hit counter script

مقالات مختارة - ابراهيم العوضي - الراي

انفصال الأكراد... تقسيم العراق!

الأحد ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كما كان متوقعاً، وافق يوم الاثنين الماضي أكثر من 92 في المئة من الأكراد على قرار انفصال إقليمهم الذي يتمتع بالحكم الذاتي عن العراق بمشاركة أكثر من 72 في المئة ممن يحق لهم التصويت، وفقاً لما أعلنته اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات.

لم يكن الموضوع عادياً أو استثنائياً، فالتصويت على الانفصال، وإن كان غير قانوني وغير دستوري، إلا أنه فتح بوابة أخرى من بوابات دعوات الانفصال المتتالية والمتكررة لهذه المنطقة التي تضم نحو 12 - 18 في المئة من إجمالي تعداد سكان الجمهورية العراقية البالغ حوالي 38 مليون نسمة.

خضع إقليم كردستان سابقاً إلى الاحتلال البريطاني بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية، وبدأ الشعور بالظلم والقهر من جراء عدم قيام دولة خاصة بهم أسوة بالعرب بعد انجلاء المحتل البريطاني، فانصهروا في أربع دول هي تركيا والعراق وإيران وأجزاء من أرمينيا، وبدأت معها حملات النضال لقيام دولة منفصلة تجمعهم، وهم الذين يشكلون رابع أكبر عرق في المنطقة.

جميعنا يتذكر حملات الإبادة والتطهير التي بلغت أشدها عام 1988 عندما تمت مهاجمة مدينة حلبجة بالأسلحة الكيماوية أمام مرأى ومشهد الجميع! كما أن مجرد الحديث باللغة الكردية في تركيا يعتبر جناية يعاقب عليها القانون... كان ذلك حتى عام 1991. ولا ننسى كذلك الصراع المسلح المستمر بين الحكومة التركية و«حزب العمال الكردستاني»، الجماعة الثورية المسلحة الداعية لإقامة دولة كردية منفصلة ومستقلة! كل ذلك وغيرها من الشواهد التي بلا شك تشكل واقعاً خطيراً وعاملاً أساسياً مؤكدا لأهمية نتيجة الاستفتاء الأخير!

ولكن ما هو المهم بالنسبة لنا بخصوص الاستفتاء؟

كان الخوف الأول والأخير من نتائج الحرب العراقية - الأميركية الثانية التي شهدت سقوط نظام المقبور صدام حسين، هو تفكيك العراق إلى دويلات تقوم على أساس طائفي ومذهبي، وهو ما سعت إلى منعه أميركا ودول التحالف حفاظاً على استقرار وأمن المنطقة.

وبمجرد الحديث عن استقلال إقليم كردستان، فإن ذلك سيفتح المجال بلا شك إلى دعوات إقامة دولة شيعية في جنوب العراق وسنية في الوسط، وهذا بحد ذاته سيكشل تهديداً مباشراً وحقيقياً على الدول العربية، لأنه سيزيد من النفوذ والتقلقل الإيراني في المنطقة، حيث ستصبح أكثر تماساً مع الكويت ودول الجوار حدودياً على الأقل! وعلى الرغم من أننا نلاحظ مدى سيطرة إيران على مراكز صنع القرار حالياً في العراق، إلا أنها ستصبح أكثر نفوذاً وقوة في حال إقامة دولة شيعية في جنوبه!

وعلى الرغم من ذلك، فإن إقامة دولة كردية منفصلة في العراق، قد يشكل هو الآخر تهديداً على إيران ذاتها. فعدد الأكراد الذين يعيشون في إيران يبلغون نحو 5 ملايين تقريباً، يعانون واقعياً من حالة من الحرمان الاقتصادي وسوء المعاملة ووجهوا مرات عديدة بالقوة من أجل كبح جماح الدعوة لنيل حقوقهم! لذلك فإن انفصال كردستان العراق، قد يشكل عاملاً محفزاً لبعض أكراد إيران للعمل على انفصالهم هم أيضاً، وهذا أيضاً قد يثير بعض الأقليات الأخرى في إيران، كالبلوش مثلا، للقيام بالمثل! ولذلك فإن إيران تقف هي الأخرى مع العراق ضد انفصال الإقليم!

الموقف التركي لا يختلف كثيراً هو الآخر عن الموقف الإيراني، فقد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستفتاء بالخيانة العظمى، وهدد باتخاذ إجراءات اقتصادية وأيضاً عسكرية، إذا ما تم المضي قدماً في الانفصال، كيف لا وهو يشعر بكل تأكيد بأن قيام الدولة الكردية المستقلة في العراق، خطورة حقيقية وواقعية لأنها وبكل بساطة ستزيد من رغبة أكراد تركيا بالانفصال عنها وستزيد من حال التوتر المستمر مع شعبها الكردي الذي كان وما زال يعيش حالة من التمرد!

كل الشواهد تشير إلى أن الاستمرار في دعوات الانفصال، ستؤدي إلى حدوث مزيد من التوتر في المنطقة وقد يصل الأمر إلى الحل العسكري، وهو ما يعني أيضاً حدوث مزيد من الاضطرابات والاستمرار في حالة اللا استقرار التي نعانيها والتي أرهقت الجميع بلا شك!
ابراهيم العوضي - الديار

  • شارك الخبر