة الحريري على الثبات النقدّي

إن إستقالة الرئيس الحريري تُشكّل ضربة قاسية على لبنان وتفرض مرحلة من الغموض السياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي. وبحكم أن هذه الإستقالة تأتي في نطاق خطّة أوسع لتغيير واقع إقليمي مُعيّن، يُمكن لسيناريوهات تداعياتها على لبنان أن تأخذ أبعادًا كبيرة تُعظّمها سياسة التطويق المالي المفروضة على حزب الله من قبل الولايات المُتحدة الأميركية وحلفائها:

أولًا – التداعيات على سعر صرف الليرة اللبنانية: تُظهر المُحاكاة الإحصائية التي قمنا بها أن مصرف لبنان قادر بفضل إحتياطه من العملات الأجنبية على إستيعاب أي عملية مُضاربة على الليرة اللبنانية. فحجم السوق المحلّي يبقى ضئيلًا أمام قدرة مصرف لبنان على تأمين العملات الصعبة وطرحها في السوق إذا لزم الأمر. أما المُضاربات التي قد تقوم بها بعض الصناديق الإستثمارية على الليرة اللبنانية فهي محكومة بالإعدام قبل ولادتها من ناحية أن مصرف لبنان يتحكّم بأوصال المضاربة عبر تعاميمه الصارمة.
من هذا المُنطلق، يُمكن الجزم أن الليرة اللبنانية لن تتأثر نتيجة الضغوطات التي قدّ تُمارس عليها من قبل المُستثمرين.

ثانيًا – على الصعيد الإقتصادي والمالي: إن إستقالة الحريري يجعل من الحكومة حكومة تصريف أعمال بمعناها الضيق بحسب الخبراء القانونيين. وهذا الأمر يعني أن القرار الإقتصادي سيتوقّف ويقتصر على بعض المُعاملات الإدارية المحدودة التي لا يُمكنها أن تُلبّي حاجة الإقتصاد. وعلى هذا الصعيد هناك عدد من السيناريوهات التي ستواكب المرحلة المُقبلة:سيناريو إعادة تكليف الرئيس الحريري، سيناريو تكليف رئيس من 8 أذار أو مُقرّب من 8 أذار، وسيناريو تكليف رئيس من 14 أذار أو وسطي.

وتبقى تركيبة الحكومة من أكثر الصعوبات التي ستواجه هذه السيناريوهات نظرًا إلى زيادة الشرخ السياسي الناتج عن التموضع الإقليمي للقوى السياسية. من هنا نرى أن مرحلة التصريف قدّ تمتدّ إلى فترة الإنتخابات النيابية.

من هذا المُنطلق نرى أنه مهما كان السيناريو المُعتمد (لون رئيس الحكومة والتشكيلة التي سيُنجزها أو حكومة تصريف)، ستبقى القرارات الإقتصادية محدودة بنسبة كبيرة وستقتصر على بعض المشاريع من هنا أو من هناك.

هذا الواقع الذي يتزامن مع حمّلة واسعة للتضييق المالي والإقتصادي على حزب الله من قبل الولايات المُتحدة الأميركية وحلفائها الخليجيين والأوروبيين، سيكون له تداعيات سلبية على الأصعدة التالية:

- ماليًا حيث سيتمّ وقف العديد من التحويلات المالية التي قد تكون موضع شك إضافة إلى تضييق الخناق على لبنانيين يعملون في الخارج مما يعني ترجعًا نسبيًا في التحاويل المالية. لكن هذا التراجع يبقى محدودًا نظرًا لعدة عوامل على رأسها الإرادة الدوّلية بعدم ضرب الإقتصاد اللبناني.

- إقتصاديًا حيث سيتمّ وقف العديد من العمليات التجارية بين لبنان وبعض البلدان الخارجية مما يعني إنخفاض الصادرات والإستيراد في نفس الوقت.أيضًا سيتأثر القطاع السياحي اللبناني نتيجة الحضر الخليجي شبه الأكيد الذي سيُفرض مع التصعيد ضد حزب الله.

هذا التراجع الإقتصادي قد يأخذ منحى تصاعدي مُختلف بحسب السيناريو الحكومي المطروح، لكن الأمر الأكيد هو أن التراجع الإقتصادي مُحتّم ومعه لن يكون هناك موازنة للعام 2018 ولا خطّة إقتصادية وستكون المرحلة القادمة مرحلة الصرف على أساس القاعدة الإثني عشرية مما سيزيد من عجز الموازنة.

ثالثًا – على الصعيد الإجتماعي : إن التدهور الإقتصادي المُتوقّع وغياب القرار الإقتصادي سيؤدّي حتمًا إلى بدء التململ الشعبي حيث من المُتوقّع أن تبدأ الإحتجاجات الشعبية نتيجة تردي الوضع الإقتصادي والذي سيُنتجه غياب القرار الحكومي.

إننا إذ نرى في المرحلة المقبلة مرحلة حساسة وخطرة تفرض على اللبنانيين الكثير من الحذر، ندعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الأسراع في تكليف رئيس حكومة من دون لون سياسي على أن تكون الحكومة حكومة تكنوقراط من خارج الأحزاب السياسية وتكون مُهمّتها الرئيسية تأمين حسن سير الإنتخابات النيابية في موعدها.

 

  • شارك الخبر