hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

لماذا لم تحصل اشتباكات مباشرة بين الجيش و"داعش"؟

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٧ - 06:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع باتت نظيفة من إرهابيي "داعش" والنصرة". معارك استوجبت مرور سنوات على احتلال الجرود قبل أن يأتي أوان الحسم. "حزب الله" يستعدّ لاحتفال النصر في 28 آب في بعلبك، والجيش اللبناني من جهته وبعد الإعلان الرسمي عن نتائج فحوصات الـ DNA والعثور على رفات الشهيد عباس مدلج، يستعد لإقامة تكريم للشهداء العسكر ولعناصر الجيش الذين خاضوا معركة الجرود وعادوا منها منتصرين بعد تحرير كامل المنطقة من التنظيم الارهابي التكفيري. 

وباعتقاد كثيرين، كان يمكن أن ينتهي مشهد الجرود على غير ما انتهى عليه من تسوية تمّ من خلالها تأمين انسحاب آمن لعناصر "داعش" مقابل الكشف عن مصير العسكريين المختطفين ومكان دفنهم وإستعادة رفات شهداء من المقاومة وأسير لـ "حزب الله" لو تكلّلت مهمة عناصر الأمن العام، قبل الاعلان عن وقف إطلاق النار، بمعرفة المكان الذي دفن فيه الشهداء العسكر الثمانية بالنجاح.
فحيث توجّه وفد الأمن العام كانت منطقة محرّرة بالكامل في الجهة اللبنانية، وهو المكان الذي كان الأمن العام قد حدّده عشية انطلاق معارك الجرود لوجود رفات العسكر بناء على معلومات مخبرين، والنجاح في العثور على هذه الرفات قبل السبت الفائت، تاريخ اكتشاف مكانهم في وادي الدب بناء على اعترافات إرهابيي، كان يمكن أن يغيّر مسار المعركة بحيث كان سيكمل الجيش مهمّته في القضاء عليهم في المربّع الأخير أو "حشرهم" باتجاه الجهة السورية، وعندها التفاوض كان سيتمّ حصرا بين "حزب الله" والجيش السوري من جهة و"داعش" من جهة أخرى، من دون أن يطال الجانب اللبناني ورفات عسكره.
لكن هذا الواقع لا يقلّل من قيمة الانتصار الثلاثي الأبعاد للجيش والمقاومة والامن العام في رسم معادلة الحسم ونواتها الأساس كان الكشف عن مصير العسكريين، وهي مهمة اضطلع بها الأمن العام منذ البداية وخرج منها بإنجاز وطني جبار لكنه موجع بعد التثبّت أخيرا من معلومات كانت وصلت الى اللواء عباس ابراهيم بتصفية هؤلاء في شباط 2015 لكن من دون أي دليل حسّي على هذا الأمر.
من جهة أخرى، ورغم الانطباع العام بقيام الجيش بأحد أهمّ إنجازاته في مجال القضاء على الارهاب وتحرير أراض سلبت من الدولة بفعل تخاذل الأخيرة أولا ولحسابات كانت أكبر من البقعة اللبنانية ثانيا، فإن "النكد" السياسي لا يزال يطوّق انتصار الجيش النظيف في القضاء على آخر فلول الارهابيين وإعادة الانتشار في مواقع ومراكز متقدّمة على الحدود اللبنانية السورية، عبر الايحاء بأن الجيش قام بمعركة "ناقصة" بمجرد عدم حصول اشتباك مباشر بين الجيش والمجموعات الارهابية.
وفيما تشهد وقائع معركة الجرود بأن هذا النوع من الاشتباكات المباشرة لم يحصل فعلا إلا أن ثمة مسلّمات يستحيل تجاوزها والقفز فوقها ومنها:
- جهوزية الجيش من الالوية والافواج ومجموعات النخبة كانت في أقصى استنفارها تحسّبا لأي احتكاك ممكن مع عناصر "داعش"، وهو أمر كان في صلب خطة الهجوم، والدليل أن من سقط من الجرحى بفعل الالغام في اليوم الأول للمعركة في المخيرمة كان في ميدان المعركة، بحيث وقعت إصابات مباشرة أدّت الى بتر أرجل ثلاثة من عناصر القوة التي كانت تتقدّم وتهاجم من الغرب باتجاه الشرق، والأمر عاد تكرّر لاحقا في عمليات أخرى.
- إن الامكانات التي تسلّح بها الجيش في معركة الجرود خفّفت عنه كثيرا ثقل النزول المباشر الى الارض، لكنها وفّرت أيضا كل مقوّمات المعركة الحقيقية. فالمدفعية وقصف الطيران تكفّلا بجزء كبير من المهمة عبر استهداف المجموعات الارهابية. لكن العنصر الابرز هو الهروب وتراجع هذه المجموعات بشكل سريع باتجاه مرطبيا النقطة الاستراتيجية التي كانوا يستطيعون بوصولهم اليها تأمين استمرارية أكبر لتحركاتهم ودفاعهم بسبب طبيعة الارض المريحة لهم مقارنة بباقي البقع والتلال (وجود الشجر، ومياه، وأماكن إقامة واختباء...). عمليات الفرار لم تكن لتتمّ بهذه السرعة لولا ضغط القصف المدفعي وقصف الطيران من جانب الجيش الذي دفع الارهابيين الى الفرار من المخيرمة وتلة الخنزير وتلة الخشن وتلة الكف... باتجاه مرطبيا.
- القيادة العسكرية كانت واضحة في خياراتها. هناك إمكانيات عسكرية كبيرة وعلينا الاستفادة منها قدر الامكان مع تجنّب تعريض حياة العسكريين والضباط للخطر. فالهدف ليس "أن نكون انتحاريين"، على حدّ قول بعض الاوساط العسكرية.
- سقط لـ "حزب الله" في أول يوم من معركة جرود عرسال شهداء بسبب أحد القناصين في تلة الرهوة. ورغم تكثيف القصف المدفعي لاستهداف هذا "الوكر" استمر القنص، ما دفع أخيرا أحد رجال المقاومة على الالتفاف عليه وقتله. تواجد القناص داخل خندق ضيّق صعّب كثيرا من قدرة استهدافه. هذا النوع من "الأهداف" كان للجيش قدرة أكبر على ضربه والتخلص منه بسبب إمكاناته في مجال الطيران. والفيديوهات التي انتشر جزء منها، وبقي الجزء الأكبر بمنأى عن التداول يثبت ذلك.
- أمام الجيش بعد تنظيف الجرود مهمات توازي بأهميتها "معركة التحرير" وهي استكمال عملية اصطياد رؤوس كبيرة في مجال الارهاب أو دعمه. داخل بلدة عرسال على سبيل المثال يوجد العديد من المتورّطين على رأسهم "ابو طاقية" (مصطفى الحجيري) الذي يتردّد أن قرارا سياسيا لا يزال يؤمّن الحماية له، في مقابل إصرار من جانب القيادة العسكرية بعدم التوقف أمام موانع من هذا النوع تحدّ من حربها ضد الارهاب.
 

  • شارك الخبر