hit counter script

أخبار محليّة

لقاءٌ في الطريق إلى المملكة

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كان الحدث السياسيّ الداخلي الأبرز في عطلة نهاية الأسبوع اللقاء في «بيت الوسط» بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، وذلك كونه يأتي بعد أشهر من «النَتوَعَة» السياسية التي أوحت بأنّ العلاقة بينهما تمرّ في أزمة كبيرة. وقد وصفه البعض بأنه «لقاء في الطريق الى المملكة»
يأتي هذا اللقاء الحريري ـ الجنبلاطي في الوقت الذي يستعدّ الرجلان لزيارة المملكة العربية السعودية تلبيةً لدعوة قيادة المملكة في إطار دعوات وُجّهت الى مجموعة من القيادات اللبنانية قيل إنّ بينها الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق اللواء اشرف ريفي اللذين كان لافتاً جداً اللقاء بينهما الأسبوع الماضي، لأنه يسبق توجّههما الى السعودية تماماً كالحريري وجنبلاط. علماً أنّ سياسيين آخرين سيتقاطرون لاحقاً وتباعاً إلى المملكة للقاء ولي العهد السعودي.

وقرأ سياسيون هذا اللقاء وما رشَح من معطيات حوله، وسجّلوا الآتي:

• أوّلاً، إنّ أهمّية هذا اللقاء تكمن في أنه اظهَر انّ كلّ «النتوَعة» التي حصلت على مدى اشهر بين الحريري وجنبلاط لم تكن أكثر من محاولة لتحسين شروط التلاقي بينهما، وخصوصاً من جانب جنبلاط، مع العلم انّه في مرحلة من المراحل كادت هذه «النتوَعة» ان تُحدث ازمةً فعلية ومستحكمة بينهما، بدليل انّ مستشار الحريري وزير الثقافة غطاس خوري ذهبَ يومها الى التشاؤم إزاء إمكانية إعادة تجسير العلاقة بين الجانبين، مؤكّداً انّها باتت صعبة.

ولكنّ حضورَه لقاء الأمس بينهما دلّ الى انّ هذا التجسير قد تحقّقَ، او على الأقلّ بدأ، علماً انّ خوري سيكون احد عناوين ايّ تحالف انتخابي يمكن ان يحصل بينهما في دائرة الشوف وعاليه، خلال الانتخابات المقبلة، حيث سيكون احد مرشّحي تيار «المستقبل» في هذه الدائرة.

• ثانياً، جاء اللقاء بين الحريري وجنبلاط في ضوء الدعوات التي وجّهتها المملكة العربية السعودية لعدد من القيادات اللبنانية، وقد لبّاها حتى الآن كلّ من رئيسَي حزبَي «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع و«الكتائب» النائب سامي الجميّل، حيث استقبلهما وليّ العهد السعودي وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان، كلّ على حدة، في مدينة جدة.

وإذ قيل إنّ الحريري يستأخر تلبيته الدعوة السعودية الى ما بعد حصول لقاءات المدعوّين الآخرين في المملكة، فإنّ جنبلاط رغبَ هو الآخر في ان يلتقي الحريري قبل ان يزور السعودية. وعلى ما يَرشح فإنّ لقاءات السعودية تتناول آخِر التطوّرات الجارية في لبنان والمنطقة، وما هو مطروح من تسويات للأزمات الاقليمية في ضوء التقاطع الاميركي ـ الروسي على هذه التسويات.

ويتردّد انّ البحث يتناول في جانب منه الاستحقاقَ النيابي المقبل في لبنان، وإمكانَ إرساء قاعدة تَعامُل واحدة مع سوريا في هذا المرحلة في ضوء ما تشهده الأزمة السورية في الميادين وعلى مستوى المفاوضات لإنتاج الحلّ السياسي لها. وكان اللافت في هذا السياق قول عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل ابو فاعور أمس: «ما هو مرفوض العودةُ الى ما كان سائداً من هيمنةٍ على لبنان في العلاقات اللبنانية ـ السورية»، وتأكيده «أنّنا سنلبّي ايّ دعوة لزيارة السعودية».

• ثالثاً، جاء اللقاء بين الحريري وجنبلاط بعد خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله ليلة السبت ـ الاحد لمناسبة العاشر من محرّم، والذي أعاد فيه رسم خريطةِ الطريق للمرحلة المقبلة، وأكّد أنّ التسوية التي جاءت بالعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية والحريري الى رئاسة الحكومة ما تزال تملك أسبابَ الحياة، وأنّ الحكومة باقية حتى اليوم الاخير من عمر المجلس النيابي، وذلك خلافاً لكلّ ما قيل في الايام والاسابيع القليلة المنصرمة من انّ هذه التسوية انتهت وأنّ الحكومة قد ترحَل بعد تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من تنظيمَي «النصرة» و«داعش».

• رابعاً، جاء لقاء «بيت الوسط» في ضوء ما يصفه البعض بـ»صدمة» الحريري في علاقته مع رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، إذ على رغم انّ رئيس الحكومة يحاول الحفاظَ على التهدئة مع رئيس الجمهورية، فإنّ الخلاف بينه وبين باسيل بدأ يتفاقم، والعناوين الخلافية بينهما تتزايد يوماً بعد يوم لأسباب عدة، ومنها اللقاء الذي عَقده باسيل مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك بعِلم رئيس الجمهورية الذي كان موجوداً هناك، ومن دون إعلام رئيس الحكومة مسبقاً بهذا اللقاء، وذلك في ظلّ الانقسام السياسي والحكومي حول موضوع تطبيع العلاقة مع النظام السوري.

وكان اللافت قول الوزير غطاس خوري أمس في اليوم التالي للقاء «بيت الوسط»: «إنّ تغيير الاتفاق الذي تمّ لحظة تشكيل الحكومة أمرٌ غير وارد». إذ أراد الإيحاء بهذا الكلام أنّ مناخ اللقاء بين الحريري وجنبلاط والتحالفَ بينهما مستمر، وهو مفتوح لانضمام أفرقاء آخرين إليه.

ما دفعَ بعضَ السياسيين المتابعين للعلاقات والتحالفات بين القوى السياسية الى طرحِ الأسئلة الآتية: هل إنّ كلام خوري يؤكّد أنّ هناك عودة الى التحالف الثلاثي بين تيار «المستقبل» وحركة «أمل» والحزب التقدمي الاشتراكي، أي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري وجنبلاط؟ أم انّ هذا الكلام يندرج في الإطار السياسي الأصغر ليشملَ تحالفاً بين الحريري وجنبلاط وحزب «القوات اللبنانية»، على مستوى الشوف وعاليه وربّما في دوائر أخرى؟

لكنّ هؤلاء السياسيين يستدركون مؤكّدين انّ هذا التلاقي الحريري ـ الجنبلاطي لا يمكن «تقريشه» في الحسابات الانتخابية، وإنّما يحتسب ضمن الحسابات السياسية، ليس فقط ربطاً بزيارتيهما المرتقبة للمملكة العربية السعودية وما يمكن ان يتّخذاه بعد هاتين الزيارتين من خيارات وخطوات، قد تدفعهما الى التخلي عن خيارات يتّخذانها حالياً.

وفيما يدرك الحريري انّ التسوية الرئاسية التي جاءت به الى رئاسة الحكومة ما تزال حاجةً له، فإنّ البعض بدأ يسأل: هل إنّ البلاد تتّجه الى عملية خلطِ اوراق في تحالفات ما بعد وصول عون الى رئاسة الجمهورية؟

وهل هناك حسابات رئاسية نتيجة تسريباتٍ معيّنة تتخفّى وراء حالات التلاقي الجديدة؟ أم انّ البعض بدأ يبحث عن تعويض سياسي لبدء تشقّقِ التحالف بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» نتيجة الخلاف السائد بينهما حالياً؟

طارق ترشيشي - الجمهورية

  • شارك الخبر