hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

حرب: لردم الهوة بيننا وبين شعبنا واذا كنتم غير مستعدين للاصلاح فإرحلوا

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 19:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى النائب بطرس حرب مداخلة في جلسة المسائية لمناقشة مشروع موازنة 2017، جاء فيها: "ترحيب بإنجاز مشروع الموازنة لعام 2017 ولو في شهر تشرين، وبعد صرف مجمل النفقات على القاعدة الإثني عشرية.
فالبرلمانات تناقش عادة موازنة السنة المقبلة، لكننا في لبنان، نناقش موازنة السنة التي لم يبقَ منها إلا شهران. والقاعدة الإثني عشرية وضعت لتوفير نفقات شهر كانون الثاني من السنة الجديدة، أما في لبنان فتعتمد لصرف نفقات لسنوات طوال، كما حصل.
ومن هنا ترحيبنا بإقرار موازنة 2017، ولو متأخرا، لأن، في هذا الأمر، توجها نحو الانتظام المالي في المالية العامة، وفرصة ليستعيد مجلس النواب دوره الأساسي في مراقبة نفقات السلطة، ومناقشة حدود الموازنات العامة السنوية وإقرارها ومراقبة تنفيذها، والتأكد من أن الإنفاق العام الذي تقوم به الحكومات يلتزم الحدود والأصول والقواعد والمعايير المعتمدة.

لقد عاش لبنان سنوات من دون موازنات، وطبعا من دون قطع حساب، وسنوات أقرت فيها الموازنة، ولم يقر فيها قانون قطع الحساب، وخصوصا في الفترة الممتدة بين العام 1979 والعام 1992 (13 عاما)، وقد بررت ذلك الأحداث المؤلمة التي عاشها لبنان، واعتمدت آلية "القاعدة الإثني عشرية" للإنفاق لتفادي وقوع الدولة في الفراغ وإنهيارها.

عاد الانتظام المالي إلى المالية العامة بين 1993 و2005، بحيث أقرت الموازنات وقوانين قطع الحساب وفقا للأصول، إلا أن الأمور رجعت إلى ما كانت عليه بسبب الخلافات السياسية وإنعكاسات استشهاد الرئيس رفيق الحريري، فعاد لبنان مجددا إلى إعتماد القاعدة الإثني عشرية منذ العام 2005، تضاف إليها الإعتمادات الإضافية التي أقرها مجلس النواب في سنوات لاحقة. وما يجدر تسجيله أيضا، أن عددا كبيرا من مشاريع الموازنات للسنوات السابقة قد تعذر إقراره بحجة أنها لم تكن مقرونة بمشروع قانون قطع الحساب، مع ما رافق تلك المرحلة من صراع حول الإبراء المستحيل.

أما اليوم فيجتمع مجلس النواب لإقرار مشروع موازنة عام 2017 من دون أن يكون مرفقا بمشروع قانون قطع حساب لعام 2015 كما تفرض المادة 87 من الدستور اللبناني، لا بل مرفقا بمشروع قانون معجل يعطي الحكومة مهلة لإنجاز قطع الحساب، ولم نسمع إعتراضا على عدم جواز ذلك وعدم دستوريته من الفريق الذي رفض لسنوات إقرار الموازنة دون قطع الحساب، ما يدفعنا إلى التساؤل ويتساءل معي الشعب اللبناني، ما هو السحر الذي حل، ليصبح دستوريا ما لم يكن لسنوات طوال بقي لبنان من دون موازنات لسنوات طوال، وجرى فيها صرف أموال الدولة خارج أي خطة إقتصادية ورقابة برلمانية.


إنها السياسة، أيها السادة، إنها إلتقاء المصالح السياسية أيها اللبنانيون. فلعنة الله على هذا النوع من السياسة التي تسيرها المصالح الحزبية والشخصية، فتحوا الحرام إلى حلال، واللادستوري إلى دستوري.

لقد استمعنا خلال هذين اليومين إلى الكثير من المداخلات القيمة حول مشروع الموازنة وأرقامها والعجز المتراكم والمتزايد والدين العام وقيمة خدمة الدين، كما عرض بعض الزملاء الأخطار الكبيرة التي تحدق بلبنان إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، ما لا يضطرني إلى الدخول في تفاصيل الموازنة وبنودها.

إلا أن ذلك، لا يعفيني من التوقف عند بعض الأرقام التي تؤشر إلى خطورة الوضع، وإلى وجوب التصدي للواقع المهترئ، والإقلاع عن العلاجات السطحية لامرار الأمور في انتظار الانفجار المحتم لاحقا.

1 - الناتج المحلي G.D.P يبلغ هذه السنة نحو 52 مليار دولار وديننا العام يبلغ هذه السنة نحو 79 مليار دولار، أي إن نسبة العجز 151 % للناتج المحلي. وهو رقم قياسي مخيف.

2 - إن الإيرادات المرتقبة لهذا العام تبلغ /16,539/ مليار دولار ومجموع النفقات، ما عدا سلسلة الرتب والرواتب وإيرادات ونفقات الخزينة، تبلغ /22,823/ مليار دولار أي أن العجز المرتقب لهذه السنة يبلغ 6,285 مليار د.أ.

3- إن النمو الاقتصادي يراوح بين الصفر و2% ( ورئيس الجمهورية أعلن البارحة أنه 1,1 %).

هذه الأرقام مرعبة في ذاتها، وما يزيدها رعبا أن الأداء الحكومي يحصل وكأن وضع البلاد بألف خير، ودون مستوى المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها لإنقاذ البلاد من الورطة التي تتخبط فيها.
والكثير من الوزراء يتسابقون على النفوذ والمصالح السياسية والشخصية من دون رادع. بالرغم من سواد الصورة ومأسوية الوضع، أشارك الرئيس السنيوره قوله البارحة، إن الوضع غير ميؤوس منه، وأننا قادرون على تجاوزه. لكننا لن نستطيع ذلك إذا استمرت الحكومة في سياستها المتخبطة دوليا والمتفككة داخليا، بحيث يغلب على أدائها سوء الإدارة لشؤون البلاد. وأن مبعث الأمل الوحيد، في نظري، هو الحوكمة الصالحة التي تعيد الثقة بالنظام وبالمسؤولين عنه.

لقد أطلقت الحكومة على نفسها إسم "حكومة استعادة الثقة"، إلا أن ممارسة بعض أعضائها يصح فيها إسم "إفقاد الثقة"، إذ إن ما تشهده البلاد من أداء حكومي عام، وفي بعض الوزارات الدسمة خصوصا، يتناقض كليا وشعار الحكومة ويسقط ثقة الشعب بها.

إننا متفقون على أننا في مأزق إقتصادي ومالي كبير، وأننا نحتاج إلى خطة جدية للانقاذ. وهذه المهمة هي من مسؤولية الحكومة.

بقي أن نسأل عن هذه الخطة الإصلاحية بعد مرور عام تقريبا على تشكيل الحكومة، أو بالأحرى، عن قدرة الحكومة على الاتفاق عليها لتعارضها الحتمي مع مصالح البعض فيها، كما نسأل هل من ينفذها، أي مكونات الحكومة، مقتنع بأن إنقاذ الوطن أهم من مصالحه الشخصية، سياسية كانت أم مادية، لأن ما نشهده حتى اليوم يؤكد لنا أن هذه الحكومة ليست على مستوى هذا التحدي.

فاستعادة الثقة، التي حددتها الحكومة هدفا، لا يمكن أن تحصل والشكاوى عارمة من تحويل الإدارات والمؤسسات العامة إلى إقطاعيات تزرع الحكومة فيها محاسيبها لخدمة مصالحها والتنكيل بأخصامها بصرف النظر عن الكفاية والأخلاق ونظافة الكف والمسلكية الوظيفية.

كيف يمكن استعادة ثقة المواطنين وجهودكم منصبة على إقالة موظفين، ولو أكفياء، واستبدالهم بآخرين بسبب إنتمائهم إليكم، واستعدادهم المسبق لتلقي الأوامر والتوجيهات منكم، والتزامها، ولو كانت مخالفة للقانون.

وكيف يمكن استعادة الثقة بكم إذا كان وزراء فيكم يوقعون تنفيذ مشاريع شق وتأهيل طرقات في مناطقهم قررها مجلس الوزراء، بحجة عدم موافقتهم عليها، كطريق ترتج - بشعله، مثلا.

وإذا كان وزير فيكم يعطل تلبية مطالب المواطنين في منطقته الإنتخابية ويوافق على تلبيتها بعد استجداء المواطنين له، والطامة الكبرى، يسجل عليهم الجميل بأنه خدمهم.

هل إنكم بفرض المحاسيب في مراكز المحافظين والمديرين العامين والقضاة والضباط الأمنيين، وحتى رؤساء المخافر، تحققون الإصلاح؟ ألا تستغربون تعيين قضاة من قضاء معين رؤساء محاكم في القضاء نفسه ليحكموا بالعدل بين أهل القضاء. ألن يشعروا بالحرج، ألن يكونوا موضع شبهة من المتقاضين بسبب إنتمائهم الحزبي المعلن، وبصرف النظر عن كفاياتهم القانونية والأخلاقية.

ألم تكن صراعاتكم على المراكز القضائية السبب في تأخير صدور التشكيلات؟ والطامة الكبرى، أنكم كرستم مبدأ تقاسمها وفرض من تريدون في المراكز التي ترغبون.

كيف يمكن استعادة الثقة عندما تصبح التعيينات في المراكز القضائية والإدارية مرتبطة بتوزيع المراكز وتقاسمها في ما بينكم؟ أوليس وضع "تلفزيون لبنان" ومحاولة مقايضته رئاسة مجلس إدارته مع إقالة مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام"، لاستبعادها لأنها لا تنتمي سياسيا الى نافذ ظرفي منكم، على رغم النجاح والتطور الذي حققته فيها؟


أوليس ما جرى في مخاض المجلس الاقتصادي والاجتماعي، واطاحة رئيسه لاستبداله بمن يدين لكم بالولاء، على رغم الجهود والتضحيات الكبيرة التي بذلها رئيسه السابق لإبقاء المجلس حيا ولو معنويا، أهكذا تكافئون الناجحين وتشجعون الصالحين، فكيف ستستعيدون الثقة هكذا؟

كيف يمكنكم استعادة الثقة إذا أصبح القضاء في نظركم مركز نفوذ لأهل السلطة لاستخدامه خدمة لمصالح بعضكم.

يا سادة، القضاء هو السلطة المستقلة التي تحكم بين الناس من جهة وبين الناس والدولة في خلافاتهم. أنسيتم أن القضاء يصدر أحكامه بإسم الشعب اللبناني، وليس بإسم هذا الوزير أو هذا الحزب أو التيار السياسي.

هل بفرض القضاة التابعين لكم تحافظون على استقلال القضاء وماذا يبقى من ثقة بالقضاء إذا كان القاضي، أو القاضية، يتولى مركزه القضائي لأنه محسوب على فلان أو فلان، وموجود لحماية مصالحه ومصالح محازبيه في وجه مواطنين لبنانيين آخرين؟

فكيف تنتظرون من المستثمرين توظيف أموالهم في لبنان وتقدمون هذه الصورة البشعة عن القضاء؟


لدينا قضاة شرفاء أنقياء كفوئين. فلماذا تبعدونهم ليحل مكانهم قضاة آخرون، ميزتهم الوحيدة أنهم محازبون لكم.

كيف تستعيدون الثقة، وليس لحكومتكم سياسة خارجية موحدة؟

لم يشهد تاريخ لبنان، في كل الظروف الدقيقة والحساسة التي مر بها، حكومة لا سياسة خارجية واحدة لها كحكومتكم. فوزير الخارجية فاتح على حسابه، ينفذ سياسته المرتبطة بمحور إقليمي في وجه محور آخر يدين له لبنان واللبنانيون بالكثير الكثير، بسبب موقفه التاريخي الثابت في دعم لبنان، وبسبب إحتضانه لأكبر طاقة إقتصادية لبنانية ولعدد كبير جدا من اللبنانيين الذين هجرتهم دولتهم إلى دول الخليج تفتيشا عن لقمة عيش كريمة.

ورئيس الحكومة، وفريق لا يستهان به منها، غير موافق على سياسة وزير الخارجية المذكورة، واللفلفة ومتطلباتها هاجس الحكومة حفاظا على الاستقرار الذي نوه به الزميل عدوان البارحة. ما يدفعني إلى السؤال: هل ترك الأمور على غاربها سيضمن لكم الاستقرار أو يحضر للإنفجار؟

فريق كبير من اللبنانيين ومن الحكومة يرفض تشريع سلاح "حزب الله" واشتراكه في الحرب السورية، ورئيس الجمهورية، وفريق من الحكومة، يبرر وجوده واستمراره حتى بلوغ الجيش القدرة الكاملة على مواجهة العدو الإسرائيلي، وهو ما ليس متوافرا، ولن يكون مستقبلا لاعتبارات دولية ومالية وسياسية وعسكرية معروفة.

وتطلبون الثقة بكم وبحكومتكم فبأي فريق منكم تطلبون الثقة؟ فقبل أن تطالبوا العالم بذلك، وتطالبوا اللبنانيين بذلك، طالبوا بعضكم بعضا بالحد الأدنى من التضامن حول سياسة خارجية واحدة.


"أما الموضوع الخطير، والخطير جدا الذي لم تجدوا له الحل حتى الآن، والذي أؤكد عجزكم عن حله مستقبلا إذا استمررتم في مقاربته بالشكل الذي نشهده، فهو موضوع النازحين السوريين الفارين إلى لبنان.

من حق اللبنانيين أن يعرفوا عناصر هذا الملف وتاريخه، والذي، إذا لم يعالج بجدية ومسؤولية، فسيتحول إلى كابوس مرعب قادر على تفجير الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان.
فعندما بدأت الحرب في سوريا، طلعت أصوات، كنا منها، تطالب الحكومة آنذاك،
( حكومة الرئيس ميقاتي)، بضبط النزوح السوري في تجمعات تستطيع الدولة اللبنانية مراقبتها وضبطها، أسوة بالأردن وتركيا. إلا أن "التيار الوطني الحر" رفض هذه الدعوة، بحجة عدم تكرار التجربة الفلسطينية، ما أدى إلى إنتشار النزوح السوري بشكل عشوائي في كل المدن والبلدات والقرى اللبنانية، من دون أي رقابة أو متابعة جدية لتعذر هذا الأمر عمليا، ما أدى إلى الإنفلات الأمني الحاصل اليوم، وقد تجاوز عدد السوريين، من نازحين وغيرهم، المليون ونصف مليون، منهم نازح لأسباب مشروعة، ومنهم نازح لأسباب أقتصادية، ومنهم نازح لأسباب سياسية، ومنهم نازح لأسباب مخابراتية.


يوم تشكلت حكومة الرئيس سلام، طرح هذا الأمر على طاولة مجلس الوزراء، فقررنا في 5/1/2015 وقف أي لجوء سوري إضافي إلى لبنان، وأبلغنا قرارنا للأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، كما قررنا أنه لا يحق لأي نازح سوري يغادر لبنان، لأي سبب كان، العودة إليه، وأنه يفقد بذلك صفته كنازح، ويشطب إسمه من سجل النازحين، ويفقد حقه في المساعدات الدولية. كما قررنا أن على أي سوري يدخل لبنان ملء استمارة تبرر دخوله. بنتيجة هذه القرارات نزل عدد النازحين من 1,320,000 إلى 1,050,000 نازح عام 2016.

أما بالنسبة الى الولادات فمن الطبيعي أن يتم تسجيلها في السفارة السورية في لبنان، بالإضافة إلى تسجيلها في سجل الأجانب في وزارة الداخلية اللبنانية، لأنه إذا لم يتم ذلك يصبح مكتوم القيد، ولا يمكن أن يعود إلى سوريا كمواطن سوري قانونيا. وقد رفضت وزارة الخارجية هذا الأمر، بحجة الخوف من اكتسابهم الجنسية اللبنانية، وهو ما أدى إلى بقاء ولادات عديدة من دون أي قيد، ما سيشكل خطرا كبيرا على لبنان مكتومي القيد من دون أي إثبات على أنهم سوريين.

إن هذه القضية تشكل قضية وطنية بالغة الخطورة، بالنظر لانعكاساتها المحتملة على وحدة لبنان وسيادته وهويته الوطنية، ما يستدعي إخراجها من ميدان المناورات السياسية حول علاقة لبنان بالنظام السوري.
فالخوف، كل الخوف، أن يتحول هذا الموضوع، من موضوع إنساني أخلاقي، إلى موضوع سياسي بحت، يحاول فريق في الحكومة إحراج الفريق الآخر به، أو ابتزازه عبره، بغية دفعه إلى إقامة علاقات مع النظام السوري تحت طائلة الوقوع في أزمة وطنية خطيرة.
ومن هنا ترحيبي بمبادرة فخامة رئيس الجمهورية الأخيرة بطلب مؤازرة الدول العظمى في حل هذه المشكلة. وأملي أن يقلع أطراف الحكومة عن المناورات في هذا الموضوع،
ولا سيما أن لا خلاف حوله، وكلنا مجمعون على احترام مقدمة الدستور التي تنص على رفض أي تقسيم أو توطين.

وقد يكون الاتفاق على هذا الأمر محك صدقية الحكومة وقدرتها على حل أهم قضية تواجه لبنان، وإذا لم تفعل كيف يمكن أن تستعيد الثقة؟

أما في موضوع مكافحة الفساد، فإنني أدعو الحكومة، في المناسبة، الى قراءة تقرير رئيس الهيئة العليا للتأديب القاضي مروان عبود الذي كشف فيه أنه " ُيحال أمامه من يتناول "منقوشة أثناء العمل، ولا يحال مختلس بالملايين، بل إحالة ملف المدعوم "والمسنود، فيما يحال غير المسنود"، وإنه في ظل الفساد المستشري وكل ما تتداوله العامة والمخالفات التي يرتكبها موظفون لم يصل إلى الهيئة العليا للتأديب إلا 10 ملفات".

إنها شهادة من أهل البيت والاختصاص، أن من له دعما سياسيا محميا، والموظف الصغير غير المدعوم يكون الضحية، أهكذا تستعاد الثقة؟

تتكلمون على مكافحة الفساد، وعينتم منكم وزيرا= لمكافحته. فأي فساد كافحتم؟ وروائح البواخر تفوح وتتكرر عند كل محاولة لامرار صفقتها. لقد أصررتم وأكدت إدارة المناقصات لإجراء مناقصة بواخر إنتاج الطاقة رغم المخالفات القانونية التي لفتتكم. أكثر من ذلك، انتقد الوزير المختص موقف الإدارة، وبلغنا أنه تم تهديد رئيس هذه الإدارة بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم ينفذ طلبكم، رغم أنه أكد لكم أن هذه المناقصة تخفي إتفاقا بالتراضي مع الشركة التركية. وقد وردتنا بالتواتر أخبار عن أن المعنيين والمستفيدين من هذه الصفقة يدعون إلى إقالة رئيس الإدارة هذه، لأنه تجرأ ورفض الصفقة المشبوهة. فحذار، حذار من أي خطأ تجاهه.

لقد صدرت قرارات عن بعض الوزراء مخالفة للدستور والقانون والمراسيم، وهي قرارات خطيرة وكبيرة ومرهقة للخزينة، بحيث حرمت الدولة واللبنانيين من ثروات وطنية تبلغ مليارات الدولارات، ورغم أعتراضنا واللفت إليها، لم يتحرك ساكن لمسؤول، أو للنيابة العامة المالية للإستقصاء والتحقيق، ولم يطلب وزير مكافحة الفساد من أجهزة الرقابة، من ديوان محاسبة أو تفتيش أو حتى من النيابة العامة، التحقيق في الأمر.

البارحة أثار الزميل ياسين جابر قضية تنفيذ القانون رقم /431/ المتعلق بالاتصالات، والذي نص، في ما نص، على إنشاء شركة "ليبان تلكوم"، ودخول شريك استراتيجي مشغل لشبكة إضافية للهاتف الخليوي، وطالب بتنفيذ هذا القانون، لأنه سيدر على الخزينة مليارات الدولارات، بسبب دخول الشريك الاستراتيجي، الذي سيدفع للدولة ثمن الأسهم التي سيتملكها في الشركة والبالغة 40% منها، بالإضافة إلى أن إنشاء شركة "ليبان تلكوم" ستزيد مداخيل الدولة من الاتصالات وسيخفف عنها نفقات الاستثمار والتطوير.

إنني مع تأييدي لمطالعة الزميل الكريم، وأسفي أن تكون الظروف السياسية لدى تولي وزارة الطاقة لم تسمح بإنشاء هذه الشركة بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية وتعذر التوافق على مجلس إدارتها، أود أن ألفت النظر إلى أن قرار وزير الاتصالات بمنح شركات خاصة حق تمديد كابلات الإنترنت مع المسارب العائدة للوزارة لإيصال الإنترنت للمستهلكين مع حق تقاضيها 80% من عائداتها، سيؤدي حتما إلى تهشيل أي شريك استراتيجي عن شراء 40% من الأسهم، ودفع مليارات الدولارات ثمنا لها، بسبب إنفلات السوق وسيطرة شركات خاصة عليه، مع ما سينتج من ذلك من خسارة كبيرة في عائدات الدولة.

لدينا مشكلة مع هذه الحكومة.
إما أن نوافقها على الصفقات المشبوهة كالكهرباء والبواخر والنفط والغاز والاتصالات، وإلا صنفتنا معرقلين لمصلحة لبنان واللبنانيين.
فاتهام من يثير الشبهات حول صفقة البواخر بعرقلتها لأسباب إنتخابية، كما ورد على لسان أحد الوزراء، يثير السخرية، وإتهام من يبدي ملاحظات على عملية استكشاف الغاز والنفط وانتاجهما لمنع التلاعب فيهما، بأنه يبني جدرانا لحجب الرؤية، كما قال وزير الطاقة يثير الشفقة عند اللبنانيين، وإتهام من يلفت إلى مخالفة وزير الاتصالات للدستور والقانون والمراسيم، بأنه يعرقل مصالح الناس ويشجع الإنترنت غير الشرعي، كما يزعم وزير الاتصالات. إن كل ذلك قمة استغباء الناس وابتزازهم لتمرير هذه الصفقات على حساب حقوق اللبنانيين في الكهرباء واستخراج الغاز والاتصالات.
لقد صدتكم إدارة المناقصات، وبينت لكم المخالفات في ملف البواخر. فلم تتوقفوا، بل عمدتم إلى ما يسمى "الإصرار والتأكيد" على الموظف لامرار صفقة مخالفة القانون، وخلافا لرأيه، بحيث اقتنع اللبنانيون بأنكم لا تريدون توفير الكهرباء للمواطنين، بل تريدون امرار صفقة يفيد منها بعض الأشخاص على حساب حقوق كل المواطنين، وإن إقحام شركات وهمية، أو ورقية لتكون شريكة غير مشغلة في الغاز والنفط من دون أي مبرر وإعطاءها 20% من مداخيل الغاز من دون وجه حق، يدفع الناس إلى السؤال عن الحاجة إلى هذه الشركات وعن السبب إقحامها في البازار، ولا سيما أن التوجه العالمي السليم، هو إنشاء شركة وطنية تملكها الدولة تعود لها الأرباح لا إلى مالكي هذه الشركات.

لقد أهلتم شركات "أصحاب حقوق غير مشغلة، وتزعمون" بأنها تقدر بأكثر من نصف مليار دولار، ولديها إنتاج نفطي سواء في البحر أم بالبر.
وأسأل وزير النفط: هل أهلتم شركات لا يتجاوز رأسمالها الـ1000 دولار أو لا ؟

وهل أهلتم شركات وهمية ملاحقة قضائيا في بعض الدول بالفساد والرشوة أو لا؟
وما هو إنتاجها النفطي وخبرتها المبررة لتأهيلها؟ وهل قصد وزير الطاقة عند قوله إن الشركات غير المشغلة تقدر بأكثر من نصف مليار دولار، أن كل واحدة منها تقدر بنصف مليار دولار، أو أنه جمعها كلها وجمع رساميلها؟


والزعم بأن موقفنا الرافض لقرار وزير الاتصالات المخالف للدستور والقانون، يرمي إلى حماية الإنترنت غير الشرعي هو زعم مضحك، لأن القاصي والداني بعلم أنني أنا من أوقف الإنترنت غير الشرعي وأحال مرتكبيه أمام القضاء، أنا، من اكتشف وجود الإنترنت غير الشرعي والتخابر الدولي غير الشرعي، وادعيت على المرتكبين أمام القضاء.
بعض الجدية أيها السادة، لا تستهبلوا الشعب اللبناني لتبرروا مخالفاتكم وصفقاتكم والثروات غير المشروعة التي ستتحقق بنتيجتها.

فأين أنتم من مصالح الوطن والناس، وهل أنتم في مراكزكم لكي توفروا للبعض الأموال غير المشروعة على حساب كل اللبنانيين،، في وقت يمر فيه لبنان بأخطر وأسوأ مرحلة إقتصاديا وماليا وإجتماعيا.

ما هكذا تورد الإبل يا عمر، وما هكذا تدار شؤون البلاد يا حكومة.
فلا معالجة للوضع الاقتصادي وتعزيز النمو إلا بالإصلاح الحقيقي والجدي. فليس برفع الشعارات، ولا سيما شعار مكافحة الفساد والإصلاح، تستقيم الأمور، في الوقت الذي تشهد مكونات الحكومة تتسابق على زرع الأزلام في القضاء والإدارات لتؤمن مصالحها، والفساد يستشري بشكل غير مسبوق في تاريخ لبنان.

من حق شعبنا أن يكفر بحاكميه وبالطبقة السياسية العاجزة عن توفير الحياة الكريمة له ولأولاده، ومن واجبنا العمل على تلبية حاجاته ودرء المخاطر عنه.
الزميلات والزملاء،

"إن الخروج من المأزق الاقتصادي والمالي الخطير يستوجب صدور قرار وطني لوقف الانهيار السريع والاتفاق على خطة إقتصادية تتركز على وضع سقف للعجز السنوي ينخفض تدريجيا على ثلاث سنوات على الأقل بمعدل نصف مليار دولار سنويا، ما يوحي بالثقة بالنظام تجاه المؤسسات الدولية والأسواق العالمية، وبجدية السلطة على تصحيح الوضع الاقتصادي والمالي.


"الإقلاع عن الإنفاق من أموال الخزينة لتمويل مشاريع الكهرباء والمياه والنفايات وإصدار المراسيم التنفيذية لقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص لكي يقدم القطاع الخاص على الاستثمار فيها فيوفر على الدولة الاستدانة، واللجوء إلى المؤسسات الدولية كالبنك الأوروبي للإستثمار EIB والبنك الدولي والصناديق العربية الجاهزة لتمويل قيام هذه المشاريع بفوائد مشجعة ومتدنية وعلى آجال طويلة.

"وقف المشاريع غير الضرورية وغير الملحة كالبواخر والبطاقة البيومترية. وإلغاء القرارات التي تبين أضرارها بواردات الدولة.

"تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان وهيئة منظمة للقطاع.

"تعيين مجلس إدارة لشركة ليبان تلكوم وهيئة منظمة .

"منح الهيئات المنظمة للقطاعات المنتجة (البترول) صلاحيات تخرجها عن سيطرة الوزراء.

" تفعيل هيئات الرقابة وإطلاق يدها في المساءلة والمحاسبة. والتوجه إلى إسقاط أي التزام بالتراضي، واعتماد المناقصات المفتوحة، والالتزام بمساندة أجهزة الرقابة في مواجهة السلطة السياسية.

هذه بعض الاقتراحات التي أتمنى التوقف عندها، مذكرا بأننا كلنا، حكومة ومعارضة ونظاما ومجتمعا وشعبا، على متن مركب واحد، فإذا غرق المركب سيغرق الجميع معه، ولن ينجو أحد.
لذلك، أدعو إلى تحمل مسؤولياتنا الوطنية لكي نردم الهوة بيننا وبين شعبنا، تعالوا نستمع إلى صوته نشاركه حرمانه وشكواه. تعالوا نعيد آلية الثقة بدولته قبل قوات الأوان.

ولكي ننجح، علينا أولا أن ننسى أن الانتخابات النيابية قريبة، وإن نبش القبور والمزايدة والتطرف يزيد من فرص نجاح المزايدين والمتطرفين. ولنكف عن تسخير الدولة لمصلحة أي وزير أو مكون سياسي منكم لرشوة الناخبين بتلبية مطالبهم، فلا يمكن بناء دولة بتسخير القضاء لمصالحكم.

نبنيها بالأخلاق وبالوطنية، بقبول كل منا بالتضحية بمصالحه الخاصة والعائلية والطائفية والمذهبية والحزبية، لمصلحة الوطن ككل.

الإصلاح يبدأ بإصلاح الذات قبل الآخرين.
والإصلاح يبدأ بالعمل على إعادة بناء دولة قانون ومؤسسات، وليس بالسيطرة على الدولة والعباد، وتكديس الثروات على حساب شعبنا، فالمطلوب الترفع عن الأنانيات والارتفاع إلى مستوى أحلام الناس وآمالهم.

إذا كنتم مستعدين لذلك، وقادرين عليه، فنحن معكم، رغم خلافاتنا منكم حول بعض القضايا، أما إذا لم تكونوا كذلك فلا يبقى لدينا إلا طلب واحد، إرحلوا لئلا يكون إفلاس لبنان وسقوطه قد تم على يدكم.

وأملي أن ندرك خطورة وضعنا، وأن نعمل على تصحيح المسار، لأن فرصة الإنقاذ لا تزال قائمة، فواجبنا أن نحذر، وألا نسكت، لئلا نصبح شركاء في تحويل حياة اللبنانيين إلى جحيم، وأعذر من أنذر".

  • شارك الخبر