hit counter script

خاص - ستيفني اسحق

اعلامنا حسب اقتصاد الدولة...

الثلاثاء ١٥ آب ٢٠١٧ - 06:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مشاكل السلطة الرابعة في لبنان ظاهرها صراع بين التمويل والإعلام وباطنها صراع السياسة بالإعلام.

وسائل الإعلام هي مؤسسات اجتماعية تلعب أدواراً أساسية عديدة، منها الدور الاجتماعي والدور السياسي والدور الاقتصادي. في لبنان الأهمّ هو تنمية دورها الاقتصادي ومضاعفة ربحها المادي، متناسيةً دورها الأول في نشر الحقيقة والمعرفة. تخضع المؤسسات في العالم كلّه لاقتصاد السوق. ولا تشذّ وسائل الإعلام عن هذه القاعدة. فيرتبط تطوّر نوعية الإعلام ارتباطاً وثيقاً بمدى استقلالية هذه الوسائل، التي تتميّز بكونها في آن واحد مؤسسات اقتصادية تعمل وفق قواعد السوق، ومنابر اجتماعية - ثقافية تتوجّه الى الجمهور. وبذلك فإنّ إنتاج هذه الوسائل يُباع مرتين إذا صحَّ القول، أولًا إلى الجمهور العريض وثانيًا إلى المعلنين أي الممولين. إذاً، فإنَّ المخاطر من تأثيرات سلبية على مضمون الرسالة الإعلامية، كبيرة. يجعل البُعد الاقتصادي هذا المضمون في المرتبة الثانية على لائحة الأولويات. وبالتالي يتحوّل القارئ والمشاهد والمستمع مجرّد زبون مستهلك، يسمع ويقرأ وبشاهد ما يجده الممولون مهمًّا. كما أن مختلف وسائل الإعلام تتأثر لضغط نسَب المشاهدة والمستمعين والقراء. وتحت مبدأ تحفيز الجمهور وتحقيق رغباته طمَعاً بزيادةٍ في نسبة الإعلانات، ينشر الترفيه ويتراجَع ما يُعرف بإعلام المواطن، أي الأخبار الصحيحة والأخبار التي تهمّ المتلقي.

من جهةٍ ثانية، شاشاتنا فيها الكثير من الإثارة والاستعراض ومخاطبة الغرائز. ومع ذلك فإنّ أكثرية وسائل الإعلام مؤسساتٌ اقتصادية خاسرة، عاجزة عن تأمين حاجاتها من خلال إيراداتها الإعلانية واستثماراتها، وهي تلجأ من أجل تأمين بقائها إلى أهل السياسة والفنّ والاقتصاد والمجتمع، لقاءَ خَدمات مدفوعة، عبر نشر كلّ ما تطلبه منها وكلّ ما يتناسب مع أفكارها... حتى ولو عكس الحقيقة. أما بعضها الآخر فيتولّى مالكوها تعويضَ خسائرها بمساهمات ماليّة مباشَرة. وفي الحالتين تربح المؤسسة الإعلاميّة استمراريتها، وتخسَر شفافيتها ومصداقيتها عند الرأي العام.

 يُعلم أن لبنان دولة قائمة على العلاقات الدولية والعربية، بمعنى أنها على تواصل اقتصادي وثقافي وسياسي مع الجميع. هذه الدول تعطي وتأخذ. تعطي المال والمساعدات وفي بعض الأوقات أصحاب الخبرة، ومن ناحية ثانية تأخذ الكلمة والفكرة والأحقية في كلّ ما تفعله. كلّ هذه الأمور تعود للدعم المالي الذي يحصل عليه لبنان. فتصبح الدولة بكلّ قطاعاتها تابعة لهذه الدول، باستثناء بعض المؤسسات وهنا نجمل المؤسسات الاعلامية التي لا تتأثر بهكذا صفقات نظرًا لوجود جهة سياسية تابعة لها في لبنان، وهذه الجهة ضدّ هذه الدول. اذًا لبنان ومؤسساته الاعلامية تحت سلطة دولتين، دولة المال والسياسة ودولة الحقيقة وهنا المال طبعًا أقوى.

هنا لا يمكننا إلا أن نؤكدّ أن كل نكسة اقتصادية تؤثر على كل القطاعات في الدولة وبخاصة الاعلامية. فالشركات تتوقف عن تصوير الاعلانات وحتى عن بيعها، وبالتالي ينخفض مردود المؤسسة الاعلامية، وهنا تتوقف عن انتاج البرامج ...

وهكذا دواليك. والعكس صحيح فكما تتحرك العجلة الاقتصادية يتحرك قطاع الاعلام.

في النهاية، الاقتصاد والمال يتحكمان بالإعلام في لبنان، فإذا كان الوضع الاقتصادي جيّدا مع تلبية الوسيلة الإعلامية لطلبات المموّل تلقت الدعم، واذا لا، تخلّى عنها المستثمر... في النهاية السياسة تتحكم بالمال وباقتصاد الدولة وبالتالي بسلطتها الرابعة.
 

  • شارك الخبر