hit counter script

أخبار محليّة

أزمات موضعية في لبنان تحت سقف الاستقرار

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مع بدء العدّ العكسي لدخول عهد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون عامه الثاني في 31 الجاري، توحي «جرْدة الحساب» للسنة الأولى على التسوية السياسية التي كانت أنهتْ فراغاً رئاسياً امتدّ لنحو 30 شهراً، بأن المسار الذي أَمْلى «فكّ الاشتباك» الداخلي على قاعدة انتخاب عون وعودة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الى رئاسة الحكومة ما زال يشكّل ما يشبه «حبل النجاة» للواقع اللبناني الصامد أمام «العصْف» الاقليمي المفتوح على المزيد من الفصول الساخنة.

وتؤشر المعطيات الداخلية إلى أن أياً من الأفرقاء الوازنين في لبنان ليس في وارد، أقلّه في المدى المنظور، المساس بمرتكزات الاستقرار الذي وفّرتْه التسوية، لا سيما أن أفق «الهجمة» الخارجية المرتقبة على «حزب الله» وإيران غير واضح المَعالم والحدود، في حين أن خصوم الحزب يرْكنون إلى التسوية باعتبارها تعبيراً عن موازين قوى سيكون من الصعب القفز فوقها وخصوصاً في ضوء التحولات في المنطقة وفقدان الدينامية الداخلية كما الأدوات الكفيلة بنقل الوضع اللبناني إلى مرحلة مواجهةٍ مباشرة سيكون الاستقرار أولى ضحاياها.

ولم يكن عابراً عشية مرور سنة على التسوية تظهير وزير الداخلية نهاد المشنوق أنها «تعرّضتْ لهزات طفيفة أَمكن تجاوزها»، مضيفاً: «انتخبنا رئيساً للجمهورية نختلف معه وهذا حقنا الدستوري، وكل يوم أتأكد أن هذه التسوية أثبتت نجاحها، فالرئيس عون حريص كل الحرص على التوافق السياسي ويلتزم الدستور والقوانين بما يتناسب مع صلاحياته الدستورية والفصل بين السلطات الذي يحافظ على مكانة كل سلطة، ولولا دعمه لما أُنجزت الكثير من الملفات».

وإذا كان كلام وزير الداخلية أمس يشكّل في جانبٍ منه رداً على مناخاتٍ تشيع بأن التسوية جاءت على حساب البيئة السياسية لرئيس الحكومة وأنها سبّبتْ إحباطاً في البيئة الشعبية، فجاء المشنوق ليحاول تظهير المكاسب من هذه التسوية و«إنجازاتها»، فإن الجانب الآخر يعطي المزيد من الإشارات الى أن واقع «ربْط النزاع» سيستمرّ على صموده أقلّه حتى الانتخابات النيابية المقبلة (مايو 2018)، إلا إذ طرأت تطورات دراماتيكية في المنطقة أو على صعيد المواجهة الأميركية - الإيرانية تُمْلي تغيير قواعد اللعبة.

ومن هنا، فإن الأجواء التي سادت في الساعات الماضية حول إمكان استقالة وزراء حزب «القوات اللبنانية» من الحكومة تبدو أكثر في سياق التعبيرات عن أزمةٍ بين «القوات» وأطراف في الحكومة تتصل بكيفية إدارة السلطة والشفافية في بعض الملفات، ولكن تحت سقف التسوية التي كان رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع أعطى من أستراليا أبعادها الاستراتيجية، راسماً مخاطر الإطاحة بها في هذا التوقيت.

وتبعاً لذلك، تشير أوساط سياسية الى أن طرْح مسألة استقالة وزراء «القوات» هي في سياق «جرس الإنذار» برسم أكثر من طرف، لا سيما «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) وحتى تيار «المستقبل»، في ظل ملاحظات «القوات» وبالصوت العالي داخل الحكومة وخارجها اعتراضاً على حجب اعتمادات عن وزاراتها والتأخر في بتّ تعيينات ومناقصاتٍ تَعتبر أنها لا تراعي معايير الشفافية، مستبعدة أن تكون «القوات» في وارد الاستقالة على خلفية هذه التباينات، خصوصاً ان مثل هذه الخطوة لها حسابات كبرى ليس أقلّها رغبة خصومها (من «8 آذار») في رؤيتها خارج السلطة ومعزولة، هي التي شكّلت إحدى ركائز التسوية التي أوصلت عون الى قصر بعبدا.

وفيما أطلّ وزير الإعلام ملحم الرياشي (من «القوات») على هذه الأبعاد، قائلاً «إن استقالتنا من الحكومة مرتبطة بأدائنا في مجلس الوزراء وعندما يصبح حضورنا لزوم ما لا يلزم، ولكن وجودنا في الحكومة مُنْتِج ولو لم يكن على قدر طموحنا»، لاقاه رئيس جهاز الاعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور مؤكداً ان «الاستقالة مطروحة منذ اللحظة الأولى لدخولنا الحكومة باعتبار أن السلطة بالنسبة إلينا وسيلة لنقل البلاد من مرحلة إلى أخرى، فضلاً عن أن ورقة وجودنا في السلطة لن نقدّمها على طبق من فضة لأخصامنا أو لحلفائنا الذين ربما يرتاحون لخروجنا من الحكومة من، أما اذا وصلت الأمور إلى أبواب مقفلة فيُبنى على الشيء مقتضاه». وأضاف: «الاستقالة من هذا المنطلق مطروحة، لكن ليس كما يُصور من اجل الغد او بعد الغد... والأمر مفتوح وفقاً لطريقة تعاطي القوى السياسية...».

في غضون ذلك، بدأ حكم الإعدام الذي أصدره المجلس العدلي بحقّ قاتليْ الرئيس اللبناني بشير الجميّل (العام 1982) حبيب الشرتوني ونبيل العلم (كلاهما من «الحزب السوري القومي الاجتماعي») يثير تفاعلات أمنية وسياسية، في ضوء محاولة إضرام النار في مكتبيْ حزبيْ «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» في عكار (الشمال) ما أدى لاحتراق شعاريْهما على المقرّيْن، وهو الحادث الذي جاء على وهج اعتراضاتٍ معلنة من «القومي» ومناصرين له على الحكم واعتبار الشرتوني «بطلاً» والجميّل «مُجرماً وعميلاً لاسرائيل نُفذ به حكم الشعب».

وكان لافتاً أوّل دخول لـ «حزب الله» على خط الحكم على الشرتوني والعلم من باب اعتبار نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «ان تبرير التعامل مع العدو الإسرائيلي في حقبة زمنية معيّنة لا يبرئ العميل لأن إسرائيل عدو، وكل مَن يتعامل معها هو في خانة سلبية يُنعت بشيء من العمالة»، فيما ذهب النائب حسن فضل الله الى «أن الهوية الوطنية اللبنانية هي هوية مقاوِمة ولن يستطيع أحد أن يغيّر فيها بأي إجراءٍ أو خطاب أو كلام، لا سيما وأنّ العصر الإسرائيلي والمشروع التكفيري انتهيا في لبنان».
"الراي"

  • شارك الخبر