hit counter script

مقالات مختارة - رضوان الذيب - الديار

هل قال وزراء التيار في الحكومة ان وزراء القوات يعرقلون العهد

الأحد ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هل تنفجر الحكومة وتسقط التسوية السياسية القائمة منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد ارتفاع حدة الخلاف بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية داخل الحكومة وخارجها على كيفية ادارة الشأن العام.
مصدر في القوات اللبنانية، اكد ان وزراء القوات متجهون الى الاستقالة، وان رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع المتواجد في اوستراليا، قال لوزراء القوات اللبنانية «حضروا حالكم للاستقالة»، ووضع قيادات القوات اللبنانية في هذه الاجواء اعتراضاً على النهج السائد في ادارة شؤون البلاد، «وحاولنا الاصلاح فلم نصل الى نتيجة»، ويقول المصدر القواتي، ان الدكتور سمير جعجع متجه الى اتخاذ قرار استقالة وزرائه من الحكومة، وان خطاب نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان في المجلس النيابي لم يأت من فراغ بل بقرار حزبي، وجزم المصدر القواتي، ان استقالة وزراء القوات ليست اشاعة او خبراً للتداول السياسي بل قرار جدي سيظهر اما خلال ايام او اسبوعين وربما فور عودة الدكتور جعجع من زيارة اوستراليا.

وذكرت مصادر سياسية مطلعة على الاوضاع، ان خلافاً كبيراً وقع بين حزب القوات اللبنانية وحزب التيار الوطني الحرّ، كذلك فان حزب القوات اللبنانية له ملاحظات على اداء رئيس الحكومة سعد الحريري وتسليمه كل الامور الى العهد، كما ان القوات اللبنانية لم تعد ترى اي شفافية في اداء الحكومة ولا ترى في سياسة الدولة توجهاً نحو وقف الهدر والصفقات، فيما اصبح وجود القوات في الحكومة نسبة لمصادر قواتية، «كشهود زور» والدكتور جعجع لن يقبل بان يكون وزراء القوات شهود زور على الهدر والصفقات والتعيينات وتقسيم أمور الدولة ومصالحها الى حصص بين المسؤولين على كافة المستويات.

فالقوات اللبنانية تعارض السياسات الاقتصادية المتبعة ولها اعتراضات على النهج القائم، وعلى كيفية اجراء التعيينات، حيث تأخذ امل وحزب الله والاشتراكي والمستقبل وفرنجية ما يريدون، فيما القوات شريكة العهد تحرم من كل شيء رغم وجود 3 وزراء للقوات، والتعيينات محصورة بالتيار الوطني الحرّ، كما ان التعيينات لا تقر الا بعد اجتماع رئيس الحكومة والوزير جبران باسيل.
وعما آلت اليه الامور داخل الحكومة، قال المصدر في القوات اللبنانية، لا شك ان الامور الخلافية ليست فقط بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، بل اعتراض القوات يعود الى وجود ذهنية سياسية غير مقبولة في ادارة الشؤون العامة.
واضاف: القوات كانت وحيدة في التصدي لتشكيل لجنة وزارية لالغاء لجنة المناقصات في الكهرباء، والقوات اعترضت على تلزيم شركة لتقديم دراسات اقتصادية.

واضاف: بدأت القوات اللبنانية ترى ومن خلال الممارسة وجود ذهنية سياسية غير مقبولة، وممارسة «متعصبة» عند فئة سياسية معينة وامكانية تعديل نهجها امر صعب ومتعذر، وهذا لا يعني اننا وصلنا الى مرحلة اليأس والعجز عن التأثير، ولكننا لن نقبل باستمرار هذه السياسة، وبدأنا التفكير بالاستقالة من الحكومة، والاستقالة مطروحة، ونفكر بالامر جدياً، ولن نقبل بتمرير ملف الكهرباء على قاعدة ان تكون الشركة التركية وليس لادارة المناقصات، وتابع: قمنا بعمل «جبار» في ملف الكهرباء وتصويبه ولن نسمح بان تكون الاجتماعات السابقة تضييع وقت.
وكشف المصدر القواتي، عن وجود عقلية وذهنية مختلفة في ادارة الشأن العام بين القوات والتيار، لكننا لسنا بوارد العودة الى مرحلة الصدام والخلاف والى ما قبل مصالحة معراب، وان تبقى خلافاتنا سياسية، وان لا تصل الى القطيعة. المطلوب نقاش جدي لان العلاقة «مأزومة» في هذه المرحلة وبحاجة الى عناية حقيقية، لان نقاط الخلاف بيننا اصبحت اكثر من نقاط التلاقي وهذه هي الحقيقة، لكن الامور لا تحل بالقطيعة.

القوى المسيحية

والسؤال، اذا اقدم وزراء القوات على الاستقالة، فان الحكومة تصبح بدون غطاء مسيحي وازن، مع وجود القوات والكتائب والاحرار وشخصيات مسيحية مستقلة وقوى في 14 آذار خارجها، هذا ما سيجعل المعارضة المسيحية قوية ضد العهد بالدرجة الاولى وربما ادت الى تغييرات في موازين القوى بعد الانتخابات النيابية.

جلسة الحكومة وتصاعد الخلافات

وقد شهدت جلسة الحكومة الاخيرة تصاعداً في الخلاف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، واللافت ان نقاشات الجلسة اظهرت ان القوات باتت خارج السرب. فالقوات ظهرت وحيدة في مجلس الوزراء حاملة لواء الشفافية. وفي مواجهة ملف الكهرباء والتلزيمات بالتراضي، وظهر الخلاف الكبير بين وزراء القوات من جهة ووزراء عون بشكل كبير ومع وزراء الحريري بشكل اخف، والسؤال : هل قال عندها وزراء التيار في الحكومة ان وزراء القوات يعرقلون العهد او «ناطرينا على الكوع».
والبارز، ان وزراء القوات اعترضوا على المسار الجديد في ملف الكهرباء والذي يسمح لمجلس الوزراء بوضع يده على ملف الكهرباء عبر لجنة وزارية برئاسة الحريري وعضوية وزراء الطاقة والشباب والرياضة والاشغال والمال وضم اليها الوزيرين ايمن شقير وعلي قانصو وقد رفض وزير الصحة غسان حاصباني الانضمام الى اللجنة، وهذه اللجنة مهمتها بعد اسبوع اتخاذ القرار بتلزيمات الكهرباء مهما كان قرار لجنة المناقصات، واعترض وزراء القوات على هذا النهج وكل ما يجري كهربائياً. ورفضوا بأن تأخذ اللجنة دور هيئة ادارة المناقصات، ولكن القرار بتشكيل اللجنة اتخذ بالتصويت ومعارضة وزراء القوات فقط.

وحسب المتابعين فان الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر مستاءان من موقف القوات بالامتناع عن التصويت على الموازنة واعتراضهم على نشرها قبل اتمام قطع الحساب، الذي تعهد الرئيس ميشال عون شخصيا بانجازه خلال سنة، كي يتم تمرير الموازنة. فيما اصر وزراء القوات على اعتبار النشر مخالفا للمادة 87 من الدستور المرتبط بقطع الحساب.

كما اعترض وزراء القوات على اقرار وزير الاقتصاد رائد خوري بتكليف شركة «ماكيزي» اعداد دراسة عن الوضع الاقتصادي.
اما في ملف تلفزيون لبنان فبعد جولات الوزير ملحم الرياشي المكوكية، وتلقيه وعداً من الرئيس الحريري بوضع مجلس ادارة تلفزيون لبنان على جلسة مجلس الوزراء الاخيرة واتصل الحريري بمدير عام مجلس الوزراء لهذه الغاية، والمعلومات تشير الى ان وزراء التيار اصروا على رفض ذلك، واجروا اتصالاً بمدير عام مجلس الوزراء من اجل عدم ادراجه واتصل الحريري بالرياشي واعداً ادراجه في الجلسة المقبلة.

ويستبعد مطلعون على هذا الملف انجازه بدون تسوية شاملة تطال مؤسسات الاعلام الرسمي جميعها والتعيينات فيها من الوكالة الوطنية للاعلام الى المجلس الوطني للاعلام الى تلفزيون لبنان وللرئيس عون الكلمة الفصل، علماً ان الوزير رياشي كان من اوائل الوزراء الذين قدموا خطة لتطوير عمل الاعلام الرسمي وتحويل وزارة الاعلام الى وزارة للحوار اصطدمت بعراقيل المحاصصات حتى انه قال في احد المجالس لم اكن اتصور ان الدولة تدار بهذه الطريقة».

الوزير رائد خوري

الى ذلك، كشف تصريح وزير الاقتصاد رائد خوري خطورة الاوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان مستنداً الى تقرير وارقام واحصاءات مصدرها البنك الدولي، هذه الصرخة جاءت من احد وزراء العهد، وهو من يتولى رئاسة مجلس ادارة بنك «سيدرس» وبغض النظر عما يقوله عن النازحين لكنه يشير الى ان الناتج المحلي تراجع من 8% الى 1% وبغض النظر عن كلامه عن النازحين ايضاً، فانه يحذر من ازمة اقتصادية خطرة في الاشهر المقبلة. واشار الى الاوضاع المزرية في ملف الكهرباء، ويقول خوري : ان «الناتج المحلي انخفض من 8% عام 2011 الى 1% عام 2017، وقد كلفت الأزمة السورية الاقتصاد اللبناني 18 مليار دولار من عام 2011 حتى عام 2017، وفاقت اليد العاملة للنازحين 384 ألفا، وأصبحت نسبة البطالة حسب الاحصاءات عند اللبنانيين 30% وزادت نسبة الفقر 53% في الشمال، 48% في الجنوب و30% في البقاع. هذا ويبلغ معدل الراتب للنازح السوري 278$ أي بنسبة 50% أقل من الحد الأدنى للراتب اللبناني. أما الرقم الصادم فهو أن لبنان يستقبل نسبة لعدد سكانه النسبة الأعلى للنازحين في العالم وهي تبلغ 35%».

وقال خوري: «الطلب على الطبابة بنسبة 40%، هذا وتعاني المستشفيات الحكومية من مشاكل مادية حادة خصوصا أنها قبل العام 2011 كانت تواجه صعوبات في تأمين مصاريف الاستشفاء للمواطنين اللبنانيين. اضافة الى ذلك، زاد استهلاك الكهرباء بحيث أصبح لبنان يستهلك 486 ميغاواط اضافية من الكهرباء. كما زاد الانفاق في الصرف الصحي بنسبة 40%. والمشكلة الكبيرة هي في التعليم اذ وصل عدد الطلاب السوريين الى 200 ألف طالب، كما أن السجون اللبنانية أصبحت مكتظة، وبدورهم القضاة يمضون وقتا طويلا لمعالجة قضايا النازحين».

أضاف: «أعرض هذه الأرقام لأقول ان الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل، وهذه المؤشرات هي خير دليل على ذلك.

ماذا سمع الحريري في موسكو وماذا نصحته؟

ورغم هذه الاجواء والخلافات، فان الرئيس سعد الحريري ثابت على نهجه بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الافرقاء، مبتعداً عن المواجهات المباشرة وغير المباشرة، وهذا يعود للنصائح الروسية التي سمعها في زيارته الاخيرة لموسكو ولقائه الرئيس بوتين والقيادة الروسية، وما زال يعمل تحت سقفها وعنوانها «روسيا لن تخرج من سوريا قبل القضاء على الارهاب، وقيام دولة لجميع الاطياف السورية»، فسأله الحريري: اين الرئيس بشار الاسد منها؟ فرد بوتين «الاسد شريك»، وقاطعه الحريري و«حزب الله»، فرد بوتين «شريك ايضاً»، وفهم الحريري الرسالة جيداً، ومدى ذهاب روسيا في الازمة السورية الى الاخير، مع تفهمها لمصالح جميع اللاعبين.
واكتشف الحريري ايضاً، ان لبنان غير موجود على طاولة البحث والنقاش، الا من باب عمل حزب الله ودور الاجهزة الامنية في محاربة الارهاب، واجمع المسؤولون الروس على توجيه النصائح بالحفاظ على البلد واستقراره، والمظلة الدولية فوق رأس لبنان، لكن الرئيس الروسي لم يطلب من الحريري الانفتاح على الرئيس الاسد خلافاً لما تردد في بيروت، مع ضرورة حل اي خلاف بالحوار، دون توتر خصوصاً في ملف النازحين، والحفاظ على اطر معينة للتواصل.

وهذا الكلام سمعه الرئيس الحريري ايضاً من وزير خارجية روسيا لافروف ومساعده بوغدانوف اللذين حاولا «ممازحة» الحريري والوفد اللبناني بانتقادات الى الاداء السوري في بعض مفاصله اليومية، دون «الدق» بالاستراتيجيا.
وفي اجتماع حضره السفير اللبناني في موسكو شوقي ابو نصار «ابن الجبل» اوصى بوغدانوف للوفد ان لا تقسيم في سوريا بالقول «ما في دولة بالسويداء» مش هيك يا شوقي، رغم ان بعض اعضاء الوفد اللبناني اوحوا ان اللقاء مع بوغدانوف كان شاملا كل القضايا اللبنانية والسورية والدولية جراء حب وضعف بوغدانوف تجاه لبنان وبالاخص النائب وليد جنبلاط وحزبه، حيث العلاقة تعود بين الطرفين الى حرب الجبل والحقبة السوفياتية. حيث كان بوغدانوف مستشاراً في السفارة السوفياتية بدمشق ويتولى التنسيق مع مسؤولي الاشتراكي بشأن الدعم للحزب. ونشأت صداقة منذ تلك الايام، حيث كان بوغدانوف يتنقل من قرى الجبل ويعرف معظم مسؤولي الاشتراكي، وبوغدانوف الان يستقبل تيمور وليد جنبلاط في موسكو، ويقدمه سياسياً للقيادة الروسية مع قرب توليه مهامه في لبنان.

علماً ان لافروف كان قد نصح جنبلاط في لقاء جمعهما في 2011 «الاسد باق» ونصحه بعدم قطع التواصل مع القيادة السورية، ولم يأخذ جنبلاط بالنصيحة.
وذكر ان جنبلاط خلال زيارته لموسكو ومنذ اشهر اعتذر من لافروف عما بدر منه تجاه روسيا لوقوفها الى جانب سوريا فرد لافروف ممازحاً «لم اسمع شيئاً هل قلت فعلاً هذه الانتقادات». وضحك الجميع.
لذلك، فان الرئيس الحريري الذي سمع من القيادة الروسية هذه النصائح يعمل بها لاستقرار البلد، ويعمل لتعاون الاطراف كافة ولن تهز الحكومة اية خلافات وتصريحات وتوترات داخلية وخارجية، علماً ان كل الخطابات حتى أيار 2018 انتخابية بامتياز.

 

  • شارك الخبر