hit counter script

أخبار محليّة

دعوى قضائيّة لكفّ يدّ السلطة عن المال العام

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 07:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تعيين مجلس شورى الدولة هيئة إشراف على الأموال العامّة، تلبية للمراجعة التي قدّمت أمامه، لن يكون في حال حصوله إلا تدبيراً طبيعياً لما يمكن السلطة القضائيّة أن تقوم به حفاظاً على الانتظام الدستوري والمالي العام للدولة، خصوصاً بعدما ثبّت المجلس الدستوري في قراره الأخير عدم أحقيّة السلطة بإنفاق الأموال العامّة وجبايتها منذ عام 2006، لعدم وجود صك تشريعي (قانون موازنة) يجيز لها الجباية والإنفاق. إذاً، السلطة السياسيّة هي بحكم المستولية على أموال اللبنانيين، وكلّ الضرائب التي دفعوها، منذ عام 2006 وحتى اليوم، هي غير دستورية وغير قانونيّة، ولهم الحقّ باستردادها والكفّ عن تأديتها. الرهان الأكبر هو على استقلاليّة القضاء الإداري، فالمخاوف من ردّ المراجعة قائمة وكبيرة، إسوةً بردّ مجلس الشورى مراجعةً مماثلة، لحماية المال العام، قدمها المستدعون أنفسهم في العام 2014

في 3/10/2017، تقدّم كلّ من شربل نحّاس ونجاح واكيم وغادة اليافي، بمراجعة بصيغة عاجلة، أمام مجلس الشورى، ضدّ الدولة اللبنانيّة مُمثلة بكلّ من مجلس الوزراء ووزارة الماليّة، يطلبون فيها «اتخاذ تدبير ضروري ومؤقّت بتعيين هيئة إشراف على الأموال العامّة»، مستندين إلى القرار رقم 5/2017 الصادر عن المجلس الدستوري، الذي أبطل قانون الضرائب رقم 45/2017، وأكّد أن «القاعدة الاثني عشريّة المعمول بها منذ عام 2006 تصلح لشهر واحد فقط، وهي بالتالي فقدت صلاحياتها وقوتها الدستوريّة منذ شباط 2006، فضلاً عن أن عدم إقرار موازنة عامّة سنويّة للدولة،

وعدم إنجاز قطع حساب لكلّ سنة يشكّلان انتهاكاً فاضحاً للدستور».

مواجهة قوننة سلب المال العام!

هذه المراجعة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق للمستدعين أنفسهم أن قدّموا مراجعة مماثلة أمام مجلس الشورى عام 2014، لكنّه ردّها بحجّة انتفاء الصفة خلافاً لرأي مفوّض الحكومة. حينها أشار المستدعون في مراجعتهم إلى ما أكّده قرار المجلس الدستوري الأخير، وهو أن «تصرّف السلطة السياسيّة بالمال العام، جباية وإنفاقاً، منذ 1/2/2006 (تاريخ انتهاء دستوريّة وصلاحيّة قانون موازنة عام 2005) وحتى اليوم، هو غير شرعي وغير دستوري».
إن إعادة تقديم مراجعة أمام مجلس الشورى لكفّ يد السلطة السياسيّة عن الأموال العامّة، يهدف بحسب الوزير شربل نحاس إلى «وضع القضاء الإداري أمام مسؤولياته تجاه المواطنين، خصوصاً بعد القرار الملزم الصادر عن المجلس الدستوري، وذلك للقيام بدوره بمحاسبة السلطات والتصدّي لمحاولاتها الانقلابيّة على الدولة، وذلك عبر تعيين هيئة إشراف تكفّ يد هذه السلطة عن الأموال العامّة التي أنفقتها وجبتها دون أي سند قانوني (قانون الموزانة) خلافاً للدستور منذ 12 عاماً، بهدف إعادة الانتظام المالي، وحصر الإنفاق بالوظائف الأساسيّة، ووقف العمليّات اللصوصيّة. وهو ما يعدُّ انطلاقة فعليّة وجدّيّة لعمليّة مكافحة الفساد».
أمّا إضفاء صفة العجلة على المراجعة المُقدّمة، فهدفه التصدّي لمسعى السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة في قوننة كلّ عمليّات سلب الأموال العامّة السابقة واللاحقة، خصوصاً بعدما توصّلت التسوية السياسيّة المعقودة إلى اتفاق على إقرار موازنة عامّة لعام 2017 من دون قطع حساب، ما يعني تهريب المحاسبة وإعفاء كلّ المسؤولين عن سلب الأموال العامّة وهدرها والتفريط بها، طوال السنوات السابقة، من أي ملاحقة قانونيّة.

مخالفات دستوريّة مزمنة!

تستند المراجعة المُقدّمة أمام مجلس الشورى إلى «إمعان السلطة السياسيّة بخرق الدستور عبر امتناعها عن إقرار موازنة عامّة للدولة وإنجاز حساباتها الماليّة منذ أكثر من 12 عاماً». وهي مخالفات دستوريّة وثّقها أيضاً المجلس الدستوري في قراره رقم 5/2017 الصادر بتاريخ 22/9/2017، حين أكّد «إلزاميّة إقرار موازنة عامّة سنويّة تجيز الجباية والإنفاق، فضلاً عن إنجاز قطع حساب سنوي».


تهدف المراجعة إلى التصدّي لمساعي قوننة كلّ عمليّات سلب الأموال العامّة السابقة واللاحقة

لكن في الواقع، امتنعت السلطة التنفيذيّة عن إرسال مشاريع الموزانات إلى مجلس النواب منذ عام 2010، واستمرّت رغم ذلك في جباية الضرائب وفي صرف الأموال العامّة من دون أي إجازة تشريعيّة بذلك. وكذلك تقاعس مجلس النواب منذ عام 2005 عن مناقشة مشاريع الموازنات التي كانت ترسل إليه حتى عام 2009، وعن إقرار قطع الحسابات. وهو ما يجعل «كلّ عمليّات جباية الضرائب والرسوم منذ 12 عاماً غير قانونيّة وغير دستوريّة، وكذلك استمرار الدولة في جباية الضرائب بعد صدور قرار المجلس الدستوري».
لتعجيل عودة الانتظام المالي!

تعدُّ قرارات المجلس الدستوري غير قابلة للطعن، وهي مُلزمة لكلّ السلطات العامّة والمراجع القضائيّة والإداريّة، عملاً بأحكام المادة 13 من قانون إنشائه والمادة 52 من نظامه الداخلي، وهو ما تستعرضه المراجعة المُقدّمة، وتضيف إليه ما تنصّ عليه أحكام المادة 66 من نظام مجلس الشورى التي تجيز لرئيس المجلس، بوصفه قاضي الأمور المستعجلة الإداري، أن يتخذ كل التدابير الضروريّة المُمكنة والمؤقّتة والاحتياطيّة التي من شأنها حفظ الحقوق ومنع الأضرار، لتطلب من السلطة القضائيّة أن «تتخذ تدبيراً مؤقّتاً للحدّ من تصرّف السلطة غير القانوني وغير الدستوري بالمال العام، والمحافظة على هذه الأموال العامّة في ظل غياب دستوريّة جبايتها وصرفها، لمنع تفاقم الضرر على المكلفين تأدية الضريبة»، وذلك من خلال «تعيين هيئة خاصّة، يمنح مجلس الشورى أوسع الصلاحيات، للإشراف والرقابة المسبقة على جباية الأموال العامّة وإنفاقها، على أن تستمرّ في تأدية مهماتها، إلى أن تضع السلطتان التشريعيّة والتنفيذيّة حداً لخرق الدستور المستمرّ منذ أكثر من 12 عاماً، عبر إقرار موازنة تبقى صالحة للسنة التي أقرّت من أجلها ولشهر كانون الثاني من السنة التالية على أبعد حدّ، ونشر هذه الموازنة وبدء صلاحيتها للإجازة بالجباية والإنفاق، فقط بعد إقرار مجلس النواب للحسابات النهائيّة للسنة السابقة».

المواطن شريكٌ في المحاسبة

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته حركة مواطنون ومواطنات في دولة وجمعية المفكرة القانونية، أمس، لإعلان المراجعة المُقدّمة أمام مجلس شورى الدولة، لطلب اتخاذ تدبير ضروري ومؤقت بتعيين هيئة إشراف على الأموال العامّة، يقول المحامي نزار صاغية إن هذه المبادرة تضع كلّ المعنيين أمام مسؤولياتهم، بدءاً من السلطة السياسيّة (التشريعيّة والتنفيذيّة) المُلزمة باحترام الدستور، مروراً بالسلطة القضائيّة لأداء دورها بمحاسبة السلطتين التشريعيّة والقضائيّة، وصولاً إلى المواطنين لتحصين النظام العام، وخصوصاً عندما تتقاعس السلطات عن كذلك. ويشير صاغية إلى أن هذه المبادرة «تكرّس صفة المواطن لإعادة الانتظام العامّ إلى الدولة بدل أن يقف موقف المتفرّج في صراع السلطات، كما تقرّ بمصلحته التي أكّد عليها المجلس الدستوري في قراره الأخير. وتتصدّى لمسعى سلطوي للالتفاف على قرار المجلس الدستوري وإصدار قانون الموازنة دون قطع حساب بحجة الضرورة القصوى لحماية الخزينة العامّة. في حين تستنهض مجلس شورى الدولة للحاق بالمجلس الدستوري وتكريس تفاعل جدّي بين الحراك الحقوقي والسياسي القائم والقضاء».

فيفيان عقيقي  - الاخبار 

  • شارك الخبر