hit counter script

أخبار محليّة

متعاقدو اللبنانية يحذرون السياسيين: التفرغ قبل الإنتخابات النيابية وإلا

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:35

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

«باحثون للوطن... لا عن الوطن»، «سنتان + نصاب = تفرّغ»، «عقود المصالحة عقود الذلّ»... تعدّدت الشعارات والوجع واحد. ألمٌ عبّر عنه الاساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية من على درج مبنى الإدارة المركزية للجامعة قبالة المتحف الوطني، مُطلقين صرخة تحذيرية للسياسيين من إقحام ملف التفرّغ في عتمة زواريبهم وفي بازارات الانتخابات النيابية، لا سيما انّ التفرغ الاخير عام 2014 لم يخلُ من تجاوزات كاستبدال «بليلة ما فيها ضَو قمر» أسماء بأخرى غير مستوفية لشروط التفرغ إنما محسوبة على أطراف سياسية.
من بعلبك، من زحلة، من طرابلس، من صيدا، من الفنار... من فروع الجامعة اللبنانية كافة شارك الاساتذة المتعاقدون في الاعتصام حاملين قضية تفرّغهم، عند الواحدة بعد ظهر أمس. وقد أمهل الاساتذة «الجامعة شهراً كي ترفع ملفهم إلى وزير التربية مروان حماده، وإلّا 18 تشرين الثاني موعد الإضراب المفتوح».

عيّنة من معاناتهم

فيما يُسابق العدد الاكبر من الاساتذة التفرّغ قبل تقاعدهم، والخوف يَقضّ مضاجعهم من أن يُجبروا في شتاء العمر قَرع أبواب السياسيين بعد كل ما تكبّدونه خلال مسارهم الاكاديمي، يُطفئ الدكتور مصطفى عبيد، مدرّس مادة الفنون التشكيلية في كلية الفنون في الشمال، سنته الـ 32 من الانتظار ليتفرّغ. ويوضِح في حديث لـ«الجمهورية»: «أنهَيتُ الـ31 سنة إنتظار، واليوم دخلت سنة الـ32 ولم أتفرّغ. ما عدتُ أعرف السبب، في كل مرة يكون إسمي وارداً ثم يُستبدل بآخر».

ويضيف: «11 أستاذاً تفرغوا بعدما كانوا في السابق تلاميذي، وللمفارقة انّ إحدى الطالبات أعَدّت دراستها عنّي وتفرّغت ولا أزال أنتظر دوري». امّا بالنسبة إلى شروط التفرغ في الفنون، فيقول: «حيثياتها تختلف، في الماضي كان بوسعنا التعاقد بعد الديبلوم وممارسة مهنية 4 سنوات، والتفرّغ أوتوماتيكياً بعد 20 سنة من التعليم.

ولاحقاً تغيّرت القوانين، وتعدلت شروط التفرغ، وبتُّ مُجبراً ان أدرس سنتين إضافيتين، فدرستُ، وما زاد الطين بلة انه تمّ تدريسي مواد أعددتها بنفسي، فهل يمكن تحمّل إهانات أكثر من ذلك؟». ويضيف: «كان المفروض ان أتفرّغ عام 2008، فكانت الذريعة انّ ملفي لم يُقيّم بعد، فانتظرت حتى العام 2014، وأحد العمداء بارك لي مُسبقاً، وعند إقرار التفرّغ غاب اسمي، وعندما اتصلتُ مُستفسراً تَبيّن انّ إسمي سُحب في اللحظة الاخيرة».

من جهتها تعتبر الدكتورة نور عبيد، المُتعاقدة في كلية الآداب الفرع الرابع (منطقة كسارة)، «انه آن الأوان للإفراج عن ملف التفرّغ ورفعه إلى الوزير حمادة، فهو ينتظره بفارغ الصبر. من حقنا نحن الذين ننتظر سنوات ان نتفرغ فهذا حق وليس استجداء».

الراتب «بالسنتين مرّة»

ما يزيد طين الانتظار بلّة انّ المتعاقدين لا ينالون رواتبهم الّا كل سنتين مرّة، في هذا السياق يُعرب الدكتور بشير ابي سلوم، الأستاذ في كلية الزراعة والعلوم البيطرية، عن وَجعه قائلاً: «يُمضي الاستاذ أكثر من 5 سنوات بعد الماجستير ليُنهي الدكتوراه، ومنهم من أعدّوا دراسات ما بعد الدكتوراه، وعوضاً من أن يتاجروا ويكسبوا المال إختاروا التضحية ونَذر حياتهم لـ»اللبنانية».

ويضيف في حديث لـ«الجمهورية»: «معيار التفرغ سنتان تعليم و200 ساعة نصاب، تبيّن انّ عدد الملفات المقدمة هائل، فتم إدخال مبدأ تعبئة الاستمارة وضمن بنودها من امه أو والده دكتوراً في الجامعة اللبنانية فإنه يكسب علامات إضافية، وكأنّ المتعاقد يتقدّم على زميله، وهذا معيار عيب، والأسوأ من كل ذلك نتقاضى رواتبنا كل عامين، ويُخصم منها ضريبة الدخل، وليس لدينا لا تأمين ولا طبابة، ولا إستشفاء».

«سقط سهواً»

أمّا بالنسبة إلى الدكتور يوسف سكيكي المنسّق الاعلامي للجنة متابعة الاساتذة المتعاقدين المستحقين التفرّغ، وهو من بين الاسماء التي كانت على جدول التفرغ وسُحبت، فيروي: «منذ العام 2009 أنتظر التفرغ، وفي العام 2014 كان إسمي يحمل رقم 878 على جدول الاسماء، أتفاجأ انه تمّ استثنائي من الملف وعندما حاولتُ الاستفسار جاء الجواب: «سقط سهواً». فاكتشفتُ أنني من بين الاسماء المُستبدلة».

ويذهب سكيكي أبعد من الاعتصام قائلاً في حديث لـ»الجمهورية»: «تريّثنا بما فيه الكفاية قبل تحرّكنا نتيجة وعود رئاسة الجامعة ومجلسها، ونحن نثق بهم، ولكن المعطيات المتوافرة بين أيدينا غير مُشجعة، كان الاتفاق حتى نهاية شهر أيلول، على اعتبار انّ هناك لجنة إنبثقت عن الجامعة، أسسها رئيس الجامعة، مكوّنة من 8 دكاترة من مختلف التخصصات من المفترض ان تدرس ملفات الاسماء التي رفعتها الاقسام إلى المدراء والمدراء إلى العمداء، صُدمنا انّ هذه اللجنة وصلت إلى مكان شبه مقفل، بذريعة انّ الملف يشهد تضخماً نتيجة الاسماء التي أضيفت له، إذ بلغ نحو 1870 اسماً، بالمقابل تُشير معطياتنا انّ عدد الاسماء المستحقة لا تتجاوز الـ600».

أمّا عن اسباب تضخم ملف الاسماء فيقول سكيكي: «بعض الاسماء رُفعت كرفع عتب من منطلق «خَلّو اللجنة تدبّر راسها»، الّا انّ اللجنة أعادت الامر إلى العمداء، وأعدّت إستمارة لإعادة تحديد الاسماء المستوفاة التفرغ، وهذه الاستمارة تنضوي على ثغرات بالجملة، وكأنها حيكت مراعاة لمقاييس محددة، نحن لسنا ضد الاستمارة من حيث المبدأ إنما نعترض على جزء من مضمونها».

حتى المتفرغون شاركوا

وخلال الاعتصام بدا لافتاً انضمام الاساتذة المتفرغين إلى زملائهم المتعاقدين، وكاد أن يحصل تلاسن بين رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد صميلي وأحد الدكاترة المتعاقدين، حين حاول هذا الاخير تصويب سهامه على الرابطة وضرورة أن تُصدر بياناً. فردّ صميلي بنبرة حاسمة: «لا أحد يُملي على الرابطة ما عليها فِعله»، فردّ المعتصمون: «نحن نتمنى لا أكثر، وسبق لكم ان شعرتم بما نمرّ به قبل تفرّغكم، ونتمنى تَفهّمنا برحابة صدر».

من جهته، يُعرب ممثل أساتذة كلية العلوم الدكتور إيلي الحاج موسى عن «أحقية التفرغ»، قائلاً في حديث لـ»الجمهورية»: «التفرغ حق لكل مَن استوفى الشروط ولكنّ العملية قد تستلزم بعض الوقت والصبر، نحن نتابعها ولا نرضى قطعاً بالظلم على أحد».

أمّا بالنسبة إلى المعيار الجديد ان يكون أحد والديّي المُتعاقد دكتوراً في «اللبنانية»، يوضح الحاج موسى: «هذا ليس شرطاً، إنه مجرد مؤشر صغير موجود في معظم المؤسسات والوزارات وحتى في القضاء، لكن ليس مفصلياً». ويلفت النظر إلى انّ «الاستمارة أقرّتها اللجنة لكنّ مجلس الجامعة لم يقرّها بعد».

نمهل ولا نُهمل

وقبل انتهاء الاعتصام، قرأ أحد الأساتذة المعتصمين بياناً، أبرز ما جاء فيه: «عدنا الى الاعتصام بعد ان سئمنا الانتظار ومَللنا الوعود. وفي حين توسّمنا خيراً في ما وعدنا به رئيس الجامعة البروفسور فؤاد أيوب من إعداد ملف تفرغ جديد يراعي الشفافية والمعايير الأكاديمية؛ إذ بنا نقع في دوّامة رفع الملفات، ثم درسها ثم تصنيفها ثم تضخيمها ثم عودتها من حيث انتهت إلى حيث بدأت؛ لكن هذه المرة على شكل استمارة تُبشّر بدوامة أخرى. وكأنّ الجامعة تتخذ قراراً بالتفرغ لأول مرة في تاريخها، علماً أنّ هذا الملف لا يستغرق إنجازه أكثر من أسبوع واحد.

وعليه، نحن لم نعد نؤمن بما تفعلون... ما على الجامعة إلّا أن ترفع الملف الى الوزير حمادة في مهلة أقصاها شهر، أو يكون 18 تشرين الثاني موعد إضراب مفتوح».

ختاماً، يراهن المتعاقدون على إلغاء فكرة الاستمارة نظراً لِما تحتويه من ثغرات وما تسبّبه من وقت ضائع. ويبقى السؤال الى أيّ مدى قد تتطابق حسابات حقل الاساتذة مع بيدرهم، في وقت يضع مجلس الوزراء يده على ملف التفرّغ، بينما هو من صلاحيات مجلس الجامعة؟

ناتالي اقليموس - الجمهورية

  • شارك الخبر