hit counter script

أخبار محليّة

السنيورة: لمبادرات سريعة حتى لا يسهم تقاعسنا في جعل الإصلاح مستحيلا

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 23:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى الرئيس فؤاد السنيورة كلمة في جلسة مناقشة الموازنة العامة لعام 2017، وقال: "اثنا عشر عاما انقضت على اخر جلسة عقدها المجلس النيابي لاقرار موازنة العام 2005، ولقد اسهم هذا الانقطاع في عدم الانضباط المالي وذلك بالتلازم مع الاحجام عن سلوك طريق الاصلاح الحقيقي، وتفاعلهما مع عوامل ومتغيرات سلبية عديدة طرأت على لبنان وادت الى تفاقم اوضاع البلاد على اكثر من صعيد ولا سيما على الصعد الاقتصادية والمالية والادارية، وها نحن نجتمع اليوم لنقر موازنة العام 2017 وفي ذلك امر مهم للغاية بكوننا نحقق انجازا ينتظره كل المواطنين ويبعث في الداخل والخارج على النظر الى لبنان بعيون اكثر ايجابية بكونه يعيد الينا الانتظام في ماليتنا العامة.

الامل الان هو في كيف يمكن للبنان واللبنانيين ان يلجوا الباب الذي يبدأون فيه مسيرة السلوك الصحيح لذلك الطريق الطويل الشاق للاصلاح والنهوض جميعا ودون تذاك او تشاطر او تلكؤ او استعصاء او تفرد لاننا جميعا مبحرون على متن الزورق ذاته.

في 23 تموز 1997 وبعد ظروف صعبة مرت بها البلاد وتصاعد الضجة والقلق من تزايد العجز في الخزينة العامة، وتصاعد حجم الدين العام وعبئه ومن ذلك تراجع مستويات الحركة الاقتصادية، انعقد مؤتمر وطني جامع في قصر بعبدا برئاسة الرئيس الهراوي رحمه الله ومشاركة فعالة من الرئيس الحريري رحمه الله وعدد من الوزراء وكنت من بينهم الى جانب ممثلي كافة القطاعات الاقتصادية والعمالية، ولقد صدر عن المجتمعين بيان مطول تضمن مجموعة كبيرة من التوصيات التي كان من الواجب العمل على تنفيذها والتقيد بها لمعالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية.

لو اطلع احد منكم على ذلك البيان فسوف يتساءل بينه وبين نفسه: هل هو يقرأ بيانا تمت صياغته لمعالجة المشكلات التي كانت موجودة في العام 1997 ام انه جرت صياغته البارحة لمعالجة المشكلات القائمة في العام 2017 اي بعد مرور عشرين سنة بالتمام.
الحقيقة انها ذات المشكلات، الفرق الوحيد انها زادت حدة وخطورة عما كانت عليه في العام 1997 نتيجة التقاعس والاهمال والتلكؤ عن المبادرة، والاصرار على اعتماد المعالجات الشعبوية التي هي ليست بمعالجات، بل هي بالفعل ليست سوى الامعان في حفر وتعميق الحفرة التي جرى دفع الوطن كل الوطن وكل اللبنانيين اليها نتيجة الامتناع عن سلوك الاصلاح الصحيح.

ماذا جرى بعد ذلك الاجتماع؟ لا شيء، كالعادة انتهت تلك الاجتماعات والخلوات الى مقررات لم تأخذ طريقها للتنفيذ كالقوانين التي نسنها ولا ننفذها. المشكلة كانت ولم تزل هي في عدم توافر الارادة في الالتزام بتنفيذ الاصلاحات وتطبيق القوانين واعتماد القواعد الصحيحة في الادارة، وبالتالي الى عدم التعاون وعدم العمل مع المواطنين لاقناعهم بالسير على مسارات الطريق الصحيح.

بعدها يحضرني ما كتبته في اكثر من فذلكة من فذلكات الموازنة وكلمات القيتها من هذا المكان في مجلس النواب على مدة سنوات ومنها فذلكة العام 2002 اقتطف منها هذا المقطع: ان سياستنا الاقتصادية وادارتنا للمالية العامة توجب علينا العمل على تحقيق النمو المستدام الذي هو السبيل الاساس والاسلم لتخفيض العجز والدين العام. وذلك يقضي ترشيد الانفاق وتخفيض حجم ادارة الدولة وترشيقها وزيادة فعاليتها وانتاجيتها وتشجيع الاستثمار وتحفيزه وتعزيز النمو وايلاء دور اكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

واضفت في ذات الفذلكة قائلا "لقد اطلقنا في مطلع العام 2001 رزمة من الاجراءات الاصلاحية ما لبثت ان تبطاءت تدريجيا بسبب اجواء الاحتقانات السياسية والحزازات التي لا طائل منها، واننا لا نستطيع التسليم بهذا التباطؤ، لان له كلفة اقتصادية ومالية ووطنية، ولان الرهان رهان على مستقبل نصنعه بالجد والجدية وبالتضامن باعتبار تلك القيم هي التي تصنع المستقبل. فنحن لا نستطيع في المجال العام وكما درجنا على مدى عقود ماضية، المراهنة على عامل الوقت لحل بعض المشكلات والمصاعب عسى ان يحلها الزمن فنحن لا نستطيع الاستمرار في هذا المنحى من التصرف.

اننا مؤتمنون على وزنات اوكل الشعب امرها الينا، فلا يسعنا التخاذل ودفن الوزنات في الارض حيث لن تعطي اي ثمار وننتهي الى "البكاء وصرير الاسنان" بل من واجبنا استثمارها بحكمة فينعم الشعب بجنة "الفرح" الذي هو الخروج من الازمة الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي. فتأجيل عمل اليوم الى الغد غير مقبول ومضر لنا ولاجيالنا القادمة. لان الكلفة باهظة، كلفة التأجيل وكلفة التردد وكلفة التجاذب. الاصلاح امر تتبناه الامم لانها بحاجة ماسة اليه وتبادر الى تنفيذه عندما تكون قادرة عليه، وليس عندما تصبح مجبرة على تنفيذه، عندها تكون العملية الاصلاحية قد اصبحت اكثر الحاحا، ولكن عندها يكون تنفيذها اكبر كلفة واكثر ايلاما.

لقد سمعنا البارحة واليوم عددا من المداخلات وإني أنوه بما قاله جميع زملائي ولا سيما بما قاله الزملاء أحمد فتفت وغسان مخيبر وغازي يوسف والتي تشرح الحال التي وصلنا اليها بنتيجة الاستعصاء الذي تمت ممارسته بعدم سلوك دروب الاصلاح التي كان علينا أن نسلكها لتحقيق الرصانة والسلامة لماليتناالعامة واستعادة النمو الاقتصادي المستدام والتقدم في أوضاعنا الاجتماعية. وقد انعكس ذلك تراجعا تدريجيا في أحوالنا العامة وتقلصا في استعدادنا للتلاؤم الضروري مع التحولات والمتغيرات، وانحسارا في قدرتنا على مواجهة الأزمات التي تعصف بلبنان واللبنانيين الذين بدأوا يدركون ويعانون من تلك المآزق والانسدادات.

ما من شك أن هناك إمكانية حقيقية للخروج من تلك المآزق والانسدادات وان هناك إمكانية للنجاح في مواجهة تلك المشكلات والتغلب عليها وبالتالي تحقيق مكاسب وطنية واقتصادية وسياسية حقيقية لصالح لبنان وصالح جميع اللبنانيين. إن هذا الأمر يقتضي بداية المبادرة الى إجراء مصارحة حقيقية مع الذات ومع المواطنين من أجل تكوين رأي عام متبصر بالمخاطر المحدقة بلبنان على أكثر من صعيد ومن أجل استعادة ثقتهم بأنفسهم وبالدولة. وبالتالي الى توفير إرادة وطنية جامعة لسلوك الطريق الذي يجنبنا المهالك والشرور المشتعلة في المنطقة والعالم من حولنا. وأيضا سلوك طريق الاصلاح الحقيقي. وذلك يعني الحاجة الى أن تكون لدينا الجرأة على اتخاذ القرارات اللازمة والضرورية لمواجهة تلك المصاعب التي أصبحت تواجه لبنان وتضغط على أعصاب اللبنانيين وتدفعهم الى الاحباط واليأس.

أقول هذا الكلام بسبب تراكم وتعقد وتصاعد حدة المشكلات التي يواجهها لبنان واللبنانيون على الصعد الوطنية والسياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والادارية والاجتماعية. وأقوله أيضا ولا سيما بسبب تأثيرات ذلك كله وتبعاته وتداعياته على الأوضاع الاقتصادية والمالية وبالتالي على الاستقرار المالي والنقدي والمعيشي في لبنان. إن نظرة سريعة على هيكلية الموازنة العامة كما تظهرها موازنة العام 2017 تبين لنا أن هناك أبوابا أربعة أساسية للانفاق تشكل ما يقارب 80% من مجموع الموازنة. وهي الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية وخدمة الدين العام والدعم المقدم لمؤسسة كهرباء لبنان من أجل الابقاء على التعرفة كما هي وهذا كله ما يعكس عدم مرونة الموازنة. هذه الأبواب لا يمكن تخفيض أي مبلغ أساسي فيها إلا إذا سلكنا طريقا طويلا لمعالجات صحيحة اقتصادية وسياسية وإدارية واجتماعية يتحقق معها تصحيح تدريجي لهذه الهيكلية غير المرنة للموازنة.

كذلك أقول أيضا على خلفية الحالة التي آلت اليها إدارة الشأن العام في لبنان، ولا سيما لجهة حال الاستتباع الكامل للادارة اللبنانية وللجسم القضائي في لبنان لصالح الطائفية والمذهبية والمؤسسات التابعة لهم. وقد أدى ذلك الى ما أصبحت عليه حال الادارة اللبنانية وحال إدارة الشأن العام والتردي الكبير في مستويات الثقة بالدولة وما يعنيه ذلك من استمرار الاطاحة بمصالح المواطنين الحقيقية وبمصلحة الدولة الراعية لشؤونهم ولمصالحهم. وليت الأمر اقتصر على ذلك، فقد أسفرت الأوضاع المستجدة في هذه المرحلة عن ارتباك رؤية لبنان ونظرته لطبيعة علاقته مع الدول العربية الشقيقة التي يجب عليه أن يحرص عليها ويتقيد بها في كيفية معالجة المشكلات التي بدأت تظهر بين الحين والآخر بينه وبين عدد من الدول العربية، وهي الدول التي تشكل المدى الحيوي الأساسي للاقتصاد اللبناني وكذلك للعدد الكبير من اللبنانيين العاملين في تلك البلدان.

هذا إضافة الى المخاطر الكبيرة التي تحملها معها التداعيات الخطيرة للأحداث الجارية، والتهديدات الاسرائيلية المستمرة للبنان. وكذلك أيضا بسبب الأوضاع المتوترة إقليميا ودوليا على أكثر من صعيد أمني وسياسي واقتصادي ومالي. كل ذلك يجب أن يدفعنا الى التصرف على أساس أن لبنان قد أصبح في وضع لم تعد تنفع معه معالجة مشكلاته الكبيرة والمتفاقمة بالمراهم الموضعية أو الحلول المجتزأة. كما لا ينفع معها الخطاب الشعبوي، ولا ينفع معها الخطاب الذي يستثير العصبيات والتشنجات الطائفية والمذهبية وكذلك لا ينفع فيها الخطاب العنصري. فكل ذلك لا يؤدي إلا الى تعميق المأزق الذي أصبح لبنان في داخله.

إن ما يمكن أن نتعرض له اليوم كدولة وكلبنانيين من إشكالات ومن كلفة ومعاناة في هذه المواجهة، التي أصبحت شبه حتمية، لهو أقل بكثير مما يمكن أن نتعرض له في الغد إذا استمر بنا حال التجاهل أو عدم الاكتراث أو التقاعس عن اتخاذ ما ينبغي من قرارات إصلاحية جريئة على الصعد الوطنية والسياسية والادارية والمالية والاقتصادية تعيدنا الى مسارات النهوض الحقيقي. إن المسار الأول في هذه المواجهة هو في توفير الارادة الجازمة والحازمة والملتزمة من أجل إعادة الاعتبار للدستور ولدولة القانون والنظام. وبالتالي إعادة الاعتبار للدولة وهيبتها وسلطتها الكاملة على جميع الأراضي اللبنانية حيث لا تنفع الازدواجية في السلطة ولا يجدي الاستمرار في الافتئات على سيادة الدولة وعلى دورها في الحفاظ على القانون والنظام. ذلك مع التأكيد على أهمية الالتزام باحترام اتفاق الطائف واحترام القرارات الدلية وقرارات الاجماع العربي. ان التقدم على هذا المسار يمكننا من الاستعادة التدريجية لثقة الناس بالدولة، التي يفترض أن تمارس عملها ودورها بحيادية وصرامة وحزم وعدالة وحوكمة من اجل صالح جميع المواطنين ومن اجل الصالح العام.

المسار الثاني هو في اعادة الاعتبار للقواعد السليمة التي يجب ان ترعى ادارتنا لشؤوننا العامة بحيث ينبغي عندها اعادة الاعتبار لاحترام الكفاءة والانجاز والجدارة في لبنان وفي بناء الادارة العامة على اسس صحيحة وتعزيز مستويات احترافها وهي التي ينبغي ان يكون ولاؤها الوحيد للدولة وليس للاحزاب والميلشيات وزعماء الطوائف والمذاهب. وينبثق عن ذلك العودة الى الالتزام بما تنص عليه المادة 95 من الدستور، التي تنص على انه وباستثناء المناصب التي تحددها تلك المادة فانه يجب ان تكون المناصب في الادارة العامة من نصيب اصحاب الجدارة والكفاءة والاستحقاق على اساس تنافسي وضمن مباريات مفتوحة. وبالتالي فانه ينبغي العودة الى احترام نتائج المباريات المفتوحة التي يجريها مجلس الخدمة المدنية. ويسهم ذلك في استعادة الثقة بين الحكومة والمواطنين من خلال ممارسة المزيد من الشفافية والافصاح وتعزيز كفاءة الادارة وحكم القانون ومكافحة الفساد والهدر المقونن وغير المقونن. في هذا الشأن لا بد لي من العودة الى التاكيد على ان الرقابة على اهميتها الكبيرة ليست بديلا عن حسن الادارة. وفي هذا المجال يحضرني القول الشائع المعدل: اعط الخبرز للخباز وراقبه حتى ما ياكل نصفه.

ان الاستمرار في عدم الاكتراث او الاستمرار في طرح هذه القواعد جانبا يعني ان يصبح لبنان طاردا للكفاءات ولاصحاب المواهب وليس جاذبا لها، بما يؤدي الى تراجع مستويات التنافسية على اساس من هذه المعايير، ويدفع بالمتميزين من اصحاب القدرات والكفاءات الى الهجرة خارج لبنان حيث الفرص الاكبر والمناخات الملائمة. ذلك بما يدفع لبنان ومجتمعه ويا للاسف الى الاكتفاء بمتوسطي القدرات والكفاءات بما ينعكس سلبا على الاقتصاد اللبناني ونموه وحيوته ومستقبله ومستقبل اللبنانيين. ان التقدم على هذا المسار يجعل من الممكن على المواطن تقبل الاعباء الضريبية هذا مع استمرار العمل على اعادة صياغتها وتطبيقها ايضا بطريقة عادلة بين مختلف شرائح المواطنين وجبايتها ايضا بطريقة فعالة ومجدية. لان المواطن يعرف في حال التقدم على هذا المسار الى اين المصير، ويعرف عندها ان مصالحه محفوظة ومصونة، وان هذا التوجه هو التوجه المستقبلي الذي يخدم مصلحته ويمكن التاكد منه والتحقق من تنفيذه من خلال مؤشرات الاعمال والتصرفات. انما ان لم يحصل شيء من ذلك، تصبح الثقة مفقودة، ونحن نعاني من ذلك بالفعل، ولا يفيد الجدال والانكار، ولا الاتهامات المتبادلة.

والمسار الثالث هو في اعادة الاعتبار الى القواعد العامة التي يقوم عليها نظامنا الديمقراطي الحر بانه لا احد فوق المحاسبة والمساءلة ضمن الاطر التي يحددها الدستور والقانون، حيث تتلازم المسؤولية مع وجود المسائلة والمحاسبة، وذلك بعيدا عن كيل الاتهامات المفبركة او اللجوء الى الوسائل والاساليب الفضائحية او على شاكلة المحاكمات الميدانية التي لا هم لها الا تشويه السمعة، وكذلك للتعمية على الارتكابات والانتهاكات التي يقترفها اخرون.

المسار الرابع: انه ووسط هذا العجز في الموازنة والخزينة وهذه المديونية العالية، والقصور في ميزان المدفوعات بسبب تراجع تحويلات اللبنانيين من الخارج، والتراجع في مستويات النمو الاقتصادي، وعدم القدرة الحقيقية على تخفيض سقوف الانفاق بالحجم المطلوب ولا سيما بعد السلسلة الجديدة للرواتب التي اقرها مجلسنا، فانه ينبغي الحرص على تصويب بوصلة معالجاتنا لشؤوننا العامة. انه وعلى اهمية وخطورة الحجم الكبير للدين العام وكذلك الزيادة الحاصلة في العجز السنوي، فان الامر المهم بداية هو في تصحيح المسار وتصويب الاتجاه الذي يؤدي الى الاندفاع الوطني لتحقيق المعالجات المطلوبة.

وسط ذلك كله، فان لبنان لا يمكنه الا ان يجهد من اجل تصويب بوصلته لكي تخدم مصالحه ومصالح اللبنانيين ويكون ذلك في ان يوثق علاقاته مع اشقائه ومع اصدقائه في العالم. مع الاشقاء الذين ساعدوه من قبل من اجل اعادة اطلاق حيوية اقتصاده وهم الذين وقفوا الى جانب لبنان دائما ولا سيما في مؤتمرات باريس 1 و 2 لمساعدة لبنان. وكذلك وقفوا معه خلال وبعد العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006 ورعاية عمليات اعادة الاعمار وفي دعمه ايضا في مقررات باريس 3 وذلك يقتضي من لبنان ان يستعيد ويؤكد على التزامه ويبادر الى تنفذ ما وعد بتطبيقه من إصلاحات في تلك المؤتمرات التي عقدت من اجله وبالتالي التنبه الى ان لا يمكن النجاح في عقد مؤتمرات اخرى اذا لم نظهر جدية في تنفيذ ما التزمنا به من اصلاحات هي في الاساس وضعت لصالحنا ولصالح اقتصادنا الوطني.

ان هذا يتطلب كذلك نسج علاقات جيدة وادراكا متبادلا بيننا وبين العرب ومع العالم. ولا بد لي من القول هنا اننا لا اجد ان العلاقات مع العرب والعالم في وضعها الحالي ايجابية او مطمئنة بالقدر الكافي. وهذا الامر يجب ان يحظى بالاهمية والمعالجات التي يستحقها.

انه وعلى اساس من هذه القواعد يمكن العودة الى ما ينبغي ان تكون عليه بوصلة اهتمااتنا وهو ما يدفعنا الى تركيز جهودنا على ما يعالج بالفعل مشكلاتنا ومازقنا وانسدادتنا الحالية والداهمة، حيث لم يعد من المفيد الاستمرار في المعالجات اللفظية باظهار الحرص على التقدم على مسار الاصلاح وممارسة عكسه. المصيبة التي حاقت بنا كلبنانيين في هذا الصدد ان هذا الاسلوب اللفظي في المعالجات دون الولوج الحقيقي لاتخاذ القرارات الاصلاحية الصحيحة اصبح هو السمة الطاغية حتى الان وذلك كله يزيد المواطنين والمتعاملين مع الدولة اللبنانية في الداخل والخارج تراجعا وانحسارا كبيرا في الثقة بالدولة اللبنانية وبجدارتها وتصميمها على القيام بذلك ناهيك عن زيادة الشك بحياديتها وبفعاليتها.

انه ما زال ممكنا لنا التصدي لجملة التحديات والانسدادات ونحن نستطيع ذلك ما علينا الاان تكون لدينا الارادة والعزيمة على سلوك هذه المسارات. لان الحالة التي وصل اليها لبنان تقتضي القيام بهذه المبادرات السريعة، حتى لا يسهم تقاعسنا مرة جديدة في جعل عملية الاصلاح مستحيلة وبالتالي يصبح بعدها تحقيق النهوض الوطني والسياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي امرا مقلقا بالغ الصعوبة ومؤلما ان لم يكن مستحيلا وهو ما يقود البلاد لا سمح الله الى مستقبل مجهول. 

  • شارك الخبر