hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناتالي اقليموس - الجمهورية

أهالي العسكريِّين الشهداء: "صارت سَمانا أحلى"

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٧ - 06:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

«صارت سَمانا أحلى وجبال العِنّا أعلى»... كلمات الأخوين الرحباني ارتسَمت في أحداق عيون أهالي العسكريين أمس، وهم يتبلّغون خبر انتهاء فحوص الـDNA وتطابُقها مع جثامين أبنائهم. خبر استشهاد العسكريّين لم يكن بمثابة دقِّ الإسفين في نعش ثقة الأهالي بالدولة، إنّما زادهم إصراراً على كشفِ حقيقة مقتل حُماة الوطن، وزادهم افتخاراً «ولادنا ماتوا ببَدلتُن العسكرية، وهيدا عزانا».
أسقَط أهالي العسكريّين صفة المخطوفين عن تسميةٍ رافقتهم أكثر من 3 سنوات، وباتوا أهالي العسكريّين الشهداء. نيشانٌ علّقوه بدمع العين بعدما اجتمعوا مع قائد الجيش العماد جوزف عون وأبلغَهم انتهاءَ نتائج فحوص الحمض النووي، وأنّ عرساً وطنياً سيُقام في باحة وزارة الدفاع غداً الجمعة.

اليرزة

عند العاشرة صباح أمس، استقبل العماد عون وفداً من عائلات العسكريّين الشهداء بحضور مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر والخبير الدولي بتعريف الهوية الإنسانية رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، وأبلغَهم أنّ النتيجة الرسمية النهائية للفحوص جاءت مطابقة لفحوص العيّنات المأخوذة منهم.

فمهمّة التعرّف على جثامين شهداء الجيش بعد إجراء فحوص الحمض النووي DNA أنجِزت بتكليف من القاضي صقر، وبإشراف البروفسور أيوب، بالتعاون بين قسم طبّ الأسنان الشرعي وتعريف الهوية الإنسانية في الجامعة اللبنانية ومختبر البيولوجيا الجزئية في جامعة القديس يوسف، وفريق من قسم الأدلّة الجنائية في الشرطة العسكرية.

أجواءٌ من الحزن واللوعة رافقت اللقاء الذي حاوَل فيه الأهالي إشباع شوقِهم لأبنائهم في استفساراتهم عن الحال التي عُثر فيها على العسكريين، وغيرها من التفاصيل والتحاليل. أمّا مطلبُهم الوحيد فكان: «لا نريد أن يُشارك الوزير نهاد المشنوق في مراسم تشييع أولادنا»، وفق ما قاله حسين يوسف، والد العسكري الشهيد محمد لـ«الجمهورية»، موضحاً: «منذ لحظة خطفِ العسكريين، حرصنا مراراً على عدم استفزاز الجهة الخاطفة ودرسِ كلّ كلمة نتفوّه بها أو خطوة نُعِدّ لها، إلّا أنّ المشنوق بادرَ إلى اتّخاذ خطوات في سجن رومية نَعتبرها استفزازية للخاطفين».

وأضاف: «عام 2015، قال المشنوق إنّه يعمل على تنظيف السجون، ونحن لم نكن ضدّ ذلك، ولكنّ توقيت ذلك في تلك المرحلة كان قاسياً بالنسبة إلينا، وقد أثّرَ في مكانٍ ما على الملف، وفي تلك المرحلة استُشهد العسكريون، وقال يومَها المشنوق، لقد قتلوهم ونَعتبرهم شهداء ونلصِق صورَهم على الجدران، وهذا المشهد رأيناه اليوم في وزارة الدفاع».

أمّا عن موقف العماد عون، فقال يوسف: «بدا متفهّماً إلى أقصى الحدود لوجعِ الأهالي، وبتنا على ثقة اليوم بأنّه لو كان رئيس جمهورية الحالي وقائد الجيش الحالي في تلك الفترة لم نكن لنبلغَ ما وصَلنا إليه من التعب والذلّ على مدى أعوام، لم نكن لننتظرَ كلّ هذه الفترة».

أمّا غنوة زوجة الشهيد محمد، فبدا عليها التأثّر، واغرورقت عيناها بالدمع مراراً، وهي تقول: «شكِينا وجعنا للقائد، وأكثر من مرّة تعذّرَ علينا سماع صوته، وأوقفنا النقاش بسبب التدريبات والموسيقى العالية المحيطة استعداداً للتشييع يوم الجمعة، فكان التأثّر يغمر الأهالي، ونفرط في البكاء».

بعدها توجَّه وفد الأهالي للِقاء وزير الدفاع الوطني يعقوب الصرّاف الذي أكّد لهم «أنّ قضية أبنائهم هي قضية وطنية، وأنّ رئيس الجمهورية والحكومة وقائد الجيش مصِرّون على متابعتها حتى النهاية»، مشدّداً «على وجوب إبعادها عن التسييس».

في السراي

وقرابة الأولى والنصف ظهراً، وصَل الأهالي إلى الخيمة في ساحة رياض الصلح يلتقطون أنفاسَهم وينتظرون اكتمالَ الوفد قبل التوجّه إلى لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي عند الثانية إلّا ربعاً.

مطالبُ ممزوجة بالدمع والغصّة لاقاها الحريري بتعاطفٍ شديد وتأثّرٍ كبير، قائلاً: «نحن حريصون على أن تعرفوا الحقيقة حول كلّ ما حصَل، وهذا حقّكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ وسيُستكمل بكشف الحقيقة وملاحقة الجُناة والمتورّطين ومحاكمتهم، وسيَدفعون ثمنَ ارتكاباتهم».

وأضاف بنبرةٍ متأثّرة: «أشعر بمعاناتكم وأتحسّس مدى الظلم الذي لحقَ بكم، أنا مثلكم مصاب بجريمة اغتيال والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأريد أن أعرف الحقيقة في جريمة الاغتيال، ومثابِر منذ 12 عاماً للوصول إليها ولكن بطريقة أحافظ فيها على البلد».

إعدام «الميقاتَين»

وبعد اللقاء، قال يوسف: «لن نسمح لأحد بأن يتلاعب بقضيتنا أكثر ممّا تمّ اللعبُ بها، وما يُعزّينا أنّ أبناءَنا اختاروا أن يموتوا بكراماتهم وشرفِهم وفي ملابسهم العسكرية».

وأضاف: «سنستمرّ في متابعة القضية حتى اللحظة الأخيرة لكشفِ كلّ من تواطأ في ملف العسكريين وكان له علاقة بمقتلهم، سيطاولهم القانون، والمطلب الأوّل لنا هو محاسبة عمر وبلال ميقاتي اللذين لهما علاقةٌ مباشرة باستشهاد العسكريين». وأكّد يوسف «أنّ المطلب نفسَه رفعَه الأهالي إلى الحريري بعدمِ مشاركة المشنوق في التشييع».

أمّا بالنسبة إلى الصفقة التي تمّت بين «حزب الله» و«داعش»، فقال: «لنا عتبٌ كبير على الحزب، كما عتبنا على اللواء عباس ابراهيم، لأنّه كان يجب التعاطي مع المجرم كمجرم، لذا كنتُ أتمنّى أن يبقى مصير ابني مجهولاً مئة سنة ولا يعود في هذه الطريقة».

المشنوق يوضح

من جهته، قال المشنوق في بيان، إنّ «ما نُسِب إلى الوزير قوله عن العسكريين إنّهم «قتلوهم ونَعتبرهم شهداء وسنلصِق صورَهم على الحيطان»، حين كانوا مخطوفين، لم يَرد على لسان المشنوق لا كتابةً ولا شفهيّاً، ولا هذا أسلوبُه في الكلام أو الكتابة. أمّا بالنسبة إلى العملية الأمنية في المبنى «ب» من سجن رومية، لا بدّ من التذكير بأنّها تمّت بعد إعلان المجموعة الإرهابية التكفيرية عن إعدام الجندي علي البزّال.

وكان المشنوق قد أجَّل تنفيذ العملية، لكنّ التطوّرات الأمنية والمتابعة والرصد من الأجهزة الأمنية أدّت إلى اكتشاف اتّصالات بين موقوفين في المبنى «ب» وبين انتحاريّين لهم علاقة بتفجيرات متعدّدة في لبنان، من بينها تفجير جبل محسن، فكان الضروري أمنياً والواجب وطنياً تنفيذُ العملية وعدم تأخيرها حفاظاً على أرواح اللبنانيين وعلى السِلم الأهلي».

ولفتَ المشنوق إلى أنّ «التحقيقات الرسمية المبدئية التي رافقت الكشفَ عن مصير العسكريين، أفادت بأنّ «أمير «داعش» الشرعي ولقبُه «أبو بلقيس» قتَل العسكريين المخطوفين قبل عامين، (أي بعد عام من تنفيذ عملية تحرير سجن رومية)، بعدما جاء خصّيصاً من الرقّة لتنفيذ حكم الإعدام بهم، ولمنعِ التفاوض بشأن مصيرهم، وغادر بعدها إلى الرقّة مصطحِباً معه قيادات «داعش» التي شاركت في خطفهم وتخلّصَ هناك من تلك القيادات حتى لا يبقى أثرٌ ولا قدرة على المتابعة».

إستكمال التحقيقات

إلى ذلك، طلبَ المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر تكليفَ مخابرات الجيش إجراءَ التحقيق في شأن إقدام تنظيمات إرهابية على خطف أسرٍ وقتلِ عناصر من الجيش اللبناني، على أن يشملَ التحقيق كلَّ مَن أقدم وشارَك وتدخّلَ وحرّضَ على هذه الأفعال الجرمية.

وكذلك التحقيق بالأفعال الجرمية المتفرّعة والمرافقة لجرائم الخطف، الأسر والقتل، والتوسّع في التحقيق لجهة الأفعال الجرمية المذكورة في قرار قاضي التحقيق العسكري الرقم 92/2016 تاريخ 17/5/2016 في حال توافر معطيات جديدة غير المذكورة في القرار المشار إليه آنفاً.

وأحال القاضي صقر إلى مديرية المخابرات في الجيش، ملفّ استشهاد العسكريين لإجراء التحقيقات الأوّلية وضمِّه إلى ملف القضية الذي فتِح أثناء خطفهم.

حداد رسمي وإقفال
فيما يستعدّ الوطن لوداع العسكريين عند العاشرة صباح الغد، أعلن الحريري يوم الجمعة حداداً رسمياً تُقفل فيه المؤسسات الرسمية والإدارات. كما دعا وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده المؤسسات التربوية والمهنيات ومؤسسات التعليم العالي الرسمية والخاصة كافّة إلى الإقفال حداداً على الشهداء.

ناتالي اقليموس - الجمهورية

  • شارك الخبر