hit counter script

مقالات مختارة - فيوليت غزال البلعة

باب الصين... منفذ العقوبات

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٧ - 08:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

Arab Economic News 

لم تكن قليلة الزلازل التي هزّت العالم نهاية أسبوع الأضحى المبارك، وأحدثت إنقلابا وتحوّلات مفاجئة في المشهد السياسي والأمني، وربما تنذر بأكثر.

"هارفي"، إعصار مدمّر إجتاح تكساس من دون رحمة، وغمر معظمها بفيضاناته مخلّفا أضرارا قُدّرت بنحو 180 مليار دولار حتى الآن، فضلا عن تضرّر منشآت نفطية. ربما لن يكون "هارفي" أرحم من أسلافه لأنه أصاب بالشلل الكامل ولاية تعدّ من أهم محركات الإقتصاد الأميركي، وسيكبّد خزينة واشنطن أعباء مالية تفوق خسائر "كاترينا" عام 2005 التي بلغت نحو 176 مليار دولار، و"ساندي" عام 2012 مع نحو 75 مليارا. وهذا يؤشر إلى حاجة الخزينة الأميركية إلى سيولة جديدة تقفل متطلباتها الداخلية، والتي قد تكون العقوبات أحد أنجع الموارد الخارجية لتغذيتها.

في الجانب الآخر من القارة، أحدث كيم جونغ أون رئيس كوريا الشمالية، زلزالا نوويا هو السادس، حين أطلق قنبلة هيدروجينية "يمكن وضعها على صواريخ بعيدة الأمد"، وإطمئن قائلا "إنّ كل مكونات القنبلة صنعت 100% في بلدنا". لم يقتصر الزلزال على فعل إطلاق القنبلة، إذ أحدث عاصفة من الإدانات الدولية لـ"هذا الإنتهاك الجديد للقانون الدولي"، ولوّحت دول أولها الولايات المتحدة وجزء من أوروبا إلى كوريا الجنوبية، بفرض عقوبات "أشدة قسوة" لعزل البلد المستهتر بالطلبات المتكررة للاسرة الدولية. وذهبت المواقف إلى أبعد مع قول الرئيس الأميركي دونالد ترامب "سنرى إذا كنا سنهاجم كوريا الشمالية".

وحده لبنان بقي مضطربا بين جيرانه العرب والخليجيين الذين دخلت أزماتهم ومقاطعاتهم في عطلة الأضحى الطويلة، وغافلا عما يجري حوله من تطورات تنبئ بأن القادم من الأيام سيحمل مفاصل حامية قد تغيّر تاريخ شعوب وجغرافيا دول، إن إنحدر الخطاب الدولي نحو مسارات عسكرية توحي بنشوب حرب عالمية رابعة قد تبدأ من قرار منتظر الإثنين المقبل لمجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية!

بقي لبنان عالقا بين داخل ملبّد على وقع إنتظار نتائج فحوص الـDNA للعسكريين "الشهداء" وسجال تحديد المسؤوليات، وبين خارج حدودي أضلّ قافلة "داعش" في البادية السورية مع مهاجمة طيران الحلفاء ورفض العراق إستقبالها عند تخوم حدوده وإصرار "حزب الله" على تأمين طريق سالمة لها.

بقي اللبنانيون في إنتظار فرج لا مؤشرات في الأفق على وصوله. فهم يدركون أن دفق السياح اللبنانيين والعرب لتمضية عطلة الأضحى، لن يكون كافيا لردع الركود المطبق على معدّل النمو، ولن يشفع له مؤتمر "باريس 4" الموعود بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى باريس دعما لإقتصاد وقع مجددا تحت وطأة خفض تصنيف لبنان السيادي من جانب وكالات الإئتمان الدولية "موديز" و"فيتش" وستاندرد إند بورز" في أسبوع واحد.

في نهاية الأسبوع، لم تهدأ عاصفة مفاعيل قانوني السلسلة والضرائب التي علّقها "الطعن الكتائبي" وسط إعصار من التشكيك، عند باب المجلس الدستوري حتى 15 الجاري، قبل مناقشات معمقة تتيح تحديد المصير النهائي في نهاية أيلول/سبتمبر الجاري. يراهن بعضهم على أن القرار سيُرّد إلى مجلس النواب لتعديلات مطلوبة في الشكل، بما يتيح لقطار الضرائب الإنطلاق تمويلا لسلسلة رتب ورواتب "محقة ولكن"... ويعوّل بعضهم الآخر على إستقلالية القضاء وحكمة المجلس وإحتكامه إلى إستقلاليته كما إلى القواعد الاقتصادية التي تعارض سياسات فرض الضرائب وقت الإنكماش.

يتحرّق اللبنانيون إنتظارا لفرج يقيهم شرّ الكبوات المكلفة التي بدأت تهطل على موازناتهم الأسرية. أقساط المدارس التي يسعى وزير التربية مروان حماده الى ترويضها، ليست هي الوحيدة التي تنهك الجيوب الموعودة بأثقال الضرائب الجديدة، بل تضاف إلى ما سبقها من قروض لا ترحم فوائدها وقت الإستحقاق. وفي المقابل، لا مقابل ماديا يمكن أن يعزّز خانة الواردات لتتوازى مع ما يفرضه الإنفاق الروتيني لا ما يمكن أن يلامس مستوى الرفاهية.

لكن، من أين تأتي تلك الرفاهية ولبنان على باب قوسين من صدور العقوبات الأميركية الجديدة على أموال "حزب الله" التي ستضيّق على المصارف اللبنانية تعاملاتها اليومية؟ وهل ينفذ المعنيون بالعقوبات من "الباب الخلفي" الذي تعتزم الصين فتحه؟

فقد تردّد تسجيل صوتي على مواقع التواصل الإجتماعي اخيرا، أن حكومة الصين الشعبية إتخذت قرارا غير مسبوق قبل أيام، ويقضي بإصدار عقود آجلة للنفط في نهاية السنة في بودابست، يمكن قبضها في مواعيد إستحقاقها من بورصة شنغهاي للذهب بالذهب وليس بالدولار. وهذا يعني فتح باب خلفي للدول المصدّرة نفطها إلى الصين لتجاوز الدولار، وخصوصا تلك التي ترزح تحت العقوبات الأميركية كما هي حال روسيا وإيران، بما يتيح لها التهرّب من مفاعيل العقوبات.

إن صحّ الكلام، تكون الصين قد بدأت تغيير لعبة النفط بشكل قوي، مستخدمة الذهب لدعم هذا المنتج الجديد، وربما الأهم، لكسر هيمنة الدولار الأميركي في سوق السلع. تغييرات كثيرة مرتقبة على المسرح العالمي تستوجب إستشعارا عن بُعد تمهيدا لتموضع أفضل وتخفيفا لتداعيات مرتقبة، لئلا يستمرّ لبنان بالتلهي في يومياته الضيقة، ويتقلّب على ورقة تحليلية لإقتصادي "ينبّه" من سياسات مالية كان هو نفسه أحد المسؤولين عنها (تقاعد من مسؤولياته في وزارة المال قبل 3 سنوات فقط!)، و"يحذّر" من سياسات نقدية لا ينتمي إلى مدرسة المسؤولين عنها ولا يفقه أهميتها في حفظ قيمة النقد الوطني وتجنيب القطاع المصرفي الكثير من الأزمات والخضات والإفلاسات، ويحمّلها وزر كل الأضرار الإقتصادية (!)... إن إستمر لبنان غارقا في "شبر" وحوله، حينها ستضيق المساحات أمامه ولا يبقى له موقعا إلا على هامش الخريطة الدولية.

  • شارك الخبر