hit counter script

أخبار محليّة

فيصل بن معمر: زيارة الراعي للسعودية لتوثيق العلاقات بين الأديان

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ما أحوجنا في هذه الايام الصعبة إلى صوت عاقل يرتفع في حفلة جنون تعيشها المنطقة. الى من يرى في الاعتدال قوة والحوار سبيلاً، الى من يُعلي صوت العلم والثقافة، على أصوات المدافع وطبول الحرب. العمل على إرساء ثقافة الحوار وترسيخها، مهمة أخذها على عاتقه مركز الملك عبد الله الدولي للحوار الذي تأسس كمنظمة دولية مقرها فيينا عام ٢٠١٢، بمبادرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز وبالتعاون مع النمسا وإسبانيا والفاتيكان كعضو مراقب ومؤسس. وهنا نستذكر رمزية إهداء الملك عبدالله سيفاً من ذهب الى بابا الفاتيكان بينيدكتوس السادس عشر عام ٢٠٠٧. رمزيّةٌ ذكّر بها الامين العام للمركز، والامين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في الرياض فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، خلال زيارة قام بها مؤخراً الى لبنان، والتقى خلالها رؤساء الطوائف، موجّهاً لهم دعوة الى المشاركة في المؤتمر الذي سيعقده المركز في شباط المقبل في فيينا تحت عنوان: «متّحدون لمناهضة العنف باسم الدين ـ تعزيز التنوع والمواطنة المشتركة من خلال الحوار».

خلال الزيارة تحدث بن معمر عن إطلاق شبكة كليّات ومعاهد دينية اسلامية ومسيحية هي الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، تهدف الى تأسيس جيل جديد يعتمد الحوار أداة لتعزيز التعايش السلمي وبناء التماسك الاجتماعي، مشيراً الى تأسيس منصة للقيادات والمؤسسات الدينية في العالم العربي، تساهم في تعزيز التعايش والاحترام والمحافظة على التنوع تحت مظلة المواطنة المشتركة.

الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدولي للحوار خصّ المستقبل بلقاء قال فيه إن الهدف من الزيارة كان إطلاع الشركاء الذين ساهموا مع المركز في مشروع «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» على ما تحقق من نتائج، وتقييمها بعد ثلاث سنوات على إطلاق المشروع. وعن الدور الذي يمكن أن يلعبه لبنان في الدفع باتجاه ثقافة الحوار، شبّه الامين العام لبنان ببيت خبرة كبير، متطلعاً الى التعلم من تجربته في العيش المشترك واحترام التنوع. أما عما إذا كان من الممكن أن يتحول الحديث عن وحدة داخل التنوع الى واقع معيوش اذا ما توافرت النوايا، فأشار الى «إرتفاع صوت في هذه الأيام في كثير من المنتديات يدعو الى المواطنة المشتركة، وهذه المواطنة تحتاج الى الكثير من العمل والجهد ويمكن أن تشكل مشروعاً مستقبلياً عظيماً يعمل عليه صانعو السياسات في العالم العربي، من خلال اعتماد الحوار العقلاني الذي يوفر أسساً لآليات واخلاقيات الحوار».

ولدى سؤاله عن الزيارة المرتقبة لغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى المملكة العربية السعودية، قال «إنها دليل كبير على اهتمام المملكة بشكل أساسي بتوثيق العلاقات مع اتباع الاديان والثقافات، وانطلاقة جديدة للتعاون مع المؤسسات المسيحية وغيرها في لبنان». مضيفاً: «عندما نتحدث عن توثيق العلاقات مع اخواننا في الدول العربية، تعتبر الزيارة مبادرة لها قيمتها العالية جدا، التي سيكون لها الأثر الكبير. فالمملكة العربية السعودية تقوم الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده محمد بن سلمان بخطوات تطويرية وتحديثية تتناسب مع ما حققته من انجازات. وهي خطوات متعددة سوف يكون لها أبعاد كبيرة، ذلك أن المملكة تعتبر نفسها بيت العرب، وفيها من الحرص والاهتمام بقضايا العرب والعالم الاسلامي الشيء الكثير. طبعا في الجانب الآخر، تصّب هذه الجهود الجبارة في محاولات لايقاف نزيف التطرف، وهذا أمر يحظى بالتأييد من كل الجوانب الدينية والسياسية. لقد أعلنت المملكة بشكل واضح على لسان سمو ولي العهد، انه يجب القضاء على التطرف دون أي تضييع للوقت».

في ظل هذه الأجواء والمعطيات هل يمكن وصف محاولات ترسيخ ثقافة الحوار، بمعركة وعي يخوضها المؤمنون بهذا النهج الى جانب العمل في الأطر السياسية والدينية؟ سؤال رد عليه بن معمر بالقول: «لدينا في المملكة العربية السعودية تجربة قوية في مجال الحوار الوطني ومجال الحوار بين اتباع الديانات والثقافات. لقد بدأ هذا المشروع منذ عام ٢٠٠٣، ونحن في الحقيقة نعمل على ترسيخ ثقافة الحوار وجعلها طبعا من طباع المجتمع واسلوب حياة. لذلك من المهم جداً أن يشمل المشروع اماكن العبادة، خصوصا المسجد، وأن يطال أيضاً الأسرة والمدرسة ووسائل الاعلام. يجب أن يخرج الحوار من النخب الى العامة، ويتوسع عن طريق المؤسسات القائمة التي تغذي الناس بالافكار، فالمسجد او الكنيسة مثلاً، مؤسسات تلعب دوراً كبيراً في ايصال القيم والافكار لاتباعها. كذلك الامر بالنسبة للتعليم، يجب أن نبدأ بغرس ثقافة الحوار في وعي الاطفال من الحضانة مرورا بما يليها من سنوات دراسية، دون أن نغفل دور الأسرة وتربيتها، وفوق ذلك دور الاعلام. وهنا دعوة الى وسائل الاعلام بان تكون قادرة على المشاركة الكاملة في موضوع تحقيق اهداف الحوار، مشاركة فاعلة تتيح تنشيط مؤسسات الحوار. ذلك أن المسؤولية مشتركة، خمسون بالمئة حوار وخمسون بالمئة إعلام، وبدون ذلك التعاون وتلك المشاركة، هناك صعوبة في الوصول الى ما نأمل به».

كيف يمكن ان تتوسع هذه الفكرة وهذه الثقافة لتشمل المنطقة ككل وليس فقط العالم العربي؟ وهل يمكن الحديث عن ارضية مشتركة للحوار على الصعيد الاقليمي بشكل عام بمختلف قومياته؟ يرى الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدولي للحوار، أن «ثقافة الحوار إذا ما بدأت بالانتشار في مكان ما، فلا بد أن تتحول الى عدوى خير. بمعنى اذا انتشرت بشكل ايجابي تنتشر كعدوى بطريقة ايجابية». وبكلام أوضح: «هي حلقات تبدأ الأولى منها من النطاق المحلي، ثم النطاق الاقليمي وصولا بعد ذلك الى النطاق العالمي. واذا لم تنتقل الامور عبر هذه الحلقات يكون هناك خلل. لا يمكن البدء على النطاق الدولي وتناسي النطاق المحلي، ودائما البداية يجب ان تكون تأسيسية، أي الانطلاق من وضع ركائز البنية الاساسية، ثم الانطلاق بعد ذلك من القاعدة الى الهرم».

ختاما، كان تركيز على «أهمية محاولة نشر ثقافة الحوار وإعلاء القيم الانسانية المتسامحة، كلٌ على قدر إمكاناته، مهما كانت الصعاب». وقد ودّعنا الأمين العام وهو في طريقه الى المطار مغادرا بيروت متمتماً: «أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام».
جمانة نمور - المستقبل

  • شارك الخبر