hit counter script

مقالات مختارة - الفونس ديب - المستقبل

الاقتصاد بين فكّي "السلسلة" وتصحيح الأجور

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كما هو معروف، فإن سلسلة الرتب والرواتب وضرائبها باتا في حكم الواقع الذي لا يمكن التراجع عنه، في ظل التوافق السياسي السائد حولهما والضغوط الكبيرة التي مارستها النقابات والهيئات المستفيدة.

إلا أن ذلك، لن يلغي بأي حال من الاحوال التداعيات المرتقبة لـ«السلسلة» والضرائب على الاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص، في ظل وضع أقل ما يقال عنه أنه مزري تثبته الأرقام والوقائع الميدانية، وكذلك علامات الاستفهام التي ترسم حول قدرة تحصيل الدولة الأرقام المستهدفة من الضرائب وآثار هذه الأخيرة على المؤسسات التي تصارع من أجل البقاء.

وفي جردة سريعة لأبرز الوقائع الاقتصادية يتبين:

- استمرار المنحى الهبوطي للصادرات الصناعية اللبنانية التي انخفضت نحو 1،2 مليار دولار خلال السنوات الأربع الأخيرة.

- اقفال 388 مصنعاً مسجلاً في الـTVA بين عامي 2011 و2015.

- ارتفاع العجز في الميزان التجاري اللبناني حتى تموز إلى 9 مليارات و350 مليون دولار.

- استمرار الضغوط على معظم قطاعات تجارة التجزئة في لبنان التي ظلـت تشهد الكساد والإنكماش، حيث بقيت الأسواق تواجه مستوى طلب ضعيفاً وإقبالاً خجولاً وحركة بطيئة.

- أما القطاع العقاري فأوضاعه هي الأصعب على الاطلاق بين مختلف القطاعات، حيث انخفض عدد الشقق المبنية سنوياً من نحو 30 ألف شقة إلى أقل من 14 ألف شقة، في حين أن هناك آلاف الشقق الفخمة في وضعية الجمود.

- بلوغ الدين العام الإجمالي إلى نحو 77 مليار دولار حتى نهاية تموز 2017، من دون احتساب ديون الضمان والمستشفيات والمقاولين وغيرهم على الدولة.

- بلوغ العجز المقدر للموازنة أكثر من 7 آلاف مليار ليرة.

إذاً حتى الآن هناك جهود مبذولة للحد من كل التداعيات المحتملة على الاقتصاد، من خلال ايجاد توازن بين قيمة «السلسلة» وبين إيرادات الضرائب لتمويلها. لكن الاسئلة المطروحة بقوة الآن، ماذا عن تصحيح الأجور الذي بات شعار المرحلة للاتحاد العمالي العام؟ وما هي الزيادات التي سيطالب بها؟، وما هي قدرة المؤسسات على التحمل؟

وبانتطار أن تدعو وزارة العمل لجنة المؤشر إلى الانعقاد، بات هناك بعض العناوين الواضحة في هذا الإطار، لعل أبرزها توافق طرفي الانتاج - أصحاب العمل والعمال - على العودة الى الاتفاق الموقع بينهما في كانون الاول من العام 2011 في قصر بعبدا، والذي تضمن في أهمّ بنوده الموافقة على تصحيح الاجور وفقاً لمعدلات تضخم الأسعار الصادرة عن الإحصاء المركزي.

ورغم الخلاف في وجهات النظر بين الطرفين حول الأساس الذي سيبنى عليه تطور مؤشر تضخم الأسعار، لا سيما مطالبة الاتحاد العمالي العام بالرجوع إلى ما قبل العام 2012، السنة التي تم فيها زيادة الأجور، وتمسك الهيئات الاقتصادية باحتساب الزيادة على اساس التضخم المسجل في الأسعار بعد العام 2012، إلا أن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر يؤكد أن كل الامور قابلة للنقاش في ظل الحوار القائم مع الهيئات لا سيما مع رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير.

ومع الايجابية التي ابداها شقير حيال تصحيح الأجور، إلا أنه يصر على ضرورة ربط هذه العملية بإقرار قانون يحول دون تدخل الدولة في الشطور، وأن يبقى دورها محصوراً بإقرار زيادة الحد الأدنى للأجور فقط، «كما هو معمول بها في كل دول العالم». وهو يؤكد ضرورة مقاربة هذا الموضوع بالكثير من الموضوعية والعلمية والهدوء، خصوصاً أن المؤسسات في البلد في اسوأ أوضاعها، وهي اليوم وضعت بين فكي الضرائب لتمويل «السلسلة» من جهة وزيادة الأجور لعمالها من جهة اخرى. ويحذر من مغبة الاستهتار بالواقع الاقتصادي المزري ومعاناة المؤسسات التي تقاوم حتى الرمق الاخير، «لأن ذلك سيفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية».

الأسمر من جهته لم يبتعد كثيرا عن موقف شقير، فهو بدوره تحدث عن صعوبات اقتصادية كبيرة في البلد يجب الأخذ بها في الحسبان عند البحث في تصحيح الأجور، مشددا على أن «الحوار يبقى أساساً للوصول إلى تفاهمات ترضي الجميع».

وبالتالي، فإن الايام القليلة المقبلة ستحدد الطريق التي ستسلكها عملية تصحيح الأجور، علماً أن الاتحاد العمالي كان أصر أمام رئيس الحكومة سعد الحريري على ضرورة أن ترعى الدولة الحوار المقبل بين طرفي الانتاج.
الفونس ديب - المستقبل

  • شارك الخبر