hit counter script

أخبار محليّة

لبنان يلهو بـ"حروبه الصغيرة" ويتهيّب الأخطار الكبيرة

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كلّما اقتربتْ طلائع «العاصفة» الخارجية في اتجاه لبنان، ازدادتْ مؤشرات وجودِ قرارٍ داخلي بإبقاء الواقع السياسي منضبطاً تحت سقف التسوية التي يعتبر «حزب الله» أنها تشكّل «متراساً» يحميه بوجه الاندفاعة الأميركية - السعودية باتجاهه بوصْفه الذراع الرئيسية لإيران، فيما يرى خصومه اللبنانيون أنها «بوليصة التأمين» التي تحمي الاستقرار وتمْنع سقوط اللعبة السياسية بالكامل لمصلحة الحزب ربْطاً بموازين القوى المحلية والإقليمية المختّلة.

ويستمرّ الوضع اللبناني محكوماً بهذه المعادلة في اللحظة التي تشهد المنطقة تَرقُّباً كبيراً لترجمات الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال إيران، ولمفاعيل سلّة العقوبات المالية الجديدة المرتقبة بحقّ «حزب الله»، والمدى الذي سيبلغه قرار المملكة العربية السعودية بالتصدي لطهران وأدوارها التي تعتبر الرياض كما واشنطن انها تزعزع الاستقرار في المنطقة.

ويصبح هذا الترقّب ثقيلاً في ضوء تطوراتٍ مفصليّة متسارعة في المنطقة سواء في الرقة السورية أو في كركوك العراقية، وصولاً إلى الحدَث البارز الذي شكّله توجيه إسرئيل ضربة لبطارية صواريخ مضادة للطائرات تابعة للجيش السوري شرق دمشق على خلفية إطلاقها صاروخ أرض - جو على طائرة إسرائيلية خلال وجودها في الأجواء اللبنانية صباح أمس.

وبدا من الصعب عزْل تأثيرات هذه التطوّرات عن الواقع اللبناني باعتبار أن خريطة النفوذ الجديدة التي تَرتسم في المنطقة تَشْهد تَدافُعاً بين اللاعبين الاقليميين لحجْز أمكنتهم على الطاولة ومن بينهم اسرائيل التي لا يغيب عنها وهي «تضرب» في السماء السورية، و«تحت عيون» موسكو، توجيه رسائل باتجاه لبنان و«حزب الله» ومن ورائه إيران بأن الحرب المؤجَّلة قد تصبح خياراً.

وفي انتظار «الخيْط الأبيض من الأسود» في مسار التصعيد الخارجي يواصل رئيس الحكومة سعد الحريري إطلاق مواقف تعكس تَمسُّكه بالتسوية السياسية صوناً للاستقرار وهو ما كرّره في حديث صحافي نُشر أمس قبيل لقائه نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني مختتماً زيارة أربعة أيام للفاتيكان وروما.

فالحريري علّق على الاحتدام في العلاقة الأميركية - الإيرانية، قائلاً «نريد علاقات جيدة مع كل دول المنطقة ونأمل في خضم المواجهة بين الولايات المتحدة وايران أن نتفادى أي تداعيات سلبية على بلدنا. لكنني أقول أيضاً ان التدخلات في الشؤون الداخلية للبلدان العربية غير مقبولة على الاطلاق، وعلى إيران ان تلعب دوراً إيجابياً يساعد في التنمية الاقتصادية والأمان وألا تساهم في الإخلال بالاستقرار».

وأوضح انه «يفكر بمصلحة لبنان وفي إيجاد الصيغة المناسبة للتوافق التي تسمح بإدارة مشاكل البلاد»، لافتاً إلى أنه قرر مع «حزب الله» وضع الخلافات جانباً، والعمل سوياً «على الأمور الكبيرة أو الصغيرة التي يمكنها خدمة لبنان».

وإذ رأى في ما خص الأزمة السورية «ان أكبر خطأ سيكون ترك (رئيس النظام بشار) الأسد في القيادة، وهذا أمر غير ممكن وعليه أن يذهب»، قال رداً على سؤال «كما يقول الرئيس فلاديمير بوتين فان ما يهمه وما تقوم به روسيا في سورية يصب في مصلحة كل سورية وليس مصلحة شخص واحد. وان مصالح روسيا في سورية ستكون روسية وليس تلك العائدة لإيران».

وفيما تدور «حروب صغيرة» في بيروت تجري في «الحدائق الخلفية» للانتخابات النيابية في مايو 2018 كتلك التي اندلعتْ بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية تصويت لبنان في انتخابات «اليونيسكو»، أو بين باسيل وحزب النائب وليد جنبلاط بعد تصريحاتٍ للأول عن مصالحة الجبل اعتُبرت «استفزازية»، عاد ملف النازحين السوريين الى الواجهة من بوابة حماسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزبه ومعه «حزب الله» لاستعجال عودتهم الى سورية.

وإذ لم تنته في بيروت التفاعلات التي أثارها اللقاء الذي عُقد بين باسيل ونظيره السوري وليد المعلم بعدما جرى التعاطي معه على أنه في سياق توظيف ملف النازحين للتطبيع مع الأسد، نقل عون هذه القضية الى مستوى آخر باستقباله أمس سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وسفيرة الاتحاد الاوروبي وممثليْن للامين العام للامم المتحدة وجامعة الدول العربية، حيث عرض لهم التأثيرات الديموغرافية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لاستمرار أزمة النازحين، داعياً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته بحلها، ومسلماً اياهم رسائل خطية حول هذا الملف ووجهة نظر لبنان.

وفي حين أكد عون «أن مصلحة كل دول العالم ألا تنفجر الاوضاع في لبنان لأنه بحال حصول ذلك فالجميع سيتأثر والنزوح عندئذ يصبح باتجاهات أخرى»، تمنى «من المنظمات الدولية المساعدة، اذا وجدنا سبلاً لإعادة قسم من النازحين الى بلادهم ولو بشكل متدرج، وبألا تصدر عن هذه المنظمات بيانات من شأنها أن تخيف النازحين، كالقول لهم إن عودتهم الى سورية ستكون على مسؤوليتهم»، وموضحاً «اننا لا ندعو الى ان نعيد الى سورية المطلوبين قضائياً او المعارضين بل المواطنين الذين هربوا من الحرب.»

وفي موازاة ذلك، كان بارزاً تأكيد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع من استراليا «أننا لن نسمح بعودة النفوذ السوري الى لبنان رغم عملية الاحتيال الكبيرة الجارية حالياً، حيث يقول البعض إذا كُنتُم تريدون عودة النازحين عليكم التحدث مع بشار الأسد، على طريقة وداوني بالتي كانت هي الداء».
"الراي"

  • شارك الخبر