hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

حوض القرعون مصدر تلوّث وأوبئة... وأمراض

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أمعن الجفاف فتكاً بكل البقاع، وأصاب من حوض بحيرة القرعون مقتلاً لا سابق له مع أحوال الطبيعة، فتراجع مخزونه إلى ما دون الحد الأدنى، مخلفاً آفات وترسّبات فيها من كل الملوثات القاتلة، وضحية واحدة هي باختصار، التنوع البيئي بكل تفاصيله الجميلة في واحدة من بين أجمل المناطق اللبنانية.

وتكفي جولة واحدة على ضفاف الحوض، ليكتشف الزائر حجم الكارثة:

- روائح كريهة منبعثة من ما تبقى من مخزون مياه يقدر اليوم بأربعين مليون متر مكعب من أصل مائتين وإثنين وعشرين مليوناً، مع العلم أن الحد الأدنى ستين مليون متر مكعب.

- تصحر يلف الحوض بين القرعون وصغبين وامتدادتهما الجغرافية شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً.

- أسماك نافقة بأعداد قليلة هنا وهناك، نتيجة انحسار مساحة المياه وتراجع نسبة الأوكسجين في الحوض إلى مستويات قاتلة للحياة فيها.

- فقاقيع تحيط بـ«طاقة» السد تشبه إلى حدّ كبير انبعاثات البراكين لجهة الروائح وتفاعل المكونات الخطرة في مياه البحيرة والناتجة عن مياه الصرف الصحي ومخلفات المعامل والمصانع ومكبات النفايات ألخ.

- موات فعلي لكل حياة محيطة بالحوض خاصة الطحالب النهرية، وأنواع أخرى من الأعشاب والزهور كانت تميّز محيط الحوض ومنطقة مصب نهر الليطاني فيه بين صغبين والقرعون.

يقول نشطاء بيئيون في المنطقة: «ما خفي في قعر الحوض أخطر إن لم نقل مدمّر. فالترسّبات بحسب آخر الدراسات، ومشاهدات غواصين، يصل ارتفاعها إلى تسعة أمتار تقريباً وربما أكثر عند جوار السد والفتحة المخصصة لتسرب المياه وقت الذروة».

يشاطرهم المعلومات الموثقة، بحسب الناشطين، مهندسون وعاملون في المصلحة الوطنية لمياه نهر الليطاني - تعيش أزمة إدارية هذه الأيام – عن خطورة «أرض» الحوض بسبب تراكم ترسّبات على مدى العقد الماضي واستحالة تنظيفها لأنها تحوّلت إلى كتلة ضخمة قطرها نحو عشرة كيلومترات، وهي تختزن مئات لا بل آلاف المواد الملوثة القاتلة وبخاصة منها الزئبق.

هل أنتهى الحوض؟ يجيب هؤلاء، «اليوم يمكن القول بذلك. فهو مصدر تلوث خطر وزّع سمومه في الاتجاهات كافة. ورفع، بحسب التقارير والدراسات والشهادت، نسبة المصابين بأمراض سرطانية نتيجة ري أراض زراعية بهذه المياه في السنوات العشر الماضية، ونتيجة استهلاك سمك الكارب من الحوض». ويضيفون، «كل شيء متوقف الآن: عمليات الري ممنوعة بالكامل لخطورتها ولندرة المياه أصلا، وما تبقّى من مياه لا يستطيع تشغيل معامل توليد الكهرباء، لأن ضخ أي كمية مياه سيحمل معه أتربة وأوساخ وروائح كريهة. باختصار، الحوض مشلول بالكامل، ومستقبله سيء إذا ما بقي الوضع على حاله.»

وعن المعالجة؟ يأمل نشطاء بيئيون في «أسراع المعنيين في عملية رفع التلوث والاعتداءات عن مجرى النهر والحوض، كخطوة أولى، على أن تتكفل الطبيعة بضخ كميات كبيرة من المتساقطات على مدى سنوات قادمة كي تخفف من حجم الكارثة».

وتسأل: «سنوات قادمة؟» يجيبون: «نعم. إن ارتفاع نسبة التلوث والترسبات في الحوض لها أكثر من سبب: الأول له علاقة بمصادر التلوث المستمر منذ عقود ثلاثة دون حسيب أو رقيب. وإذا ما حصل أي توجّه رسمي، فغالباً ما يكون إعلامياً لا يجابه الواقع. والأمثلة على ذلك كثيرة.

الثاني، ندرة المتساقطات خلال العقد الماضي، وهو أمر غاية في الخطورة ضاعف حجم المشكلة، وبالتالي، نحن نحتاج إلى سنوات مطرية جيدة جداً تحمل معها على الأقل ألف ومائة ملم سنوياً، على مدى سنوات خمس وربما أكثر كي نقول أن الحوض استعاد بعضاً من عافيته، ولكن هذا مشروط برفع التعديات ومصادر التلوث بشكل فعلي وعملي».

ويبدو أن ما ينتظرنا في الأسبوع المقبل على الأقل، لا يحمل أية بشائر تقول بهطل مطر. إذ أشار آخر تقرير لمصلحة الابحاث العلمية الزراعية (صدر أمس) إلى استمرار الطقس ربيعي حتى نهاية الأسبوع، مع ارتفاع في الحرارة تلامس تلاثين درجة نهار غد الجمعة وبعد غد السبت.

«وإلى أن يتبدل الوضع الطبيعي، ويحمل فصل الشتاء ما يغسل وسخ أفعالنا وأفعال الإدارات المعنية بملف المياه في لبنان، لا يسعنا، يقول نشاطون بيئيون في البقاع، سوى الأمل بسنة مطريّة تكون مقدمة لمواجهة التصحر والجفاف في البقاع واستطراداً لبنان».
أحمد كموني - المستقبل

  • شارك الخبر