hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - جورج غرّة

الدستور يكرس "الإبراء المستحيل"... فهل تلغيه الفتاوى؟

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٧ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يعد سرا بأن الحسابات المالية التي شكلت المفاجأة الكبرى أثناء دراسة مشروع موازنة العام 2010 في لجنة المال والموازنة، وأدت نقاشاتها وجلساتها الصاخبة الى تشكيل فرق عمل في وزارة المال بمواكبة ديوان المحاسبة لإعادة تكوينها منذ العام 1993، بعدما تبين عدم صحتها وتضمنها اختلالات كبيرة من فقدان المستندات الثبوتية إلى غياب قيود الهبات والقروض في سجلاتها، وعدم تطابق حسابات المصارف. عادت اليوم الى الواجهة بعد ان شارفت موازنة العام 2017 على إنتهائها في لجنة المال والموازنة.

ولكن اللافت انه بالرغم من السنوات الثماني التي مرت على فرق العمل وعلى الجهد الذي وُظِف لإنجاز هذه الحسابات لم يتغير المشهد عن العام 2010، إلا بإعلان وزارة المالية أنها انجزت تقريرا من آلاف الصفحات، ولكن قطع الحساب لا يزال الإبراء فيه مستحيلا، وهذا ما اكده ايضا وزير المالية علي حسن خليل في إطلالة تلفزيونة مؤخرا، حيث قال "أعترف بأنني قلت سأنهي مسألة قطع الحساب في شهر آب، إلا ان هناك أكثر من 80 بالمئة من الهبات والقروض غير مسجلة في لبنان".
ولذلك لم يسقط التوافق السياسي هذه الحقيقة المؤلمة، إذ تبين أن قضية المالية العامة في لبنان وكل السجال الذي دار حولها في فترة الصراع السياسي لم يأتِ من فراغ بل كان واقعا سياسياً. ولم يكن فقط ناتجا عن الخلاف السياسي إنما كان حقيقة تم طمسها على مدى 17 عاما أي حتى العام 2010.
ولكن اليوم وبعد ان غابت الموازنات منذ العام 2005، ما أدى الى فوضى في الانفاق العام، وإستنسابية طغت عليها السياسة في تحديد الأولويات وإنعدام الرقابة والسقوف القانونية والمالية التي تفرضها الإعتمادات في الظروف الطبيعية، بات هناك حاجة ملحة لوضع حد لهذا التفلت وضبط الدين العام وترشيد الإنفاق وإخضاعه لرقابة المجلس النيابي. فهل تؤدي الحاجة الى مخالفة الدستور في موضوع الحسابات وخاصة المادة 87 من الدستور التي تفرض إقرار الحسابات قبل نشر الموازنة؟ أم هناك وسيلة دستورية تؤمن إقرار الموازنة من دون مخالفة الدستور أو إبرام تسوية مالية على حساب المال العام؟
رأيان يتنازعان في هذا الملف...
أولهما لرئيس الجمهورية ميشال عون ولرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، وهما يشددان على إحترام الدستور وإخراج هذه القضية من البازارات التي اوصلتها الى هنا منذ عقدين من الزمن، وبالتالي رفضهما الفتاوى التي تتعارض مع الأصول الدستورية، وتؤدي عمليا الى تسوية كالتي إعتمدت في السابق أثناء الوصاية وقائمة على الموافقة على الحسابات مع التحفظ. ويقترح هذا الرأي حلا يقوم على تعليق أو تمديد مهل من خلال تعديل إستثنائي للمادة 87، يَمنع مخالفتها وبالتالي مخالفة الدستور.
أما الرأي الثاني الذي تؤيده بعض الكتل واولها كتلة المستقبل، فيقوم على الموافقة مع التحفظ كما حصل في الماضي، او بفصل حسابات السنوات المالية الأخيرة عن واقعها وسياقها التاريخي، ما يؤدي عمليا الى رفضها من ديوان المحاسبة لمخالفتها الأصول المحاسبية والقانونية.
فهل ينتصر الدستور، أم تلغيه الفتاوى؟ هذا ما سيتظهر في الايام المقبلة، وما بدأت تؤشر إليه المواقف الأخيرة للفرقاء المعنيين.


 

  • شارك الخبر