hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

الجيش و"حزب الله": تكامل أو تعارض!

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٧ - 05:52

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بالتأكيد هي علاقة ملتبسة قد تحتاج الى مجلّدات لتفسيرها ورصد ثغراتها كما إنجازاتها المشتركة. العلاقة بين الجيش و"حزب الله" يصعب النظر اليها من منظار واحد.
رسميا تكرّست معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" في البيانات الوزارية بعد العام 2005. هو الترابط الذي حافظ على استمراريته بغضّ النظر عن مشروع القيادة السياسية الحاكمة طوال عهود حكومات رفيق الحريري وصولا الى حكومتيّ فؤاد السنيورة وسعد الحريري الأولى ثم حكومة نجيب ميقاتي وتمام سلام.
الأزمة السورية فرضت تنسيقا مختلف الأوجه إدارة الظهر له كان غير منطقي. بداية، كانت الضاحية الجنوبية صاحبة مصلحة أساسية في التصدي و"مقاومة" العدو الخفي ـ المعروف الذي حاول في بدايات هذه الأزمة تكريس معادلة سلاح الشمال ( سلاح التنظيمات المتشددة) مقابل سلاح الجنوب".
هي المعادلة التي سَعت المؤسسة العسكرية دوما لمنع تكريسها على أرض الواقع، فالثوابت واضحة: السلاح جنوبا هو سلاح مقاوم، ووجوده لا يبرّر تفريخ سلاح مضاد له.
وبكل الوسائل المتاحة، سعى الجيش لضبط الارض في الشمال والبقاع والعاصمة وتجنّب الاصطدام القاتل مع اطراف مسلّحة ومتطرفة عشعشت بين منازل المدنيين، وخاض جولات حربية قاسية ودقيقة لمنع تكريس اي أمر واقع أقوى من الدولة ونشط بقوة على خط مكافحة الارهاب شمالا وتهريب السلاح، الى أن أتى "الأمر الخارجي" أخيرا بإزالة المتاربس بين باب التبانة وجبل محسن.
"مذهبة" الصراع آنذاك والتصويب المباشر على الجيش ووضعه في قفص الاتهام والانحياز، كل ذلك وضع "حزب الله" في موقع صاحب مصلحة في عدم سقوط قواعد اللعبة.
وفي مواجهة حملات التشكيك بولاء بعض ضباط الجيش رفع أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله من مستوى تحذيراته من التحريض الطائفي والمذهبي، محذّرا من "أن الشك بالجيش يؤدي الى حرب أهلية"، ومشدّدا على أن آخر ضمانة لحماية السلم الأهلي هو الجيش اللبناني. موقف لم يهتز لا بل أزداد صلابة وتمسّكا بدور الجيش وصولا الى مشهدية المعركة المقبلة في جرود القاع ورأس بعلبك.
يصعب اليوم ايجاد تعريف محدّد لـ "النهج" الذي حكم العلاقة بين المقاومة و"الشرعية" الممثلة في الجيش طوال فترة الاحتلال المنظمّ من قبل الجماعات الارهابية للحدود والاراضي اللبنانية، إلا أن أبلغ تعبير لتكامل قرأه كثيرون باكرا هو ما يحصل اليوم من جرود عرسال المحرّرة الى جرود القاع ورأس بعلبك المقبلة على عرس تحرير آخر.
اليوم يخوض الجيش معركة الجرود مالكا وحده مفاتيح التوقيت والجهوزية والاستعداد لمعركة قد تطول أو تكون قصيرة المدى. "حزب الله" من جهته يقوم، مع الجيش السوري، باللازم من الجانب السوري. عمل سيادي إنطلاقا من الاراضي اللبنانية يتكامل بقوة أمر واقع الجغرافيا والعسكر وحسابات الربح والخسارة مع عمل سيادي آخر ينطلق من الحدود السورية.
في ميزان السلبيات والايجابيات، طغى رصيد توحّد الدم على رصيد الصدام سابقا بين الطرفين. من حرب "تصفية الحساب" في العام 93، الى حرب العام 1996 (تفاهم نيسان)، واستشهاد نجل الامين العام لـ"حزب الله" هادي نصرالله في 13 ايلول 1997 خلال عملية ضد الجيش الاسرائيلي في جبل الرفيع في اقليم التفاح واستشهاد الملازم اول جواد عازار في الجيش اللبناني في اليوم نفسه في غارة اسرائيلية، وصولا الى التحرير في العام 2000 وحرب تموز 2006 ثم حادثة العديسة في آب 2010 حين تصدى الجيش اللبناني، بامكاناته المتواضعة، للاسرائيليين بعد ان عمدت قواتهم الى قطع شجرة سرو في الجانب اللبناني من الحدود، فيما كانت المقاومة قيد استنفار غير مسبوق منذ تموز 2006.
في الموقع نفسه، رفعت بعد يومين على المواجهات أعلام لبنان وفلسطين وصورة ضخمة للسيد حسن نصرالله ذيّلت بعبارة "نحن نحب المفاجآت". عمليا، يمكن الافتراض أن معارك الجرود اليوم هي تكملة طبيعية لمعركة وإن بصغر حجم حادثة العديسة، فالارهاب هنا وهناك واحد، وتقاطع المصالح بين الجيش والمقاومة واضح.
عمليا حكمت معادلة الجيش و"حزب الله" طواال السنوات الماضية ثلاثة عوامل حاسمة: العامل الميداني حيث شكّل الجنوب مساحة مشتركة خصوصا بعد صدور القرار 1701 ثم المواجهة مع الارهاب شمالا وبقاعا، والعامل الإستراتيجي المتمثل بالغطاء السوري الإيراني، والعامل السياسي من خلال البيانات الوزارية التي كرّست معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وإذا كانت محطة السابع من أيار 2008 لا تزال تخضع لتقييمات متناقضة الى حدّ الانفصام الكامل، فإن الاحداث بعدها دلّت على أن معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" ليست تجنّيا او تنظيرا.
واذا ما أزحنا جانبا "الشعب" الذي لا يطلب سوى الأمان والاستقرار، فإن "حزب الله" بدا دوما "الكتف المريح" للمؤسسة العسكرية. بالنهاية هذه وجهة نظر مدعّمة بالوقائع.
من جهة أخرى نقع حتما على وجهة نظر مناقضة تماما ومدعّمة بالوقائع أيضا. لكن طرح سؤال مفاده "ماذا يمكن أن يكون واقع الحال لو لم يكن هذا التنسيق والتكامل قائما؟"، يعطي إجابة أكثر وضوحا عن أيّهما أسلم لمنظومة الاستقرار والردع.

  • شارك الخبر