hit counter script

أخبار محليّة

الراعي في قداس في اهمج: خلاص وطننا بتغيير مسلك الفساد والاستبداد

السبت ١٥ آب ٢٠١٧ - 20:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

جال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بلدات كفربعال، نبع طورزيا، عنايا، مشمش واهمج، في زيارة راعوية رافقه فيها النائب البطريركي العام المطران حنا علوان، امين سر البطريرك الاب بول مطر ومسؤول الاعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي وليد غياض، وكان في استقباله والوفد المرافق في محطته الاولى في باحة كنيسة سيدة النجاة في كفربعال، النائب عباس هاشم، راعي الابرشية المطران ميشال عون، المدير العام لوزارة الاشغال العامة والنقل طانيوس بولس، رئيس مكتب امن جبيل في الجيش العقيد شارل نهرا، رئيس دير مار مارون عنايا الاباتي طنوس نعمة، رئيس بلدية كفربعال عنايا بطرس عبود، مخاتير عنايا نسيب عبود، اهمج شربل زيادة وطورزيا رفيق لحود، ولفيف من الاباء وحشد من المواطنين.

بعد تبريك مدخل كنيسة سيدة النجاة والمذبح فيها، واقامة صلاة الشكر، ألقى نعمه كلمة ترحيبية، كاشفا أنه قام مؤخرا "بعملية تأمل لهذه المنطقة من المحبسة وكنيسة مار بطرس وبولس وجبل النور ودير مار مارون وكنيسة القديسين حنة وواكيم، وصولا الى كنيسة سيدة النجاة، وطورزيا التي تعني جبل الزيتون، وكنيسة القديسة تيريزيا، لأكتشف أهمية هذه المنطقة التي نسكن فيها، وأهمية زيارة غبطته اليها ليباركها ويبارك أهلها". وأشار الى "كمية المعاني الدينية واللاهوتية والكنسية في عنايا، والجو المقدس الذي يتجسد في هذه المحبسة وبقية الكنائس"، شاكرا لفتة الراعي بزيارته "وخصوصا أنه كان اول مطران على أبرشية جبيل".

واذ حيا "المواقف الوطنية للبطريرك الراعي في هذه الظروف الدقيقة التي نمر بها"، اعتبر أنه "بات بمثابة الخلاص للبلد ولما يتخبط به من أزمات"، واعدا اياه ب"المزيد من الصلاة له في جو القداسة الموجود في عنايا عبر القديس مار شربل لكي يحل السلام في لبنان"، ومتوجها بالشكر الى أهالي القرى المجاورة الذين حضنوه بالمحبة والسلام".

بدوره اعتبر البطريرك أن الزيارة اليوم ولدت فيه ذكريات عدة، وأبدى اعجابه بالعمل المنفذ للتحضير لها، محييا هاشم وعون ونعمه والمجلس البلدي وكل من ساهم في انجاح الجولة.

وقال: "ان الخدمة الرعوية في عنايا وكفربعال ونبع طورزيا هي مثلث لطالما حافظ على وحدته، وما زلنا مصرين على تكامله، واليوم في هذه المناسبة نشكر الرهبانية المارونية الجديدة على ما تقوم به، وتحديدا تقديمها الأرض لترتفع عليها كنيسة السيدة العذراء التي نراها من التلة والجبل. جارنا القديس شربل كان فوق، على هذه التلة، قبلنا كلنا، وحمل في صلاته هذه الأرض وما يحصل فيها من خير وفرح وانجازات، وهي كلها ثمرة صلاته من جهة، وحضوره الدائم معنا من جهة ثانية، وفي قلبنا وصلاتنا عشنا حياة المحبة والصداقة والألفة، ونستمر في بالحضور معكم في كل المناسبات".

أضاف: "تاريخنا هو تقاليدنا التي نحافظ عليها رغم كل الصعوبات التي نواجهها، فالقديس شربل لم يأبه للرياح والصواعق وكل شيء، وهكذا هو وطننا لبنان، صامد بحماية القديسين وأشخاص محبين، والمصلين والمضحين، ووحده ربنا قرأ في القلوب، ولذلك نلاحظ أنه في كل مرة نصل الى شفير الهاوية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، هناك يد غير منظورة هي يد الله تنتشلنا وتنقذنا، وهذا ما يجعلنا نجدد ايماننا الدائم بالعناية الالهية من جهة، بالاضافة الى تضامننا ووحدتنا لنبني وطننا الذي هو بحاجة لكل واحد منا".

وتابع: "لدى انتخابي بطريركا وأخذي شعار شركة ومحبة، كنت أعلم أن الواقع الذي نعيشه بحاجة للشركة ولعودة ايمانية الى الله بعدما ابتعد الكثير من الناس عن الله، وهجروا الكنائس والصلاة والوصايا والأمثولات الالهية، ونحن بحاجة لاستعادة الشركة مع الله لكي نعيشها بالاتحاد والوحدة مع كل الناس، ويبقى الرباط الذي يجمعنا وهو المحبة، فلا يكفي أن نضع حجر على حجر لنبني البيت، وانما نحن بحاجة للاسمنت الذي هو المحبة، ورغم كل ما نشهده في لبنان يجب الا ننساق الى خلافات ونزاعات، وانما ان نلتزم بهذه الشركة والمحبة، وهذا هو لبنان وهذه قيمته".

بعد ذلك زار الراعي والوفد المرافق ضريح القديس شربل في دير مار مارون عنايا وبارك المؤمنين الذين تواجدوا في ساحة الدير ثم التقى نعمة والرهبان.

ثم انتقل الى بلدة مشمش حيث كان في استقباله في ساحة كنيسة مار ضوميط مستشار وزير الاشغال العامة فراس سعد، رئيس البلدية عماد الخوري، مختار البلدة جوزف دميان، كاهن الرعية الخوري طوني حردان، رئيس مركز الدفاع المدني شكيب غانم واعضاء الاخوية والفرسان وفرقة اسرة المحبة الموسيقية، وبعد صلاة شكر في الكنيسة انتقل الجميع الى الصالة حيث القى حردان كلمة رحب فيها بالبطريرك مثنيا على مواقفه الروحية والوطنية.

والقى الخوري كلمة رحب فيها ب"حامل بشارة الشركة عنوانا عميقا ونداء صارخا"، مؤكدا ان "هذه الحضارة فاعلة في قلوب ابناء البلدة ومتجذرة في نفوسهم". كما القى الشاعر اميل نون قصيدة من وحي المناسبة.

ورد البطريرك بكلمة شكر فيها ابناء البلدة وفاعلياتها على حفاوة الاستقبال، مجددا التأكيد على "اهمية التضامن بين مكونات المجتمع كافة لما فيه خير الوطن والعائلة". وقال: "الله يرعانا جميعا في ظل الازمات التي نعيشها، الاقتصادية والامنية، وان الوطن يبنى في قرانا وبلداتنا من خلال عمل البلديات والمجتمع الاهلي والكنيسة والرعية، وليس فقط في رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة. صمودنا وقوتنا هما الاساس، الانظمة والاحزاب والاشخاص يتغيرون ولكن الكنيسة والجماعة المسيحية لا تتغيران".

وفي ختام الزيارة قدم رئيس البلدية هدية تذكارية للراعي وشرب الجميع نخب المناسبة.

بعد ذلك توجه الراعي والوفد المرافق الى بلدة اهمج حيث كان في استقباله النائبان سيمون ابي رميا ووليد الخوري، رئيس البلدية نزيه ابي سمعان واعضاء المجلس البلدي، مختارا البلدة موريس الغبري وشربل زيادة، عضو المجلس التنفيذي في الرابطة المارونية انطوان قسطنطين، رئيس الاتحاد اللبناني لكرة الطائرة ميشال ابي رميا، المنسونيور جورج ابي سعد، المونسونيور رزق الله ابي نصر، كاهن الرعية الخوري طانيوس ابي رميا وفاعليات البلدة وابنائها وحشد من المؤمنين، وقد تم تكريس كابيلا الرحاء للمدافن في البلدة.

بعد ذلك ترأس قداسا احتفاليا في كنيسة سيدة الشير، عاونه فيه علوان وعون وكاهن الرعية.

وفي مستهل القداس القى راعي الابرشية كلمة رحب فيها بالبطريرك واصفا الزيارة ب"جرعة الرجاء لابناء الابرشية"، مؤكدا "محبتهم لابيهم البطريرك والتزامهم بمواقفه الروحية والوطنية".

وبعد الانجيل القى الراعي عظة قال فيها: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية في كنيسة سيدة الشير العجائبية في إهمج العزيزة، في ختام زيارتنا الراعوية التي نلبي فيها دعوة أخينا سيادة المطران ميشال عون، راعي الأبرشية، والتي شملت على التوالي رعية كفربعال حيث دشنا القاعة الرعائية الجديدة فيها، إلتقينا أيضا أبناء رعيتي عنايا ونبع طورزيا وأقمنا معهم زياح التكريم لأمنا وسيدتنا مريم العذراء والتماس شفاعتها، ونحن في ثلاثية الإستعداد لعيد انتقالها بالنفس والجسد إلى السماء. ثم زرنا دير مار مارون عنايا حيث التقينا رئيسه وجمهور الآباء وصلينا على ضريح القديس شربل. ومنه انطلقنا لزيارة رعية مشمش، فصلينا في كنيسة مار ضومط والتقينا أبناء الرعية في صالتها. فإننا نذكرهم جميعا في هذه الذبيحة الإلهية، ونذكر أبناء إهمج وبناتها، صغارهم وشبابهم وكبارهم، أحياءهم ومرضاهم وموتاهم. ونوكل الجميع إلى عناية أمنا مريم العذراء، سيدة الشير، وسلطانة الإنتقال، راجين أن تكون ثلاثية الإستعداد لعيدها، مناسبة للقاء روحي عميق مع المسيح الفادي بشفاعتها، بحيث يحملنا إلى توبة القلب وينعم علينا بالخلاص الأبدي".

أضاف: "جميل أن نزور إهمج المدينة التاريخية العريقة، ونحتفل معها بيوبيل الأربعماية سنة على تأسيس كنيسة سيدة الشير، المرتفعة على كتف شيرها العملاق، ككنيسة المسيح المبنية على صخرة الإيمان. في إهمج كانت تمر الطريق الرومانية التي كانت تصل مدينة بيبلوس- الكتاب (جبيل) بمدينة هيليوبولس- الشمس (بعلبك)، وما زالت آثارها إلى اليوم. لقد مرت كنيسة سيدة الشير في مراحل عديدة من بناء وحرق وهدم وإعادة بناء وصمود وتواصل حتى يومنا. فالكنيسة كانت في الأصل هيكلا وثنيا، حولها المسيحيون إلى دير. ثم تركوه بسبب الإضطهادات، إلى أن عادوا إلى إهمج سنة 1613 وأعادوا ترميم الدير، وبنوا كنيسة على أنقاضه، أنجزوها سنة 1617، وخصصوها لتكريم سيدة الشير. ومرة ثانية تعرضوا للإضطهادات، وأحرقت الكنيسة. ولما رجعوا، أعادوا بناءها بالحجر المعقود، تجنبا للحريق. وفي مطلع القرن الماضي، وتحديدا في سنة 1910 بدأوا بأعمال توسيع الكنيسة بحلتها الجديدة. وظل أبنا البلدة يجملونها في الداخل والخارج، ولاسيما بإيمانهم وصلواتهم وتقاليدهم الليتورجية، وبثقتهم الكبيرة بهذه الأم السماوية، صانعة العجائب. فهم إليها يلجأون، وحمايتها يلتمسون كي تشمل بنظرها الوالدي عائلاتهم وبيوتهم وأراضيهم وأهلهم المقيمين والمنتشرين، وتشفي مرضاهم، وتريح نفوس موتاهم".

وتابع: "بفضل هذا الإيمان المعاش، أعطت إهمج عائلات مسيحية ملتزمة، اختار منها المسيح كهنة ورهبانا وراهبات. فكانوا كلهم، ومازالوا، وجوها مشرقة في الكنيسة فأحييهم الآن هنا. ومن هذه العائلات كانت وجوه ثقافية وسياسية وإنمائية تفاخر بهم إهمج العزيزة. "اليوم صار الخلاص لهذا البيت" (لو 19: 9). نظرتان كانتا في أساس ما جرى لزكا العشار من توبة وتبديل في حياته: نظرته إلى يسوع من شجرة الجميزة برغبة القلب وهدف معرفته؛ ونظرة يسوع إليه بمحبة القلب الرحوم، بهدف خلاصه. هذا اللقاء بالنظرتين يسمى لقاء وجدانيا. نظرة زكا المخلصة كانت كافية، مع ما رافقها من تجرد وتواضع، ظهرا في تسلقه الشجرة، كما يفعل الأطفال وببساطتهم. فمن حيث لا يعلم، طبق كلام يسوع: "إن لم تصيروا كالأطفال، لن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى 18: 3). أجل كانت هذه النظرة كافية لتوبته وخلاصه. لقد اعترف بخطيئته المزدوجة: إهمال الفقراء، وارتكاب الظلم بحق الناس؛ وفرض على نفسه توبة التغيير والتعويض: يعطي الفقراء نصف مقتنياته، ويرد إلى الذين ظلمهم أربعة أضعاف. فما كان من يسوع إلا أن منحه الغفران عن الخطايا والمصالحة مع الله بقوله: اليوم صار الخلاص لهذا البيت، فإن ابن الإنسان جاء ليبحث عن الضائع ويخلصه".

وأردف: "لقد تبين لنا من هذه اللوحة الإنجيلية أن يسوع لم يمر في مكان ووسط شعب، مرورا سطحيا، خارجيا، اجتماعيا. بل يمر حاملا في قلبه محبته ورحمته ليوزعها على كل من يطلبها ويحتاج إليها. إنه يحمل هم خلاص كل إنسان من معاناته الروحية والجسدية والمعنوية. لقد أتى مخلصا وطبيبا للأجساد والنفوس والأرواح. نحن مدعوون لنبحث عن يسوع مثل زكا العشار، الخاطي، المغلوب لخطيئته، وكان أسيرها. ومتى تاب كل واحد منا عن سابق حياته الملتوية، ونال غفران الخلاص من المسيح الفادي في سر المصالحة، أصبح بدوره سبب توبة وخلاص لعائلته ومجتمعه ووطنه، وفقا لحالته ومسؤوليته. في الواقع، لقد شاء يسوع أن تكون توبة زكا وخلاصه في بيته أمام أفراد عائلته، ليكون مثالا لها وأداة خلاص. ولذا قال يسوع: اليوم صار الخلاص لهذا البيت.. وابن الإنسان جاء يطلب ويخلص من كان هالكا".

وختم الراعي: "إن خلاص وطننا لبنان منوط بمصالحة الجميع، ولاسيما المسؤولين السياسيين مع الله والذات، وبتغيير مسلك الفساد والاستبداد والنفوذ الحزبي والمذهبي والسياسي، وسلب المال العام، وإهمال النهوض الإقتصادي والخير العام وحاجات الشعب الحياتية. إن توبة القلب إلى الله تبقى الأساس في الحياة الخاصة والعامة، ومفتاح السلام والعيش معا بسعادة وفرح. فلنلتمسها نعمة من رحمة الله وجودته، بشفاعة أمنا مريم العذراء، سيدة الشير، ولنرفع معا من قلوب صافية ومتصالحة نشيد المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

وبعد القداس اقيم حفل عشاء على شرف الراعي والوفد المرافق في صالة الكنيسة.
 

  • شارك الخبر