hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ورشة عن "لبنان والنزوح السوري: الأعبـاء وأولويـة العـودة"

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 20:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظّم مركــز البحــوث والدراســات الاستراتيجية في الجيش اللبناني ورشة عمل  تحت عنــــوان: "لبنان والنزوح السوري: الأعبـاء وأولويـة العـودة"، اليوم في مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الريحانيـــــــــــة، في حضور
وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، ممثل رئيس الجمهورية، السفير شربل وهبي، ممثل وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون العميد شربل ابو خليل، مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش العميد فادي ابي فراج، والمنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني، وممثلة مفوضية شؤون اللاجئين ميراي جيرار، وحشد من الديبلوماسيين والاكاديمين.
وقد سلّطت ورشة العمل الضوء على التحديات الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية، البيئية، القانونية، الامنية والدبلوماسية والسياسة العامة.

افتتحت ورشة العمل بكلمة لمدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية العميد الركن فادي أبي فراج، وقد قدمت الجلسة الافتتاحية الاعلامية تانيا اسطفان.

مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية
وقال العميد الركن فادي أبي فراج: "إنّ الامن القومي يمثّل جزءاً من قدرة الدولة على توفير اكبر قدر ممكن من الحماية والاستقرار في جميع المجالات ضد اي تهديدات داخلية وخارجية. ومن هنا يتتخذ مفهوم الامن القومي ابعاداً عملمية وعملانية ، ويرتبط بمصالح الدولة العليا والمواطنين، فهذا الامن لا تقتصر مفاعليه على الشأن العسكري ببعديه الداخلي والخارجي، بل تتعدى ذلك الى الامن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي والبيئي والصحي والثقافي والاعلامي والتكنولوجي، وكل ما متعلق بالانسان ومحيطه، وبالتالي فإنّ حماية الامن القومي لاي دولة او مجتمع تتطلب رؤية متكاملة وشاملة، تأخذ بالاعتبار مختلف هذه المجالات.
واضاف:"وضمن الندوات وورش العمل التي نظّمها مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني، بدءاً من ندوة "فضاء الامن السيبراني"، الى سلسلة ندوات الامن القومي في لبنان، وصولاً إلى ورشة العمل هذه بعنوان " لبنان والنزوح السوري...الاعباء واولوية العودة"، حيث نلتقي سنوياً مع نخبة من اصحاب الاختصاص هادفين الى عرض المشكلة وتوصيفها بدقة، الى استنباط الحلول الممكنة لها بطريقة واقعية منهجية، وصولاً الى وضع التوصيات بين ايدي الجهات المعنية للمساعدة على اتخاذ القرار المناسب، بما يؤدي من جهة الى انهاء تداعيات النزوح على لبنان، ومن جهة اخرى الى عودة النازحين الى ديارهم، وبالتالي وضع حد لمعاناتهم والحفاظ على نسيجهم الاجتماعي وهويتهم الوطنية".
وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي

بدوره، قال وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي في كلمة له: "يشرّفني أن أقف اليوم بينكم في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني لنتداول معاً قضية النزوح السوري- الأعباء وأولوية العودة، وأغتنم هذه المناسبة لأبارك لجيشنا الوطني الباسل قيادته الجديدة التي أثبتت وفي وقت قصير جدارتها وقدرتها على تحقيق النصر على الأعداء فكانت البداية في معركة فجر الجرود ضد ارهاب الدواعش بتوجيهات من القيادة السياسية الحكيمة" .
واضاف المرعبي: "وما الانتصار الذي حققه جيشنا البطل سوى برهانا دامغا على الامكانيات الوطنية التي تحمله هذه المؤسسة الوطنية اللبنانية و على ضرورة البناء على هذه القدرات فقط لا غير كونها وحدها من يملك شرعية وحصرية الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه".

وتابع: "الاخوة السوريون هم ضيوف مؤقتون في بلدنا وكرامتهم من كرامتنا وأمنهم من أمننا لذلك نحن دائما ندعوهم للتعاون مع مؤسسات الدولة اللبنانية المدنية والعسكرية والأمنية بالاضافة الى هيئات الأمم المتحدة لنتفادى معا أي اختراقات مريبة او استغلالات خبيثة تعرضنا جميعا لمخاطر نحن بغنى عنها".
واكّد المرعبي انّ ما نتقاسمه من لقمة العيش مع النازحين في ظل ضآلة المساعدات وتقاعس الدول المانحة، بات يستدعي انتقالا من الخطوات الإغاثية الى التنموية وهذا ما طرحه دولة الرئيس الحريري من خلال المخطط الاقتصادي التنموي والذي يهدف الى تحريك عجلة الاقتصاد عبر مشاريع البنى التحتية في مختلف المناطق اللبنانية خاصة في المناطق النائية حيث يعيش النازحون وذلك لخلق فرص عمل تقدر بحوالي 30% من كلفة المشاريع المنوي تنفيذها.
وذكّر بانّه منذ انشاء وزارة الدولة لشؤون النازحين تركّز عملنا على: بناء السياسة العامة، وإطلاق منصّة تنسيق، وإنشاء آلية رصد ومتابعة، من خلال زياراتٍ ميدانيةٍ الى تجمعات الاخوة النازحين والبلدات المضيفة للإطلاع على أوضاعهم ومعرفة حاجاتهم والتنسيق مع الوزارات والمنظمات المعنية بهدف تلبيتها.

وقال: " لا بد من مصارحتكم بأن هناك من عطل تبني سياسة عامة بل لم يستسغ إطلاق منصة التنسيق، مما أدى ذلك الى تشتت الجهود وفتح المجال لمن يستغل مسألة النازحين الانسانية لتسويق أجندته السياسية وحملاته الانتخابية، وهذا أخطر ما نحن في مواجهته اليوم". واضاف: "كلنا نرفض التوطين، وهذا ما جاء في مقدمة الدستور اللبناني، والنازحون السوريون انفسهم يريدون العودة الى ديارهم، و للعلم لبنان لم يقفل يوماً حدوده باتجاه من يرغب منهم بالعودة، و نحن اذ نؤكد ليل نهار أننا مع العودة الآمنة لجميع النازحين برعاية وإشراف الأمم المتحدة وحسب مبادئ القانون الدولي و حقوق الانسان، ندعوا ان يكف المزايدون و الدونكيشوتيون عن التصريحات التي تقود الى التصرفات الشعبوية العنصرية والهمجية المدمرة".
وشدد على النقاط التالية:

- نعم نحن مع إستمرار فتح الحدود باتجاه عودة النازحين الى بلادهم عبر تسهيل اجراءات المغادرة بالرغم من مخالفات إقامتهم نتيجة أوضاعهم المأساوية.
ـ نحن مع اطلاق آلية تسجيل جميع الأخوة السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية بالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة، من أجل تحديد "من ينطبق عليه وضع النازحين" وتمييزهم عن المتواجدين لأسباب تختلف عن التي تستدعي النزوح، علما ان هذا الأمر يساعد في تحديد أماكن تواجدهم لضرورات عديدة.
- نحن مع تسهيل تسجيل الولادات خاصة ما مضى عليها أكثر من سنة مما يسهل لوجستية العودة و يمنع تحولهم الى "مكتومي قيد".
واكّد الوزير المرعبي أنّ حماية الاستقرار الأمني والسياسي لا تكون:
بمنع انشاء مراكز إيواء منظمة للنازحين و بمنع تسجيلهم و منع تسجيل ولاداتهم، أو من خلال عدم توقيع بروتوكول تعاون بين المفوضوية السامية لشؤون اللاجئين والدولة اللبنانية و التشكيك بعمل هيئات الامم المتحدة و نواياها، و لنتذكر معا ان ليس للبنان من سند سوى الله و الشرعية الدولية المتمثلة بهيئة الامم المتحدة.
وتابع: " اريد اني اؤكد بأننا لن نألو جهدا من اجل عودة آمنة لاخواننا السوريين الى بلادهم بالتنسيق مع الامم المتحدة، أخيرا لا بد لي من اعلان ما يسره لنا اخواننا السوريون باصرارهم على العودة الامنة الى بلادهم باسرع وقت ممكن حفاظا على وطنهم وهويتهم وكرامتهم".
وختم قائلاً: "أتمنى لكم التوفيق في ورشة العمل هذه وأتطلّع الى التوصيات التي ستصدرها هذه المجموعة الكريمة و المتميزة من الاختصاصيين من اجل المساعدة على تحقيق ارادة الاخوة السوريين في العودة الامنة الى بلادهم باسرع وقت ممكن حفاظا على وطنهم وهويتهم وكرامتهم".
المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني

من جهته، شدد المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني في كلمة له على انّ لبنان رغم موارده المحدودة اظهر التزاماً وتضامناً غير مسبوق، بفتح ابوابه واستقبال مليون ونصف لاجئ سوري، هربوا من الحرب التي مزقت سوريا.
وقال لازاريني: " ضيافة لبنان باتت على المحك، كل يوم نشهد ارتفاعاً في تعب المجتمعات المضيفة، والتوترات بين اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة، تؤدي الى ارتفاع المطالبات بعودة اللاجئين الى سوريا".
واضاف لازاريني: "إنّ المنافسة في الوظائف التي لا تتطلب مهارات عليا، هي الاساس في ارتافع منسوب التوتر في المجتمعات وخصوصاً في المناطق التي تستضيف النسبة الاكبر من النازحين، مثل عكار (80 في المئة)، والبقاع (95 في المئة)".

وأشار لازاريني إلى أنّ هناك مخاوف من انّ اللاجئين لن يعودون الى بلدهم، وانّ المجتمع الدولي من خلال مساعداته يشجع بقائهم لوقت اطول في لبنان.وقال: "ليس هناك اي لاجئ يريد ان يبقى لاجئاً، ووفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين 90 في المئة من اللاجئين يتمنون العودة".
واعتبر انه في الوقت الحالي العودة ليست خياراً لغالبية اللاجئين، وذلك كون عدم توفر الامن والامان في سوريا يشكّل العقبة الاساسية امام هذه العودة، مبدياً استعداد الامم المتحدة بالتعاون مع لبنان لمضاعفة الجهود لحل سياسي في سوريا، يؤمن الضمانات التي تتيح عودة الغالبية الكبرى بشكل طوعي.
واشار لازاريني إلى ضرورة الابتعاد عن الخطاب التحريضي تجاه اللاجئين والتركيز على التسامح والتعايش، معتبراً أنَ المؤسسة العسكرية تشكّل نموذجاً في هذا الاطار.
المهندس نعمة افرام
أمّا المهندس نعمة افرام فشدد في كلمة له على انّ النزوح المستمر في لبنان بات يهددنا في ثلاثة اخطار وجودية.

ويتمثل الخطر الاول انّه "بعد ثماني سنوات من تواجد هذا الكم الهائل من النازحين السوريين، بتنا نجد انّ توازننا الوطني معرض للخطر،ويشكل تهديداً مباشراً على التعددية في لبنان بتوازناتها الدقيقة، الديموغرافية منها والطائفية".
واشار إلى أنّ الخطر الثاني يتمثل في التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئة الهائلة التي اثارها هذا النزوح،لافتاً الى انّه منذ العام 2011، تاريخ بدء الازمة السورية، تتكبد الخزينة اللبنانية اكثر من نصف مليار دولار اميركي، وهي كلفة استهلاك النازحين السوريين للكهرباء التي بالكاد يكفي انتاجها حاجة للبنانيين.
واعتبر افرام أنّ الخطر الثالث والاكبر من العواقب الناتجة عن النزوح السوري الهائل هو الارهاب.
وطالب افرام الدولة اللبنانية بان يكون لها خطة واضحة، وموقف وطني جامع فوق كل السياسات الضيقة، على ان ينبع هذا الموقف من مصلحة الامن القومي اللبناني.
واوضح ان معالم هذه الخطة تتضمّن المشاركة في مفاوضات مساري جنيف والاستانة بخصوص عودة النازحين، واجراء تنسيق بين هيئات الامم المتحدة العاملة في كل لبنان وسوريا، لتحديد مناطق آمنة للنازحين، وادراج النازحين السوريين في لبنان،

والى الجلسة الافتتاحية، تضمّنت ورشة العمل أربعة محاور.
المحور الاول الذي ادارته الإعلامية سابين عويس تناول التحدّيات الإقتصادية، الإجتماعية، البيئية والتربوية التي يُثيرها النزوح السوي، وتحدث فيه كل من الدكتور غازي وزني، رئيس مؤسسة أديان البروفسيور الاب فادي ضو، ورئيس الحركة البيئية اللبنانية بول ابي راشد.
غازي وزني
وعرض الدكتور غازي وزني للتحديات الاقتصادية للنزوح السوري على النمو الاقتصادي والناتج المحلي التراكمي والاستثمارات الأجنبية المباشرة، والميزان التجاري، وكذلك المنافع الاقتصادية وعلى وجه الخصوص لجهة تحريك نشاط القطاع العقاري، وتحوّل لبنان الى لعب دور الوسيط بين السوق السوري والاسواق العالمية.
واشار الدكتور وزني الى التحديات النزوح السوري على المالية العامة والخدمات العامة وعلى البنية التحتية، وعلى سوق العمل.
ودعا الدكتور وزني الى اتباع مقاربة جديدة في ملف النازحين السوريين، تستند الى الانماء والاستقطاب والتواجد والايواء والانتشار من اجل تحريك الاقتصاد في اماكن تواجدهم، وتوفير فرص عمل وتعزيز التضامن الاجتماعي وتجنب الاحتكاكات والصراعات، وتأسيس صندوق العودة Repatriation Fund تتولى الدول المانحة تمويله ويشجع على عودة النازحين الى ديارهم.
بول ابي راشد
بدوره، ركّز رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول ابي راشد في كلمته على أنّ النزوح السوري يهدد استدامة الموارد الطبيعية في لبنان، مشيراً الى زيادة عدد النفايات التي كان ينتجها اللبنانيون الى 15.7 في المئة بعد ازمة النزوح السوري.
ولفت ابي راشد الى ان الوجود السوري تسبب في زيادة كمية المياه المبتذلة، وزيادة الطلب على المياه، وازدياد نسبة تلوث الهواء، والتعدي على الاراضي الزراعية والحرجية، محذراً من انّ النزوح وآثاره السلبية على البيئة يشكّل خطراً كبيراً على اللبنانيين وسلامتهم ن وبات اعلان طوارئ بيئية من الاولويات.
الاب فادي ضو
من جهته، أكّد رئيس مؤسسة أديان البروفيسور الأب فادي ضو أنهّ بعيدًا عن النقاش حول مسألة عودة النازحين إلى ديارهم، لطالما هؤلاء الأطفال كانوا متواجدين على الأراضي اللبنانية فعلينا مسؤولية إنسانية وواجب وطني واجتماعي لتأمين التعليم المناسب إليهم.

وأوضح أنّ "المنظومة التربوية الرسمية للدولة، وبمساعدة العديد من المؤسسات المحلية، لم تستطع استيعاب أكثر من 38%"، وتابع: "نحن لسنا أمام أزمة وحسب بل أمام خطر العجز عن مواجهة هذه الأزمة كما يجب، وبالتالي الأطفال خارج منظومة التعليم هم بخطر، والمجتمع اللبناني هو بخطر، والمجتمع السوري أيضًا".
وإذ شدد على أنّ عودة النازحين إلى ديارهم، وتنظيم ذلك هو أولوية وحاجة للطرفين اللبناني والنازح السوري، قال الاب فادي ضو: "بانتظار تأمين العودة،
لا بد من خطة مترابطة ومثلثة الأبعاد، تنطلق من عدم قدرة لبنان على الاستجابة إلى التحديات المطروحة على كافة الصعد في هذا الملف، وتعمل معًا على: العودة وتحسين الخدمة وإعادة التوزيع على دول أخرى، والبعد الثالث (إعادة التوزيع) الذي يبدو غير مفعل بما فيه الكفاية، هو الأسرع تحقيقًا. كما يجب أن يبقى واضحًا لنا وللعالم بأن كل هذا الجهد يهدف إلى تحقيق خير النازحين أنفسهم أولًا، وخير لبنان، والعالم. لأنّه في مسألة الخير والإنسانية لا فرق بين إنسان وآخر، ولا بين لبناني ونازح".

المحور الثاني الذي أدارته الإعلامية مي الصايغ ركّز على التحدّيات القانونية للنزوح السوري، وتحدث فيه كل من دكتور القانون الدولي العام شفيق المصري، ونقيب المحامين السابق جورج جريج، دكتور القانون الدولي المحامي انطوان صفير.

شفيق المصري
شدد الدكتور شفيق المصري على ضرورة تحرّك الحكومة اللبنانية على عدة مستويات منها إعداد تقارير للأمين العام للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى بطلب عدم تطبيق كل أحكام قانون اللاجئين 1951 على الحالة اللبنانية، بإعتبار أنّ لبنان غير منضمّ الى هذا القانون أصلاً، وأنّ عدد اللاجئين على أرضه يزيد عن نصف سكانه بالأساس.
وأكّد على ضرورة مطالبة مجلس الأمن بالتأكيد على أنّ المناطق الأقل توترا" في سوريا، يجب أن يقترن توصيفها كمناطق آمنة بإمكانية عودة اللاجئين اليها، على أن يترافق مع هذا التوصيف مع طلب دولي للدولة السورية بتسهيل هذا الموضوع بشكل ملموس.
ودعا المصري إلى التدقيق في تنقل الأشخاص المحميين من قبل مفوضية شؤون اللاجئين من لبنان الى سوريا. واعتبر أنّ التفاوض بين الحكومة اللبنانية وبين الهيئات المتخصصة في الأمم المتحدة ومع الأمين العام لهيئة المنظمة الدولية ... يبدو أكثر منطقياً، لانّ التفاوض مع سوريا قد يزيد أمر العودة تعقيداً أكثر من تسيرها بسبب موقف النظام السوري من المعارضة، وبالتالي لا بدّ من توفير هذه الضمانات الدولية والدعم السياسي وحتى الدعم المالي لترتيب هذه العودة.

جورج جريج
من جهته، عرض نقيب المحامين السابق في بيروت الاستاذ جورج جريج
التداعيات القانونية الناتجة عن النزوح، وفي طليعتها ارتفاع عدد دعاوى الصرف من الخدمة امام مجالس العمل التحكيمية بفعل استبدال العامل اللبناني بالنازح السوري، الى مشكلة عدم تسجيل الولادات السورية ، في ظل الحديث عن تسجيل 20 في المئة فقط من الولادات بشكل قانوني، واعتبار أنّ 98 في المئة من حديثي الولادات مكتومو القيد، هذا فضلاً عن زيادة العبء على صندوق المعونة القضائية، اذ باتت تشكّل نسبة المعونة القضائية المقدمة للنازحين السوريين نحو 25 في المئة من فاتورة المعونة القضائية.

واعرب جريج عن خشيته من التجنيس ومن تكريس حق الاقامة فتصبح امرا واقعاً كحال اللاجئين الفلسطينيين، ويصبح لبنان في حاجة الى قرار دولي يكرّس حق العودة شبيه بالقرار 194 غير المنفّذ.
وطالب جريج باعتبار كل نازح وافد من غير المناطق المتاخمة للحدود الشرقية والشمالية نازحاً بالخيار لا بالاضطرار، وبالتالي ترحيله فوراً.
انطوان صفير
أمّا استاذ القانون الدولي المحامي الدكتور انطوان صفير فشدد على انّ الصراع الدموي "الدولي" و"غيرالدولي" في سوريا حوّل النزوح السوري داخل الاقليم السوري واللجوء السوري الى خارجه أي الى الدول المجاورة وحتى الى دول اوروبية وسواها الى معضلة عابرة للحدود Transnational بكل المعاني.
واستعرض صفير تعريف وموجبات اللاجئ حسب المادة الأولى من اتفاقية 1951 المتعلقة باللاجئين والمعدّلة ببروتوكول 1967، ومعايير التمييز بين اللاجئ والنازح، معتبراً أنّ المطلوب قانونياً موازنة السلطات اللبنانية بين موقف مبدئي ملزِم في القانون الدولي، وتكفله الشرائع والمواثيق، وبين موقف واقعي يفرض فك الارتباط مع عشرات الالاف من السوريين المقيمين على ارضنا، والذين لا تنطبق عليهم او لم تعد تنطبق عليهم صفات اللجوء والنزوح لا في القانون الدولي ولا وفق القوانين الوطنية الوضعية.
وختم قائلاً: "أنّ السلطات اللبنانية مدعوّة للتحرّك دولياً لإقرار اعادتهم الى بلدهم دون تبعات قانونية وغيرها على لبنان البلد الذي يستضيف اعداداً توازي نصف عدد سكانه".
المحور الثالث الذي اداره الإعلامي ماجد بو هدير تناول التحدّيات الأمنية، وتحدث فيه كل من العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر، ممثل المديرية العامة للأمن العام العقيد ايلي الديك، ورئيس شعبة العلاقات العامة لقوى الامن الداخلي العقيد جوزف مسّلم، والعميد الركن في الجيش اللبناني ابراهيم خنافر.

العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر:
حذّر العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر من أنّ لبنان سيواجه مع حالة التردي السياسي والاقتصادي والاداري 3 خيارات مستحيلة في ظل تقاعس الحكومة عن بناء خطة متوافق عليها وطنياً لمواجهة ازمة النازحيين السوريين، اولها الوصول الى اوضاع اجتماعية كارثية للنازحين ومضيفيهم، ويمكن ان يؤدي ذلك الى اهتزازات اجتماعية وامنية تهدد الاستقرار العام. امّا الخيار الثاني يتمثل بتكرار التجربة القاسية التي واجهها لبنان مع النازحين الفلسطنيين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
والخيار الثالث، والاخطر هو ان يؤدي اللجوء الكثيف وتفاقمه خلال العقود المقبلة الى حالة من التوطين الواقعي على ان تتبعها مراحل من التوطين القانوني من خلال تجنيس مئات الاف النازحين على دفعات.
الامن العام
من جهته، شدد ممثل المديرية العامة للأمن العام العقيد ايلي الديك على أنّ ملف النزوح السوري يقع في صلب دور ومهام المديرية العامة للأمن العام اللبناني، مقدمّاً لمحة عن وضع الوافدين او النازحين السوريين الموجودين في لبنان، وتصنيفهم الى 4 فئات.
ودعا الديك إلى السعي مع المراجع الدولية الى اقامة مناطق آمنة داخل الاراضي السورية تستقبل اعداد النازحين السوريين حيث تتم مساعدتهم من قبل الامم المتحدة، تمهيداً لعودتهم الى مناطقهم ومساعدتهم في إعادة اعمار بلدهم واستثمار اراضيهم.

المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي
بدوره، شدد رئيس شعبة العلاقات العامة لقوى الامن الداخلي العقيد جوزف مسّلم على أنّه انتظار وضع السلطة السياسية خطة لاعادة النازحين الى سوريا، ينبغي زيادة المساعدات الى لبنان لتأمين التعليم الذي من شانه ان ينعكس ايجاباً على انخفاض مستوى الجريمة، وهو يقي الاجيال من الوقوع في دوامة الجهل والفقر، ويجنبهم ان يكونوا اداة يمكن للتنظيمات الارهابية ان توظّفها لمصلحتها.
ودعا الى مخاطبة النازحين السوريين بطريقة عقلانية وعدم التحريض والحؤول دون تشكيل جبهتين لبنانية وسورية، فهذا الامر يشكّل هدية للارهابيين الذين سيصطادون في الماء العكر لزعزعة امن لبنان عبر استغلال معاناة النازحين.
الجيش اللبناني
من جهته، قال العميد الركن في الجيش اللبناني ابراهيم خنافر :"إنّ الانتشار والنزوح سببا خللاً أمنياً خصوصاً في منطقة البقاع والمنطقة الحدودية، مثل بلدة عرسال، وقد شكّلت بعض المخيمات بؤراً للخلايا الارهابية ، ومنطلقاً لتنفيذ اعمال أرهابية داخل المناطق اللبنانية".
واشار إلى انّ "التداعيات الحاصلة استوجبت تنفيذ تدابير أمنية مشددة تمثلت بنشر اربع افواج حدود برية على الحدود لضبط المعابر غير الشرعية، ومكافحة التهريب والعبور غير الشرعي، بالاضافة الى تنفيذ عمليات مداهمة وتفتيش لاماكن تواجد النازحين،كذلك بذل جهد عسكري وأمني كبيرين من قبل الوحدات المنتشرة على الارض، ومن مديرية المخابرات في مختلف المناطق لمواجهة هذه الأخطار والتداعيات".

المحور الخامس، الذي ادارته الإعلامية غادة حلاوي تناول السياسة العامة وأولية العودة، وتحدث فيها كل من السفير السابق الدكتور ناصيف حتي، و الرئيس السابق للجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني السفير الدكتور خليل مكاوي،
وخبير السياسات العامة وشؤون اللاجئين الدكتور زياد الصائغ.
السفير حتي
وطرح السفير السابق الدكتور ناصيف حتي إشكاليات عدة تتعلق بالنزوح السوري من المسألة الإنسانية من جهة وقضية الأمن الوطني بالنسبة للدولة المضيفة من جهة أخرى، إلى العودة الطوعية أم العودة الآمنة، إلى طبيعة العلاقات اللبنانية السورية، رسميًا وسياسيًا وأهليًا وأرث هذه العلاقات.
ودعا السفير حتى إلى تحرير مشروع السياسة العامة بشأن النازحين من قيود وأثقال وسمات خصوصيات العلاقات السورية اللبنانية والإنقسامات الداخلية الحادة بشأنها والتي تغذيها الخلافات الإقليمية، وبلورة توافقات وطنية راسخة ومستقرة وواضحة تشكل قواعد وأسس ومرجعيات هذه السياسة العامة الجامعة.

السفير مكاوي
من جهته، أعرب الرئيس السابق للجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني السفير الدكتور خليل مكاوي عن تململه من عدم الإحتكام لديبلوماسية مبادرة في تحدي التمهيد لعودة النازحين إلى سوريا برعاية الأمم المتحدة، وبتوفير ضمانات منها على كل المستويات الأمنية والقانونية والإقتصادية - الإجتماعية . وقال:"إنّ الحديث عن العودة خرج عن سياقه ليصبح مادة تجاذب سياسي لا تغيب عنه أيضاً استعمالات طائفية ومذهبية مدمرة. وفي هذا السياق استدعي أيضاً عودة إلى العقل والإرتقاء إلى مستوى مصالح لبنان العليا ، بما هو مرتبط إرتباطاً وثيقاً بالشرعيتين العربية والدولية".
المستشار الصائغ
بدوره، تناول الخبير في السياسات العامة وشوؤن اللاجئين زياد الصائغ محاذير السياسة الشعبوية والديبلوماسية الديماغوجية.
وقال: "فشلنا حتى الآن في التمهيد لعودة النازحين من سوريا، وهم ليسوا فقط سوريين، فمن بينهم لاجئون فلسطينيّون، وعراقيون ، وحتى لبنانيين كانوا يقيمون في سوريا لأسباب متعددة ، منها الإقتصادي والصناعي والتجاري والتصاهريّ العائليّ. وفشلنا لا يُعالج سوى بالعودة إلى المساحة المشتركة حيث الأساس المصلحة الوطنية العليا ، لا بسياسات مجزأة ومخصخصة ، إذ لا تستقيم مقاربة دولتيّة ( Etatique) ، إن لم نطرح حلولاً متكاملة من السياسي، إلى السيادي، إلى القانوني، إلى الإقتصادي - الإجتماعي - البيئي فالديبلوماسي، وإلا نستمر في الإستجداء التمويليّ ، واستعراض العضلات الخطابي ، فتزداد التوتّرات ، وتتراكم الإشكالات ، وتعلو الجدران أمام الحلول".
وطرح الصائغ مجموعة من الاسئلة إلى ديبلوماسيتنا :

1 لم يراسل لبنان رسمياً حتى الآن ، ومن خلال القنوات الدبلوماسية ، الأمانة العامة للأمم المتحدة فيما يتعلّق بالتمهيد لعودة النازحين ؟ ( خطاب فخامة رئيس الجمهورية في الجمعية العامة للأمم المتحدة يشكل بداية )
2 لمَ لم يتوجه لبنان حتى الآن وبموازاة مراسلة الأمانة العامة للأمم المتحدة ، لم لم يتوجه إلى مسار جنيف والأستانة بما هما مؤسِّسان في أي عملية تسوية مقبلة في سوريا ؟
3 لمَ لم يطلب لبنان إجتماعاً إستثنائياً على مستوى وزراء الخارجية العرب أو الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لبناء موقف مساند للبنان وحتماً بالتنسيق مع الأردن ؟
4 لمَ لم يستدع لبنان جلسة خاصة على مستوى مجلس الأمن بعد لوبيينغ ديبلوماسي غربي- دولي لإستصدار بيان حول العودة إذا كان صعباً الاستحصال على قرار؟
5 لم لم يستهلّ لبنان من خلال هيئات الأمم المتحدة على أرضه تنسيقاً مع هيئات الأمم المتحدة في سوريا ، متطلعاً إلى تزويده بتقدير موقف حول إمكانية العودة وأماكنها خصوصاً في مناطق تخفيض التصعيد ، كما مرحلة عودة النازحين إليها مع ضمانات ، وبحسب جداول بمعايير عملية ؟
وقد اختتمت ورشة العمل بتوزيع الدروع التكريمية للمحاضرين على ان يتم الاعلان لاحقا عن التوصيات التي تمخضت عن نقاشات الخبراء المعنيين.

  • شارك الخبر