hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - خالد موسى - المستقبل

هاني فحص "الحاضر" دوماً

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٧ - 06:37

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ثلاث سنوات مرّت على غياب سيّد «التبغ والزيتون والزعفران» العلامة السيّد هاني فحص. ثلاث سنوات مرت بحلوها ومرّها، افتقد فيها الجميع إلى حكمة العلامة الراحل واعتداله ووطنيته التي ليست شبيهة بتلك التي يدّعيها الآخرون الذين يسعون دوماً إلى تغليب مصالحهم على مصالح لبنان العليا، فيما كان همّ الراحل الأساس كيفية المحافظة على لبنان الصيغة التعددية أولاً وأخيراً، وعند كل امتحان مصيري. لم يغب العلامة الراحل عن قلوب محبيه وعائلته، فهو الحاضر الدائم في كل المحطات المصيرية التي مرّ بها البلد، والتي قرأ خلالها البعض في كتابات المفكر الراحل ليستشف منها الحلول لهذه المعظلات التي لطالما كان دوماً الراحل يتخوف منها.

شكّل العلّامة الراحل علامة فارقة بين أقرانه، فهو المقاوم منذ البداية، في وجه العابثين بقضايا العرب وباستقرار وأمن لبنان، قبل أن تكون هناك مقاومة وقبل أن يتوجه سلاحها إلى صدور اللبنانيين والسوريين في آنٍ معاً كلما دعت الحاجة أو بحسب الأجندات الخارجية المرسومة لها. فالعلامة الراحل انتسب إلى حركة فتح ايام وجودها في لبنان، وكان من أبرز الاصدقاء المقربين للرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي عندما بدأت الثورة الإيرانية عام 1978، عمل على إنشاء التواصل بينه وبين السيد الخميني، في منفاه الباريسي، ورافق عرفات على نفس الطائرة التي زارت إيران بعد أيام من انتصار الثورة الإيرانية ضد الشاه. كان همه الأساس نصرة القضية المركزية «فلسطين» والدفاع عن عروبة القدس وهويتها وعن حقوق الشعب الفلسطيني مهما كلف الثمن، وليس المتاجرة بها وتضييع البوصلة والطريق للوصول إليها على أشلاء الشعبين اللبناني والسوري كما يفعل البعض اليوم.

كان همه المحافظة على الصيغة اللبنانية والهوية العربية للبنان وللطائفة الشيعية، فكان من دعاة العروبة وأحد أبرز المدافعين عن الهوية العربية للطائفة الشيعية بعدما حاول البعض تحوير هذه الهوية بحسب الأجندة والسياسة الإيرانية. فهو القائل في أحد مقالاته عن العروبة بأنها «الشراكة الحياتية والحضارية والعمرانية والمعرفية والفنية والأدبية بين كل الذين يتكلمون العربية، أو ينهلون الثقافة من المصادر العربية، إنها شراكة الماضي والحاضر والمستقبل بشرط التكافؤ والمساواة. ولذا، فهي لا تتحمّل مشروعاً قوموياً شمولياً مدمراً، كما ذقنا وطعِمنا في العراق وسوريا وغيرها».

ولأن الشيعة هم أهل دولة منذ زمن ولم يكونوا في أي يوم من الأيام خارجين عن إطارها، كان العلامة فحص يشدد دوماً على أن «الشيعة كانوا يجدون أنفسهم في الاندماج بأوطانهم وأقوامهم تحت سقف القانون، وفي أحضان الدستور والديمقراطية»، لا خارجين عن إطارها أو يبنون دويلات على حساب الدولة كما يفعل البعض منهم اليوم. وفي موضوع السلاح غير الشرعي، كان يؤكد دوماً وكما في أحد حواراته على أنه «لا تُحفظ قيمة سلاح الحزب ولا سُمعته ولا إنجازه إلّا ضمن إدخاله طوعاً في مشروع الدولة».

مشروع الدولة وكيفية المحافظة عليه وعلى الصيغة اللبنانية، كان الشاغل الأساس للعلامة الراحل. فاتخذ من الحوار وسيلة لتحقيق ذلك، فكان العضو النشيط في «المؤتمر الدائم للحوار اللبناني»، متنقلاً بين بيروت والبقاع والجنوب والشمال وبين مختلف القرى بكافة أطيافها داعياً إلى التسامح وإلى الحوار بين اللبنانيين بعضهم مع بعض لإزالة مخلفات ورواسب الحرب الأهلية اللبنانية، التي كادت أن تنهي هذه الصيغة الفريدة من نوعها إلى الأزل. كان صديق الجميع مكرّساً حياته للتواصل مع من يختلف معه ديناً ومذهباً ووطناً في سبيل تعميم ثقافة العيش المشترك والتسامح والسلام.

كان العلامة فحص دوماً إلى جانب المظلومين في شتى أصقاع الأرض ومناصراً لربيع الشعوب قبل أن تستأثر به التنظيمات الإرهابية الطفيلية. فمع انطلاقة الثورة السورية، كان إلى جانب الشعب السوري مناصراً بالموقف والكلمة.
خالد موسى - المستقبل

  • شارك الخبر