اذا كان في الاحلام لشكسبير ليلة صيفه ولكركلا ليلة شرقه فقد أصبح لاهدنيات بعد ليلة أنطلاق دورته الجديدة وخطوته الاولى في عالم الانتاج : "حلم ليلة سينما ".
حلم ليلة سينما من اهدن في وطن ينعي ويرثي انتاجاته السينمائية ويستثني بعض التجارب. في وطن ناسه تحولوا الى كومبارس يصفقون لادوار البطولة في يوميات وأحداث فيلمهم الاميركي الطويل .
عاشت أهدن ليلة الحلم السينمائي الواحدة أفتتاحا لمهرجان أهدنيات مع الفنان جورج خباز والمايسترو لبنان بعلبكي، وتحول مسرحها الى شاشة ذهبية أقرب الى "صندوق فرجه" عرضا وأستعراضا لافلام سينمائية خالدة وتحية أرسلت لسينمائيين خالدين .
ثلاثة أقتنعوا وأقنعوا أن الابداع والابهار هما في الانتاج والابتكار: ريما سليمان فرنجية وجورج خباز ولبنان بعلبكي. الاولى أي فرنجية رئيسة المهرجان التي سعت الى طي صفحة المواعيد المستوردة وهي خطوة ستكون بمثابة الحجر الاساس لتبني عليها لجان المهرجانات أنتاجا خاصا. خباز بأخراجه ورؤيته المشهدية وقائد الاوركسترا لبنان بعلبكي بأحترافه العالمي والثلاثة بعشقهم الكبير للسينما الى حد الوباء الذي تنتقل عدواه ولا شفاء منه .
أستعادت ليلة الحلم السينمائي القصيرة كالحلم الافلام العالمية الذائعة الصيت والمترسخة في الوجدان الشعبي مثل : Charlie chaplin -The godfather -Superman - -Indiana jones -Cinéma paradiso -Romeo and juliet - star wars وغيرهم من العناوين العالمية. من الافلام اللبنانية وقع الاختيار على ثلاثة روائع لاثنين كبيرين هما المعلمين عاصي ومنصور (سفر برلك - بياع الخواتم - بنت الحارس) ومن الاعمال الحديثة: هلق لوين وكراميل للمخرجة نادين لبكي وغدي لجورج خباز (أنتاج توكيز) .
مسرح اهدنيات تمدد في هذه الليلة وأستعار أمتارا من الصف الامامي لبعض المشاهد. 72 عازفا وعازفة بقيادة لبنان بعلبكي يعزفون بمهارات عالية الى حد أننا شككنا للحظة ان بعض المعزوفات كانت "بلاي باك" لو لم نكن توما ونتأكد من أننا وقعنا في فخ الابداع .
كاميرا السينما الضخمة على الخشبة كأنها من متحف السينما وشرفة حجرية بستارة بيضاء هذا كل ما كان من ديكور وبساطة وعمق في المحتوى أكثر من الشكل. الممثل جوزاف آصاف والطفل الموهوب بطرس خليفة وحدهما الكاستينغ الصامت ومعهما صوتا بلا صورة الممثل القدير عمر ميقاتي، والحضور الباقي : ضيوف الشرف .
ولانها ليلة الحلم السينمائي نسمح لانفسنا ببعض الانطباعات والمشاهدات والاستطراد بالحلم الذي لم نستيقظ منه بعد .
-الربط الذي قدمه جورج خباز بصوته على طريقة السرد أو "كان يا مكان" كان عاطفيا ومؤثرا. وحسنا فعل جورج بأن أجرى تعديلا على القصيدة التي كتبها حين غاب بالجسد عاصي الرحباني لتعود قصيدة "الاخوين" لانه كما في أهدنيات اهدن وزغرتا في وجداننا عاصي ومنصور .
- الممثلة لورا خباز التي أشرفت على تدريب الاطفال ولزمها ستة أشهر تمرين كانت نتيجة عملها ممتازة فالطفل بطرس خليفة الذي جاء الى هذه الليلة من كورس رعية كان محترفا برقصه ومشيته وتمثيله منذ أن ظهر على المسرح في فيلم Paradiso كأنه يخرج من الشاشة لكثرة ولعه وهوسه بالسينما. واذا كان بطرس خليفة "خليفة " لروميو في المشهد فأن الطفلة التي جسدت جوليات كانت زغرتاوية .
- في الاعمال السينمائية الرحبانية كان واضحا رغم تكتم المعنيين أن النزاعات القانونية الرحبانية منعت آستخدام اغنيات الافلام عزفا وأنشادا. ولو أغمضنا أعيننا لحظات في ليلة الحلم لشاهدنا ربما رونزا طنب تغني "أمي نامت عبكير" من بياع الخواتم أو فاديا طنب تنشد "يا أهل الدار" من سفر برلك أو أميمة خليل تغني "يللا تنام ريما" من بنت الحارس .
- أختيار الممثل عبد الله حمصي كان ذكيا في الافلام الرحبانية وهو كان في فيلمين منهما. كما أن دخوله الخاطف رغم تقدمه في السن يغني ذاك الموال "عيني ما تشوف النوم" واكبته وصلة تصفيق وقوفا. يذكر أن أسعد ليس غريبا عن أهدنيات وسينمائيات وهو كان نال التفاحة الذهبية الاولى تكريما .
- ولان الحلم كان محللا في تلك الليلة تخيلنا أثناء عرض المقتطف من سفربرلك وتحديدا "عبدو وعدلة " الممثل احسان صادق على المسرح صارخا ومناديا "عبلة " في مشهد حفظناه مثل تواريخ ميلادنا .
- كان أستخدام الاكسسورات تلقائيا وعفويا من القبعات التي أعتمرها المايسترو بعلبكي وأعضاء الفرقة الى الخيل والخيال والمرور الافت أمام المسرح ومن الارض الى الجو مع قدوم مميز لسوبرمان كذلك تساقط المطر والرقص بالمظلات والتصاميم الخاصة من الازياء من وحي الافلام المختارة.
-تحية جورج خباز لاربعة سينمائيين راحلين كانت حفرا وتنزيلا من مارون بغدادي الى رندا الشهال الى يوسف شاهين وهنري بركات .
-الافيشات الخاصة بالافلام العتيقة عرضت بطريقة أخراجية متعوب عليها ولاجلها وحضور نيكولا خباز كمخرج تقني كان له ظلاله على الشاشة العملاقة التي أستحضرت المشاهد الراسخة من الافلام التي عرضت .
-الغربال المعتمد لاختيار باقة كبيرة من الافلام اللبنانية النوعية كان دقيقا فكما جرى تسليط الضؤ على فيلم "الى أين" الذي صور منه لقطات في اهدن ليته حضر فيلم "أول نظرة" لصباح لاسيما أن أحد أبطاله من اهدن وهو أمير الناي سركيس باسيم. وفي أعتقادنا أن هذا الغربال أنصف ولم يغبن .
- الليلة الاستثنائية لكثرة نجاحها وتناغمها ثمة من يقترح لها عرضا بيروتيا بنفس تقطيعها المشهدي - الابداعي .
-الفنانة تانيا صالح أدت برقة وعذوبة ثلاث أغنيات من أفلام نادين لبكي هي: حشيشة قلبي - يا مرايتي - يمكن لو وقبالتها نادين لبكي وخالد مزنر يصفقان لها بحرارة وأعجاب .
- اللوحات الراقصة كانت ناعمة ومرافقة للمشاهد المختارة من الافلام وقد نجح الفنان روي ديب بأختزال الفيلم كل حكاية الفيلم برقصة تماما كما نجح الفنان بشارة مرهج بأداء أغنية روميو وجوليات ونجح الفنان Pavo باداء أغنية تشارلي شابلن على الطريقة الاوبرالية خاتما بالدعابة الزغرتاوية. في لقطات شابلن عدنا الى الحلم من جديد وتمنينا لو ظهر جورج خباز الذي له مع هذه الشخصية حكاية مودة وتأثر وتأثير .
- غاب الفيلم الفرنسي عن المختارات السينمائية ولو أردنا أن نحلم بواحد ربما كنا أخترنا بمناسبة أستضافة ميشال ساردو في أهدنيات فيلم : La famille Bélier . وماذا عن فيلم "الحدود " لكي لا يغيب الكبير دريد لحام عن هذه الليلة الحالمة والتاريخية في السجل السينمائي العالمي .
- ثبت أن لجورج خباز قاعدة جماهيرية كبيرة خارج بوابات مسرح الشاتو تريانو وهو ما أن أطل مغنيا من فيلم غدي: "بناتي صار عندن خي" حتى علا التصفيق لحضوره وتعبه وتوقيعه هذه الليلة الليلاء. وكم كان خباز طاعنا وطافحا بالانسانية حين أصطحب معه بعد هذه السنوات بطل غدي الطفل السابق الذي أصبح شابا: أيمانويال خير الله .
ولو سمح بأستخدام الارث الرحباني السينمائي ربما كنا شاهدنا خباز في "هالة والملك" وهو أحد أبطاله. ريما فرنجية أعطت خبزها للخباز وتقاسم نصف نجاحه مع شريكه في الاحتراف لبنان بعلبكي فيما نصف النجاح الاخر للانتاج الذي تفوق على الاستيراد حيث تأكد اننا لو أردنا يمكن أن نصدر مواعيدنا وابداعنا الى المهرجانات التي هي خارج الخريطة .